مقابلات

المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الشرق الاوسط 22/3/2007

المنادون بنزع سلاح حزب الله في لبنان «أطراف حالمة»

قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان الحوار الجاري بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري توصل الى تقدم في مسألتي المحكمة ذات الطابع الدولي والانتخابات النيابية المبكرة عبر الاتفاق على «مسارات». وأوضح انه تم الاتفاق على «مسار مقبول» بالنسبة لاقرار المحكمة مؤكدا انه لا مجال لـ«تهريب» المحكمة خارج هذا الاطار وان حزب الله سيكون ايجابيا الى اقصى الحدود في اخراج المحكمة في اسرع وقت ممكن. وتحدث عن ضمانات اعطيت لعدم تفريغ حكومة الوحدة الوطنية من محتواها او منعها من الاستمرار، وقال ان حزب الله لا يزال ينتظر نتيجة اللقاءات ولا يريد استباق النتيجة الا ان الجلسات لا يمكن ان تنعقد الى ما لا نهاية لان «للامر حدودا». واعتبر ان من ينادي اليوم بنزع سلاح حزب الله «اطراف حالمة». وهنا نص الحوار:

* هل تعتبرون في حزب الله ان لقاءات بري والحريري فرصة حقيقية للتسوية ام مجرد هدنة لتخفيف الاحتقان؟ ـ اردنا كحزب الله ان تكون هذه اللقاءات فرصة اضافية للحل ونحن لم نفكر لحظة من اللحظات ان تكون مجرد تقطيع وقت. وبالتالي كنا راغبين وهذا ما حصل ان تطرح النقاط الجوهرية مباشرة وهي ثلاث: الحكومة والمحكمة ذات الطابع الدولي والانتخابات النيابية المبكرة. فهمنا من اجواء اللقاءات ان المحكمة لم يعد فيها مشكلة لان الاجراء الطبيعي هو ان نناقش ثم تقر نقطة اولى على جدول اعمال الحكومة. اما قانون الانتخابات فمن الطبيعي ايضا ان يناقش في الحكومة ويحسم لننتهي من مشكلة القوانين التي تعد قبل كل انتخابات وتفصل على قياس افراد. اذن بقيت المسألة الجوهرية التي كانت هي الاساس منذ البداية وهي كيفية المشاركة. نحن نعتبر ان المشاركة يجب ان تكون جدية لا شكلية وهي لا تكون جدية الا بصيغة 19ـ11 (19 وزيرا للسلطة و11 للمعارضة) لنكون شركاء في القضايا المصيرية. لم نسمع من الفريق الاخر اي مبرر جوهري لرفض صيغة 11ـ19، كل ما سمعناه انهم يخشون من ان تتعطل الحكومة بالاستقالة وهم يعلمون تماما ان الضمانات اعطيت لعدم تفريغ الحكومة من محتواها او قدرتها على الاستمرار. اذا كان المطلوب تقديم ضمانات معينة من اجل ان تستمر الحكومة فنحن حاضرون لها سواء اعطيت مباشرة منا او كتبت خطيا او اعطيت امام جهة عربية او اسلامية او ما شابه.

* هل بالامكان اعطاء امثلة على هذه الضمانات؟

ـ هذا امر مرتبط بما سيطلبونه لكن لا نستطيع القبول ان يكون هناك وزراء لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة، لا ينسجم الامر مع الدستور، هذه هرطقة. اذا كانوا غير متمسكين، كما وضح الامر، بالعدد 19 (وزيرا) يعني انهم لا يريدون السيطرة على الثلثين في الحكومة، اذن لماذا لا يوافقون على رقم 11 (وزيرا) للطرف الاخر طالما انه يعطي الضمانات اللازمة لبقاء الحكومة واستمراريتها. لم نجد تفسيرا الا ان الضغوطات الاميركية تمنع الاتفاق.

* هل تقصد انكم مستعدون ايضا للموافقة على شكل اخر للحكومة اذا ما اخذت مطالبكم في الاعتبار؟

