مقابلات

المقابلة التي أجراها معه الصحافي الاسباني خافيير اسبينوس لصحيفة الموندو الاسبانية في 23/2/2007

- أمريكا دخلت إلى المنطقة بعقلية إعادة تركيبتها من جديد، وهو ما اصطلح عليه بالشرق الأوسط الجديد، وتعتبر أن التغيير يحصل بثلاث وسائل، الأولى التدخل العسكري المباشر وهذا ما حصل في أفغانستان والعراق والاعتداء على لبنان من قبل إسرائيل، الثانية التحريض المذهبي والعرقي بين الفئات الاثنية لتدخل على الخط لتستفيد من حالة الفوضى، والطريق الثالث أن تؤسس لحكومات موالية لها تمشي وفق سياستها وتؤدي إلى ربحها المباشر. فإذاً الخلاف المذهبي هو جزء من الخطة الأمريكية.

- أمريكا دخلت إلى المنطقة بعقلية إعادة تركيبتها من جديد، وهو ما اصطلح عليه بالشرق الأوسط الجديد، وتعتبر أن التغيير يحصل بثلاث وسائل، الأولى التدخل العسكري المباشر وهذا ما حصل في أفغانستان والعراق والاعتداء على لبنان من قبل إسرائيل، الثانية التحريض المذهبي والعرقي بين الفئات الاثنية لتدخل على الخط لتستفيد من حالة الفوضى، والطريق الثالث أن تؤسس لحكومات موالية لها تمشي وفق سياستها وتؤدي إلى ربحها المباشر. فإذاً الخلاف المذهبي هو جزء من الخطة الأمريكية.

- هل من الممكن أن ترجع الحرب الأهلية إلى لبنان خصوصاً بعد الكلام عن شراء الأسلحة؟

بحسب الظروف الآنية أنا استبعد الحرب الأهلية، ولكن إذا كان بعض الأطراف يعملون بإيحاءات خارجية يمكن في يوم من الأيام أن تجر البلد إلى الحرب.

- هل تعتبر أن على كل السياسيين أن يقومون بنوع من مراجعة الضمير؟

من المفيد أن يعيد الأنسان النظر بما يقوم به، ليرى إذا ما كان يسير في الطريق الصحيح أم لا، لكن هناك سياسيون في لبنان لا يصغون، ولن يسمعوا لمطالب الناس، هذه مشكلة تشابك المصالح.

- إذا كانت المشكلة في لبنان طائفية لماذا لا تشرعون بالمطالبة بإلغاء الطائفية السياسية وتصلون إلى مجلس نواب غير طائفي؟

نحن نتمنى إلغاء الطائفية السياسية ونطالب بهذا الأمر، وورد في اتفاق الطائف سنة 1989 أن أول مجلس نيابي ينتخب يشكل لجنة لمناقشة إلغاء الطئفية السياسية، حصلت هذه الانتخابات سنة 1992، لم تُشكل اللجنة، بصراحة القيادات المسيحية خائفة من إلغاء الطائفية السياسية وهي لا تقبل بتشكيل اللجنة بالأصل، وبالتالي القيادات الإسلامية لا تريد إحداث مشكلة نظراً لخصوصية لبنان، وهي سكتت عن الموضوع.

- ....؟

خلال التاريخ كان الشيعة مقموعين في البلدان التي هم فيها، وكانوا قلة ضعيفة، والبلد المركزي الذي هو إيران الذي فيه أعلى نسبة من الشيعة كان بإدارة الشاه الذي عمل وفق السياسة الأمريكية وأيضاً كان ضد العلماء والحوزات الدينية، عندما تغيرت بعض الظروف فسقط الشاه وجاء الإمام الخميني استعادت إيران خصوصيتها الشيعية، وكذلك في لبنان عندما واجهت المقاومة إسرائيل ونجحت وبرز الشيعة كقوة مهمة لمع نجمها وهي طائفة من الطوائف الكبرى في لبنان ، وفي الفترة الأخيرة عندما حصل الاعتداء الأمريكي على العراق انكشف وجود نسبة كبيرة من الشيعة في العراق كان وضعهم صعباً في السابق بصرف النظر عن موقفهم السياسي الآن، وشعرت دول الخليج أن الشيعة الموجودين فيها لا بدَّ أن يأخذوا شيئاً من حرية التعبير، لأن الظروف تغيرت فبرزت في البحرين والسعودية ، إذاً الأمور لها علاقة بتغير الظروف الإقليمية بشكل عام، وحصول أحداث برَّزت موقعية الشيعة، وهو نوع من اثبات الوجود وليس ضد أحد، فالوضع الطبيعي كان يفترض أن يكون واضحاً منذ البداية لأنه موجود، أنا أشبِّه الأمر بالنار التي كان يغطيها الرماد، ذهب الرماد فتبين أنه يوجد نار.

