سماحة الشيخ هل تعتقد أنه يجب أن نميز بين الفتاة والصبي ؟
رفض الإسلام عملية التمييز ، والآية القرآنية استنكرت ما كان يفعله الناس في الجاهلية من التعبير عن الانزعاج، والابتعاد عن طريق الناس عندما تولد الأنثى بالقول:{ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم *يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون}(17) هذا حكم سيئ وخاطئ، في الوقت الذي يجب التعاطي معها -كمولود جديد -بالبشرى والاستبشار. إنَّ الإسلام رفض هذا التمييز رفضاً قاطعاً، حيث قال رسول الله (ص) :" إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القُبَل" (18).وعن الرضا(ع) عند سؤاله عن التمييز في الحب بين البنات والبنين قال: "البنات والبنون في ذلك سواء، إنما هو بقدر ما ينزِّلهم الله عزَّ وجل منه"(19). وأعطى العنوان العام الذي يتساوى فيه الجميع أثناء التقييم والمحاسبة ، وكنتيجة للوجود في هذه الحياة ، وهو العمل وليس الجنس :" من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة"(20). إن قيمة العمل بصلاحه سواء صدر عن صبي أو صدر عن بنت ،ولا نقول بأن عمل الصبي أحسن من عمل البنت أو العكس ، فالمكانة بالأداء .من هنا فإنَّ تعامل الأب مع أبنائه يجب أن يكون تعامل الذي يساوي بينهم ويراعي متطلباتهم.
إن الفرق الموجود في التكوين وبعض التكاليف هو لخير المجتمع ، وقد عبّر الإمام الصادق (ع) عن نتيجة هذا الفرق بقوله:" البنون نعيم والبنات حسنات، والله يسأل عن النعيم ويُثيب على الحسنات"(21) . ومن يدقق في الفهم الإسلامي يرى أن النعمة هي عطاء إلهي يتحمل الإنسان مسؤوليته ويحاسب على ما صنعه في هذه النعمة، لكن البنات حسنات والحسنة مكافأة وعطاء وهي نتيجة لعمل.
ورد هذا التعبير في روايات عدة عن النبي (ص) والأئمة (ع) ،وهو يرمز إلى أن الصبي بما أودع الله تعالى فيه من مقومات معينة وحمَّله من مسؤوليات مستقبلية، يحمِّلك أيها الأب مسؤولية إضافية في تقويم تربيته، لتكون قد استحقيتَ هذه النعمة فأدَّيتَ حقها. أما بالنسبة للبنت فهي حسنة تدر عليك الخير ،وفي روايات أخرى هي رحمة بالنسبة إليك، فعليك أن ترعى الحسنة والرحمة برحمة ولطف أيضاً لتكون منسجماً مع هذا التوجيه .
فلا تظن أن الصبي عطاء يجب رعايته والاهتمام به إلى أقصى الدرجات وتتوقع أن يجلب لك الاسم والمنافع الكثيرة ، وأن البنت نقمة تتعاطى معها بسلبية معتبراً إياها عبئاً ومأزقاً، بينما هي الرحمة التي تُثاب عليها والصبي هو النعمة التي تُسأل عنها. إن قول الإمام الصادق (ع): " البنون نعيم والبنات حسنات " هو حث على إيجاد التوازن العاطفي والعملي لتعديل الكفة النفسية، التي قد تحصل للوهلة الأولى عند رغبة الإنسان في أن يميز بين الصبي والبنت على أساس الأدوار المستقبلية، وعلى أساس التمايز في طبيعة الخلق.