ـ اذا توصل الحوار الى شكل اخر يؤمن الثلث الضامن قد تتم الموافقة عليه. المسألة مرتبطة بالصيغة المطروحة ومدى ملاءمتها لتمثيل كافة القوى. الوزير الذي قالوا عنه الوزير الملك لن يصوت ولا يستقيل وهو تكملة عدد داخل مجلس الوزراء. هذا امر غير مقبول وغير منسجم مع الدستور. لم نخف عدم الرغبة في التواصل المباشر كحزب الله لاننا لا نريد اعطاء صورة غير واقعية للرأي العام وهي ان مثل هذا اللقاء مع حزب الله يفترض ان يجسد اتفاقات نهائية وبالتالي لا نحتاج الى جلسات مطولة طالما ان كل طرف يفهم الطرف الاخر. * ما الداعي لحديثكم عن اعلان نوايا حول القضايا الرئيسية في الحوار؟ ـ لقد خضنا في لبنان حوارا واسعا على مستوى كل القيادات ثم جلسات تشاور على مستوى ايضا كل القيادات واصبحت الامور واضحة للجميع بحيث اننا نفهم ما يريده الطرف الاخر والطرف الاخر يفهم ما نريده. استمرار انعقاد الجلسات بشكل طويل جدا لا يمكن ان يؤدي الغرض المطلوب منه بالتوصل الى حل طالما ان الامور اصبحت واضحة. لا بد من محطة اسمها اعلان النوايا وهي تعني الاعلان عن القواعد التي تم الاتفاق عليها لندخل بعد ذلك في التفاصيل. الفكرة جاءت كنتيجة طبيعية لرأي يقول تعالوا ندخل في تفصيل نقاش مواد المحكمة وبنودها ثم بعد ذلك ندخل الى نقاش مسألة الحكومة ونرى ماذا نفعل. قلنا طالما الاتفاق تم بالنسبة للمحكمة لماذا لا يكون هنالك اعلان اخر شبيه باعلان الموافقة على مبدأ المحكمة لإعلان الموافقة على مبدأ الحكومة ويؤجل النقاش بالتفاصيل الى ما بعد.

* هل ترجحون كفة التوصل الى تسوية ام انهيار المساعي وهل بالإمكان واقعيا التوصل الى نتيجة ايجابية قبل قمة الرياض؟ ـ لا اريد ان استبق نتيجة الحوار لكنني اعتقد اننا امام مرحلة ليس فيها لا عنوان تفاؤل ولا عنوان تشاؤم وانما فيها عنوان الحسم: هل سيتم اعلان النوايا على اساس القواعد ام لا؟

* تقولون انه تم التوصل الى اتفاق حول مسار المحكمة ولكن، هناك حديث عن تعقيدات اقليمية وخصوصا عربية تمنع تظهير ملامح التسوية؟ ـ المقصود بالوصول الى نتيجة في مسار المحكمة هو تحديد الخطوات العملية التي تؤدي الى اقرارها وفق قواعد الدستور اللبناني وهي ان تشكل لجنة من الطرفين تناقش نقاط المحكمة وتتفق على بنودها ثم تحال الى اول جلسة حكومة وحدة وطنية لتقر ثم تحول كمشروع قانون الى المجلس النيابي ثم تقر في اول جلسة للمجلس النيابي. اذن المسار اصبح واضحا: لا يمكن ان تهرب المحكمة الدولية بصيغتها الحالية لان فيها شبهات سياسية في كيفية التعاطي مع الوقائع والافراد ونحن نريد تنقيتها لمصلحة ان تكون جنائية تحاكم المجرم الحقيقي عبر مواد قانونية جنائية غير مسيسة. هذا الامر اصبح واضحا للجميع فمحكمة من دون هذه الالية لا يمكن اقرارها. * ما هي ملاحظات حزب الله على قانون المحكمة؟ ـ حزب الله عقد جلسات مكثفة جمعت قانونيين من اصحاب الخبرة ومطلعين على وثائق قانونية وسياسية داخل الحزب وخرج بملاحظات محددة دونها في تقرير وهي جاهزة لإطلاع الطرف الاخر عليها لكننا التزمنا عدم عرضها على وسائل الاعلام حتى لا تصبح مادة تجاذب اعلامي وسياسي. سننتظر تشكيل اللجنة للاعلان عن هذه المدونة لانها مجموعة من الملاحظات القانونية الاساسية التي تعيد للمحكمة دورها الجنائي وتخرج منها الاهداف السياسية. اعتقد اننا حين نجلس مع الطرف الاخر نستطيع ان نفسر الجوهر وهو رفض السياسي والقبول بالجنائي.

* هل حصلتم على موافقة من الطرف الاخر على المسار الذي تتحدثون عنه للمحكمة؟ ـ لم نسمع فكرة اخرى، الطرف الاخر يقول لنا: لنبدأ بالنقاش لنرى الى اين نصل ونحن نقول ان هذا الامر يتم بعد اعلان المبادئ والنوايا.

* ماذا عن مسألة الانتخابات النيابية المبكرة وقوى الاكثرية ترفضها؟

ـ هنالك اتفاق على حسم قانون الانتخاب في الحكومة وبعد ذلك ثمة آليات دستورية لإقرار الانتخابات النيابية المبكرة او الوصول الى نتيجة. الفكرة هي مناقشة قانون الانتخابات النيابية من اجل اقراره بأسرع وقت لكننا لم نصل بعد الى التفاصيل.