- هل تؤيدون إيران لتطويرها البرنامج النووي السلمي؟

من عجائب العالم التي أعتقد أنها أصبحت ثمانية والمعروف أن عجائب الدنيا سبعة، أن القانون الدولي لوكالة الطاقة يسمح لأي دولة تنضم إليه أن تخصب اليورانيوم وتستعمله للجهة السلمية إلاَّ إيران فهم يمنعونها في حقها من المعاهدة التي وقعتها ويقولون لها ممنوع أن تخصبي وممنوع أن تحصلي على النووي السلمي، إلاَّ بضوابط أخرى لا علاقة لها بالمعاهدة، تحت عنوان مخاوف الوصول إلى العسكري، وإيران تقول لهم ضعوا كل الضوابط والرقابة التي تمنع للوصول إلى العسكري، يقولون لها لا نواياكم خطيرة، إذاً يوجد اعتداء دولي على إيران، في رأينا من حق إيران أن تخصب وأن تكسب العلوم النووية، وحتى البرادعي يقول أنهم بعيدون جداً عن النووي العسكري وأنه لم يثبت أي شيء عسكري، لكن هم يريدون التضييق على إيران ومنعها من التقدم العلمي، فهذا اعتداء .

- هل تعتبر أن يكون هناك هجوم أمريكي أو إسرائيلي على إيران وما هي ردة فعل حزب الله في هذه الحال؟

إذا كانت الأجواء بالتوتير الذي تهيء له أمريكا وبحسب التقارير التي تصدر عن الإدارة الأمريكية والإجراءات الميدانية على الأرض فيبدو أن العدوان الأمريكي على إيران قد يكون راجحاً، لكن أستبعد أن تقوم إسرائيل هي بهذه المهمة أولاً لأنها غير قادرة، ثانياً ستشكل استفزازاً للمنطقة، وثالثاً ستعرض نفسها لمخاطر كبيرة، ومن يلاحظ تصريحات المسؤولين الإسرائيليين فهم يحرضون أمريكا للإعتداء على إيران ولا يريدون الدخول في هذا الأمر لعجزهم، أمَّا إذا حصل اعتداء على إيران فكيف سيكون وضع المنطقة وكم سيكون حجم الاعتداء وما هو مدى تأثيرهم، هذه أمور غامضة بالنسبة إلينا ولا أعرف ما الذي يمكن أن يحصل، قد يُفتح ثقب في هذا السد ولكن لا نعلم كم ستكون فتحته وما هو الماء الذي سيتدفق منه. الأمر خطير ومعقد ومتشعب.

- ما هو رد فعل حزب الله في هذه الحالة؟

أنا لا أعلم كيف سيكون الموقف كله، ولذلك ليس عندي جواب على هذا الأمر؟

- هل بلغنا إلى مكان تصادم الحضارات؟

نحن أمام مأزق أحادية قيادة العالم من خلال أمريكا، ولا زال فرصة أمل واحدة من خلال أوروبا، إذا بقيت ملحقاً بأمريكا فالتصادم حاصل وسيتوسع، وسيضر الجميع، أمَّا إذا اتخذت أوروبا موقفاً مختلفاً لوضع حد لهذه الغطرسة الأمريكية وانفتحت بحوار مع الشرق يمكن أن نمنع تصادم الحضارات.

- في كتابك تتحدث عن المقاومة، ويستشهد بجملة قلتها في الكتاب" أنه لا نقدر أن نمنع المقاومة من أن لا ترد بأعمال مماثلة" فهل نرد الخطأ بالخطأ، وهذا يقود إلى أمر فظيع؟

إسرائيل في موقع المعتدي تستخدم كل الأعمال البشعة، وتعتدي على المدنيين، فإذا بقينا نتفرج عليها ونتصرف بطريقة مثالية ستكون آمنة وتقضي علينا، لا بدَّ أن نوجعها ونحمل شعبها مسؤولية مقابل تعرض شعبنا للخطر، وعندما نحل المشكلة في الردع على العسكريين فقط لا نصل إلى المدنيين، في كل تاريخنا كنا نستهدف العسكريين، كل عمليات المقاومة كانت ضد العسكريين ولكن عندما كنا نتألم كثيراً بسبب الاعتداء على المدنيين عندنا ، فالناس تطالبنا وتحملنا مسؤولية، لا بدَّ أن نجعل الناس يصرخون عندهم ليضغطوا عليهم، هذه ردة فعل ليس لدينا بديل عنها.

