سبيلك إلى مكارم الأخلاق

الطمأنينة والراحة الدنيوية

الطمأنينة والراحة الدنيوية

ثلاثة أمور تساعد الإنسان على الاستقرار والطمأنينة والراحة الدنيوية:

1- الكفاية: بأن تكون حاجات الإنسان متوفرة، وهي لا تكون كذلك إلاَّ بتقدير من الله تعالى، لذا دعاه الإمام(ع) بقوله: وتوِّجني بالكفاية أي ظللني واشملني بالاكتفاء عن كل مخلوق، وفائدة هذا الطلب أن يكون مصحوباً بالاستغناء عن المخلوقين ما يعزِّز الارتباط بالله تعالى، والرضى والقناعة بالرزق والنعم المقسومة. وإلاَّ فمع الجشع والطمع فلا حدَّ لمطالب الإنسان، ولا موانع من ارتكابه المحرمات لإرضاء هواه.

2- حسن الولاية: أي النصرة لله بأحسنها والولاية له، وذلك بأن يكون الإنسان موسوماً بها، فتشكل علامة بارزة في شخصه، فهو وليٌ لله والله وليه. قال تعالى:" اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون"(348)، وقال:" أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"(349).

من كان الله ولياً له، استمد القوة والعزيمة منه، وخطا باتجاه امتلاك صفاته الكمالية، واطمأن إلى لجوئه إلى ركن متين، فلا شيء يخيفه، ولا شيء يقلقه، فهو نصير القادر الجبار الرزاق الناصر والمعين، فما يتوفر بالتفاعل مع النصرة لله لا يمكن توفره بأي طريق آخر، عندها تتحقق الثقة بمدد الله وعونه وتسديده بشكل دائم، قال تعالى:" وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ"(350)، وقال:" وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى"(351)، ولا مجال للمقارنة بين آثار نصرة الله ونصر الظالمين بعضهم لبعض، فالتفوق دائماً لخط الإيمان،" إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ"(352).

3- صدق الهداية: لا يكفي أن يهتدي الإنسان في مرحلة من مراحل حياته، إنما المهم أن تستمر الهداية معه في كل مراحلها، وأن تكون نوراً يستضيء به بشكل دائم، بأن لا يقع في حبائل الشيطان أو تزول بتأثير الملذات والشهوات. ففي توجيه الله للنبي(ص) وصحبه قال تعالى:" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(353)، وهذا ما يحتاج إلى مراقبة متواصلة للنفس والسلوك، وإلى عبادة دائمة تُقرِّب من الله تعالى، وتطهِّر القلب، وتفتح الطريق إلى عالم الملكوت، وإلى الدعاء المصاحب لجهاد النفس: " رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ"(354). قال أبو عبد الله(ع):"ستصيبكم شبهة، فتبقون بلا علم يرى، ولا إمام هدًى، ولا ينجو منها إلاَّ من دعا بدعاء الغريق. فسُئل: كيف دعاء الغريق؟ قال(ع):يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"(355).