بخصوص الاتفاق مع العماد ميشال عون :
لا شك أن التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر شكّل منعطفاً مهماً في الواقع السياسي اللبناني ، ولا يمكن النظر إلى هذا التفاهم بشكل عادي أو عابر أو بسيط ، إنما هو يؤسس لمنهجية عمل ويُبرز في الساحة اللبنانية لنمط من التفاهم يحمل القابلية لتعاون الأفرقاء الفاعلين على الساحة وفق رؤية واضحة ، وهو تفاهم عبّر بشكل مباشر عن امكانيات كبيرة للتقارب في وجهات النظر ، بعد أن كان هناك بون شاسع في مستوى الخلافات حول بعض القضايا ، ما يعني أننا إذا أخضعنا كل شيء للحوار المباشر يمكن أن نصل إلى النتيجة الايجابية المرجوّة ، على الأقل بخطوات ضمن دائرة التفاهم ، على هذا الأساس نعتبر أن هذا التفاهم محطة أساسية في تاريخ لبنان الحديث ، ليست المسألة عادية ، ومعلوم أن هذا التفاهم لم يكن وليد أيام وإنما كان نتيجة نقاش استمر حوالي ثلاثة أشهر ، وعقدت اللجنة المكلفة من الطرفين جلسات طويلة ، وناقشت كل موضوع من الموضوعات بإسهاب وتفصيل ، وعادت إلى القيادة لكل من الطرفين لتأخذ الموافقة والتوجيهات ، إلى أن كان هذا اللقاء القمة الذي أعلنت فيه ورقة التفاهم .
حرص سماحة الأمين العام ورئيس التيار الوطني الحر في اللقاء على ابعاد أي عنوان من عناوين الاصطفاف الداخلي ، بمعنى أننا لسنا أمام تجمّع جديد أو جبهة جديدة ، وليس هناك دعوة للآخرين أن يقبلوا ويلتحقوا أو يرفضوا فيصطفوا ، إنما هناك دعوة صريحة لقراءة ما حصل للاستفادة منه في أن تتفاهم الناس بطريقة أو بأخرى ، يمكن أن تتفاهم مجموعات على رؤية معينة مستفيدة من الطريقة التي اعتمدت ، ويمكن أن تكون هناك لقاءات ثنائية بيننا وبين آخرين ، بين التيار الوطني وبين آخرين ، أو بين الأطراف الأخرى . في الحقيقة نحن نعتبر أن هذا الاعلان ليس اعلاناً اصطفافياً ، ولم ندعُ إلى جبهة على هذا الأساس، وإنما هو رغبة أكيدة عند الطرفين في الوصول إلى تفاهم سياسي مدعَّم بنقاط كانت محلّ نقاش وبعضها لم يكن محلّ نقاش بل كان محلّ تفاهم عادي وطبيعي . من الطبيعي أن يُحصّن كل طرف موقفه بتأييد طرف فاعل ، وهذا أمر ليس منكراً على الصعيد السياسي ، لماذا تعقد القوى تحالفات أو تفاهمات أو اتفاقات ؟ من أجل أن تُدعّم مواقفها في جوانب وتُدعّم مواقف الآخر في جوانب آخرى ، فهذا الأمر ليس تهمة ، فعندما تكون المنطلقات هي أهداف كبرى ، من الطبيعي أن تُنتِج هذه الأهداف الكبرى عدداً من المصالح الآنية والمستقبلية المشروعة والطبيعية . على هذا الاساس أعتبر أن ما حصل أمرٌ جيد ، سيكون هناك أفرقاء مسرورين ، والحالة الشعبية ستكون في قمة الفرح ، لأن ما يمثّله كلا التيارين ليس سهلاً ، كذلك هناك قوى شعبية لقوى سياسية ستكون مسرورة ومطالبة لمسؤوليها أن يسلكوا مثل هذا الطريق ، وفي المقابل سيكون هناك قوى منزعجة من هذا الأمر ، إما لأنها لم تكن شريكة أو لأنها لا ترغب في أن يحصل مثل هذا التفاهم ، لأنه يحرجها أو لأن الأهداف مختلفة ، لكن هذا كله لا ينفع ، التفاهم حصل وشقَّ طريقه وهو مستمر ، وله انعكاساته الايجابية على الساحة اللبنانية وعلى قواها شاء البعض أم أبى .