- لكن على المستوى الأخلاقي فهذا لأمر يُحدث فوضى كبيرة ؟

نحن نعلم أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عسكري بكامله، والمستوطنات كلها مسلحة فالحديث عن المدنية في إسرائيل ليس دقيقاً، مع ذلك نحن نعتبر أننا نريد أن نحل مشكلة اعتدائهم علينا، من الناحية الأخلاقية نحاول أن نخفف الخسائر قدر الإمكان ونرسل الرسائل بحسب الضرورة وهذا أمر طبيعي.

- في كتابك تتحدث بأن الإسلام لا يؤدي إلى العنف والجرائم وغيرها بل إلى التسامح والإنسانية، ولكن الغرب حالياً يقوم بربط الإسلام بالاعتداءات الارهابية التي تتم، ويحمل المسؤولية لهذا المفهوم الجهادي بحد ذاته، هل هناك مشكلة بالصورة التي يتم إيصالها للغرب عبر وسائل الإعلام؟ أو برأيك أن العالم الإسلامي عليه أن يقوم بنقد لهذه الأعمال التي تحدث مثل الجزائر وإيران وغيرها؟

المشكلة ليست بسيطة أنا مضطر أن أحللها قليلاً:

* الإسلام هو إسلام التسامح والأخلاق والإنسانية والحوار مع الآخر وعدم الضغط على الآخر وفيه كل العناوين الإنسانية التي لا تقبل العنف ولا الاعتداء لا على الشخص ولا على الجماعة، لا في داخل الأسرة الضيقة ولا في البلد أو على البلدان الأخرى، هذه هي النظرية الإسلامية

* هناك الجهاد في الإسلام ، معنى الجهاد في الإسلام الدفاع ، كل الآيات القرآنية تتحدث عن دفاع، فعندما يُعتدى علينا نصد الاعتداء بدفاع، الآية القرآنية تقول:"أذن للذين يقاتَلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير"، يعني الآن أصبح مسموحاً لكم أن تردوا لأنهم قاتلوكم وظلموكم، إذاً لا يوجد اعتداء على الآخرين، للأسف، بعض العلماء والحركات الإسلامية فسَّروا الجهاد بطريقة مختلفة، فأصبح الجهاد بالنسبة إليهم عبارة عن قتل المدنيين والأطفال من المسلمين وغير المسلمين، حتى ولو أرادوا استهداف شخص عدو لا مانع عندهم أن يقتلوا عدداً كبيراً من الأقرباء والأصدقاء ، هذا تفسير خاطئ ونحن لا نوافق عليه، وأقول بصراحة العالم يستطيع أن يميز بين الحركات الإسلامية التي تقتل والحركات الإسلامية التي تقاوم، عندنا تجربتان للمقاومة في المنطقة حزب الله وحماس، وهؤلاء في الموقع الدفاعي، لم يستخدموا سيارات مفخخة ضد المدنيين، ولم يقوموا بالاعتداءات التي نسمعها في العراق أو في أفغانستان أو في أماكن أخرى، إذاً لا نستطيع أن نقول بأن الحركات الإسلامية بأنها واحدة، فهي مختلفة فيما بينها، بل أقول أكثر من هذا بعضهم يعتبر أننا نحن أعداء ، فهنا الغرب وأمريكا عندما يريدون سلطتهم وسيطرتهم يحاولون أن يشملوا كل المسلمين بالصورة السلبية وهذا ليس حقيقة، أنا أعذر عامة الناس من الجمهور الغربي والأمريكي لأنهم ليسوا مطلعين على هذا الخط، ونحن عاجزون أن نوصل صوتنا أمام وسائل الإعلام الأجنبية وما تفعله المخابرات، فإذاً المشكلة هي أن الغرب لا يعرفنا إلاَّ من خلال إدارته ومخابراته، وهذه موجَّهه، وإلاَّ كيف تفسر وجود حضور مسيحي مهم في المنطقة العربية والإسلامية ويعيشون معنا بشكل طبيعي، لو كان هناك تنقية ومواجهة مذهبية وطائفية لكانت المنطقة صافية، فإذاً المشكلة في طريقة تعاطي أمريكا والغرب معنا.

