حقوق الأفعال

الخشوع والخضوع

الخشوع والخضوع

س _ سماحة الشيخ، لنتابع مع الإمام السجاد(ع):" المعظِّمِ من قام بين يديه بالسكون والإطراق، وخشوع الأطراف، ولين الجناح، وحسن المناجاة له في نفسه، والطلب إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت به خطيئتك واستهلكتها ذنوبك، ولا قوة إلاَّ بالله"، ولننظر معاً إلى أين يريدنا أن نصل؟

أنت تقف بين يدي الله، فلا بدَّ أن تعظِّمه، وذلك يكون بتصرفاتك أثناء الصلاة، بأن تكون ساكناً في نفسك وجوارحك، مطرقاً احتراماً وتبجيلاً، لا تتلفت ولا تتحرك من مكانك، ولا يكون حالك حال الخارج عن الصلاة.

كما عليك أن تكون خاشعاً في الصلاة، فمن صفات المؤمنين" الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ"(8)، وقد قال الشيخ الطبرسي في تفسيره لهذه الآية:" أي خاضعون متواضعون متذللون، لا يرفعون أبصارهم عن مواقع سجودهم، ولا يلتفتون يميناً ولا شمالاً، وروي أن رسول الله(ص) رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته، فقال:" أما أنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه"، وفي هذا دلالة على أن الخشوع في الصلاة يكون بالقلب وبالجوارح، فأما بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمة لها والإعراض عما سواها، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود، وأما بالجوارح فهو غض البصر والإقبال عليها وترك الالتفات والعبث"(9).

أما لين الجناح فهو الذي يكون هادئاً في تصرفاته، وكذلك يكون في الصلاة ويبدأ بمناجاة الله في نفسه، فإن نفسه ستشعر بإحاطة الرحمة الإلهية لها، وستعيش حالة من التفاعل والسمو الذي تختلف درجاته بحسب الأفراد.

وبما أنك في وفادة إلى الله، فاطلب منه أن يعفو عن خطاياك التي أحاطت بك، وأن ينقذك من النار بعد أن استهلكت ذنوبك رصيدك، لأنك إذا لم تنج بغفران الله ورحمته، فلن ينقذك أحد من عذاب يوم القيامة.

أيها الإنسان قف أمام الله موقف الذليل الراغب الخائف الراجي، انظر إلى عجزك والى عظمته، انظر إلى حاجتك والى قدرته على تلبية الحاجة ،انظر الى صغرك والى كونه خالقاً تقف أمامه، أشكر ربك بأنه قَبِلَ أن تناجيه وأن تتحدث معه، فليس سهلاً أن يقف الإنسان الضعيف أمام الخالق العظيم ليناجيه ويخاطبه، هذا الأمر يجب أن يكون حاضراً عندك. يركز الإمام علي بن الحسين(ع) على آداب الصلاة، والوقوف أمام الله تعالى، لتؤتي الصلاة ثمارها وتحقق آثارها، فإذا لم نقم بهذا ولم نتفاعل بالخضوع والخشوع، ولم نعرف كيف نخاطب ربنا، فإنَّ الصلاة لا تؤثر أثرها، فالصلاة ليست مجرد شكل وحركات، إنها خطوات ومضمون لملء النفس وشحنها بنور الله تعالى، لتنعكس على حياة الإنسان بأكملها.