اعلن نائب الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «ان لا فاعلية» لقمة الكويت التي تُعقد «بعد 23 يوماً على العدوان على غزة»، لافتاً الى انه «اذا ارادت هذه القمة ان تكون جدية حتى بعد فوات الأوان، فلتعلن موقفاً واضحاً من التسوية مع اسرائيل، ولتقطع الدول علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي ولتقف لدعم غزة عسكرياً ومالياً، وعندها يمكن ان نقول انها قمة مساعدة غزة».
وقال قاسم في حديث الى «الراي» «ان هذه قمة اعادة الشكل العربي الظاهري وليست قمة دعم غزة»، لافتاً الى «ان الدول العربية مقسومة بين دول ممانعة ودول مستسلمة للواقع الاميركي - الاسرائيلي، وبالتالي لا يمكن في ظل هذا الواقع ان تخرج القمة بأي نتيجة جدية او فعالة»، ومشيراً الى «ان الكويت يمكنها ان تفعل اكثر مما فعلت» بالنسبة الى غزة.
وأكرر أنا لا نستعدي مصر، بل نوجّه رسالة الى النظام المصري بأن عليه ان يكون الى جانب غزة وشعب فلسطين بطريقة عملية في مواجهة الصهاينة لأن المشروع الصهيوني ضد غزة ومصر وكل المنطقة العربية، فلا يجوز ان نعطيه شرعية ولا تسهيلات ولا ان نلوم «حماس» في الوقت الذي تمثل فيه الموقف الفلسطيني العظيم.
واكد ان «موقف «حزب الله» من الرئيس اللبناني ميشال سليمان لم يتغيّر»، وقال: «هو رئيسنا التوافقي ونحن معه في الخطوات التي يقوم بها لمصلحة لبنان، وعلاقتنا به جيدة فلا تلعبوا بيننا»، مضيفاً: «مشاركة الرئيس سليمان في قمة الدوحة هي في ذاتها عمل جيد ومنسجم مع اظهار شكل الممانعة. وموقفه العام ايجابي، اما في ما يتعلق بالمبادرة العربية فنحن لا نؤيد استمرار المسار فيها، وهذا رأي «حزب الله».
• كل العرب في الكويت اليوم بعدما كانوا «نصفيْن»، واحد في قمة مجلس التعاون الخليجي وآخر في القمة التي لم تكتمل في الدوحة. ماذا تنتظرون من قمة الكويت بعدما وضع «المحوران» سقوفاً متفاوتة حيال مقاربة الحرب على غزة؟
- يؤسفني ان تنعقد القمة العربية بعد مرور 23 يوماً على العدوان الاسرائيلي على غزة ووصول هذا العدوان الى طريق مسدود من جهة العدو الصهيوني. وكان يفترض ان تنعقد القمة في قلب العدوان وتتخذ موقفاً يساعد على وقفه ويؤدي الى نصرة الفلسطينيين بالموقف السياسي والعملي في آن.
اما بالنسبة الى هذه القمة (في الكويت) فأرى ان لا فاعلية لها، لانها لن تُنتج شيئاً على المستوى السياسي. اما اذا ركز البعض على مسألة المساعدات المالية والانسانية، فهذا واجب، والشعب الفلسطيني قاوم نيابة عن كل العرب والمسلمين، وهذه المعركة لم تكن معركة غزة بل معركة الكرامة العربية، وتحرير الارض العربية. وبالتالي أعتبر ان القمة في غير وقتها ولا نعقد آمالاً كبيرة عليها. واذا ارادت هذه القمة ان تكون جدية حتى بعد فوات الأوان، فلتعلن موقفاً واضحاً من التسوية مع اسرائيل، ولتقطع الدول علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي ولتقف لدعم غزة عسكرياً ومالياً، وعندها يمكن ان نقول انها قمة مساعدة غزة. اما اذا بقيت في اطار الانشائيات، وتجاذبات الحد الأدنى، فانها ستكون قمة كلام غير مفيد وغير نافع للقضية الفلسطينية.
