لينا زهرالدين: أهلاً بكم مشاهدينا بين المشهد الإقليمي المشتعل والمشهد المحلّي الساخن يعيش لبنان مرحلةً إستثنائية، عينٌ على سوريا التي تشهد منذ سبعة أعوام صراعاً دولياً كانت آخر حلقاته منذ أيام العدوان الأميركي البريطاني الفرنسي عليها وعينٌ على الإنتخابات النيابية التي تجري لأوّل مرّة وفق قانونٍ جديدٍ معقّد، ويبدو أن كل أطرافها تخوضها على قاعدة كسر عظم.
أحد أبرز هذه الأطراف حزب الله الذي يرمي بثقله في المعركة الإنتخابية تحت شعار نحمي ونبني، هي ثنائية المقاومة والإنماء الذي سيشكّل تطبيقها تحدّياً حقيقياً للحزب، والحديث عن المقاومة يحتّم التوقّف عند المحور الذي تنتمي إليه، أي روسيا، إيران، سوريا وحركات المقاومة الأخرى. أيّ ردٍّ سيكون لهذا المحور إزاء العدوان الأخير على سوريا وقبله الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مطار تيفور في حمص بعد أن استباحت الجواء اللبنانية؟
صحيحٌ أن الأمين العام لحزب الله قال أخيراً إن الحادثة تاريخياً ومفصلية وما قبلها لن يكون كما بعدها، لكن يهمّنا أن نعرف ما الذي قصده بهذا الكلام وأيّ مسارٍ دخلته الحرب في سوريا، وماذا عنى بالقول أن أميركا ستدخل هذه المرّة في حربٍ مع شعوب المنطقة وليس مع الجيوش أو الأنظمة؟
بين المشهدين الإقليمي الدولي والمحلي وفي هذه اللحظات الحرجة نستضيف اليوم نائب الأمين العام لحزب الله والمنسّق العام للإنتخابات سماحة الشيخ نعيم قاسم للوقوف معه على أبرز ملامح سياسة الحزب الداخلية والخارجية وتحالفاته الإنتخابية واستراتيجيّته المستقبلية في هذا الحوار الخاص.
أهلاً بكم سماحة الشيخ على شاشة الميادين. بطبيعة الحال سنبدأ من العدوان الثلاثي الأخير على سوريا، لماذا ترون أنه لم يحقق أهدافه، ما الذي كان يمكن أن يحققه ولم يتحقق؟ علماً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب غرّد وقال المهمّة اكتملت وكذلك كان موقف فرنسا وبريطانيا.
الشيخ نعيم قاسم: بسم الله الرحمن الرحيم. قبل أن نقرأ التغريدة الأخيرة لترامب علينا أن نقرأ التغريدة الأولى التي أثار من خلالها جواً من الحرب في المنطقة وأراد أن يُشعر بأن الحرب قد تقع على مستوى عالمي على الساحة السورية في مواجهة روسيا ومَن معها، ولم يكن الأمر يقتصر على ضربة محدودة، إذاً ترامب هو الذي أشاع فكرة الحرب وهو الذي رسم الخطوات الأولى التي جعلت المنطقة تعيش حالةً من الترقّب لأيّامٍ عديدة. أمّا وقد نفّذ وعده بضرب منشآت فارغة أو أماكن غير مسكونة وغير عسكرية وليس فيها شيء، فهذا يعني أنه وجد بأن الخوض في حربٍ عالمية ليست مضمونة النتائج وستنعكس سلباً على أميركا ومحورها وهي لا يمكن أن تحقق الأهداف التي تريدها أميركا، لذا انتقل الى هدفٍ آخر وهو محاولة إثبات وجود بأن أميركا حاضرة وأنها لاعب أساسي فيما يجري في سوريا وهذا أمر معروف بدون هذه الضربة ومع هذه الضربة.
من هنا نجد أن العدوان الثلاثي على سوريا لم يحق الأهداف المبتغاة أولاً بأنه حصل علي أماكن خالية، ثانياً التصدّي من قبَل المضادات الحيوية الأرضية والجوية السورية حصلت، ثالثاً لأن هذه الضربة لا تغيّر شيئاً في المعادلة السياسية على الأرض، رابعاً بقي إنتصار الغوطة الشرقية حاضراً في المشهد كمفصل تاريخي مهم في الوضع السوري والمنطقة.
لينا زهرالدين: سنتحدّث عن هذه النقطة تحديداً، تحرير الغوطة الشرقية سماحة الشيء، ولكن رأيكم يتناقض تماماً مع ما يقوله الأميركيون والغربيون الذين شنّوا العدوان، أن هذه الضربات استهدفت منشآت حيوية، استهدفت مصانع لأصلحة كيماوية وللبحوث العلمية، ومما قيل أنها استهدفت تواجد معيّن، ربّما قواعد لحلفاء سوريا، الى أي مدى هذا صحيح؟
الشيخ نعيم قاسم: لن تعوزهم الأبدلّة إذا كانوا جادّين فيما يقولون. عندما يضربون أي ضربة يصوّرون ويعطون الإستنتاجات زمام الرأي العام، فليبرزوا الصور الموجودة لديهم في الوقت الذي قال فيه محورنا وخاصّة الجيش السوري بأن النتائج على الأرض لم يكن فيها شيء سوى ثلاثة جرحى من المدنيين وباقي الأمور كانت في منشآت خالية أو في أماكن ضُربَت سابقاً ولم تُحقق أي نتيجة.
لينا زهرالدين: وهذا يعود ربّما لسبب وجيه سرت رواية قبل يومين وحصل هناك تندّر حولها، أن الأميركي أبلغ الروسي والروسي أبلغ السوري وحلفاؤه فأُخليَت القواعد وكانت الضربة، هل علمتم قبل لحظات أو قبل دقائق أنت والمحور سوريا، إيران، روسيا بحتمية شنّ الضربة؟
الشيخ نعيم قاسم: ليس لديّ معلومات حول تفصيل الإيعاز، لكن لديّ معلومات بأنه عدّة مرّات كانت تُنقَل أخبار للروس بأن الضربة ستحصل في الوقت الفلاني، تبدّل الوقت عدّة مرّات مما يعني أن التوقيت لم يكن محسوماً في البداية، والأمر الثاني حتى لو افترضنا أنهم أعطوا علماً فهذا يعني أنهم لا يريدون أن تكون هناك حرب وأن المهمّة معنوية وإعتبارية وأدركوا أنهم لا يستطيعون تغيير المعادلة.
لينا زهرالدين: هم لا يريدون مواجهة روسيا بشكل مباشر، عندما نتحدّث عن حرب مفتوحة أو شاملة المقصود بشكل أساسي وشامل هي روسيا بشكل أساسي.
الشيخ نعيم قاسم: برأيي المقصود أمران، الأمر اأول لا يريدون مواجهة روسيا والأمر الثاني ليس لديهم مشروع واضح لما يُمكن أن تُنتج عليه أي حرب ولو محدودة على سوريا في المعادلة السياسية، بكل صراحة هو ضائعون لا يعلمون ما الذي يمكن أن يفعلوه في سوريا.
لينا زهرالدين: ولكن يمكن أن يتكرر هذا العدوان هكذا فهمنا من سماحة الأمين العام لحزب الله بالأمس.
الشيخ نعيم قاسم: كل شىء محتمل لأنه عند كل إنتصار كان يتبيّن أن مسرحية الكيمياوي تظهر، إذاً هناك إنتصارات أخرى قد تحصل في أماكن مختلفة كالقلمون أو منطقة درعا أو في أي مكان آخر، هل سيكون هناك ردّ فعل أيضاً على الإنتصارات التي ستحصل؟ لأن السمار السوري مسار إنتصارات وإستعادة الأراضي المتبقّية.
لينا زهرالدين: والسؤال الأهم هل سيكون هناك ردّ؟ الكل يسأل هذا السؤال البديهي والبسيط اليوم، أي ردّ لمحور المقاومة مجتمعاً أو ربّما متفرّقاً على غارات من هذا النوع؟
الشيخ نعيم قاسم: أعتقد أن هذا العدوان الثلاثي الفاشل لا يتطلّب رداً عسكرياً لأن الردّ حصل من خلال المعنويات الكبرى ومن خلال فشل العدوان ومن خلال عدم تحقيق أهدافه، فلا حاجة لأن يكون هناك ردّ عسكري على هذا العدوان الثلاثي، هذا ما أعلمه.
لينا زهرالدين: لا ندري إن كان هذا سيُقنع الجمهور الآخر، في كل مرّة يحصل غارات أو عدوان على سوريا لاي كون هناك ردّ سوى تصدّت أو صمدنا أو شيء من هذا القبيل، ما حصل يرضيكم كرد؟
الشيخ نعيم قاسم: وعندما يُطلَق أكثر من مئة صاروخ ويسقط أكثر من ٧٠ صاروخ بالمواجهة الأرضية من المضادات والحماية السورية فهذا بحدّ ذاته دليل فشل الطرف الآخر. ليس المطلوب أن نعمل بطريقة معنوية على مَن ردّ أولاً ومَن ضرب بالضربة الأخيرة، المهم هل تحققت الأهداف من الضربة؟ لم تتحقق، بالعكس، هناك معنويات سورية كبيرة جداً لأن الإنتصار بالنسبة إليهم هو إسقاط مفاعيل وأهداف العدوان وهذا تحقق.