* اذن ما التقدم الفعلي الذي تم تحقيقه في جلسات الحوار هذه؟ ـ الذي تغير الان هو اننا امام سلة واحدة: حكومة ومحكمة وقانون انتخابات قد يؤدي الى انتخابات نيابية مبكرة. للمرة الاولى، تطرح الامور في نقاش مباشر وعناوين محددة بدل ان تبقى الامور فضفاضة كما اننا بدأنا نتحدث بمسارات.

* قال السفير السعودي في بيروت ان الرياض مستعدة لاستضافة اطراف الازمة اللبنانية بعد التوصل الى توافق بينهم. هل انتم مستعدون لتلبية الدعوة في حال وجهت اليكم؟

ـ هذه الدعوة مرتبطة بإنجاز التوافق وعندما ينجز لا مانع لدينا في حال وجهت دعوة من الرياض. رحبنا بكل المبادرات العربية والسعودية والسعودية ـ الايرانية ولم يسجل علينا اننا رفضنا مبادرة من هذه المبادرات انما كان الطرف الاخر يعيق هذه المبادرات ويلتف عليها.

* البعض يرى ان الاعتصام في وسط بيروت اساء لصورة حزب الله. كيف ترون صورة الحزب قبل وبعد الاعتصام؟ ـ وسط بيروت ليس لطائفة دون اخرى فهو وسط لبنان وعادة ما يتم التعبير في كل بلدان العالم من خلال الحضور في العاصمة. تعلمنا من قوى السلطة ان نعتصم في وسط بيروت لان اول خيمة نصبت كانت لقوى 14 شباط ولحقنا بهم الى هذا المكان وعبرنا لكن الفرق ان عددهم كان منسجما مع خيمة او اثنتين اما اعدادنا فتتطلب خيما اكثر.

* وهذا الامر ادى الى احتلال مساحات كبيرة من المجال العام في الوسط؟ ـ هذا اعتصام سياسي والاعتصام السياسي يكون عادة دافعا للسلطة لتفتش عن حل. نحن واجهنا سلطة لا شرعية لا تبالي بما يحصل في وسط بيروت ولا تبالي بالاعتصام ورئيس الحكومة اللاشرعية صرح مرارا انه لن يسمع ولن يرى ولن يرد. هذا يعني ان المأزق مرده عدم وجود مسؤولين يستطيعون تحمل المسؤولية. البلد اليوم في فراغ سياسي انعكس على كل الواقع ومنه واقع وجود الاعتصام في البلد. اما بالنسبة للتأثير على نظرة الآخرين لنا، نحن نعتبر ان ما يجمعنا مع الطائفة السنية اكثر بكثير من كل التشويش الذي يحصل في هذه المرحلة فالطائفة السنية هي طائفة المقاومة على المستوى التاريخي ولا زالت تحتضن هذا التوجه. فاذا حصل بعض الالتباسات بسبب التسعير المذهبي والتضليل، نحن نعتقد انه سرعان ما يزول في اقرب فرصة. هذه غيمة صيف.

* ولكن التوتر المذهبي بلغ ذروته مع الاعتصام. الا يشكل ذلك مؤشرا كافيا على وجود تبدل لدى الطائفة السنية في نظرتها الى حزب الله كحزب المقاومة بعد الاعتصام؟

ـ الفتنة المذهبية ليست وليدة الاعتصام بل وليدة التحريض الذي كان يحصل من بعض قوى السلطة ليل نهار. وهي من التصرفات الميليشياوية التي حاولت ان تستخدم السلاح والاعتداءات يومي 23 و25 كانون الثاني (يناير) في المناطق المختلفة او الجامعة العربية (حيث حصلت مصادمات مذهبية). نحن مقتنعون ان عناوين الفتنة السنية الشيعية في لبنان ليست عناوين محلية بل خارجية ومن بعض الاطراف المحلية المستفيدة من ايجاد مشاكل بيننا وليست بسبب الاعتصام. اعتقد ان الامور تحل بسهولة عندما نصل الى اتفاق سياسي والدليل ان التسعير المذهبي هبط بشكل كبير خلال هذه الايام واصبحت الظروف افضل لان لا السنة ولا الشيعة بقياداتهم السياسية راغبون في الفتنة.

* هل لا تزال فكرة العصيان المدني مطروحة؟ ـ الفكرة موجودة كخيار ولكن متى تكون وكيف تستخدم وما هي حدودها وضوابطها، فهذا امر ليس محل بحث في مرحلة تجري فيها اللقاءات والحوارات.

