• naimkassem@naimkassem.com.lb

  • الرئيسية
  • ’كلنا أنصار المهدي(عج)’افتتاحية العدد 219
...
’كلنا أنصار المهدي(عج)’افتتاحية العدد 219

’كلنا أنصار المهدي(عج)’افتتاحية العدد 219

كلنا أنصار المهدي(عج)

كلنا أنصار المهدي(عج)


 تتحمل الأمة مسؤوليتها بنصرة الإمام المهدي(عج) زمن ظهوره، بحيث يكون الجميع من الرجال والنساء والشيخ والأطفال في هذا الركب، وهو ما نتلمسه بوضوح في الرسالة الإسلامية التي اتجهت إلى الناس كافة، وإلى الرجل والمرأة، قال تعالى:" مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (1). كما اعتبر الإسلام أن موقع الصلاح والدعوة إلى الله تعالى تشمل الرجال والنساء في دعم المسيرة الإلهية، قال تعالى:" إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما" (2).
 هذه المسؤولية بالنصرة، وهذا الدور في الدعوة إلى الإسلام وإقامة العدل على الأرض، ينطبقان أيضاً في زمن الغيبة، وفي عصر الظهور، بحيث يعمل أفراد المجتمع كافة لإعلاء كلمة الدين. ومن الطبيعي أن تختلف مهام الأفراد باختلاف إمكاناتهم وأدوارهم، فكما رأينا هذا الاختلاف في تصدي الرجال بشكل عام للقيادة بحسب المقومات التي أودعها الله تعالى فيهم، والمسؤولية التي ألقاها على عاتقهم، تصدَّت النساء للأمور المجتمعية الأخرى والبيئة الحاضنة لنمو الحضور الإسلامي الأصيل، انسجاماً مع ما أعطاهنَّ الله تعالى من إمكانات، وما كلفهنَّ به من دور.
 وفي الحديث عن القادة الذين يلتحقون بالإمام المهدي(عج) في مكة المكرمة، رواياتٌ عدة، وبصيَغ مختلفة، تؤكد على وجود عدة أهل بدر من الرجال، ومنها رواية عن أمير المؤمنين علي(ع):" ألا إنه أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً وحُسناً برسول الله(ص)، ألا أدلكم على رجاله وعددهم؟ ثم قال: سمعت رسول الله(ص) يقول: أولهم من البصرة ، وآخرهم من اليمامة. وجعل علي(ع) يعد رجال المهدي(عج) والناس يكتبون... ثم قال(ع): أحصاهم لي رسول الله(ص) ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً  بعدد أصحاب بدر، يجمعهم الله من مشرقها إلى مغربها، في أقل مما يتم الرجل عشاءه، عند بيت الله الحرام... إلى أن قال: كأني أنظر إليهم، والزي واحد، والقد واحد، والجمال واحد، واللباس واحد، كأنما يطلبون شيئاً ضاع منهم، فهم متحيِّرون في أمرهم، حتى يخرج إليهم من تحت ستار الكعبة في آخرها، رجلٌ أشبه الناس برسول الله(ص) خَلقاً وخُلقاً وحُسناً وجمالاً، فيقولون أنت المهدي؟
فيَخرجهم ويقول: أنا المهدي" (3).
 تبيِّن هذه الرواية أموراً عدة منها:
1- أنَّ اجتماع ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً نقطةُ الانطلاق لظهور الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف) وخروجه عليهم لبدء حركته.
2- يأتون من أمصار متعددة، ثم يعودون إلى أماكنهم وأماكن أخرى بحسب ما يكلفهم به الإمام(عج)، وهم في حركة دائمة كقيادة ميدانية.
3- تعطي مظاهرهم المشتركة من الزي والقد والجمال واللباس الإيحاء بدورهم العسكري المرتبط بالقيادة.
4- يتحملون مسؤولية الإدارة الشعبية الواسعة بناء لتعاليم الإمام(عج).
تتناسب المهام المذكورة أعلاه مع الرجل، والروايات تدعم هذا الاتجاه، فقد ورد عن أبي عبد الله(ع):" يكون مع القائم(عج) ثلاث عشرة امرأة. فسأله أحد أصحابه: وما يصنع بهنَّ؟ قال(ع): يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى، كما كان مع رسول الله(ص)"(4). ثم ذكر الإمام بعض أسماء النساء ممن عاصرن رسول الله(ص)، ما يدل بأنَّ الرواية لا تتحدث عن القادة، وإنما عن نموذج لدور المرأة، يتكرر مع نساء أخريات بحسب الظروف والزمان.
 كما وردت رواية واحدة ضعيفة في تفسير العياشي، أذكرها للعلم فقط: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (ع):"... والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة, يجتمعون بمكة على غير ميعاد, قزعاً كقزع الخريف, يتبع بعضهم بعضا وهي الآية التي قال الله " أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "(5). تعارضها وجود رواية أخرى صحيحة ليس فيها هذا التفصيل، وهي عن الإمام الجواد(ع):"... ويجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عز وجل:" أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(6)، ما يؤكد المبنى أعلاه، وهو وجود متطلبات القيادة السياسية والعسكرية والميدانية التي تقع على عاتق الرجل، خاصة بوجودهم ومسؤوليتهم المباشرة بإمرة الإمام القائم(عج).
أمَّا المرأة فهي جزء لا يتجزأ من نصرة هذا الدين، وتأكيد دوره ومسيرته، وتربية الأمة لدفعها في هذا الاتجاه، ولذا فهي تتواجد في مواقع أخرى قيادية وغير قيادية، ولا زالت الأمة وستبقى تنهل من معين سيدة نساء العالمين  فاطمة الزهراء(عها)، ومن بطولات السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (ع)، وعطاءات المجاهدات عبر التاريخ وفي الزمن الحاضر، وكذا سيكون الأمر في المستقبل في الموقع المتقدم لنسائنا العزيزات في ساحات جهادهن، انسجاماً مع وظيفتهن في الاقتداء والالتزام بأوامر الإمام المهدي(عج) لنصرة الإسلام وإقامة العدل على الأرض.

الهوامش:
1- سورة النحل, الآية:97.
2- سورة الأحزاب, الآية: 35.
3- السيد ابن طاووس, الملاحم والفتن, ص: 294.
4- محمد بن جرير الطبري, دلائل الإمامة, ص: 484.
5- تفسير العياشي, ج1, ص: 65.
6- الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص: 378.