الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وأعظم رسله سيدنا
وقائدنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، والسلام على الحسين(ع) وآل بيته وصحبه، وعلى شهداء المسيرة المحمدية الأصيلة ورحمة الله وبركاته.
كربلاء الحسين(ع) تاريخ حي يتجدد، وهي المدد الدائم الذي يعطي ويتألق، وشهادة سيد الشهداء(ع) مدرسة تربي الأبطال في مواجهة الظلم والعدوان، وشخصية الإمام الحسين(ع) قيادة قدوة تلهم الأحرار، وما انجزته نهضة الحسين(ع) أنار الطريق وكشف الزيف والانحراف. نحن مدينون لعاشوراء بالتعبئة والنصر والشهادة والاستقامة والحيوية والنموذج... وسنبقى بحاجة دائمة لسبر غور نهضة الإمام الحسين(ع)، لنوسِّع مداركنا، ونرسم طريق عزَّتنا، فالحياة الإسلامية الأصيلة لا تكتمل إلاَّ بنهج عاشوراء.
بدأتُ مساهمتي في تدوين الأفكار المستفادة من عاشوراء عندما جمعتُ بعض المحاضرات ونقَّحتها تمهيداً لطباعتها، لكني وجدتُ من الأفضل كتابة عرضٍ موجز عن سيرة الإمام الحسين(ع) بالتواريخ والوقائع الدقيقة، التي تبتعد عن الأطناب والحشو والاستطراد، معتمداً في ذلك على المصادر الأساسية التي تحدثت عنها، ما يقدِّم للقارئ فكرة شاملة عن الأحداث التي ارتبطت بنهضة الإمام(ع) من ولادته إلى شهادته، يستطيع القارئ من خلالها أن يتعرَّف على الحسين(ع) وأهدافه، والدور العظيم الذي قام به لإحياء الدين.
وبما أنَّ أسئلة كثيرة تُطرح حول عاشوراء، عن أسباب متابعة مسير الإمام الحسين(ع) إلى الكوفة؟ واصطحاب النساء والأطفال؟ واستمرار أحياء مجالس عاشوراء بكيفيتها وتفاصيلها حتى يومنا هذا؟ وأثر الإحياء على العلاقة بين السنة والشيعة؟ وغيرها من الأسئلة، فقد ارتأيت اختيار التساؤلات والإجابة عنها، ضمن فصلٍ مستقل سمَّيته: "إضاءات على السيرة"، وذلك بعد عرض السيرة مستفيداً من وقائعها في التحليل والاستنتاج.
نشأ عن هذه الخطة كتاب:"عاشوراء مدد وحياة"، بفصوله الأربعة التالية:
الأول: سيرة الإمام الحسين(ع) من الولادة إلى رفض البيعة، وتتضمن حياته مع جده محمد(ص)، ووالديه علي(ع) والزهراء(عها)، وأخيه الحسن(ع)، وفترة إمامته إلى رفض البيعة وما رافقها من تطورات ومواقف، كما تتضمن مكانته وعبادته وأخلاقه وبعض كلماته.
الثاني: سيرة الإمام الحسين(ع) إلى كربلاء، وتتضمن رفضه لبيعة يزيد بن معاوية، وخروجه من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ثم إلى كربلاء، وما رافق هذا المسير من أحداث ومواقف للإمام الحسين(ع) وأصحابه، لينتهِ الفصل بأحداث يوم العاشر وموقعة كربلاء.
الثالث: إضاءات على السيرة: وفيها إجاباتٌ عن أربعة عشر سؤالاً تدور حول أسباب ونتائج نهضة الإمام الحسين(ع)، بأسلوبٍ مختصر، ومضمونٍ موثقٍ بالأدلة، وتحليلٍ يوضِّح المواقف المتخذة.
الرابع: محاضرات عاشورائية، تتضمن إحدى عشرة محاضرة ترتبط بعاشوراء، وتتحدث عن: الاستقامة، مسؤوليتنا تجاه عاشوراء، التكليف، العاطفة، كربلاء والانتصار، النموذج المتجدد، العزة والذلة، معسكر الإمام الحسين(ع)، المرأة في كربلاء، وراثة الأرض. وقد ألقيتها في أوقات وأماكن مختلفة، ثم أعددتها لتكون جزءاً من هذا الكتاب.
تتميَّز هذه الطبعة الثالثة لكتاب "عاشوراء مدد وحياة"، عن الطبعتين الأولى والثانية، بإضافة الفصل الأول " سيرة الإمام الحسين(ع) من الولادة إلى رفض البيعة"، متكاملة وزيادة بعض الوقائع عن الأصحاب في الفصل الثاني، أي سيرة الإمام الحسين(ع) إلى كربلاء، ما يعطي المزيد من المعلومات التي تكمِّل الصورة المحيطة بأحداث كربلاء، كما أجريتُ تنقيحاً لفصل "إضاءات على السيرة"، وأضفتُ إليه جزءاً أُجيبُ فيه عن سؤالين، ولم أجرِ أي تعديل على فصل " محاضرات عاشورائية".
أسأل الله تعالى أن يقبلني من خدَّام مسيرة الإمام الحسين(ع) قولاً وعملاً، وأن يحتسب لي هذا الجهد في صحيفة أعمالي يوم الحساب.