حقوق الجوارح

للإنسان ما سعى

للإنسان ما سعى

سماحة الشيخ ماذا أراد الإمام من هذه المقولة ؟
يستخدم الإنسان رجليه لينتقل من مكان الى آخر بهدف القيام بعمل ما، تارة يكون الانتقال للقيام بعمل محرم ، وأخرى يكون الانتقال للقيام بعمل محلل. يقول الإمام زين العابدين (ع):" وأما رجليك فأن لا تمشي بهما الى ما لا يحل لك " أي أختر الطريق الحلال ولا تمش برجليك الى الطريق الحرام ، وهذا حق رجليك عليك . أما لماذا يعتبر الأمر حقاً على الإنسان ؟ فلأن الرجلين لا يسيرا الى أي مكان إلا بقرار من صاحبهما ،إذ ليس لهما قدرة على الحركة إلا بأمر من العقل، والإنسان هو الذي يتحمل هذه المسؤولية. فإذا ذهب إلى التسوق فهو في دائرة الحلال،وإذا قصد مسجداً فهو في دائرة الحلال،وإذا ذهب ليتعلم، أو يعمل لرزق عياله، أو لزيارة أرحامه، أو للجهاد في سبيل الله، أو للمرابطة أو للتنزه والترفيه ... فهو في دائرة من دوائر الحلال ، فالهدف من السير هو الذي يؤخذ بعين الاعتبار.أما إذا استخدم رجليه للذهاب إلى الخمارة ،أو إلى اجتماع سوء ومنكر ،أو للاعتداء على شخص ، أو للعمل في تجارة محرمة ... فهو في دائرة من دوائر الحرام . لذا تركّز التوجيه بعدم المشي إلى ما لا يحل .

نشير هنا إلى مسألة ترتبط بأهمية السعي في حياة الإنسان. فهو عندما يسعى باتجاه الخير، يسجل في صحيفة أعماله خيرا حتى ولو لم يصل الى النتيجة المبتغاة ،أي ليس تحقيق النتائج للعمل هو الذي يكافأ عليه الإنسان دائماً، بل يحاسب على العمل بمقدار السعي إليه.فإذا ذهب شخص ليقوم بعمل الخير ولم يتوفق لأي سبب من الأسباب ،فإن نفس السعي فيه أجر وثواب ،وفي هذا يقول تعالى:" وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى"(1)،حتى ولو لم يحصل على النتائج، على قاعدة مدلول هذه الحركة من الإنسان في القيام بتهيئة الشروط اللازمة والعمل لتحقيق الأهداف من خلالها . وقد ورد في الحديث النبوي قوله (ص)"الدال على الخير كفاعله"(2).قد لا يملك أحدهم مالاً حتى يعطي صدقة لمحتاج ولكن سعى له مع شخص آخر ، قصد هذا الشخص ليأخذ منه حتى يعطيه ، هذا السعي بحد ذاته يستحق الأجر من الله تعالى. وكل سعي كذلك، سواء أكان بالرجلين أو بالاتصال أو بأي شكل من أشكال السعي ،وإن كان يفهم من السعي الحركة باتجاه الشيء . إذاً حق الرجلين على الإنسان أن لا يوجههما إلى ما لا يحل أي أن لا يمش بهما إلى الحرام .