لينا زهرالدين: تابعنا على كل حال الإحتفالات والأهازيج في الكثير من المناطق السورية وفي دوما والغوطة عموماً. من ضمن ما قاله الأمين العام لحزب الله أن هذا العدوان سيُعقّد الحلّ السياسي وربّما سينسف مسار جنيف، وأنتم معنيون بتوضيح هذا الكلام لألّا يُؤخَذ عليكم وكأنّكم تهددون بنسف مسار جنيف.
الشيخ نعيم قاسم: قبل العدوان كان واضحاً لدينا بأن الأميركي ليس جاهزاً للحل السياسي في سوريا، وكل الأداء الذي أدّاه الأميركي حتى الآن خلال الأشهر السابقة يبيّن أنه ضائع في الخيارات النهاذية ولذا يؤجّل أي إجتماع له رائحة حل سياسي. عندما أتى هذا العدوان هو عقّد المشهد أكثر وأعطي دليل إضافي بأن الأميركي ليس جاهزاً للحلّ السياسي ولو كان كذلك لعقد جنيف أو سهّل بعض الخطوات، أنا أعتقد أن الأمر سيطول أيضاً وذلك بسبب أن كل ما فعله الأميركي على الأرض هو عبارة عن تحسين مواقع من خلال الأكراد وبعض التواجد، لكن سرعة الإنتصارات من قبَل الجيش العربي السوري وحلفائه وتحقيق أوسع مدى من سيطرة الدولة السورية على أراضيها هذا يربك الأميركيين ويزيد في حيرتهم، وعلوم أن في سوريا لا حلّ سياسي إلا إذا وافقت الأطراف الأساسية على أن تناقش فيه، ومن هذه الأطراف الأساسية أميركا.
لينا زهرالدين: وهذا الحل السياسي برأيكم كحزب الله ما زال في مدى زمني طويل لتحقيقه؟
الشيخ نعيم قاسم: أنا في رأيي قد تمرّ سنة وربّما أكثر.
لينا زهرالدين: بناءً على ماذا سماحة الشيخ؟
الشيخ نعيم قاسم: بناءً على التعقيدات الموجودة ميدانياً والإشارات التي تُطلقها أميركا ومَن معها، هي حتى الآن لا تناقش إلا كيف تسطر على التنف وكيف تحمي داعش في منطقة شرق الفرات وكيف تحافظ على قواعد عسكرية في داخل المنطقة الكردية وكيف تستحضر المزيد من القوات الفرنسية في منطقة منبج، هذه كلها إشارات أعمال ميدانية لتحسين الشروط وليست إشارات لحلّ سياسي.
لينا زهرالدين: ولها علاقة مباشرة بتحرير الغوطة الشرقية برأيك؟ هذا العدوان رُبط بشكل مباشر من قبَل مَن قام به في مسألة تحرير الغوطة الشرقية؟
الشيخ نعيم قاسم: بالتأكيد العدوان الثلاثي مرتبط بتحرير الغوطة الشرقية لأن قبل تحريرالغوطة الشرقية كان هناك مراهنة على قرار مجلس الأمن بأن لا تُحرّر سوريا الغوطة الرقية، لكن كان هناك عنوان واضح عند سوريا وروسيا وكالحلفاء أنه توجد جبهة النصرة التي تُعتبضر خارج دائرة الفصائل التي يمكن التفاهم معها، وبالفعل حصلت معارك مع جبهة النصر وانضمّ جيش الإسلام لهذه المعارك مما جعل التوجّه عند أميركا في منع تحرير الغوطة الشرقية صعباً ومعقّداً، فكانت النتيجة ألا يصمد مَن كان محسوباً على السعودية وأميركا في الغوطة الشرقية. هنا اغتاظ الأميركيون أنهم خسروا ورقة مهمة في العاصمة السورية وهذه نقطة حساسة، لذا قاموا بهذا العدوان كردّ فعل وأوجدوا مبرر الكيميائي لأنهم لا يستطيعون القول زننا سنعتدي لأنكم حررتم الغوطة، يريدون أن يقولوا سنعتدي لأنكم استعملتم الكيميائي.
لينا زهرالدين: لماذا اعتبرتم أن هذا العدوان تمّ بتحريض بدول إقليمية وعربية؟ هل من حرَج أن تسمّوا بعض هذه الدول بما أن الأمور أصبحت على المكشوف كثيراً؟ وبناءً على ماذا؟
الشيخ نعيم قاسم: السعودية تصرّح علناً..
لينا زهرالدين: العدوان الثالاثي تحديداً، هل يوجد معلومات أنه تمّ بتحريض من السعودية أو غيرها من دول عربية؟
الشيخ نعيم قاسم: لنكن واضحين، تحريض السعودية أو الإمارات لا يعني بأن أميركا ستستمع إليهم وستنفّذ ما يريدون، هم أيضاً لديهم أهداف لكن هذا التحريض يساعد في التسريع وفي سعة الضربة، يساعد في دفع تكاليفها لأن عادةً ترامب يضرب على الثمن والتكاليف التي يأخذها لكن أنهم أخذوا القرار وأميركا نفّذت؟ لا أبداً، نحن بذلك نعطي للسعودية مكانة غير طبيعية وغير صحيحة. السعودية إنّما تدخل على خطّ الرغبات الأميركية لكن تحاول أن تحرّض أكثر. واليوم لو عدنا الى السعودية هي ترغب في الواقع أن يكون هناك حرب على سوريا وليس ضربة بسيطة جعلت سوريا تخرج منتصرة.
لينا زهرالدين: وفوجئنا سماحة الشيخ في الواقع في القمة العربية الأخيرة أنه لم يكن هذا العدوان مدرجاً أساساً على جدول أعمال القمة، بلد عربي يتعرّض لعدوان وفي اليوم الثاني أو الثالث يجتمع القادة العرب ولا يؤتى على ذكر العدوان الثالثي على سوريا للأسف. تابعتم هذه القمّة؟ عندكم رأي فيها؟
الشيخ نعيم قاسم: بصراحة أنا لم أتابع القمّة لأنني أراها غير موجودة وإن وُجدَت فهي عبارة عن إيذاءات وإساءات مستمرة لكل المنطقة والعالم العربي.
لينا زهرالدين: كجامعة عربية أو كقمة وقادة عرب؟
الشيخ نعيم قاسم: قمة عربية وجامعة عربية، هل يوجد جامعة عربية الآن؟ هل هناك قرارات تُناقَش بشكل صحيح؟ هل هناك خطوات عملية لجمع الصف؟ كل الأهداف للجامعة العربية انتفت وبالتالي لا قيمة لهذه القمّة، وعلى كل حال كل بلد من هذه البلدان يفعل ما يريد بمعزل عن القمّة، القمّة تحتاجها السعودية لتغطية نشاطاتها وأعمالها لكنها أصبحت عاجزة عن تغطية هذه النشاطات.
لينا زهرالدين: قبل هذا العدوان كان يوجد أيضاً إعتداء كبير ومهم على مطار تيفور في حمص والكلام الخطير الذي صدر عن سماحة الأمين العام أن ما قبل تيفور ليس كما بعده وهذه مرحلة مفصلية وتاريخية في مسار الحرب في سوريا، لم نفهم ما الذي قصده بذلك؟ وقال أنها مواجهة مباشرة بين الإسرائيليين والىإرانيين، ما المقصود بذلك؟
الشيخ نعيم قاسم: إيران موجودة في سوريا بطلب من الدولة السورية، فوجود إيران في سوريا شرعي وقانوني ودولي. إعتداء إسرائيل على سوريا وإعتداء إسرائيل على إيران في سوريا وإعتداء إسرائيل من لبنان على إيران في سوريا ثلاثة إعتداءات في إعتداء واحد. تريد إسرائيل من خلال قتل بعض الإيرانيين أن تُحدث معادلة في سوريا تقول بأن إسرائيل هي التي تتحكّم بوضع حلفاء سوريا وقواعد الإشتباك ومَن يحقّ له أن يكون ومَن لا يحقّ له أن يكون، وهذا أمر غير ممكن ولا يمكن أن يقبل به أحد لا الإيراني ولا السوري ولا الروسي ولا أحد.
من هنا مع هذا القتل المتعمّد الذي حصل يُفترَض أن تقف إيران وتتّخذ الموقف والقرار الذي تراه مناسباً لمنع إسرائيل من رسم قواعد تحدد من حركة إيران في سوريا بناءً على إتّفاق إيران مع سوريا. لذا يجب أن نتوقّع شيئاً من إيران لكن ما هو هذا الموقف الإيراني، ما هو حدوده؟ بالتأكيد داخل سوريا، يُفترَض أن يكون من داخل سوريا، أمّا كيف وما هو تفاصيله وما هي حدوده وما هو وقته؟ هذه أمور يقررها الإيرانيون.
لينا زهرالدين: وقالت أنه لن يمرّ من دون عقاب. لكن مجرّد قيام إسرائيل باعتداء من هذا النوع يعني أمرين، أنها تريد إستدراج إيران وحزب الله الى حرب أو مواجهة مباشرة، وثانياً أنها مستعدة للحرب.