• وهل يمكن بلوغ هذا «السقف» في ظل التباينات والانشطار العربي؟
- في رأيي ان هذه قمة اعادة الشكل العربي الظاهري وليست قمة دعم غزة، وهي قمة التخفيف من تسوية الحسابات العلنية لمصلحة تسويتها بطريقة اقل علنية. لكن الامر مفضوح، وكل الناس يعرفون ان الدول العربية مقسومة بين دول ممانعة ودول مستسلمة للواقع الاميركي - الاسرائيلي، وبالتالي لا يمكن في ظل هذا الواقع ان تخرج القمة بأي نتيجة جدية او فعالة. وهنا اقول ان ليس لدينا اي امل في اي انجاز لهذه القمة.
• تحدثتَ مراراً عن معسكرين: معسكر اميركا واسرائيل ودعامته من دول عربية واوروبية، ومعسكر المقاومة. في اي معسكر تضعون الكويت؟
- لا ارغب في ان ادخل في تصنيف الدول، وأترك هذا الامر للسلوك والممارسات التي يعرفها الناس في شكل مباشر. ولو سألتِ اي مواطن عربي اليوم، فبإمكانه ان يصنف الدول بكل بساطة بين معسكري المقاومة او الدعم لاميركا واسرائيل. وعدم دخولي في التصنيف مرده الى رغبتي في الا اثير حساسيات خاصة، وانما أتحدث عن المبدأ، اي ان من كان مع معسكر المقاومة فليثبت نفسه. والعناوين التي تحدد من يكون في هذا المعسكر واضحة وهي، هل يدعم المقاومة مالياً ويقف بجانبها سياسياً وهل يؤيد حقها في التحرير، وهل يقف ضد اسرائيل بسبب تعنتها، وهل يقول لا لأميركا في مواقفها السياسية المجرمة؟
• وهل تعتبر ان الكويت تقوم بهذه الامور او هل انتم مرتاحون لسلوك الكويت حيال ما يحصل في غزة؟
- أعتقد ان الكويت يمكنها ان تفعل اكثر مما فعلت. وبكل الاحوال الايام المقبلة تُثبت اكثر فأكثر اين يكون كل بلد بعد انقشاع هذه الصورة. وليست هناك حجة لأحد اليوم ان يقوم انه لا يستطيع او انه محكوم بمعادلات معقدة. وها هي بعض الدول العربية التي كانت صريحة، وعقدت قمة في الدوحة واستطاعت ان تتخذ موقفاً متقدماً، والمطلوب اكثر ايضاً، ولكن هذه خطوة على الطريق. وما الذي يمنع باقي الدول العربية من اتخاذ الخطوة نفسها وأكثر؟
• استبقت اسرائيل قمة الكويت وقمة شرم الشيخ باعلان وقف احادي لاطلاق النار وقول انها حققت كل اهدافها من الحرب على غزة وخرجت صحافتها اليوم (امس) بصور لجنودها يرفعون اشارات النصر. كيف قرأتم الخطوة الاسرائيلية؟
- اسرائيل لا تبالي بالقمة العربية ولا بالعرب المنسجمين معها، وهي تفكر في مصلحتها، ورؤيتها. وكان هناك هدف واحد اساسي للعدوان على غزة هو القضاء على حركة «حماس» للقضاء على روح الممانعة والمقاومة في المنطقة. وكل التفاصيل الاخرى، سواء كان لها علاقة بادارة غزة من خلال مجموعة محمود عباس او بالتنسيق الفلسطيني - الاسرائيلي - المصري او ما شابه، تدخل في اطار «دفن الميت» بعد تحقيق الهدف. وما حصل ان اسرائيل فوجئت ان الايام الأربعة التي كانت مقررة للقضاء على «حماس» رغم الضربة القاسية التي حصلت في الدقائق الثلاث الأولى للمباغتة لم تؤد الى نتيجة، وبقيت المقاومة بكل عنفوانها وقوتها وقدرتها. وانتقلت اسرائيل الى المرحلة الثانية في التدمير والدخول البري، وظلت النتيجة واحدة. وفي الواقع وصلت اسرائيل الى وقف اطلاق النار من جانب واحد لأنها بلغت الطريق المسدود، ولم يعد هناك ما يمكنها ان تفعله. وقد ارتكبت المجازر ولم تنجح، وهددت «حماس» ولم تنجح، وواجهت المقاومة في غزة ولم تفلح. وبقيت الصواريخ تطلق بوتيرة واحدة من داخل غزة.