* الا تخشون من الانعكاسات الخطيرة لخطوة من هذا النوع؟

ـ لا اناقش الامر الان. عندما تجتمع قوى المعارضة وتتخذ قرارا ستكون هيأت نفسها لكل مستلزمات ما تقرره وتوضح للرأي العام ما هي النتائج المترتبة.

* لم تعد مسألة سلاح حزب الله مطروحة للحوار رغم ارتفاع اصوات تطالب بنزع هذا السلاح. كيف ترون مستقبل سلاح الحزب؟ ـ بعض الاصوات التي سمعناها في الفترة الاخيرة تتحدث عن سلاح حزب الله هي اطراف حالمة وتريد ان تنتهز الفرص. موضوع سلاح حزب الله ليس مطروحا للنقاش الان. لا القرار 1701 يحلظ الامر ولا خصوصية الوضع اللبناني امام المخاطر الاسرائيلية المتكررة. هذا كله يجعلنا في دائرة الاستعداد لاي خطر محتمل وبالتالي يجب ان نفكر كيف نعزز المقاومة لا ان نفكر في التخلي عن اسباب قوتنا التي هزمت اسرائيل.

* هل يعني ذلك ان حزب الله لن يتخلى يوما عن سلاحه؟ ـ ليس مطروحا نقاش السلاح الان. الوقت يصبح مناسبا للنقاش الداخلي بعدما تسوى الملفات العالقة في المشاركة والتعاون ورسم الاستراتيجية الدفاعية للبنان.

* ولكن لا اجماع على استمرار سلاح حزب الله في لبنان اليوم؟

ـ ليس كل شيء في لبنان محل اجماع ولكن هنالك قواعد متعارفا عليها يخضع لها الجميع. ثمة اجماع في لبنان على ان مسالة السلاح لا تعالج من خلال التجاذب الاعلامي والسياسي عبر المنابر بل وفق الية معينة تضع استراتيجية دفاعية بيد اللبنانيين. استطيع القول انه ما لم نصل الى مرحلة النقاش ومرحلة الوصول الى الاستراتيجة الدفاعية فان السلاح محل اجماع بانه لا يمكن تعريضه للمطالبة بنزعه واعطاء اسرائيل مكتسبات على حساب المقاومة. لا اقول ان الاجماع موجود على استمرار السلاح من دون نقاش لكنه موجود على ضرورة النقاش بموضوع السلاح لاحقا من ضمن الاستراتيجية الدفاعية.

* ثمة من يحذر من ان سلاح حزب الله قد يتحول الى ذريعة لاشعال حرب اهلية جديدة في لبنان؟ ـ ان اي فتنة داخلية او حرب اهلية داخلية لا بد ان تكون نتيجة قرار سياسي لا ردة فعل على امر محدد. كلنا يعلم ان سلاح المقاومة كان قبل التحرير وبعد التحرير وخلال الوجود السوري وبعده وعند بدء طاولة الحوار اقر الجميع باستمرار السلاح مع نقاش حول مستقبله. اذن لم تكن المشكلة في وجود سلاح المقاومة. نحن نعتبر ان الجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية هي الضامنة للحياة السياسية الداخلية للجميع وسلاح حزب الله لم يستخدم الا للمقاومة.التسلح اليوم عند قوى السلطة وليس عند غيرها. المشكلة في القرار السياسي عند قوى السلطة: هل اتخذت قرارها بالتسلح باتجاه الفتنة؟ من يكون لديه قرار سياسي باتجاه الفتنة لن تعوزه الذرائع.

* تتحدثون عن جزر امنية ولكن حزب الله يسيطر على مناطق بكاملها وبعض الاهالي قال لي في القرى الحدودية ان وجود الجيش اللبناني شكلي وقد تعرضت شخصيا للتفتيش من عنصرين من امن حزب الله في لباس مدني...

ـ الجيش هو المسيطر في الجنوب ولا توجد سلطة اخرى ولا نقبل ان يكون هناك سلطة اخرى. ولكن التفتيش اجراء طبيعي مع الصحافيين وخصوصا ان البعض منهم يحمل جنسية اسرائيلية الى جانب جنسيات اخرى ويقوم بتصوير القرى لحساب اسرائيل. هذا تدبير وقائي. حزب الله موجود في كل قرية من القرى ولكن ليس كجهة امنية بل كشعب القرى وشبابها. واذا اتخذ اجراءات داخل القرى فهذا يتم بالتنسيق مع الجهات المختصة وهو الجيش اللبناني المسؤول عن هذه المناطق.