حقوق الأفعال

المن يسقطها

المن يسقطها

س _ سماحة الشيخ يتابع الإمام فيقول :" ثم لم تمتَّن على أحد لأنها لك، فإذا امتننت بها لم تأمن أن تكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه، لأن في ذلك دليلاً على أنك لم ترد نفسك بها، ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد "؟

قيمة الصدقة أن لا تكون فيها مِنَّة، فهي شكل من الإحسان قربة إلى الله، ولا تنسجم مع قولك لمن أعطيته بأنك أعطيته أو أحسنت إليه! بعض الناس يشيرون إلى مِنّتهم على الآخرين بطريقة غير مباشرة ليعلم الناس صنعهم، فيتحدثون عن الفقير الذي أنقذوه، والمسكين الذي كاد أن يموت ووفقهم الله تعالى لمساعدته، أو أنهم أعطوه الثياب لأطفاله حتى لا يبردوا في الشتاء! علماً أن حساسية هذا الأمر يجعل البعض يخفي حاجته درءً للإهانة والمذلة، قال تعالى:" لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ"(10).

إذا كنت تريد الصدقة فلا داعي للمن، لأنها محفوظة عند الله تعالى وهي لك، قال(ع) " ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لك"، ومتى يمنن أي فرد فهو مقدمة لخسارة ما أعطاه، "فإذا امتننت بها لم تأمن أن تكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه" يعني أن هذا عيب عليك وإساءة بالنسبة إليك وغير منسجم مع معنى الصدقة، وتكون بذلك قد أفسدت على نفسك أجر الصدقة بالمن بها على من دفعتها له. إن المعادلة واضحة فإما أن تمنن وهذا يعني أن الصدقة لم تُردها لنفسك فلم تعد لك، ولم ترد أن تعطيها قربة الى الله تعالى فسقطت قيمتها وكأنك لم تتصدق، وإمَّا أنك تريدها لنفسك فلا تمنن أحداً، لأنك بالفعل قد سجلتها وديعة عند الله تعالى، وسيحفظها لك سيعطيك بدلاً عنها يوم القيامة. قال تعالى في القرآن الكريم :" الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"(11) وإذا كان البعض يظن أن المال والمساعدة سبيل ضروري للاطمئنان إلى عطاء الله لكنهم يخلطونه بالأذى فسيخسرون ما صنعوا، فالأفضل لهم أن يستبدلوا البذل المادي بالكلمة الطيبة والعفو، لأنها لا تكلفهم وفيها أجر، بدل أن يخلطوا العمل الصالح مع السيء، قال تعالى:" قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ"(12). وفي الحديث الشريف:" كل معروف صدقة"(13).