• لكن اسرائيل تقول ان وتيرة الصواريخ تراجعت من نحو 70 الى 15 في اليوم؟
- اعلم ان طريقة اطلاق الصواريخ من «حماس» والفصائل الفلسطينية تأخذ في الاعتبار القدرة على الاستمرار لأطول فترة زمنية ممكنة. وبالنسبة للمقاومة لا احد يعدّ الصواريخ التي تطلق ولا احد يمكن ان يعدّ الشهداء ولا الاصابات في الجانب الاسرائيلي. والذي يُحسب في ميزان المقاومة انها صمدت مع الشعب الفلسطيني البطل واستمرت باطلاق الصواريخ ومنعت اسرائيل من تحقيق اهدافها. وتالياً وقف النار الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد هو تعبير عن العجز الاسرائيلي عن تحقيق الأهداف، والعدو اراد الحد من الخسائر المعنوية والسياسية وان يقول للعالم انه لم يعد عنده ما يتابعه. واذا سمعنا شعاراتهم نجد انهم يقولون انهم يريدون تعاون العالم من اجل عدم تهريب السلاح، وانهم لا يريدون التفاوض مع «حماس» حتى لا يعترفوا بها وهذا يعني ان «حركة المقاومة الاسلامية» هي الموجودة والمسيطرة على الأرض، وهم يستجدون بعض الدول العربية لتساعدهم في الخطة التي قاموا بالحرب من اجلها. ونعرف مدى المناوشات بينهم وبين المصريين الآن.
وهنا اشير الى انها المرة الاولى في تاريخ الصراع العربي مع اسرائيل، منذ اكثر من 60 عاماً، تصبح صورة اسرائيل في كل العالم سلبية وتعكس الوحشية والدموية، وهذا لم يكن موجوداً في الفترات السابقة حيث كانت تعطي اسرائيل صورة الدولة الديموقراطية المعتدى عليها. وهذه الصورة السلبية التي برزت تشكل جزءاً من السقوط المعنوي والسياسي لاسرائيل، الذي يضاف الى الهزيمة النكراء التي اصيب بها العدو في بنيته العام 2006 . وهذا يعني ان اسرائيل سجّلت في سجلّها هزيمتين الاولى على المستوى العسكري والسياسي الداخلي بكل ابعاده (العام 2006) والثانية في غزة معنوية وأخلاقية وسياسية وهزيمة لقدرة الردع التي لا تستطيع القضاء على ارادة المقاومة.
• رغم اتهامكم مصر بالتواطؤ، سأل الرئيس المصري حسني مبارك ماذا فعل الممانعون للشعب الفلسطيني وقضيته ولتحرير الاراضي العربية المحتلة، منتقداً المزايدات في الاجتماعات التي تكتفي ببيانات؟ عملياً، ماذا فعلت سورية وايران وحتى «حزب الله» لنصرة غزة في ساحة القتال؟
- هناك نوعان من الدعم. الاول مباشر اي المشاركة في القتال، والثاني غير مباشر وينطوي على كل اشكال الدعم الأخرى بحسب الظروف والامكانات والوقائع الميدانية والعملية. وعندما يحاول البعض ان يتشاطر ويطالب بالاشتراك المباشر في الدعم العسكري، اي بدخول دول او احزاب في المعركة من خارج فلسطين، فهذا يعني انها دعوة لحرب شاملة، وهذه الحرب لا مقومات نجاح لها في ظل الصيغة القائمة في المنطقة، بل على العكس من شأنها اعطاء ذريعة اضافية لاسرائيل ومن معها، بأنها المظلومة وان كل الدول والمنظمات تعتدي عليها. فضلاً عن ان هذا العمل سيعطي مبرراً لدول اخرى مناصرة للمعسكر الصهيوني كي تدخل على الخط وتزيد من عدم التوازن لمصلحة العدو الصهيوني.
