حقوق الجوارح

أثر الكلام الفاحش على النفس

أثر الكلام الفاحش على النفس

قضية اللسان وحقه ومشاكله هذا المفتاح للحلول والمشاكل كيف نتعاطى معه على ضوء ما ورد عن الإمام زين العابدين(ع)؟
الإمام زين العابدين (ع) يسلسل الأمور بطريقة من يمسك بأيدينا ويقرب لنا الفكرة تدريجياً ليدلنا على الطريق المستقيم ، لاحظ ما يقول (ع) :" وأما حق نفسك عليك فأن تستوفيها في طاعة الله فتؤدي إلى لسانك حقه والى سمعك حقه والى بصرك حقه والى يدك حقها والى رجلك حقها والى بطنك حقه وإلى فرجك حقه وتستعين بالله على ذلك ".لقد اعتبر أن المدخل إلى حق النفس هو طاعة الله التي تمر عبر هذه الجوارح السبعة، إنَّها بوابات العبور السبعة إلى الطاعة وهي محل الاحتكاك بالمجتمع، فمن خلال اللسان أتكلم وأتعاطى مع الآخرين، ومن خلال الأذن أسمع ، ومن خلال العين أبصر فأنقل صوراً معينة تعطي انطباعات في ذهني ، فإذا كانت صوراً خبيثة تؤثر علي وإذا كانت صوراً جيدة تؤثر علي ، كل هذا ينعكس على نفسية الإنسان. إننا إذا أتقنا العلاقة مع هذه البوابات السبع وعرفنا كيف نتعاطى معها سنحل كل المشاكل المرتبطة بالنفس الإنسانية.

بدأ الإمام (ع) بأول بوابة وهي بوابة اللسان وأعتبر أن اللسان هو المقدمة ، قال الإمام (ع) :"وأما حق اللسان فإكرامه عن الخنى"، الخنى يعني الفحش والبذيء من الكلام، والمطلوب هو إكرام اللسان عن الاستخدام السيئ للكلام البذيء والفاحش ، وللأسف في بعض البيوت تجد عادة الكلام الفاحش متفشية بشكل كبير ، ويقولون لك :هذا كلام لا قيمة له ، ولا نقصد من ورائه شيئاً، إنما هي عادة اعتدناها ،لكنَّ هذا الكلام الفاحش انعكاس من النفس وعلى النفس . عندما تتحدث بكلام فاحش فهذا تعبير عن صفحة في نفسك ، وعندما تطلق هذا الكلام ينعكس مجدداً على صفحة النفس تربية سيئة . البعض يقول : أنتم تعلقون كثيراً على هذه الأمور وهي غير ذات قيمة ! نقول : هذا لسانك تستطيع استعماله في أمور حسنة هادفة سليمة، فلماذا تستخدمه في الفحشاء والمنكر ؟! والأغرب هو تصرف بعض الأهالي مع ولدهم الصغير الذي لا يتجاوز الأربع سنوات حيث يتكلم بكلمات فاحشة ويبعث هذا الكلام الارتياح والسرور في قلب الأهل، على أساس أن الولد يتكلم بكلام أكبر من عمره، ويصفقون له ويشجعونه على ذلك ،إنه تعويد على الكلام الفاحش وهذا ينعكس على الإنسان وكأن نفسه تعكس صفحة فاحشة من الكلام.

إن أمير المؤمنين علي (ع) يقول :"لا تسئ اللفظ وإن ضاق عليك الجواب"(1)إذ عليك المحاولة لتستخدم التعابير المناسبة واللائقة ، هذا في لحظات الحشر والضيق ، فكيف إذا كان الأمر عادياً والأحاديث عادية . فإذا وجدنا جلسات المسؤولين وعامة الناس مليئة بالكلام الفاحش فإنه يدل على نمط سلوكي منحدر ، ونفسية تحتاج إلى تقويم . إنها خطوة على طريق إصلاح النفس من خلال بوابة اللسان،" فإكرامه عن الخنى" هو إكرام لك ولصفحة النفس، وإكرام لمعبر من معابر الطاعة لله تعالى حتى تعطي نفسك حقها .