حقوق الزوج والزوجة

مفهوم الزواج

مفهوم الزواج

بداية أرحب بسماحة الشيخ نعيم قاسم ، وأسأله عن مفهوم الزواج في الإسلام؟
الزواج علاقة شرعية بين الرجل والمرأة، تؤسس لمجموعة من الحقوق والواجبات التي تترتب لكل منهما بناء على عقد الزوجية، وقد رسمها الإسلام بدقة تساعد على تكوين الأسرة الصالحة والمستقرة، وتلبي لكل من الزوجين غرائزه وحاجاته الفردية ومتطلباته الفطرية، وتؤدي إلى التناسل،وتحقِّق اللَّبِنة الأساس في بناء المجتمع ونموِّه.

وقد رسم الله تعالى لنا قاعدة أساسية لمداميك هذه العلاقة بقوله:" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " (1)،فإنشاء رابطة الزوجية يحقق السكن والاستقرار بكل معانيه النفسية والجسدية، ثم يأتي التشريع الإلهي ليتناغم مع مقومات الفطرة البشرية فيثبِّت المودَّة والرَّحمة في الحياة الزوجية، أما المودَّة فهي درجة عالية من الحب والحنان والتفاعل، وأما الرَّحمة فهي تمثل التسامح والإحسان والعفو عند الإساءة والأخذ بيد الطرف الآخر لإبقاء الاستقرار والراحة داخل الأسرة. هذه التوجيهات لكل من الرجل والمرأة ، ضمن خطاب موحَّد وبالمستوى والدرجة نفسها، فعلى كل منهما أن يؤَمِّن السَكَن النفسي والجسدي للآخر، وعلى كل منهما أن ينشر المودَّة والرَّحمة في حياة الآخر.

وقد أكد الرسول محمد (ص) على أهمية الزواج فقال:" النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني"(2)، وقال (ص):" من تزوج أحرز نصف دينه" وفي حديث آخر:"فليتق الله في النصف الباقي"(3). ،وقال (ص)"ما بُني بناءٌ في الإسلام أحب إلى الله عزَّ وجل من التزويج"(4). فالزواج يساعد العبد ليقطع نصف المسافة إلى الطاعة، لأنَّ الحصانة التي يوفرها الزواج على المستوى الشخصي لمتطلبات الغريزة الجنسية أو الاستقرار النفسي أو البناء الأسري المستقل أو التعبير عن الذات والطموحات والتطلعات... الخ، تضع الإنسان على الطريق الصحيح ، فتبقى عليه خطوات نصف المسافة الأخرى ليتابعها بتقوى الله، أي بسلوك المنهجية نفسها التي أرشدته إلى الزواج من خلال الالتزام الديني.

وليس الزواج في مقابل العبادة لله تعالى، لأنَّه طريق موصلٌ إلى الطَّاعة، فقد روي أنَّ امرأة دخلت على أبي عبد الله(ع) فقالت:
"أصلحك الله اني امرأة متبتِّلة.
فقال: وما التبتُّل عندك؟
قالت: لا أتزوج.
قال:ولم؟
قالت: التمس بذلك الفضل.
قال انصرفي، فلو كان ذلك فضلاً لكانت فاطمة(عها) أحق به منك، إنَّه ليس أحد يسبقها إلى الفضل"(5).

فالحقوق والواجبات التي شرَّعها الإسلام تحقق متطِّلبات الفطرة البشرية، وتبني مجتمعاً صغيراً في إطار الأسرة كحلقة في بناء المجتمع الأكبر، وتؤدِّي إلى التوازن الفردي والاجتماعي، فلا كبت ولا إباحية، وتحمي خطوات اعمار الكون من خلال التناسل المشروع الذي يُحاط بالرعاية والتربية، وهذه هي خطوات الطاعة العملية لله تعالى.