اما في صيغة عدم الاشتراك العسكري المباشر وابراز العدوان على حقيقته وان غزة مظلومة وهي التي يعتدى عليها، فهذا يشكل مساهمة اكبر في اذلال اسرائيل وفضحها وكشف المتورطين معها وايصالهم الى الطريق المسدود في عدوانهم.
• اي كأنكم تعمّدتم ان يسقط 1200 شهيد ونحو ستة آلاف جريح لتشويه صورة اسرائيل؟
- الدخول في معركة عسكرية يفترض ان تكون له مقومات موضوعية لخدمة غزة، وهذا لا يتحقق عبر الامكانات الموجودة والظروف الموضوعية القائمة. من دون اغفال ان ليس هناك ابتدائية قررتها غزة حتى تقررها معها القوى الاخرى. هناك عدوان على فلسطين وغزة، وهذه الحال لا يمكن مواجهتها في ظل الواقع الاقليمي والدولي بصيغة ان يهجم الجميع لاسيما مع وجود تعقيدات في كل بلد وكل تنظيم. ولا اعلم اذا كان في المستقبل يمكن ان تكون هكذا صيغة قابلة لأن تحصل، اذا افترضنا انه وقع عدوان آخر في مكان ما او في واقع ما. وهذا متروك للمعطيات الميدانية والظروف السياسية.
اما الشكل الثاني من الدعم، فهو قائم بكل العناوين والجميع يعرفون ذلك. وهنا اسأل الدول التي تدعي حرصاً على غزة وعلى فلسطين كيف تدفع عنها الاتهامات التي تتحدث عن مشاركة في قرار العدوان وفي تسهيل عمله بالحصار الذي حصل وعدم فتح المعبر (رفح) بكل ابعاده؟ والجميع يعلمون من كان مع غزة ومن كان ضدها.
• تغمزون من قناة مصر، وقد أخذ عليكم في «حزب الله» انكم بحربكم الكلامية عليها وعلى من أسميتموه «محور التواطؤ العربي» حوّلتم اسرائيل «العدو رقم 2» في حين ان «حماس» سلّمت بدور مصر المحصور وتفاوض عبر المبادرة المصرية؟
- لا يناقش اثنان في ان العدو الاول والاساسي هو اسرائيل، ولا يمكن ان يكون اي بلد عربي مهما فعل العدو الاول. ولا نقبل ان نصنف هذه البلدان بأنهم اعداء لنا ولا للقضية الفلسطينية. وعندما ننتقد دولة عربية تصرفت بطريقة خاطئة نحمل في انفسنا املاً ورغبة في ان تعدّل مواقفها لأننا نريد ان تكون الايدي متشابكة في مواجهة اسرائيل. وتالياً ننتقد موقفاً ولا نعلن العداء، فالعداء هو لاسرائيل وحدها، ولا يوجد عداء لمصر، والجميع يعلمون ان شعب مصر واداءها التاريخي كله يقف الى جانب القضية الفلسطينية ويرفض التطبيع رغم ان السلطة المصرية هي التي تحاول ان تضغط دائماً لتركز على عنوان التطبيع والاتفاقات مع اسرائيل. وما تم الحديث عنه هو الاشارة الى ان هذا السلوك الرسمي المصري لا ينسجم مع سلوك الشعب المصري ولا مع دور مصر ولا يقدم الدعم لغزة. ونتمنى ان يتغير هذا الموقف.
