سبيلك إلى مكارم الأخلاق

الحب المتبادل

الحب المتبادل

"وانهج لي إلى محبتك سبيلاً سهلة"، فاجعلني يا رب أحبك بأسهل السبل، واتعلق بك بأسهل السبل، فلا أقوم بما يبعدني عنك، فأُبتلى بالجفاء، وأخسر بذلك لا محالة، وأفقد ثمرات القرب منك، فأنا بحاجة إلى محبتك لي، فهي بلسم روحي وعون جوارحي ونور حياتي ورضوان آخرتي.

انظر إلى رأفة رب العالمين، الذي يتودد لعباده ويتقرب منهم وهو غني عنهم، " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ"(429)،" وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"(430)، ويحبهم ليعطيهم من آثار محبته، قال تعالى:" إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"(431)، و"إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ"(432). فما بالك تعقِّد أمورك وحياتك، وتتثاقل إلى الأرض وهمومها، ولا تلتفت إلى فتح أبواب العشق لله تعالى، والترقي في درجات الحب لتربح حبَّه.

أن يحبك الله فهذه مكرمة ورحمة، وهو يُقبل عليك بأسرع مما تُقبل عليه، فاسع لملء مملكة قلبك بحب الله، ولا تستصعب الأمور، فهي خطوات تتخذها لتجد نفسك في طريق الحب له، فتكسب حبَّه لك:

أحسن إلى الناس يحبك الله:" أَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين"(433).
أحكم بالعدل يحبك الله:" فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"(434).
توكل على الله يحبك الله:" فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"(435).
إصبر في سبيل الله يحبك الله:" وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ"(436).

تذلَّل للمؤمنين وكن عزيزاً على الكافرين وجاهد في سبيل الله ولا تخف لومة لائم، تتبادل الحب مع الله:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"(437).

إعمل بقاعدة الحب لله والبغض لله، تسلك سبيل الأصفياء، وتصل إلى محبة الله، قال رسول الله(ص):"ألا ومن أحبَّ في الله، وأبغضَ في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله، فهو من أصفياء الله"(438).

إنَّ محبتك يا رب، تحيطني في الدنيا بطاعتك وهدايتك، وفي الآخرة بثوابك وعطاءاتك، وأنا بحاجة إليها، فأدعوك أن تمنحني إياها،"واكمل لي بها خير الدنيا والآخرة"، يا أرحم الراحمين.