- لكن الحكومات الغربية عندما دخلت إلى العراق كان هناك تظاهرات كبيرة وانتقدوا حكوماتهم، لكنه لم ير ولو لمرة واحدة مظاهرة في المنطقة تقول بأنها ضد الجهاد أو نحن مع هذا المفهوم ضد المفهوم الذي تتكلم عنه؟

منطقتنا في وضع صعب، وعندنا من المشاكل ما يكفينا، بالكاد أن نستطيع أن نتظاهر أو نعترض على الحكام المدعومين من الغرب وأمريكا، وأغلب الحركات الإسلامية الحقيقية وحتى الحركات العلمانية الفاعلة أعضاؤها في السجون وهم لا يستطيعون التحرك ولا يرتاحون، فنحن لا نستطيع أن نُحدث مشكلة في داخلنا فنتظاهر ضد بعضنا ونزيد من صرف النظر إلى داخلنا، نحن نعبر بمواقفنا أننا ضد هذه الحركات التي تعتدي على المدنيين ونقول بأن رأينا مختلف عن رأيهم، ونقدر الحركات الموجودة في الغرب والتي تعترض على هذه السياسيات الخاطئة في أمريكا والغرب، هذه خطوة مضيئة وأنا أدعو إلى زيادتها، لكن قدِّروا أن منطقتنا بوضع صعب وأن أغلب حكوماتنا هم موظفون عند الإدارة الأمريكية.

- ...؟

مؤسسة جهاد البناء أعلنتها أمريكا أنها على لائحة الإرهاب، حتى البناء ممنوع، كيف ستتصور أن يكون وضعنا! أمام هذا النوع من المواجهات.

- كيف تفسرون أن الإسلام يقدر أن يدخل إلى الحياة بعد 1400 سنة، وهل يقدر أن يتماشى مع الأوضاع الحالية؟

من السهل أن أفسر لك هذا الأمر عندما أعطيك تجربة إيران، إيران حملت الإسلام واستفادت منه في قوانينها ونظامها، وها هي تواكب العصر، توجد ميزة في الإسلام يحاول الكثيرون من المثقفين إغفالها على المستوى الغربي أنه في كثير من الحالات يضع قواعد للتشريعات، لكن يترك التفاصيل لتطورات الزمان، على سبيل المثال يقول أن الحكم يجب أن يسترشد بالشريعة الإسلامية لكن كيف يكون نظام الحكم؟ جمهوري! انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب! أو انتخاب من خلال مجلس النواب! أو يكون ثلاثة مجالس أو أربعة! هذه كلها يستطيع أن يختارها المسلم من دون أن يكون مقيداً بشكل معين، هذا ما نقوله بأنها شريعة مرنة، صالحة لمواكبة العصر.

- سماحتكم تعتبر أن كل الحكومات معينة من قبل الإدارة الأمريكية في هذا الإطار تضع الانتقادات التي بدت خلال الحرب، أن بعض الحكام والمسؤولين العرب ضد حزب الله في الحرب الأخيرة في تموز 2006؟

كان هؤلاء المسؤولون ينفذون الخطة الأمريكية، وكانت وظيفتهم أن يعطوا شرعية لهذا الاعتداء، فمن الطبيعي أن نسمع مثل هذه التصريحات، على كل حال بعضهم سحبها والبعض الآخر سكت بعد فترة ، كل ذلك بسبب الصمود الذي أثبته الشعب اللبناني.

- هناك نوعان من الجهاد، فالنبي محمد يتكلم عن جهاد كبير وصغير، هل تثبت سماحة الشيخ أن العالم الإسلامي منقاد أكثر نحو الجهاد الصغير ، والجهاد الكبير لا أهمية له ومترك جانباً في الوقت الحاضر؟