اما موقف «حماس» من النظام المصري، فهو بطبيعة الحال اكثر تقييداً من موقفنا، لان اي حل لا بد ان يمر عبر النظام المصري، وتالياً من الحكمة ان تُبقي «حماس» العلاقات مفتوحة ولا تدخل في منازعات لا تنفعها، وذلك من اجل ابقاء الأبواب للحلول الممكنة لا سيما ان المعبر المصري السياسي هو إلزامي بحكم الظروف الموضوعية. وأكرر انا لا نستعدي مصر، بل نوجّه رسالة الى النظام المصري بأن عليه ان يكون الى جانب غزة وشعب فلسطين بطريقة عملية في مواجهة الصهاينة لان المشروع الصهيوني ضد غزة ومصر وكل المنطقة العربية، فلا يجوز ان نعطيه شرعية ولا تسهيلات ولا ان نلوم «حماس» في الوقت الذي تمثل فيه الموقف الفلسطيني العظيم.
• لكن السيد حسن نصرالله اعلن اننا سنعادي كل من يتواطأ على غزة؟
- سنعادي من يتواطأ على غزة سياسياً كي يرتدع، فاذا ارتدع تعود الامور الى نصابها.
• وكيف يُترجم هذا العداء السياسي وما مترتباته؟
- مترتبات العداء السياسي ان نعلن موقفنا ونبيّن للرأي العام اننا لا نوافق على هذا الاداء. لكن لا توجد حال عدائية تصل الى ما نحن عليه مع اسرائيل المحتلة التي هي عدو كل المنطقة وحتى من يتعاملون معها.
• بين معسكر اميركا واسرائيل ومن معهما ومعسكر المقاومة، اين تضعون لبنان اليوم، لا سيما بعد الاخذ والرد في مشاركة الرئيس ميشال سليمان في قمة الدوحة و«إطلاق النار» عليه في الشارع؟
- لبنان اليوم في الصورة العامة يقف الى جانب غزة في موالاته ومعارضته، وهذا ما لمسناه على الاقل من المواقف المعلنة، وإن كانت الحسابات العربية دخلت الى بعض المحطات لتأخذ التأييد لغزة الى جانب التسوية في تركيبة النظام العربي في العلاقة مع اسرائيل. الا ان المواقف اللبنانية العامة لم تخرج عن اطار دعم غزة. نعم الحرارة التي كانت موجودة عند المعارضة اقوى بكثير، والتعبيرات الشعبية كانت واضحة، والانحياز الى المقاومة في غزة كان فاقعاً، بينما حار الطرف الآخر في كيفية اخراج الموقف بالحد الادنى من التأييد الذي لا يزعج بعض العرب الذين وقفوا موقفاً سلبياً من المقاومة في غزة.
اما بالنسبة لرئيس الجمهورية، فموقف «حزب الله» منه لم يتغير. هو رئيسنا التوافقي ونحن معه في الخطوات التي يقوم بها لمصلحة لبنان، وما نقلته بعض وسائل الاعلام وحاولت ان تشوّش من خلاله حول تعديل في موقف «حزب الله» والرئيس سليمان من خلال شعارات اطلقت في تظاهرة ولا نعرف من اطلقها وكيف، فهذه محاولة للدس وايجاد شرخ بين «حزب الله» ورئيس الجمهورية. وأقول لهم علاقتنا برئيس الجمهورية جيدة فلا تلعبوا بيننا، هو يعرف ذلك ونحن ايضاً. ومواقفنا واضحة ولسنا بحاجة للاختباء وراء متظاهر لنعلن موقفنا. واذا كان لدينا اي موقف نقوله، ولا تغيير في موقفنا من رئيس الجمهورية.