الشيخ نعيم قاسم: أنا في رأيي إسرائيل ليست مستعدة للحرب ولكن هي تحاول أن تقوم بمعركة بين الحروب كما سمّتها لتحاول أن ترسم خطوات تقيّد أعداءها من دون أن تصل الى حالة الحرب، لكن حزب الله ومَن معه لا يقبل بأن ترسم إسرائيل قواعد تمنع حركة حزب الله أو حركة سوريا وحلفاءها على الأرض بحسب ما يرونه مناسباً، إذاً هي محاولة من إسرائيل لرسم حدود توفّر عليها الحرب لكن تمنع الطرف الآخر من التقدّم. هذا لن يحصل، حزب الله لن يقبل بقواعد إشتباك تحدد من حركته. سوريا وإيران لن يقبلا بقواعد إشتباك يمنعا حرية الحركة بما يرونه مناسباً في سوريا وفي مواجهة الإرهاب التكفيري.
لينا زهرالدين: مَن يضع قواعد الإشتباك اليوم في سوريا؟ الكثير من الصحف الإسرائيلية يقولون علناً وصراحةً أن اللاعب الأساسي في سوريا هو الروسي، المايسترو الأساس، الى أي مدى تثقون، ثقة عمياء، شبه عمياء، كبيرة، بروسيا وما تضعه من قواعد؟
الشيخ نعيم قاسم: دعيني أقول بوضوح لا يوجد قواعد إشتباك مرسومة مُتّفَق عليها، هي محاولة لصنع قواعد إشتباك بالنار وفي الميدان، وبالتالي روسيا من البداية هي قالت أنا لا علاقة لي بالصراع العربي الإسرائيلي أو الصراع مع إسرائيل في سوريا أو في المنطقة، وما له علاقة بروسيا هو حماية سوريا من أن تتقسّم، وأن يعود النظام حاكماً ومسؤولاً مع ترتيبات تعيد الوضع في سوريا الى أفضل مما كان عليه أو حلّ سياسي في سوريا.
هنا روسيا في رأينا لا ترسم قواعد إشتباك، هي تحلّ مشكلة وجودها في سوريا مع أميركا وحركتها ومع إسرائيل وحركتها في الأجواء وفي المنطقة حتى لا يحصل تصادم بينهم. لكن لا أحد رسم معنا ولا مع إسرائيل أن هذه حدودكم وهذه حدودهم. لذا نرى أن قواعد الإشتباك تُصنَع بالنار على الأرض ومن خلال الفعل وردّ الفعل.
لينا زهرالدين: قبل أن نذهب الى الفاصل بما أننا بالميدان، صرّح الإيراني أن تحرير إدلب هو الخطوة التالية، أنتم متواجدون يُفترَض في تلك المنطقة، هل ترون أن خطوة تحرير إدلب باتت قاب قوسين أو أدنى؟
الشيخ نعيم قاسم: معلوماتي أن الخطوة التالية هي في الغوطة الغربية وفي القلمون الشرقي، والى أن تأتي خطوة أخرى يجب أن نرى ما هي النتائج التي ستكون.
لينا زهرالدين: وأنت مستعدون لها بالتأكيد.
الشيخ نعيم قاسم: السوري هو المستعد لها لأن حزب الله لا يدخل في كل معركة تحصل، يمكن أن نكون شركاء ويمكن ألا تكون هناك حاجة لوجودنا، على سبيل المثال معارك الغوطة الشرقية لم نكن جرءاً منها كمعارك مباشرة نعم، كنّا في خطوط خلفية في الحماية حتى لا يتدحرج الزمر الى داخل دمشق، إذاً ليس وجود حزب الله وجود لازم في أن يكون جزءاً من كل معركة، نحن موجودون في سوريا حيث يجب أن نكون وحيث موضع الحاجة.
لينا زهرالدين: أنهيت الجزء الأول بعبارة سنكون حيث يجب أن نكون، وسابقاً ربطّم أنه مجرّد التوصّل الى حلّ سياسي في سوريا سننسحب من سوريا، هل ما زلتم على هذا الكلام؟ ويوجد سؤال عند عامّة الناس، لماذا لا يعلن حزب الله عدد شهدائه في سوريا علماً أنه قال في أكثر من مناسبة نحن نفتخر بما نقدم من تضحيات في سوريا؟
الشيخ نعيم قاسم: لم نذهب الى سوريا من أجل مكتسب جغرافي ولا مكتسب سياسي في سوريا، وإنّما ذهبنا الى سوريا من أجل مكتسب أساسي له علاقة بحماية المقاومة ولبنان ولنمنع هذه النار من أن تكبر وتتوسّع وتحرق مَن حولها. فإذا حصل حلّ سياسي في سوريا فسيكون حلّ سياسيا بين أطراف الشعب السوري، وبالتالي نحن لسنا جزءاً من هذا الحل السياسي، عندها مع الحل السياسي لن يكون هناك لا قتال ولا قواتأجنبية تضر بالحل السياسي إذاً لن يكون لنا حاجة في أن نكون، وتكون الأهداف التي أردناها تحققت وهي بقاء سوريا المقاومة وبقاء دعامة من دعامات محور المقاومة فنعود الى لبنان أن لا أطماع لنا في سوريا بشكل مباشر.
لينا زهرالدين: أنا أشكرك على هذه الإيجابة المباشرة. بالنسبة للشق الثاني من السؤال.
الشيخ نعيم قاسم: بالنسبة لعدد الشهداء، نحن درجنا على إخفاء بعض الإستنتاجات والأرقام بالجملة لكن لا نخفيها بالمفرّق.
لينا زهرالدين: لألّا تُخيفوا الناس؟ لأنه يُقال أنه عدد الشهداء اليوم بالآلاف.
الشيخ نعيم قاسم: نحن طريقتنا بالعمل ألا نوفّر إحصاءات جاهزة للآخرين، كل شهيد من شهداءنا يرتقي للسماء نعلنه، نحفل به، نبلّغ أهله، وتبرز عبر وسائل الإعلام. مَن أراد أن يعدّ عدد الشهداء فليُحصِهم من خلال الإعلام ويصل الى إستنتاج، لسنا مضطرين أن نعطي رقماً نهائياً.
لينا زهرالدين: يوجد خوف أو حرج؟
الشيخ نعيم قاسم: لا يوجد خوف أو حرج لكن لا نريد أن نقدّم هذه الوثيقة من قبَلنا لأعدائنا.
لينا زهرالدين: لألّا تُؤخَذ عليكم كممسك.
الشيخ نعيم قاسم: حتى لا يستعملونها في طرق خاطذة ولكن إن أرادوا أن يعدّوا فليعدوا ما يشاؤون.
لينا زهرالدين: ولكن اليوم وُضع حدّ لمشروع تقسيم سوريا برأيكم؟
الشيخ نعيم قاسم: لم يوضَع حد نهائي لمشروع تقسيم سوريا، ما دام لم ندخل في الحل السياسي فهذا يعني أن كل الإحتمالات واردة، والأداء الميداني من قبَل أميركا أداء يبيّن أنهم لم يحسموا خيارهم بوحدة سوريا حتى الآن.
لينا زهرالدين: فيما يتعلّق بمواجهة الشعوب لأميركا، عن أي شعوب تحدّث؟ المعركة القادمة لأميركا لن تكون مع الجيوش ولا مع الأنطمة إنّما مع الشعوب، يوجد شعوب مستثناة وشعوب محددة ستكون معها هذه المواجهة وما شكل هذه المواجهة وطبيعتها؟
الشيخ نعيم قاسم: أرجو التدقيق في كلام سماحة الأمين العام حفظه الله، هو يتحدّث عن عدوان أميركي إذا حصل في أيّ مكان من هذه المنطقة هل تتوقّع أميركا أن تبقى شعوب المنطقة منتظرة وساكتة وراضية؟ هذا الأمر انتهى وتغيّر.
لينا زهرالدين: ضاعت فلسطين سماحة الشيخ وبقيت شعوب المنطقة ما خلا التظاهرات والإحتجاجات.
الشيخ نعيم قاسم: الظروف السابقة مختلفة عن الظروف الحالية. نحن الآن في واقع مقاومة متّقدة حققت إنتصارات ومقاومة منتشرة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن هذا كله جوّ مقاوم من خلال الشعوب لم نكن نلحظه سابقاً، وبالتالي إذا أميركا اعتدت في أي موقع من المواقع، هي لها قواعد عسكرية، لها حضور موجود في المنطقة، هل تتوقّع أن تنظر لها الشعوب نظرة الراضٍ لما تقوم به أميركا؟ أعتقد أن ردود الفعل المقاومة ستكون واسعة بحسب سعة العدوان الأميركي وبحسب أماكن إنتشاره.
لينا زهرالدين: مثلاً السفارات غير معفية..؟
الشيخ نعيم قاسم: لا أعلم ما الذي ستقرره هذه الشعوب وما الذي سيحصل، لكن الذي نعلمه هو أن إعتداءات أميركا لا يمكن أن تمرّ من دون ردّ إذا حصل توسّع في هذه الإعتداءات، وأن الشعوب يقظة الى درجة أنها تملك المبادرة وتملك المقاومة.
لينا زهرالدين: كيف تثقون بذلك؟ كيف تقيسون مزاج الشعوب؟
الشيخ نعيم قاسم: نقيس مزاج الشعوب من خلال ما نراه. اليوم مثلاً حين حصل إعتداء على سوريا، من سنة ٢٠١١ وكان يُقدَّر لهذا العدوان الأميركي الدولي العربي أن يستمر لمدّة ثلاثة أشهر لإلغاء سوريا من الخارطة، ماذا كانت النتيجة؟ سبع سنوات من الصمود. نحن نستطيع أن نقول اليوم في سوريا إنكسرت أميركا في سوريا..
لينا زهرالدين: بسبب الدخل الروسي أيضاً، والتدخّل الإيراني..
