مقابلات

نرفض المقايضة بين سلاح المقاومة والانسحاب من شبعا

أكد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان المقايضة مرفوضة بين انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا ونزع سلاح المقاومة "لأن الاحتلال لا يستحق جائزة على احتلاله". وأكد أن هذه المقاومة مستمرة وهي مرتبطة "بما عندنا في لبنان والمنطقة من احتلال وتهديدات وأخطار اسرائيلية وليست مرتبطة بزيارة قيادة الحزب الأخيرة لطهران"

صحيفة صدى البلد اللبنانية
13/8/2005
أكد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان المقايضة مرفوضة بين انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا ونزع سلاح المقاومة "لأن الاحتلال لا يستحق جائزة على احتلاله". وأكد أن هذه المقاومة مستمرة وهي مرتبطة "بما عندنا في لبنان والمنطقة من احتلال وتهديدات وأخطار اسرائيلية وليست مرتبطة بزيارة قيادة الحزب الأخيرة لطهران" وقال:

"وجود القوة في لبنان يشكل الردع الحقيقي والفعلي لمواجهة المشروع الاسرائيلي التوسعي المدعوم أميركياً في منطقتنا". ولاحظ أن الولايات المتحدة "غرقت في الوحل العراقي وأغرقت المنطقة في أتون الدماء المشتعلة، كما فشلت في خططها وأجندتها اللبنانية". ونقل عن مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي في معرض شرحه للنظرة الايرانية الى مشاركة "حزب الله" في الحكومة قوله "ان حزب الله" نجح في السياسة كنجاحه في المقاومة".‏

في هذا الحوار مع "صدى البلد" يلقي الشيخ قاسم الضوء على زيارة قيادة الحزب برئاسة أمينه العام السيد حسن نصرالله الأخيرة لطهران، وعلى مستقبل الحزب والمقاومة وطبيعة النظرة الايرانية اليه والى مجمل الأوضاع السائدة في المنطقة.‏

ماذا كان الهدف من زيارة قيادة حزب الأخيرة لطهران، وما هي النتائج التي أسفرت عنها؟‏

ـــ زيارة طهران هدفت الى تهنئة الرئيس الجديد المنتخب السيد أحمدي نجاد وشكر الرئيس السابق السيد محمد خاتمي وحكومته على التعاون الذي كان قائماً في المرحلة السابقة وعلى الاهتمام في الشأن اللبناني والعلاقات اللبنانية الايرانية عموماً وكانت فرصة أساسية للقاء سماحة القائد الخامنئي حفظه الله الذي أبدى ارتياحاً الى مسار الأمور وما أنجزته المقاومة وأنجزه لبنان في هذه المحطة التاريخية المهمة لمواجهة التحديات والأخطار التي عصفت وتعصف بلبنان، وقد كانت الزيارة فرصة مناسبة للتداول في الأمور التي تهم الطرفين في ما يتعلق بالتطورات في لبنان والمنطقة والتطورات التي تواجهها ايران أيضاً، أي أنها كانت عبارة عن جولة أفق عامة مع المسؤولين وهذا أمر طبيعي وعادي بوجود قضايا مشتركة وهموم متبادلة خصوصاً في ما يتعلق بالهجمة الأميركية التي تحاول زرع الفتن المتنقلة بين البلدان. وعلى كل حال فان موقف الجمهورية الاسلامية من استقلال لبنان ومقاومته والمقاومة الفلسطينية وحقها ودور سورية ومكانتها في المنطقة وحق الشعب العراقي في تقرير مصيره وتصميم ايران على أن تكون دولة قادرة وفاعلة بما تتيحه القوانين الدولية كلها من سمات الموقف الايراني الواضح.‏

هل صحيح ما يقال ان ايران باتت المفاوض الاقليمي في شأن مستقبل المقاومة وسلاحها مع الجهات الدولية الكبرى بعدما كانت سورية تلعب هذا الدور أثناء وجودها في لبنان؟‏

ـــ مسألة المقاومة في لبنان واستمرارها وسلاحها هي مسائل تخص "حزب الله" أولاً وأساساً واللبنانيين كحاضن طبيعي لهذه المقاومة ثانياً وليس لأحد علاقة بما يتقرر في هذا الشأن، فلا وصاية لأحد على المقاومة ولا يتصدى أحد بالنيابة عنها في التعبير عن مواقفها وقناعاتها واستمراريتها. ولذا لا صحة لما يروج البعض من مقايضة تجعل حزب الله جزءاً منها، فهذا أمر غير وارد عند أحد، وليس مطروحاً ولم يجر أي نقاش حول هذا الموضوع فالحزب له رؤيته وأداؤه وهو الأقدر على التعبير عنها بالأساليب المعروفة وليس في حاجة لأن ينوب عنه أحد، ولا يوجد من يدعي لنفسه هذا الدور. كل ما في الأمر أن الزيارة هي جزء من التواصل الطبيعي بين مقاومة لها حقوقها وتطلعاتها ودولة اسلامية داعمة لحق المنطقة وتحرر المنطقة من نير الاستكبار والسيطرة الصهيونية، هذا هو العنوان الأساس الذي تبنى عليه العلاقة الحقيقية.‏