عندما عادت مجموعة من المسلمين من أحدى المعارك قال لهم رسول الله(ص):" مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ، فعندما سألوا ما هو الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس"، من هذه التسمية نفهم أن الجهاد الأكبر هو الذي يشمل حياة الإنسان بأكملها، والجهاد الأصغر هو جزء من حياته، أي هو تطبيق عملي لنتيجة الجهاد الأكبر، نحن نعتبر أنه إذا لم يصلح الجهاد الأكبر لا يصلح الجهاد الأصغر ، ولذا لا أوافق أن البعض دخل في الجهاد الأصغر وترك الجهاد الأكبر، بل أقول أن الجهاد الأصغر إذا لم يكن صحيحاً ومنسجماً مع توجهات الإسلام في الجهاد الأكبر فهو أمر آخر، حتى ولو سماه أصحابه جهاداً، يوجد تكامل بين الجهادين، ولا يوجد فصل، والجهاد الأكبر هو تربية النفس الإنسانية لتعتقد اعتقاداً صحيحاً وتتمثل بتعاليم الدين وأخلاقه وتعمل بطريقة إنسانية، إذا رأيتم من لا تتوفر فيه هذه الصفات فهو ليس في الجهاد الأصغر ولا الأكبر، هذا هو فهمنا.

- لكن نقول بأن العالم العربي كان مصدر الحضارات ، فما هو تفسيركم للتقهقر التي يعيشه العالم العربي( وهناك تقارير أصدرتها الولايات المتحدة تدل على ذلك)؟

التقهقر له سببان: السبب الأول هو أن المسلمين التهوا بالسلطة وانصرفوا إلى مصالحهم الخاصة فلم يعودوا يهتمون بشؤون البلاد بطريقة صحيحة، ولم يلتزموا بمبادئ الدين الصحيحة، بدأوا يتراجعون، في هذا الوقت كانت هناك نهضة موجودة في الغرب. السبب الثاني: أن الغرب عندما نهض بدأ استعمار العالم العربي والإسلامي، قسمه، أوجد فيه الفتن، استغل خيراته، فمنع مقومات التقدم فيه.

فإذاً نحن واجهنا مشكلتين: واحدة داخلية نتحمل مسؤوليتها، وواحدة خارجية بسبب الاستعمار، وكما تعلم عندما يسقط الإنسان في البئر يصبح الصعود صعباً خاصة إذا كان الممسك بالحبل من فوق يهزه حتى يسقطه، نحن والغرب اليوم بين الساقط بالبئر والممسك بالحبل.

- هل توافق مشروع طرحه رئيس الوزراء الاسباني حول حوار الحضارات مع الإسلام والمسيحيين؟

نحن نوافق على كل حوار للحضارات ، وأنا ذكرت في كتابي وأعتقد أن الغرب غير جدي في مسألة الحوار، لأنه إذا كان جدياً يجب أن يخوض الحوار من دون عقلية السيطرة، يعني ليس حواراً لتأتوا إلينا بل حوار من أجل أن نصل إلى نتيجة ، قد نأتي في بعض المحلات وهم يأتون في محلات أخرى.

- كيف تقيم ما جرى في يوم اعدام صدام حسين؟

أنا أعتبر أنه أصبح يوماً من التاريخ ، ولا أرغب إعادة نبشه.

- هل السيد محمد باقر الصدر استاذ في النجف أم لا، لماذا برأيك رجال الدين يدخلون عالم السياسة؟

أنا لم أدرس عند السيد محمد باقر الصدر ولم أذهب إلى النجف، ولكن قرأت كتبه ودرستها بشكل جيد واعتبر نفسي متأثراً بفكره وعقله، أمَّا دعوة السيد السيستاني إلى عدم التقاتل ودعوة المراجع إلى عدم إحداث مشاكل مذهبية فهذا منسجم مع التوجيه الديني الحقيقي، وتدخل العلماء في المسألة السياسية هو في الواقع جزء من الدين، وليس عندنا فصل بين دين ومجتمع هذا موجود في المسيحية، المسيحية تعتبر أن رجال الدين هم المختصون بالكنيسة، والرجال الزمنيين لهم علاقة بإدارة الحياة، ولا دخل لرجل الدين في إدارة الحياة، بينما في الإسلام الدين عندنا هو الحياة ، ويوجد تشريعات في الإسلام تتحدث عن تنظيم الدولة والوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وبالتالي عندما يدَّرس العالم هذه الدروس هو يدّرس منهج الحياة، ومن الطبيعي أن يكون جزءاً من متابعة الحياة لذا سيتصدى سياسياً. هذا ما كان عليه رسول الله(ص)، الذي كان رئيس الدولة في المدينة المنورة وفي آنٍ معاً هو النبي الذي يوجّه على المستوى الديني، وهذا ما جعل مثلاً الإمام الخميني(قده) أن يكون زعيم الدولة والموجه الديني، ففي الإسلام لا يوجد فصل.