الشيخ نعيم قاسم: التدخّل الروسي حصل في ٢٠١٥، التدخّل الإيراني وتدخل حزب الله حصل بعد سنة ونصف من بداية الأزمة، هذا صحيح لكن هذا كله في مصلحة الشعوب، هذا جزء من حركة الشعوب، لو لم يكن الشعب السوري يتحرّك، لو لم يكن الجيش العربي السوري يتحرّك، لو لم يكن الرئيس بشار يتحرّك لما كانت هناك إمكانية أن هذه القوى تساعد، إذاً الأساس هو الحركة الداخلية أي حركة القماومة في داخل البلد هذا الأساس، أمّا الباقون فهم دعم لحركات المقاومة، هذا أمر يتكرر وسيتكرر.
لينا زهرالدين: قيل أن بعد الأزمة الخليجية حصل هناك تواصل مباشر أو غير مباشر معكم في حزب الله وبالتأكيد مع الإيرانيين، هل حصل هذا؟ حصل تواصل من القيادة القطرية مع القيادة أو أي مستوى آخر في حزب الله؟
الشيخ نعيم قاسم: حصل إتّصالات بين مسؤولين في قطر ومسؤولين في حزب الله لمعالجة بعض القضايا وهي في إطار التواصل وليس أكثر.
لينا زهرالدين: ليس لإعادة العلاقات كما كانت عليه في السابق؟
الشيخ نعيم قاسم: ليس مطروحاً الآن هذا النقاش، من الطرفين لا أحد يشعر أن هناك حاجة لمناقشة هذا الملفّ بهذه الطريقة.
لينا زهرالدين: بما حصل تقارب مع إيران وتبادل سلع وفتح أجواء وغيره، ما الذي يمنع اليوم؟
الشيخ نعيم قاسم: بعد التواصل مع إيران لم يحصل شيء بالنسبة لقطر وحزب الله، ربّما بالعلاقة بين قطر وإيران يكون هناك إتّصالات وتقدّم هذا يعني إيران وقطر، لكن أنا أجيب عن سؤال نحن معنيون به كحزب الله، هناك صلة وصل بيننا وبين قطر لكن لا يوجد لا إتّفاقات ولا مشاريع مشتركة ولا نقاش عن العلاقة بين الطرفين.
لينا زهرالدين: قبل أن نختم هذ المحور وندخل الى الإنتخابات في لبنان، أيضاً ضمن ما جرى في القمة العربية دعم لفلسطين ولو أنه ربّما دعم إعلامي، ويوجد حدث ما زال مشتعل في الأراضي المحتلة عل يالحدود مع غزّة، هناك مَن يسأل إذا كنتم تنتقدون العرب والدول العربية على عدم دعمها اللازم والكافي لفلسطين أنتم ماذا فعلتم؟ اليوم هناك مسيرة عودة في ١٥ أيار يُفترَض أن تبلغ أوجها، حزب الله تحديداً هل سيفتح الحدود مثلاً؟ عملياً كيف يدعم الفلسطينيين ومسيرة العودة؟
الشيخ نعيم قاسم: آخر شيء يمكن السؤال عنه هل يدعم حزب الله الفلسطينيين أم لا.
لينا زهرالدين: لأن هناك إتّهام بالمتاجرة في قضية فلسطين سماحة الشيخ.
الشيخ نعيم قاسم: أنا أعتقد أن المتاجرة في قضية فلسطين تكون عندما يكون هناك فرض على الفلسطينيين بخطوات معيّنة تأخذهم باتّجاه الإستسلام ولا يكون هناك دعم حقيقي ليُقاوموا ويستعيدوا أرضهم وخصوصياتهم، كل المرحلة السابقة، حزب الله عمل مع الفلسطينيين على الدعم العسكري والمالي والتدريب والنصرة بكل الأشكال الممكنة والمُتاحة..
لينا زهرالدين: بلا كلمة النصرة لأنها ترمز الى جبهة النصرة.
الشيخ نعيم قاسم: لا، جبهة النصرة شيء آخر. عملياً نحن كنّا الى جانبهم بحسب ظروفهم الموضوعية وظروفنا الموضوعية وكلنا يقدّم هذا الأمر. عادةً عملية الدعم المقاوم لا تكون في الإستعراضات والمظاهر، وليس مجرّد أن تخطر في بال أحد ما فكرة يكون هذا هو الدعم وغيره ليس الدعم، ليس الدعم أن نفتح الحدود، ليس الدعم أن نخوض حرباً غير متكافئة، ليس الدعم أن نفكّر بإلطلاق صواريخ فقط لنسجّل أننا أطلقنا. الدعم هو أن نراكم القدرة التي تمكّن الفلسطينيين من أن يحققوا هدفهم في التحرير المستقبلي الذي يحتاج لوقت وتضحيات وإمكانات وعون، نحن جزء من هذه المسيرة الطويلة والتي تحتاج لوقت.
أمّا إنتقادنا على القمّة العربية وغيرها أن بعض الدعم المالي وإنشاء مركز أو مستوصف أو ما شابه ذلك ليس هذا ما يحتاجه الفلسطينيون، لو أنفق العرب ما أنفقته السعودية لترامب بجلسة واحدة حوالى ٥٠٠ مليار دولار على فلسطين لتحررت فلسطين لتحررت فلسطين منذ فترة من الزمن، ولو أنفقوا ما دفعوه ١٨٠ مليار دولار على الأزمة في سوريا وعلى المقاتلين الذين أحضروهم من مخالف أنحاء العالم لتخريب سوريا ب١٨٠ مليار فضلاً عن الخسائر التي تفوق ٣٠٠ مليار في داخل سوريا لكان بالإمكان تحرير فلسطين. هؤلاء لا يعملون شيء من أجل فلسطين بل السعودية متّجهة نحو التطبيع، متّجهة نحو المزيد من خنق القضية الفلسطينية، كل الناس يعلمون مَن يدعم ومَن يؤيّد، وعلى كل حال لاحظنا أن التظاهرات الأخيرة في فلسطين بعد العدوان على سوريا هي تظاهرات تأييد لسوريا المقاوِمة وإيران وحزب الله ويرفعون الشعارات هناك تعبيراً عن التعاون والخط الواحد الذي نعمل على أساسه.
لينا زهرالدين: وهل ما يجري في سوريا ويف المنطقة هدفه حرف الأنظام بشكل أو بآخر عن القضية الأساس في إطار التطبيع والتقارب المتزايد مع إسرائيل، تصفية القضية الفلسطينية أيضاً في ضوء ما يُحكى عن صفقة القرن؟
الشيخ نعيم قاسم: في رأينا كل ما جرى في سوريا من سنة ٢٠١١ كان عنوانه الأساسي الشرق الأوسط الجديد أي إلغاء سوريا المقاومة من الخارطة وإيجاد سوريا الإسرائيلية التي تساعد إسرائيل على رسم حدودها وإنهاء القضية الفلسطينية لكن لم ينجحوا من هذه البوابة. الآن لجؤوا الى خطوات أخرى منها إستدراج المواقف الخليجية لمصلحة الإعتراف بحقّ إسرائيل بالوجود وحقّ إسرائيل بإقامة الدولة وفي آنٍ معاً هم يعملون ليل نهار من أجل إثارة القلائل المختلفة في كل المنطقة حتى تنصرف الأنظار.
لينا زهرالدين: اعذرني سماحة الشيخ وهذا الإتهام أيضاً موجّه لإيران أنها تعمل على إثارة القلائق وعلى مد نفوذها وهيمنتها من خلال مَن تدعمهم من ضمنهم حزب الله، يوجد إتّهامات في اليمن، في الكويت، في البحرين، في سوريا وحتى في لبنان أن القرار اللبناني مُصادَر من قبَل حزب الله وغيره. هذه الإتّهامات موجودة عند الطرفين، لماذا نثبّتها عند طرف ونلغيها عند طرف آخر؟
الشيخ نعيم قاسم: لنسأل هذا الإتّهام هل هو صحيح أم لا، يعني اليوم في لبنان ما الذي فعله حزب الله في كل تاريخه منذأن بدأ حتى الآن؟ هو حرر الأرض اللبناية وأوجد حالة دفع معنوي لحركات المقاومة وشارك في قوّة حركات المقاومة، هل هذه مصلحة لبنانية أم لا؟ هل هي مصلحة لحزب الله أم لا؟ هنا ما الذي استفادته إيران على حساب حزب الله؟ هي استفادت أنها نفّذت قناعاتها لكن الذي استفاد بشكل أساسي هو حزب الله.
لينا زهرالدين: يُفترَض لبنان.
الشيخ نعيم قاسم: حزب الله ولبنان والدولة وكل كيان لبنان إذاً هذا ليس فائدة لإيران إنّما هو فائدة للبنان أولاً.
لينا زهرالدين: فائدة لمشروع إيران سماحة الشيخ.
الشيخ نعيم قاسم: ما هو مشروع إيران؟ إذا كان مشروع إيران هو مشروع لبنان أهلاً وسهلاً بمشروع إيران، نحن قلنا مراراً وتكراراً إذا أرادت السعودية أن تقدّم دعماً مالياً وإمكانات عسكرية من أجل تحرير فلسطين قدّمتها لفصائل المقاومة فأهلاً وسهلاً بالسعودية.
لينا زهرالدين: ولكن اليوم السعودية قدّم الدعم للبنان.
