مقابلات

الحديث الذي أجرته معه صحيفة الأخبار في 17/1/2007

التصعيد لفتح أفق لا للحسم

قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لـ"الأخبار": مطلع الاسبوع المقبل سيكون هناك تحرك تصعيدي للمعارضة اكبر مما مرَّ في الاسبوع الماضي، أما الشكل والتفاصيل فسيتم الاتفاق عليهما بين أركان المعارضة. وإن المعارضة تؤكد أنها مستمرة في نهجها برفض تفرد السلطة المستأثرة والتي تأخذ البلد الى حال من الانهيار على كل المستويات وفي مقدمها المستوى الاقتصادي على رغم الشكل الظاهري بأنها تسعى عبر مؤتمر باريس ـ3 الى إيجاد حلول للشأن الاقتصادي. وقد أعلنا سابقاً أن هذا المؤتمر ما هو إلا خطوة جديدة من خطوات الدعم الدولي المنقطع النظير لتثبيت حكومة السنيورة اللاشرعية، وهذا لن ينفعها لأن الدول الكبرى لن تمتنع عن استقباله ولكنها لا تستطيع أن تفرض على لبنان التزامات سياسية أو اقتصادية لأن هذا الامر لا بد أن يمر وفق القنوات الدستورية والشعبية التي تقرر مصلحة لبنان. ومن هنا لا فائدة لقرارات كبيرة مهما كانت على المستوى الخارجي لأن قرارات لبنان هي قرارات داخلية ويجب ان تنبع من شعب لبنان، وإن الاملاءات الخارجية مهما كانت ضاغطة تبقى مجرد ضغط سياسي مؤقت".

"ألفاظ المبادرة العربية"

وسئل ألا تزال هناك فرص للمبادرة العربية؟ فأجاب: "المبادرة العربية قبلنا بها منذ اللحظة الاولى وتشاورنا في ما بيننا كمعارضة ووافقنا على ما جاء به السيد عمرو موسى في زيارته الاولى لبيروت، لكننا فوجئنا في الزيارة الثانية بأن كل شيء قد تغير لأن الفريق الحاكم والمتسلط انسحب من الالتزامات التي كانت قائمة، وعليه فإن هذا الفريق هو الذي أحبط المبادرة العربية، ونحن نلاحظ الآن أنهم يتحدثون كثيراً عنها وهم يقصدون إعطاء الكلام المعسول عن مبادرة أفرغوها من محتواها ولكنهم يخشون أن يتهموا بإحباطها ولذلك فإنهم يعلنون ليل نهار أنهم يؤيدونها فيما هم في الواقع يؤيدون ألفاظ المبادرة العربية كعنوان لأنهم لا يقبلون بتفاصيلها. وعليه لا توجد عملياً مبادرة فعالة مقبولة من الطرفين. نحن المعارضة قبلناها لكن الفريق الحاكم لم يقبلها، وما كلامهم اليوم وأمس عن موافقتهم وإشادتهم بالمبادرة العربية إلا محاولة للتغني بها لتمرير عبورهم الى باريس ـ3 وتضليل الرأي العام بأنهم يقبلونها فيما موقفهم الحقيقي هو أنهم يرفضون التوازي ما بين حكومة الوحدة الوطنية والمحكمة، ويركزون دائماً على خيارات نعتقد أنها تذهب بلبنان الى المخاطر".

لا مسعى سعودياً

وسئل الشيخ قاسم هل هناك مسعى سعودي لحل الأزمة بمعزل عن المبادرة العربية، فأجاب: منذ زيارة وفد حزب الله للسعودية فهمنا أنها لا ترغب في أن تكون لها مبادرة مستقلة وإنما ترغب في أن تكون هناك بعض المساعي والمبادرات القائمة وأبرزها المبادرة العربية، وبالتالي فإن ما يحكى عن مبادرة سعودية في بعض الاوساط ليس صحيحاً، ولو كان للسعودية مبادرة لأعلمتنا، وهذا أمر إيجابي ونحن نرحب بأي مبادرة إذا كانت تحمل قابلية التسوية المناسبة التي تعطي حقوق الاطراف، ونحن لم نطلب يوماً إلاّ الشراكة الحقيقية من خلال مسألتين أساسيتين: الأولى حكومة الوحدة الوطنية، والثانية الانتخابات المبكرة التي تنهي الجدل حول حقيقة التمثيل النيابي الذي جاء نتيجة اتفاقات سياسية لم تعد قائمة، وبالتالي لم يعد هذا المجلس النيابي الحالي معبّراً عن التمثيل الشعبي الحقيقي، فلتكن هناك ترجمة حقيقية من خلال ما طرحته المعارضة لمعالجة فعالة للوضع. إذاً اليوم كما هو واضح هناك عنوان واحد للمعالجة اسمه المبادرة العربية، لكنه يُفرَّغ من محتواه تماماً بسبب موقف الفريق الحاكم. ولذا يمكن القول إن الاوضاع هي في دائرة المراوحة في انتظار تطورات وتحرك يمكن أن يقنع طرف السلطة بأن هذا الدعم الخارجي قد يؤدي الى وصاية اميركية كاملة وربط لبنان بالشرق الأوسط الجديد لن يحل أزمته، فما يعصف بالمنطقة من العراق الى فلسطين لا يمكن حله بسهولة فهذه الامور معقدة جداً، وعندما يربط الفريق الحاكم مصير لبنان بتركيبة الشرق الاوسط الجديد والإدارة المباشرة لرايس فهذا امر يؤدي الى الخراب، وقد سمع اللبنانيون أمس كيف دخلت رايس الى التفاصيل اللبنانية وكيف هدّدت باتخاذ إجراءات ضد لبنان إذا اتخذ رئيس الجمهورية إجراءً له علاقة بحكومة الرئيس السنيورة، وهذا تفصيل جزئي في الشأن اللبناني، وكلام رايس هو برسم الفريق الحاكم ويدل على أنهم للأسف لا يملكون زمام المبادرة وإنما ينتظرون التوجيهات الخارجية".

لا حسم الآن..

وسئل قاسم أيضاً: هل التصعيد الذي ستلجأ إليه المعارضة سيكون للحسم ضد فريق السلطة أم لدفع هذا الفريق الى القبول بتسوية متوازنة وعادلة؟ فأجاب: "موضوع الحسم ليس مسألة مربوطة بشكل من أشكال التحرك، فوجود التعقيدات الطائفية والتدخلات الخارجية يجعل من أي تحرك عملاً من اجل فتح أفق لحل أو لمخرج. لا شيء في المرحلة الحالية اسمه حسم جازم بناءً على تحرك معين لأن المسألة ليست داخلية، ولو كانت كذلك فقط بين الاطراف في لبنان لكان الطوفان البشري في 10 كانون الأول الماضي كافياً لإسقاط أي حاكم أو إقناعه بضرورة المشاركة الشاملة لمصلحة القرار الشعبي. أما عندما تبني الحكومة اللاشرعية موقفها على الدعم الخارجي فهذا يعني أن التحركات السلمية الشعبية تطلق صفارة إلانذار ولكنها لا تصل الى الحسم، ولكن مع الوقت تتراكم الامور لتعطي الإشارات الواضحة والكافية للعالم بأن الامور لا يمكن أن تستمر. وعلى كل حال فإن الفريق الحاكم يضيّع الوقت ويطيل المأزق لأن المحسوم لدى المعارضة أنه لا يمكن ان يستمر لأنه سيأخذ البلد الى الخراب، فيما نحن نريد أن نصهره بشراكة فعلية وسنصبر حتى نصل الى هذا الهدف".