وعن اختلاف هذا التحالف عن التحالف الرباعي أجاب سماحته :
حزب الله معروف بمصداقيته وصراحته مع شعبه ، وحاولنا عندما بدأ الاستاذ جنبلاط يطلق أوراق النعي بالنسبة للتحالف الرباعي ، أن نتعامل مع التحالف الرباعي أنه في حالة الموت السريري على قاعدة الأمل بأن يحيا مجدداً ، وعندما وجدنا أن الاصرار مستمر ، عندها أعلنّا وفاة التحالف الرباعي على قاعدة أن الأمر مبني على تفاهم الأطراف ولا يمكن أن يكون هناك تحالف بالقوة . هنا ، سقوط التحالف الرباعي ، يعني عدم وجود استمرارية لهذه الأطراف الاربعة مع بعضها بعضا ضمن ما تمّ الاتفاق عليه ، لكن هذا لم يُسقط أبداً التحالف القوي والمتين الموجود بيننا وبين حركة أمل ، وأيضاً لم يُسقط التعاون والتواصل اليومي الذي يحصل مع تيار المستقبل ، إلا أن الأمور مقطوعة منذ فترة من الزمن مع السيد جنبلاط ومجموعته ، فإذاً الموضوع تغيّر فيه شيء في الشكل من حيث هذا الاجتماع الرباعي ، لكن في المضمون هناك طرف واحد فقط اسمه الحزب التقدمي الاشتراكي لم يعدْ في دائرة التفاهم مع الاطراف الأخرى وأنشأ خطابا سياسيا ومواقف مختلفة عن المواقف السابقة ، وذهب بعيداً في افكاره وخياراته السياسية التي لا تتواءم مع توجهاتنا ، لكن نحن نعرف أن موقف تيار المستقبل مختلف عن موقف السيد جنبلاط ، فيما يتعلّق بالنظرة إلى المقاومة وإلى الاتفاقات التي كانت معقودة بيننا وبينهم ، والآن أقول بصراحة ، عودتنا إلى الحكومة مبنيّة على التفاهم مع الشيخ سعد الحريري والرئيس السنيورة ، وبالتالي ما أعلنه الرئيس السنيورة وما قيل لنا واتفقنا عليه في لقاءاتنا المختلفة ، هو الذي أثمر هذه العودة . إذاً أستطيع القول أن تفاهماً وتعاوناً لا زال موجوداً بيننا وبين تيار المستقبل ، ونحن حريصون على تطويره وتدعيمه أكثر ، ونشعر أن الطرف الآخر يملك هذه الرغبة
وفي تعليق له على قول مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى وولش بأن لقاء الأمين العام لحزب الله ورئيس كتلة الاصلاح واتلغيير يتعارض مع الموقف الأمريكي من الحزب ، قال :
عندما نسمع بالتصريح العلني موقفاً أمريكياً يبدي انزعاجاً من هذا التفاهم وموقفاً اسرائيلياً مستاءً من هذا التفاهم ، فهذا يعني أن مصلحة لبنان في هذا التفاهم ، هذا استنتاج يمكن أن نخرج به من هذا الانزعاج ، لأن هذا النمط من التفاهم يؤدي إلى مصلحة لبنان وفصل الايادي الأجنبية والأمريكية التي تحاول أن تُشرف على خطوات لبنان لتجعله في دائرتها وفي دائرة مشروعها ، هنا يأتي التفاهم ليقول نحن نريد أن نبني لبنان بمعزل عن أي إرادة خارجية اقليمية أو دولية ، وبالتالي عندما تصرخ أمريكا بالانزعاج ، معنى ذلك أننا نسير في الطريق الصحيح ، على كل حال أن السيد وولش كثير التعثّر ، لأنه رفض عودتنا إلى الحكومة فعدنا ، والآن يبرّر أن هذا الاتفاق هو خارج الحكومة ، يبدو أنه نسيَ أن لنا وزيرين داخل الحكومة ،