الشيخ نعيم قاسم: تقدّم دعم بمقدار يمكّنها من إبقاء السطرة على لبنان لتحقيق سياساتها، السعودية تفكّر في لبنان بسياساتها ولا تفكّر بمصلحة لبنان، هم احتجزوا الرئيس الحريري لأنه خالف توجّهاتهم السياسية. هم فرضوا نمط معيّن من العلاقة في لبنان حتى يقولون بأنهم يقررون عن لبنان ماذا يريدون، هم يستعملون لبنان كمنصّة، بينما إيران لا تستعمل لبنان كمنصّة تترك حزب الله هو يعمل ما يريد وهي تدعمه، إيران تدعم حركات المقاومة ولكن هذه الحركات موجودة من شعوبها ومناطقها وبالطبع ستكون إيران مسرورة عندما تنجح هذه الحركات.
لينا زهرالدين: ولكن أيضاً المنطق الآخر يقول أن حزب الله أخذ لبنان الى خيارات لا يوافق عليها كل اللبنانيين. النائب جنبلاط يقول مؤخّراً في معرض الكلام عن الإنتخابات طبعاً أن لبنان لا يحتمل محاور إن كان محور إيراني روسي أو سعودي أميركي أو غيره، ودخلنا الآن في الإنتخابات، هل تعتقد أن لبنان الصغير هذا يتحمّل بعد في ظلّ ما يعيشه من إهتراء إقتصادي وربّما وضع سياسي وأمني مربك في المنطقة؟
الشيخ نعيم قاسم: نحن لا نُدخل لبنان في محاور، نحن نحمي لبنان من خلال ما نقوم به، هذه وجهة نظرنا، وأنا أتحدى الآن إذا كان هناك مسؤول واحد لبناني يخرج ويقول لماذا حرر حزب الله جنوب لبنان من إسرائيل، ليظهر واحد ويقول، كلهم يقولون أنهم يقبلون هذ التحرير، يعن يأن حزب الله ما قام به كان جيّداً رغم أنه كان محلّ إنتقاد خلال كل فترة التحرير.
الآن نحن ذهبنا الى سوريا، قلنا مراراً متكراراً ذهبنا الى سوريا لنحمي المشروع ونحمي لبنان ونمنع الحريق عن لبنان وثبت بالتجربة أننا منعنا الحريق عن لبنان، وفي النهاية إضطرّ لبنان حتى بجيشه أن يقاتل التكفيريين في منطقة جرود عرسال لأنه لم يعد هناك خيار آخر غير القتال. تصوّري لو كنّا نحن ما قاتلنا قبل ذلك في سوريا ما كانت هناك جرود عرسال فقط، كانوا وصلوا الى جونيه وبيروت والى أماكن أخرى واخترب لبنان، نحن نعتبر أننا نحيّد لبنان عن أن تأتي أزمات المنطقة إليه من خلال هذا العمل، رؤيتنا السياسية غير رؤيتهم.
لينا زهرالدين: مَن فوّضكم في النهاية؟ هكذا يقول الآخر، يُفترَض يوجد مؤسسات أمنية، اليوم يوجد شعار مرفوع من قبَل حزب الله في المعركة الإنتخابية نحمي ونبني، مهمّتنا حماية لبنان اليوم؟
الشيخ نعيم قاسم: مهمّتنا حماية لبنان عندما لا يكون قادراً بأجهزته على أن يحمي نفسه، نحن مواطنون في لبنان ولا ننتظر أن نؤكَل وأن تنتهي مناطقنا على قاعدة أنه لا قدرة للبنان على حماية نفسه، لن نكرر أي تجربة حصلت في المنطقة وبالتالي قلنا مراراً وتكراراً عندما يكون الجيش اللبناني قادراً على الحماية الكاملة لن يرى أحد منّا في موقع قتالي، لكن عندما لا يكون قادراً وحده بسبب مجموعة ظروف ومعطيات فنحن الى جانبه في حماية لبنان وفي قتال لبنان، نحن مَن رفعنا معادلة الشعب والجيش والمقاومة، لم نقل يوماً أننا نريد أن نكون مقاومة بديلاً عن الجيش، ولم نقل يوماً أننا نريد أن نكون مقاومة بديلاً عن الدولة، لكن إذا لم يكن عندهم قادرة كافية ألا نكون أنصاراً لها حتى تتمكّن من الدفاع؟
لينا زهرالدين: مستعدون لأن تكونوا جزءاً من الجيش اللبناني بعد حين؟
الشيخ نعيم قاسم: نجن جزء من الدفاع عن لبنان، أما الصيغة كيف تكون في المستقبل.. لنسأل سؤال آخر، يستطيع الجيش اللبناني أن يتحمّل وجود المقاومة في داخله؟ ليس من مصلحة لبنان أن تكون المقاومة داخل الجيش اللبناني.
لينا زهرالدين: لأنها أكبر من الجيش؟
الشيخ نعيم قاسم: لا ليس لهذا، لأن تركيبة لبنان وظروف لبنان الدولية لا تسمح له أن يكون جيش يختزن هذه المقاومة كلها في عملية المواجهة، الأفضل للبنان هو ما حصل، بأن يكون الجيش له خصوصيته والمقاومة جاهزة لمساندته..
لينا زهرالدين: ونحيّي أرواح الشهداء، شهداء الجيش اللبناني الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان وحصلت هناك تضحيات كبيرة من قبَل الجيش اللبناي على الحدود الشرقية وفي أماكن أخرى.
الشيخ نعيم قاسم: أنا أؤكّد أمر مهم جداً، نحن ولا يوم كنّا نعتبر أن شهداءنا هم الذين أوصلوا البلد الى هذه النتيجة العظيمة، نعتبر أن شهداءنا، شهداء الجيش، شهداء الشعب، يوجد ناس مدنيين في قراهم، أطفال، نساء، كل هؤلاء الشهداء الذين قدّموا هم شركاء في الإنتصارات المختلفة سواء كانوا جزء من هذه المعركة أو المعركة الأخرى.
لينا زهرالدين: وهؤلاء تحديداً سماحة الشيء يطالبونكم بالكثير لقاء هذا الولاء التام للمقاومة والبذل الغالي والنفيس من أجل المقاومة والدفاع عن المقاومة. في برنامجكم نحمي ونبني كيف يمكن الجمع بين المقاومة هذا الخيار العسكري الكبير، والعمل السياسي والإنمائي والخدماتي؟ واسمح لي أن أكون صريحة معك، يوجد نقمة اليوم، يوجد تململ في الشارع في بيئة المقاومة وحزب الله حتى، المواطن يريد أن يدفع أقساط مدارس الأولاد، يريد أن يعلم أولاد ويطبّبهم وهذا غير متوفّر، في ذلك جزء كبير تتحمّلون مسؤوليّته في حزب الله تحديداً أليس كذلك؟
الشيخ نعيم قاسم: نحن رفعنا شعار نحمي ونبني لنقول بأننا معنيون بالمقاومة وببناء الدول ومصالح الناس، عملياً من خلال أداءنا كل السنوات الماضية كانت المجموعة التي لها علاقة بعمل المقاومة لها آلياتها التنظيمية وإدارتها، وهناك مجموعة أخرى تعمل من خلال الوزارة والنيابة والبلديات وخدمة الناس والمطالبة الميدانية لحقوق الناس. أنجزنا خلال الفترة الماضية الكثير فيما يتعلّق بمصالح الناس وخدماتهم، ونحن عندما أعلنّا الشعار مجدداً نحمي ونبني لنقول هذا الإتّجاه الذي كنّا عليه سنعززه أكثر وسنُعطيه فرصة أكبر وسنُظهّره أمام الناس لأنه لم نكن نُظهره، حتى أحسّ البعض أننا لم نقم بالأمور الكثيرة.
لينا زهرالدين: تقصير.
الشيخ نعيم قاسم: لكن أنا أريد أن ألفت النظر لأمر أساسي، الأمور البنيوية التي لها علاقة بالدولة لا نتحمّل مسؤوليّتها لوحدنا، كل النظام السياسي يتحمّل مسؤوليّته، اليوم مثلاً في منطقة بعلبك الهرمل لا يوجد فرص عمل، الدولة اللبناية وافقت مع المجتمع الدولي وأوقفت زراعة الحشيشة والمخدّرات تحت عنوان أن هذا ممنوع على المستوي الدولي، يُفترَض أن يكون هناك زراعات بديلة..
لينا زهرالدين: علماً أنه مسموح في كثير من الدول الأوروبية، قوننة الحشيشة.
الشيخ نعيم قاسم: يُفترَض أن يكون هناك زراعت بديلة ودعم، للأسف لا حصل زراعات بديلة ولا حصل دعم للمنطقة في الوقت الذي كان التعامل مع دول أخرى مختلف، هذا تقصير من الدولة.
إيجاد فرص العمل في بعلبك الهرمل وعكار وفي مناطق مختلفة هذا له علاقة بالخطة الإقتصادية الإجتماعية التي يجب أن تكون موجودة عند الدولة، لا يوجد خطة إقتصادية، لذلك نحن سنعمل على إنجاز هذا الأمر لتسهيل خدمة الناس.
لينا زهرالدين: حتى لا تُفهَم الأمور بشكل خاطئ، أنتم توافقون على الإستمرار بمسألة الحشيشة وزراعتها أو قوننتها مثلاً؟
الشيخ نعيم قاسم: إذا كان زراعة الحشيشة جزء من الأدوية التي تُتبنّى دولياً من أجل أخذها من لبنان للدواء هذا أمر قابل للنقاش، لكن في المطلق لا نستطيع أن نوافق في المطلق.