• قيل ان الحاج حسين خليل والنائب علي حسن خليل وجها «رسالة» الى الرئيس سليمان عشية قراره بالسفر الى قطر بأن عدم المشاركة سيُعتبر بمثابة الوقوف مع اسرائيل؟
- اثناء عرض فكرة قمة الدوحة، حصل نقاش في البلد محوره هل يشارك رئيس الجمهورية ام لا. وبدأ الرئيس سليمان قبل اي نقاش باعلان موقف انه سيشارك. ثم بدأت الضغوط عليه من كل حدب وصوب كي لا يشارك انسجاماً مع بعض الدول العربية التي تريد ان تفشل قمة الدوحة. وأمام هذا الواقع كان لا بد لنا من تقديم نصيحة لرئيس الجمهورية. فذهب الحاج حسين خليل ممثلاً السيد نصرالله والنائب علي حسن خليل ممثلاً الرئيس نبيه بري على قاعدة ان هذا اللقاء للتشاور واسداء النصيحة المعروفة بالنسبة لنا بضرورة المشاركة في القمة، فاذا كانت رسمية فالرئيس يمثل لبنان في قمة رسمية، واذا كانت تشاورية فهو ايضاً يمثل لبنان فيها، لا سيما ان لبنان معني جداً بما يحصل في غزة، وسينعكس ما يجري فيه عليه، ولدينا وجود فلسطيني في اكثر من 20 مخيماً. وتالياً من الطبيعي ان يكون الرئيس اللبناني مهتماً بأن يحصر كل القمم والاجتماعات واللقاءات العربية والدولية التي تبحث الوضع في غزة. وكنا في زيارتنا ننصح بالمشاركة مهما كان العنوان بصرف النظر عن المساعدات العربية التي تريد ادخال لبنان في مشاكلها وفي دائرتها. هذا ما قلناه ولم نهدّد، بل كنا نسدي نصيحة، والحمد لله الرئيس ذهب وكان ذهابه جيداً.
• الرئيس بري عبّر عن عدم ارتياحه للشعارات التي اطلقت في تظاهرة عوكر ضد الرئيس سليمان والتي كان «حزب الله» مشاركاً فيها. هل تؤيدون ما اطلق بحق الرئيس فيها؟
- لم يسألنا احد عن الموضوع، وهذا اول حديث اعطيه لكم. وجوابي قلته رداً على السؤال السابق. ولم نعتبر انه يوجد امر يحتاج للرد. انما هناك فبركة حصلت من بعض الاعلاميين لشعارات محدودة اطلقت في مكان ما وتم على اساسها صوغ موقف لا علاقة لنا فيه لا من قريب ولا من بعيد.
• اي لا تؤيدون هذه الشعارات؟
- لم نطلقها ولا نؤيدها. وموقفنا من رئيس الجمهورية واضح ولا يلعب احد بيننا.
• كيف قرأتم كلمة الرئيس سليمان في الدوحة وتحفظه عن الدعوة لتعليق المبادرة العربية للسلام؟
- كان الرئيس سليمان يبدي رأيه في ضوء ما اتخذه لبنان الرسمي في السابق. وهو يعتقد ان اي تعديل لهذا الموقف يحتاج الى صوغ موقف لبناني جديد، وهذا امر تابع لما فكر فيه رئيس الجمهورية. اما بالنسبة الينا فنعتبر ان المبادرة العربية لا تنفع فلسطين ولا تعيد الارض المحتلة وتعطي تنازلات مسبقة قبل اي ثمن آخر من الصهاينة. ورأينا واضح ان المقاومة هي الحل وان اسرائيل لا تفهم الا بهذه الطريقة.
• لكن البيان الوزاري تبنى المبادرة العربية في فقرته الـ 20؟
- المبادرة العربية جزء من الموقف الرسمي اللبناني.
• لكنكم جزء من الحكومة ووافقتم على البيان الوزاري؟
- موقفنا كـ «حزب الله» واضح بأننا مع المقاومة ولسنا مع المبادرة العربية. وعندما تشكل حكومة لا بد ان يكون هناك موقف مرتبط بالغالبية الموجودة وألا تكون هذه المواقف السياسية عقبة في اجتماعنا داخل الحكومة. لذا، مررنا عليها ونعبّر عن وجهة نظرنا السياسية.