ملفتٌ للنظر أنه يحصل استنكار على امتداد العالم الاسلامي فرسول الله (ص) لا يعني فئة أو حزب أو جهة أو دولة ، وإنما يعني أكثر من مليار وأربعمئة مليون مسلم في بلدان متفرقة من العالم ، ثم بعد ذلك تُلقى التهمة على إيران وسوريا أنهما دبّرتا هذا الأمر ، علماً أن الاعتراض الايراني والسوري جاء في مرحلة متأخرة على الاعتراضات الأولى ، لكن هذا يُظهر أن الادارة الأمريكية عندها هدف اسمه مواجهة ايران وسوريا ، كل ما يمكن أن يُحشد لوضعه في هذه الزاوية لتشويه موقف إيران وسوريا أو للإساءة لموقف ايران وسوريا ، سيحاولون حشده لكنها مسألة مكشوفة جداً، كل العالم يعرف أن هذا الأمر ليس له أيّ دليل وليس صحيحاً ، ، هم يكذبون على الناس ، على المجتمع الدولي ، يضعون مبررات خاطئة ، أصبحتُ أمام كل دليل أمريكي أحتاج إلى المزيد من التأمل لأعرف كم هو مقدار الصحة في هذا الدليل لأن الأصل هو الكذب ، لترويج السياسة الأمريكية ، لكن المشكلة في خطأ الذين يكرّرون هذا الموقف الأمريكي من دون التفات إلى أنه فاضح ، وإلى أنه خاطئ وأن الناس تعرف هذا ، على كل حال الامور واضحة ، ومن كان يظن أن الناس في لبنان يساقون بالموقف السياسي المؤطّر فهم مخطئون ، حتى الذين يعتقدون أن جماعتهم يسمعون لهم ، نقول لهم نعم يسمعون ما دمتم صادقين ، لكن عندما يحصل تشويش في المعلومات وتحليلات خاطئة وتبريرات ليست في محلّها ، سيكتشف الناس الحقيقة لأن كل الأمور موجودة على السطح ، وفي لبنان الآراء والمعلومات بخدمة الجميع ، وبالتالي بدأنا نسمع في أجواء بعض القيادات وفي الرصيد الشعبي لهم ، تململاً كبيراً من الأخطاء التي تُرتكب والمعلومات التي تُركّب بطريقة غير صحيحة ، وهم يقولون لنا ويقولون لغيرنا ، نسمع تململاً نيابياً وحزبياً ، نسمعه في الجامعة من الوضع الشعبي ، هناك وعي عند الناس ، ليس صحيحاً أن يقال أن السياسة تعمي القلوب كلِّيًا ، وتجعل الناس من دون تفكير, أنا أدعو هؤلاء الذين يُكثرون من التصريحات المتسرّعة ، غير المبنية على الأدلة لمجرد وجود هدف عندهم أن يراجعوا شعبيّتهم داخل مواقعهم وليس في مواقع الآخرين .
وعن الحوار حول موضوع السلاح قال :
لا يوجد وقت عند الأمريكي لتنفيذ القرار 1559 ، ولو كان يستطيع أن يُنفّذه منذ ستة أو سبعة أشهر قبل الآن لنفّذه ، إذاًَ عندما يقول الأمريكي أنه ينتظر الحوار الداخلي يعني أنه ليس بيده شيء ، فلو كان قادراً لفعل ، ونحن الذين أطلقنا فكرة الحوار الداخلي حول حماية لبنان ومقاومة لبنان ، وبالتالي مسألة الحوار لها مستلزماتها التي ستأخذ وقتاً وستكون على جدول أعمال فيه نقاط متعددة ، فما يتوصّل إليه اللبنانيون نلتزم به نحن وإياهم ، كما يلتزمون معنا بما نتوصّل إليه ، وهذا أمرٌ مرتبط بالحوار الداخلي وتطوراته ، أنا لا اعتقد أنه سيكون هناك أي وقت لا الآن ولا بعد الآن ، وعندما يقول وولش أن الأمور معقّدة فهذا إقرار من قبله ، أن القدرة الدولية على تنفيذ القرار 1559 وفق المنظور الأمريكي غير متوفرة ، وأن ارادة الشعب اللبناني وارادة المقاومة أقوى وأهم ، ولا يمكن فرض الأجندة الأمريكية على لبنان . من هنا نقول بأن الـ 1559 بالنسبة لنا غير موجود ، ونتعاطى مع الامور على أساس أن الحوار الداخلي هو حوار من أجل لبنان ، سواء أخذ هذا الحوار شهراً أو أخذ سنوات ، سواء كان يحمل برنامجاً فيه عدد قليل من النقاط ، أو عدد كثير من النقاط ، سنرى مع شراكائنا في الوطن ، يعني الافرقاء المعنيين بالحوار كيف يمكن أن نتفاهم في كل القضايا التي نحتاجها ويحتاجونها ، وهذا أمرٌ عنوانه الاساس الحوار وليس له أي عنوان آخر ، يعني ليس هناك عنوان اسمه 1559 نسير على إيقاعه ، نحن نسير على إيقاع الحوار ، ونحن نتحدث عن حوار في كل الشؤون التي تحتاج إلى حوار