لينا زهرالدين: منطقة بعلبك الهرمل، هذه المنطقة فيها تناقضات، تعاني من حرمان كبير، وفي الوقت نفسه هي الخزان الرئيسي للمقاومة أي أنها تشكّل البيئة الحاضنة الأكبر ربّما للمقاومة في لبنان، لماذا وصلت الأمور الى هنا وحضرتكم كحزب الله على مدي أكثر من عشرين سنة في الندوة البرلمانية وفي الحكومات السابقة تُعتبَرون مقصّرين تجاه هذه البيئة أو تجاه هذه الفئة من الناس، في بعلبك الهرمل وفي غيرها.
الشيخ نعيم قاسم: أنا لا أوافق على هذا التوصيف بأننا مقصّرون، لأن في الواقع عملنا كل ما نستطيع لكن أقول سنستمر بالعمل، أعلنّا من فترة من الزمن كتيّب إعلامي يبيّن أن أُنفق حوالى ٩٠٠ مليون دولار على مشاريع مختلفة لها علاقة بالطرقات والكهرباء وبعض الخدمات الموجودة في المنطقة على مدى سبع سنوات من خلال الوزارات والبلديات ومساعي نوابنا، وهذا كان كلها له علاقة بالبنى التحتية، لكن غير ملحوض في الجهود الفردية للمسؤول والمسؤولين والناس الموجودين بشكل مختلف. لكن مشكلة بعلبك الهرمل هي مشكلة فرص العمل، وفرص العمل تحتاج الى مصانع ودعم الزراعة حتىيبقى الناس في أراضيهم، لكن الدولة لا تضع شيئاً لا للزراعة ولا للصناعة، ونحن نحاول دائماً أن نُثير هذه القضية ليعملوا ضمن خطة، إهتمام الدولة هو بالتجارة والخدمات وهذه تمسّ المدن ولا تمسّ بعلبك الهرمل ولا عكار ولا تؤدي الى نتيجة.
سنعمل خلال هذه الفترة على التركيز على موضوع الزراعة والصناعة وإيجاد فرص العمل والضبط الأمني من خلال أجهزة الدولة لأن كان هناك تراخٍ كبير بالضبط الأمني وهذا أيضاً ينفّر من بعض المصالح التي يمكن أن تنشأ في المنطقة.
لينا زهرالدين: كيف يثق المواطن اليوم سماحة الشيخ أن هذه الوُعود ستتحقق وأنها لن تُضاف الى سلّة الوعود السابقة من قبَلكم؟ حضرتك اليوم ضيفنا أتحدّث معكم في حزب الله عن جزء في هذه المسؤولية التي يُفترَض أن تتحمّلونها، لماذا تصدّق الناس هذا اليوم؟
الشيخ نعيم قاسم: دائماً كنّا نعد ونفي، ويعلم الناس بأننا بينهم، الإشاعات التي وُجدَت أخيراً والتحليل والكلام والمواقف التي حاولت تحميلنا كل المسؤولية لم تميّز بين مسؤولية الدولة ومسؤولية الحزب، نحن كحزب لنا قدرة معينة نعمل بحدود هذه القدرة لدينا ونسعى أقصى ما نستطيع ضمن الدولة لكن لسنا وحدان المسؤولين عن إنقاذ هذه المنطقة أو غيرها لأن هذا يتطلّب سياسات إقتصادية إجتماعية من قبَل الدولة في الحكومة ومجلس النواب. نحن سنعمل، أعتقد أن الناس تثق بنا ووضعنا برنامج إنتخابي لمدّة ٤ سنوات، الخطة التي سنعتمدها اليوم بأن هذا البرنامج الإنتخابي سنُقسّمه لأربعة مراحل، كل مرحلة سنضع المشاريع والقوانين والإقتراحات العملية ونقيّم كل سنة قبل أن ننتقل الى السنة التي بعدها وسنعرض للناس ما أنجزانه خلال هذه الفترة.
لينا زهرالدين: سيكون هذا مختلف عن السنوات السابقة.
الشيخ نعيم قاسم: سيكون مختلفاً في طريقة المتابعة وطريقة إظهار النتائج، لأن الناس من حقّها أن تعرف أين أخطأنا وأين أصبنا وما هي العوائق،..
لينا زهرالدين: وسوف تحاسبكم في نهاية المطاف.
الشيخ نعيم قاسم: نحن حاضرون للحساب حيث يجب.
لينا زهرالدين: لماذا إذاً بعلبك الهرمل تُعتبَر من الدوائر الأصعب، وفعلاً هي معركة كسر عظم كما يُشاع، وأن الثنائي حركة أمل وحزب الله يحرصان على عدم خسارة أي مقعد؟ علماً أن هناك كلام عن إختراق في مقعدين في تلك المنطقة، ولماذا قال السيد حسن أو قيل أنه ربّما يُضطر الى الذهاب بنفسه الى تلك المنطقة؟
الشيخ نعيم قاسم: خلال الفترة الماضية مع بدء الحملة الإنتخابية أثار المنافسون ضدّنا فكرة أنهم سيخترقون اللوائح، وفي الواقع هذا غير صحيح لأن القانون النسبي يعطي بالنسبة، إذا كان عندا تأييد في بعلبك الهركل في نسبة ٨٥٪ سنأخذ مقاعد بهذه النسبة، وإذا غيرنا عنده نسبة ١٠ أو ١٥٪ سيأخذ مقاعد بهذه النسبة أيضاً. إذاً من الآن أنا أقول أن يحصل الطرف المنافس على مقعد أو مقعدين في بعلبك الهرمل هذا أمر له علاقة بالقانون وليس بإختراق لوائحنا، هذا ليس إختراق لأننا ننظر الى النسبة الشعبية لدينا.
الأمر الثاني حصل إشاعات كثيرة بأن الناس لن تُقبل على الإنتخابات وأن هناك إنتقادات لحزب الله كان لا بدّ لسماحة الأمين العام حفظه الله أن ينزل الى قواعد الحزب ليبيّن لهم الحقائق وأن هناك حملة مركّزة مدعومة من بعض السفارات السفارات والأميركية من أجل إسقاط هيبة ومكانة ودور حزب الله في منطقة بعلبك الهرمل، جعلوا منها أم المعارك، اعتبروا أن نائب واحد يعادل ١٢٧ نائب، إذاً كان لا بدّ من استنهاض الهمّة ولذا سماحة أمين العام تحدّث بهذه اللغة، وعلى فكرة الناس مباشرةً استجابت وأصرّت أنه لا حاجة لأن ينزل سماحة أمين العام للناس وأن يتواجد هناك لأنهم في الواقع مؤمنين بهذا المشروع وحاضرين لأن يدعموه للنهاية.
لينا زهرالدين: ترشيح اللواء جميل السيد لماذا في بعلبك الهمل علماً أنه كان يُفترَض أن يترشّح في زحلة أليس كذلك؟
الشيخ نعيم قاسم: هذا مقعد كان مخصص لحزب البعث العربي الإشتراكي، كان للأستاذ عاصم قانصو وحصل تفاهم بأن يكون هذا المقعد لللواء جميل السيّد.
لينا زهرالدين: إنطلاقاً من ماذا؟ كل يوم يُتّهَم حزب الله أن تحالفاته تنطلق من مصالح وليس من مبادئ بدليل تحالفاته مثلاً مثلاً مع قدامى القوات اللبنانية.
الشيخ نعيم قاسم: علينا أن ننتبه أن هذا التحالف الذي حصل في بعلبك الهرمل هو تحالف عمره من ١٩٩٢ ونحن مستمرون، مثلاً في مقعد خصصناه للحزب القومي السوري الإجتماعي وهو الكاثوليكي، هم اختاروا ما يريدون، يوجد مقعد مخصص للحزب البعث السوري أيضاً هم اختاروا، يوجد مقعد للسنّة تركنا القوّة السنية التي تسطيع الإختيار وجاءت جمعية المشاريع واختارت ونحن وافقنا.
لينا زهرالدين: لكن فرضتم بعض المرشّحين الذين لا قاعدة شعبية عريضة لديهم واستُبعد مرشّحون وازنون، مثلاً كل يوم يُسأل في بعلبك الهرمل تحديداً عن النائب نوار الساحلي لماذا استُبعد من السباق الإنتخابي في مقابل شخص لا يوازيه من حيث القاعدة الشعبية والحيثية الإجتماعية وهو السيد إيهاب حمادة؟
الشيخ نعيم قاسم: نوار الساحلي ليس حليفاً، هو اختاره حزب الله ويمثّل حزب الله، إيهاب حمادة يمثّل حزب الله، نحن أجرينا عملية تبديل داخلية لأننا وجدنا مصلحة في ذلك، ليس له علاقة بالشعبية، لأن كل واحد منهم شعبيّته أولآً مستمَدّة من حزب الله قبل أن تكون لديه شعبية مُستقلّة، فالأمور الداخلية هذه لها علاقة بحساباتنا نحن وبإعطاء فرص لبعض الأشخاص وإيجاب بعض التغيير وبعض التعديل لأننا نعتد أن هذا يساعد أكثر ويؤدي الى نتائج جيّدة، مع تقديرنا وإحترامنا لجهد ونشاط وعمل الأستاذ نوار الذي كان عمل جيّد، نحن لم نستبدل لأن هناك واحد جيّد وواحد غير جيّد، إنّما لأننا وجدنا أنه من المناسب أن نقوم بذلك.