• هل تعتبرون ان موقف الرئيس سليمان في لقاء الدوحة لا يشبه صورة لبنان الذي قاوم اسرائيل وهزمها؟
- مشاركة الرئيس سليمان في القمة هي في ذاتها عمل جيد ومنسجم مع اظهار شكل الممانعة. وموقفه العام ايجابي، اما في ما يتعلق بالمبادرة العربية فنحن لا نؤيد استمرار المسار فيها، وهذا رأي «حزب الله».
• كان لافتاً مع اطلاق الصواريخ من الجنوب تبرؤ «حزب الله» منها وهو موقف نادر. هل تخشون من اختراقات لجر لبنان الى «خط النار» في غزة مع شهية اسرائيل المفتوحة للحرب؟
- اطلاق الصواريخ من الجنوب لا علاقة لـ «حزب الله» به، وعندما احتملنا ان يسبب اطلاق الصواريخ موقفاً او ردود فعل نحمَّل نتائجها، اردنا ان نكون واضحين بأن لا علاقة لنا بما حصل. اذ عندما نريد ان نتخذ موقفاً او نقوم بعمل نتحمل مسؤوليته وردود الفعل عليه ونعلن ذلك بصراحة. وتالياً كان موقفنا ناشئاً من رغبة في توضيح الصورة، وليس التهرب من المسؤولية، لأننا واضحون بأن اسرائيل، في كل الاحوال معتدية، وايضاً ما فعله العدو الصهيوني رداً على الصواريخ كان اعتداء، علماً ان وزير الدفاع اللبناني اعلن ان الصواريخ في المرة الثانية لم تسقط في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وبالتالي هذا يُبرز ان اسرائيل تحاول ان تكون جاهزة لنمط معين من الاعتداء، وكنا في وارد ان نبيّن حقيقة موقفنا واننا جاهزون للرد على اسرائيل في حال اعتدت علينا، ولكن لا علاقة لنا بهذه الصواريخ.
• اعتبر السيد نصرالله ان حصيلة حرب يوليو 2006 وحرب غزة حسمت موضوع الاستراتيجية الدفاعية لمصلحة المقاومة. الا تصادرون بذلك طاولة الحوار التي تنعقد بعد ايام، لا سيما في ظل اعتبار البعض في الاكثرية ان ما حصل في غزة مأساة وليس انتصاراً؟
- الاستراتيجية الدفاعية لها عناوين عريضة وتفاصيل. وحرب اسرائيل على لبنان في يوليو 2006 وعدوانها على غزة الآن ابرز بما لا يقبل الشك ان مواجهة اسرائيل يجب ان تكون بالقوة والجهوزية والمقاومة، وانه لا يمكن ردع اسرائيل بأي طريقة اخرى. والذي حُسم هو ضرورة وجود القوة بيد لبنان في عملية المواجهة. اما كيف تكون هذه القوة، بتفاصيلها وجزئياتها، فالحوار يتكفل بهذه الامور. ولو افترضنا ان احداً جاء في الحوار ليتحدث عن ان قوة لبنان في ضعفه، فهذه سخافة لا تصلح للاستراتيجية الدفاعية، او من يقول ان علينا ان نتجرد من قوتنا ثم نفكر كيف نقوي جيشنا من الآن حتى 30 او 40 سنة لنتمكن من المواجهة، وهذا ايضاً هروب من المسؤولية، اذ لا يصح ان يبطل الانسان قوته لمشروع قوة محتمل وغير واقعي. وما حُسم ان المواجهة في الاستراتيجية الدفاعية مع اسرائيل يجب ان تبنى على قاعدة قوة لبنان. وتعالوا نفتش كيف يكون لبنان قوياً. وهذا المبدأ هو المحسوم والتفاصيل للحوار.