لينا زهرالدين: وربّما لأنه موعود بالوزارة أو هكذا يُقال.
الشيخ نعيم قاسم: أبداً، نحن لم نتعوّد أن نعد أحد لا في وزارة ولا في نيابة.
لينا زهرالدين: لأن البعض يسأل عن الوزير الثاني غير محمد فنيش مَن تراه يكون؟
الشيخ نعيم قاسم: ونحن أيضاً نسأل نفس السؤال، عندما يكون عندنا ناضج نحدده.
لينا زهرالدين: تحالفات هذه المرة يوجد تحالف كبير ومتين مع حركة أمل في كل الدوائر، بينما تتنوّع التحالفات في الدوائر الأخرى، ما المنطقة الأصعب بالنسبة لحزب الله وأي مشهد ستُنتجه هذه الإنتخابات؟ ما الذي سيتغيّر؟ هناك مَن يقول بأن ما بعد الإنتخابات هي المرحلة الأصعب وليس الآن؟ أي الدوائر الأصعب بالنسبة لكم اليوم؟
الشيخ نعيم قاسم: أنا أعتبر أن كل الدوائر بالنسبة لنا هي ميسّرة، نعم عندنا تحدّي حقيقي موجود في دائرة جبيل كسروان لأننا لأوّل مرّة ننزل بهذه الطريقة، يوجد تحدّي أوجدوه لنا في بعلبك الهرمل، باقي الدوائر تقريباً عادية لكن نحن هذه المرة حريصون أن نرفع نسبة التصويت حتى في الدوائر التي نرتاح بها لأن مراهنتنا هذه المرّة على الإستفتاء الشعبي أكثر من أن تكون على عدد النواب، أنا أفضّل أن يكون عندي مجموعة نواب يجمعون مئات الآلاف في لبنان من أن يصل عدد من النواب يجمعون مئة ألف فقط، هذا له علاقة بالتمثيل الحقيقي وبالردّ على الآخرين حتى ينظروا الى مستوى شعبيّتنا من خلال صناديق الإقتراع وليس من خلال إحتفالات يمكن أن تزيد أن تنقص.
يوجد سؤال كنتِ قد سألتِه عن قدامى القوات، أي جهة من الجهات السياسي في البلد تأخذ اتّجاه قريب من إتّجاهنا من الطبيعي أن نبني علاقة معنا ونتعاون معها، لا أحد يُحكَم عليه..
لينا زهرالدين: هي ضد القوات الحالية ولكن بنفس خطّكم؟
الشيخ نعيم قاسم: ليس لأنهم ضد القوات الحالية إنّما لأنهم يعلنون مواقف لها علاقة بتأييد المقاومة ومشروع المقاومة ومواجهة إسرائيل، أي جهة تعلن هذا المشروع نحن جاهزون للتعاون معها حتى لو كان لهم تاريخ مختلف لأنه في النهاية إذا بدّل المرء بالسياسة علينا أن نبدّل بالعلاقة.
لينا زهرالدين: ومن الأمور اللافتة أيضاً هذا الطلاق في بعض الدوائر كما سمّاه البعض مع التيار الوطني الحر، تتلاقون في دوائر وتختلفون في دوائر أخرى، هل هذا سيُفسد بالود قضية إن كان مع التيار بشكل عام أو مع الرئيس ميشال عون؟
الشيخ نعيم قاسم: من اليوم الأول نحن اتّفقنا كحزب الله وحركة أمل أن نتحالف في كل الدوائر من دون إستثناء ونفّذنا هذا الأمر لأنه كان واضحاً بالنسبة لنا أن هذا التحالف سياسياً وإنتخابياً مفيد لنا نحن الإثنين.
مع التيار الوطني الحر كان هناك نقاش، التيار كان يجد أن في بعض الأماكن يحتاج أن يزيد رصيده بالعدد ويعتبر أن زيادة رصيده تتطلّب نمط من التحالف يختلف عن النمط الذي اقتنعنا به في بعض الأماكن فقلنا لنعقد إتّفاق، نترك الفرصة لكل التحالفات الإنتخابية التي يراها كل طرف مناسباً ونتّفق حيث نرى ذلك مناسباً، والآن نحن متّفقون في دائرتين فقط، بعبدا وبيروت الثانية وباقي الدوائر كل واحد يعمل في دوائر مختلفة، اعتبرنا أن التحالف الإنتخابي لا تأثير له على التحالف السياسي وهذا أكّده سماحة الزمي العام حفظه الله والرئيس جبران باسيل والعماد ميشال عون رئيس الجمهورية مرارًا وتكراراً بالتواصل المباشر وبالإعلان الموجود.
تقولين لي أن هذا يسبب بخدشة عند القواعد هذا صحيح لكن حين تنتهي الإنتخابات كل ذلك يُعالج لأن في الإستراتيجيا نحن متّفقون وسنبقى معاً.
لينا زهرالدين: في ما يتعلّق أيضاً بالتيار الوطني الحر علاقتكم بالرئيس تخلف عن علاقتكم بمَن حول الرئيس وعلى رأسهم الوزير جبران باسيل، هل توافقونه في كل ما يُعلن من مواقف على الصعيد الوطني بالبلد؟
الشيخ نعيم قاسم: بالتأكيد الرقم واحد هو فخامة الرئيس.
لينا زهرالدين: نريد أن نعرف طبيعة العلاقة مع الوزير جبران باسيل.
الشيخ نعيم قاسم: أقول بطبيعة الحال فخامة الرئيس هو الرقم واحد وهو أول مَن رتّب الإتّفاق مع سماحة أمين العام حفظه الله، والرقم واحد عند الطرفين الحمد له مستوى التفاهم عالٍ جداً جداً ولا أحد يدخل بينهما.
بالنسبة لرئيس التيار الوطني الحر هو منسجم تماماً مع توجّهات فخامة الرئيس، ومنسجم في الإستراتيجيا معنا، نعم، لديه أحياناً بعض المواقف الجزئية التي لنا ملاحظة عليها ونُبديها.
لينا زهرالدين: لا، إنّها مواقف إستراتيجية كبيرة. التصريح الأخير فيما يتعلّق بإسرائيل مثلاً.
الشيخ نعيم قاسم: أنا لا أعتقد أنه يصرّح بموقف إستراتيجي، أعتقد أن له هدف يريد تحقيقه من خلال تصريحه، نحن نعتقد أن هذا التصريح خطأ لكن هذا لا يضرّ بالموقف الإستراتيجي العام في مواجهة إسرائيل.
لينا زهرالدين: أي هدف يمكن أن يكون؟
الشيخ نعيم قاسم: اسألوه هو.
لينا زهرالدين: هو قال أنه مجتزأ علماً أننا نحن في الميادين مَن أجرى المقابلة وعرضناها كاملةً.
الشيخ نعيم قاسم: حين يقول أنه مجتزأ يعني ذلك أنه يريد أن يخرج منه، أي لم يغيّر في الإستراتيجية.
لينا زهرالدين: في هذه الإنتخابات أيضاً مفصل هام وهو الكلام عن الدخول السعودي والأميركي والمال الإنتخابي وشراء الذمم وولاءات وغيره، يوجد أدلة أو معلومات عن ذلك؟
الشيخ نعيم قاسم: المعلومات متوفّرة عند كل وسائل الإعلام.
لينا زهرالدين: ليست عندنا نحن في الميادين.
الشيخ نعيم قاسم: لماذا السعودية والإمارات يجتمعون ويلتقون ويقومون ببعض التوجيهات وذهب السفير السعودي والإماراتي في بعلبك واجتمعوا في المسجد.
لينا زهرالدين: ما هدف هذه الزيارة برأيك؟
الشيخ نعيم قاسم: هدفها جزء من تقوية العصب لمصلحة الإلتفاف حول المستقبل ليقولوا أننا نرعى هذا التحالف وهذا الإتّجاه، في طلبهم من المستقبل فقط أن تواجهوا حزب الله، لا نريد منكم شيئاً آخر، وعلى كل حال كنّا نسمع تصريحات رئيس المستقبل الشيخ سعد الحريري الذي كان دائماً يوجّه برنامجه الإنتخابي على حزب الله، في الوقت الذي لا حاجة به الى كل هذا التوتر لأن حصّتنا سوف نأخذها وحصّتهم سوف يأخذونها.
لينا زهرالدين: المواجهة مطلوب أن يواجه حزب الله بأي شكل؟ ماذا تريد السعودية والإمارات اليوم إذا فعلاً سلّمنا بأن هناك تدخّل في الإنتخابات؟
الشيخ نعيم قاسم: يريدون ألا يكون كسب حزب الله كبيراً في الإنتخابات لا هو ولا حلفائه، لكن سيفاجؤون أننا سيكون لنا حصة وازنة كحزب الله وحلفائنا في الإنتخابات.
لينا زهرالدين: يُقال أن العدد الذي يدور في فلك حزب الله بين ٤٠ و٤٥ مقعد وإذا احتسبنا عدد التيار الوطني الحر أو النواب الذين ينضوون تحت لوائه يصبح العدد أكثر من ٧٠ أو ٧٥، ولو أنكم لستم مهتمين كما قلتم بمسألة العدد لكنها مهمة جداً.
الشيخ نعيم قاسم: أنا سأقول لكِ بصراحة، نحن لم نضع هدف، لا أن يكون لنا الثلث المعطّل ولا يكون عندنا أكثرية المجلس النيابي مع التيار الوطني الحر، نحن لم نضع ذلك هدفاً إنّما وضعنا هدف آخر، أن يُمثَّل حلفاؤنا من الأجواء المعارضة لبعض القوى السياسية الموجودة وهذا إن شاء الله سيتحقق، غداً حين يفوز الأستاذ أسامة سعد، عندما يفو عبدالرحيم مراد، وآخرين من هذه القوى المختلفة، نحن نعتبر أن نجاح مَن لهم حيثيات في أوساطهم هو لبّ هذا القانون.
لينا زهرالدين: هؤلاء نجاحهم مضموناً برأيك؟
الشيخ نعيم قاسم: إن شاء الله، قسم منهم على الأقلّ سيفوز من الحلفاء، نحن حين يكون عندنا نجاحات لعدد من الحلفاء ونجاح للناس الذين طرحناهم نكون قد وصلنا للمطلوب بصرف النظر عن العدد.
الآن يصبح العدد أكثر من ثلث وأكثر من النصف نقول أنها إضافة نقبلها ونرتاح لها.
لينا زهرالدين: لكن أكثر من ٧٠ مع التيار الوطني الحر.
الشيخ نعيم قاسم: لا أعلم العدد ولا يهمّني العدد.
لينا زهرالدين: في الحديث عن الحلفاء صماحة الشيخ لم تستطيعوا أن تُوفّقوا بين حلفائكم، مثلاً النائب طلال إرسلان والنائب السابق وئام وهاب وقلتم أيضاً أن ما بعد الإنتخابات سيجري ما يُشبه توافق أو تقارب أو إعادة نقاش في هذه المسألة.
الشيخ نعيم قاسم: نأسف أننا لم ننجح في التوفيق بين بعض الحلفاء كالنائب إرسلان والأستاذ وئام وهاب، وكذلك بين الأستاذ فيصل كرامة والأستاذ كمال الخير، لم نستطع التوفيق بينهم. لكن كلٌّ منهم كان لديه إعتقاد بأن الوضع الإنتخابي يضطرّه أن يقف هذا الموقف وهذا لا علاقة له بالموقف السياسي، لذلك بعد الإنتخابات كلهم سيبقون حلفائنا سواء فازوا أو لا، لأن الموقف بالنسبة لنا ليس مَن يكون نائباً ومَن لا يكون نائبًا، المهم صاحب الموقف السياسي وهؤلاء كلهم في الموقف نفسه.
لينا زهرالدين: وفي المحصّلة هذا يعني هيمنة بين مزدوجين لحزب الله ومَن يدعم حزب الله على الندوة البرلمانية.
الشيخ نعيم قاسم: والله لا أعلم كيف توصّلتِ لهذا الإستنتاج.
لينا زهرالدين: حضرتك تقول إذا ٧٠ أو ٧٥ تقريباً.
الشيخ نعيم قاسم: لم أقل ٧٠ أنتِ تقولين ذلك، أنا لم أقل عدد أولاً، وقلت يوجد عندنا حلفاء مختلفين، إذا مع الحلفاء المختلفين يكون هناك هيمنة، لا يكون هناك هيمنة على المجلس النيابي. نعم، نحن سيكون لنا حضور وازن ونحن نفتخر بالحضور الوازن الذي سيكون موجوداً في المجلس النيابي سواء منّا أو حلفائنا، ونحن نستثمر هذا الحضور لمصلحة المشروع السياسي الذي نؤمن به.
لينا زهرالدين: المشروع السياسي من ضمنه بناء الدولة، يوجد حزب متّفق مع حزب اليوم على مفهوم بناء الدولة اليوم؟ كلٌ يفهم بناء الدولة أو الوطن في مفهومه الخاص.
الشيخ نعيم قاسم: بناء الدولة يتبع للمؤسسات أي أن المؤسسات يجب أن تجتمع وأن تقرر بحسب آلياتها، أنا لا أستطيع أقوم ببناء للدولة في قانون لا يوافق عليه المجلس النيابي لكن نحن سنطرح رؤيتنا وسنرى كيف نسوّق للأفكار التي نؤمن بها وسنحاول أن يتوافق معنا الآخرون سواء من الحلفاء أو من الأخصام السياسيين.
لينا زهرالدين: هل تؤمنون بالمشروع المدني؟ اليوم يوجد أحزاب كحزب سبعة مثلاً ويوجد مستقلون أيضاً عن المجتمع المدني، تؤمنون بأن هذا الترشّح لبعض الشخصات سيؤمّن حراك ما أو مشهد تغيير ما في المشهد السياسي في لبنان؟
الشيخ نعيم قاسم: من حقّ حزب سبعة أو الأحزاب المدنية الأخرى أن تعرض برنامجها وتترشّح للإنتخابات النسابية وأن تأمل بالنجاح، هذا حقّ مشروع لكل طرف من الأطراف الموجودة على الساحة مهما بلغت حيثيّته، لكن هل سينجحون في الإنتخابات أم لا أنا لا أعلم، يجب أن ننتظر رأي الناس في صناديق الإقتراع، وعندما يعطي الناس آراءهم سنرى التجربة لاحقاً.
لينا زهرالدين: في ما يتعلّق وكان يجب أن يسأل هذا السؤال سابقاً، لجنة مكافحة الفساد التي أعلن عنها السيد حسن نصرالله قيل أنها تأخّرت كثيراً، لماذا الآن يعلن عن لجنة مكافحة فساد والبلد غارق في الفساد وفي الديون، حوالى ٨٠ مليار، ما هي الآلية لهذه اللجنة؟
الشيخ نعيم قاسم: الذي أعلنه سماحة أمين العام هو إعطاء جرعة إستثنائية وإضافية لمحاربة الفساد، أما الآلية وطريقة المتابعة فستُدرس وتُقرَر بالتفصيل إن شاء الله.
لينا زهرالدين: ألا تخشور أن تطال حلفاء لكم؟ الفساد تقريباً يطال الجميع في لبنان، لا يوجد أحد تقريباً لم يشارك في الفساد.
الشيخ نعيم قاسم: مَن يواجه الفساد لا يواجهه على أساس حلفاء وأخصام، يواجهه على أساس الفساد..
لينا زهرالدين: ولو أدّى الى إحراجكم بشكل أو بآخر؟ لأن في النهاية حضرتكم تقولون أن العيش المشترك والصفّ الواحد وتوحيد الكلمة هو الأساس، فيُمكن أن يتراجع الى المقعد الخلفي مسألة محاربة الفساد.
الشيخ نعيم قاسم: إن شاء الله سنتابع نحن محاربة الفساد بحسب الآليات المناسبة، الآن الآليات تساعد أم لا تساعد لا أعلم وهذا يتطلّب نقاش لاحق، لكن نحن لن ننظر الى مَن هو الفاسد، سننظر الى الفساد ونحارب الفساد بصرف النظر عن الشخص.
لينا زهرالدين: ونحن سنراقبكم سماحة الشيخ والشعب كله سيُراقب بإذن الله.
الشيخ نعيم قاسم: نحن حاضرون ونحن على المجهَر على كل حال.
لينا زهرالدين: ستسمّون السيّد سعد الحريري لرئاسة الحكومة؟ يوجد قرار بهذا؟
الشيخ نعيم قاسم: من المبكر الحديث عن الحكومة.
لينا زهرالدين: يوجد أكثر من خيار؟
الشيخ نعيم قاسم: أفضّل أن أناقش هذا الأمر بعد الإنتهاء من الإنتخابات النيابية.
لينا زهرالدين: أنتم مع قانون العفو العام؟
الشيخ نعيم قاسم: نحن نؤيّد قانون العفو العام بشروط موضوعية ونناقش هذا الأمر مع المعنيين حتى يصدر هذا القانون.
لينا زهرالدين: لماذا لم يتمّ قبل الإنتخابات؟
الشيخ نعيم قاسم: لأن النظرة إليه كانت مختلفة بين الأطراف فتعسّر ووجد الأغلب بأن إقراره قبل الإنتخابات النيابية سيوقعنا بمشاكل كثيرة لذلك تأخّر لما بعد الإنتخابات النيابية.
لينا زهرالدين: سؤال أخير، أيضاً أقتبس مما قاله السيّد نصرالله، مَن خطط لتدمير العراق وسوريا واليمن ما زال يخطط لحرب أهلية في لبنان. أنا لا أريد أن أنقل أي تشاؤم من أي نوع للمشاهدين، ولكن من أين تستمدون مثل هذه الرؤية؟ مَن يخطط اليوم لتدمير لبنان؟
الشيخ نعيم قاسم: عادةً عندما يُطلًب من جهة سياسية ومذهبية لها وجود في لبنان أن تتصدى لحزب الله وتصعّد من الخحطاب المذهبي وأن تحاول إثارة بعض القضايا التي لها علاقة بعربي فارسي، هذه كلها نوع من التعبئة التي يمكن أن تساعد على مشاكل وتعقيدات في الساحة، كذلك عندما يُحكى عمّا بعد الإنتخابات كيف يمكن أن تكون الحكومة ومَن يجب أن يكون فيها ومَن لا يكون فيها، هذه محاولات لإثارة فتنة، لكن أنا أطمئنك وأطمئن الناس لا يوجد فتنة مذهبية في لبنان ولن نسمح لها إن شاء الله تعالى وسيكون ما نؤمن به في الوحدة والوفاق وستُشكَّل المؤسات على هذه القاعدة وبغير هذه القاعدة لا يمكن أن ينطلق لبنان.