ما الانطباع الذي تكون لديكم حول مستقبل ايران ودورها في ضوء ما تواجهه من ضغوط أميركية دولية؟‏

ـــ الانطباع الذي تشكل لدينا ان ايران تعتبر أن أميركا لها مشروعها في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط بأسرها وهي تقوم باعتداءاتها المتنقلة بأساليب مختلفة ولكن القناعة الموجودة هي أن ممانعة شعوب المنطقة ورفضها للانكفاء أمام هذه الهجمة وتصميمها على حريتها واستقلالها من الأسباب الأساسية التي ستعوق وتعطل مخططات أميركا، وما تجربة العراق الا مثالاً على ذلك حيث غرق الأميركيون في الوحل العراقي وأغرقوا المنطقة في أتون الدماء المشتعلة، كما فشلت أميركا في خططها وأجندتها اللبنانية وكذلك لم تستطع أن تؤثر على واقع النظام الاسلامي في ايران الذي خرج قوياً في الانتخابات الرئاسية التي أثبتت التفافاً شعبياً كبيراً حول نظام الجمهورية الاسلامية وقد برزت ردات الفعل الأميركية في وضوح ضد نتائج الانتخابات وهذا مؤشر على حيوية الشعب الايراني في مواجهة التحديات وعلى الفشل المتكرر لأميركا في مساعيها للسيطرة.‏

كيف نظر المسؤولون الايرانيون الى مشاركة "حزب الله" في الحكومة للمرة الأولى؟‏

ـــ هذه المشاركة لحزب الله في لبنان هي تمثيل لاختياره الطبيعي، وهم يؤيدون كل ما يختاره حزب الله ويراه مناسباً، فهذا شأنه وهم لا يتدخلون في الخيارات التي تتخذها جهات في لبنان أو يتخذها لبنان بأسره فهذه أمور خاصة لا علاقة لهم بها، ولا يتدخلون في مثل هذه الشؤون. نعم لقد أعلن سماحة القائد وهذا ما برز في وسائل الاعلام أثناء لقائنا معه اشادته بنجاح حزب الله في السياسة كما نجح في المقاومة.‏

يقال ان ايران تستعد لرعاية تنفيذ "اتفاق طائف" عراقي سيتم التوصل اليه تماماً كما فعلت سورية في رعاية "اتفاق الطائف" اللبناني فهل لمستم هذا الأمر لدى الجانب الايراني؟‏

ـــ أعتقد أن هذه أفكار صحافية، لأن الوقائع تقول بأن الشعب العراقي هو الذي يختار كيفية ادارة شؤونه وايران تطالب دائماً بضرورة ترك الحرية له ليصنع دستوره ونظامه بمعزل عن الاحتلال ولا أعتقد أن ايران ستكون يوماً في ركب المشروع الأميركي لتنظيم المنطقة أو لنقل لتخريبها لأن أميركا ما دخلت في أمر الا وخربته فالأفضل أن تخرج من العراق وتترك للعراقيين حريتهم وهم أدرى بشؤونهم ولا يحتاجون الى وصاية أحد.‏

لوحظ أن زيارتكم لطهران سبقت زيارة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد لها بأيام، فهل من علاقة أو تنسيق مسبق بين الزيارتين؟‏

ـــ لا توجد أي علاقة بين زيارة وفد حزب الله الى طهران وزيارة الرئيس الأسد اليها، فهدف زيارة حزب الله هي التهنئة للرئاسة الجديدة والشكر للرئاسة السابقة وتداول اجمالي في الأوضاع، وبالتالي لم يكن من صلة بين هذه الزيارة وزيارة الرئيس السوري، ذلك أن العلاقات بين ايران وسورية هي علاقات استراتيجية ومستمرة وتوجد زيارات متبادلة ودائمة بينهما وهذا مرتبط بالتنسيق الايراني السوري في القضايا التي يتداولون فيها.‏

لقد شددت ايران لدى استقبالها الرئيس الأسد على قيام جبهة واحدة بينها وبين سورية في مواجهة الضغوط الأميركية والدولية المشتركة التي يتعرضان لها، فهل هذا مؤشر على تطور كبير وجديد في العلاقة الايرانية السورية؟‏

ـــ ليس عندي معلومات عن الصيغة التي طرحت كما تقولون في الزيارة الأخيرة، لكن ما هو واضح أن العلاقات الايرانية ـــ السورية هي علاقات جيدة وقديمة والتنسيق قائم ودائم بين الدولتين وهو لا يحتاج الى محطة خاصة من أجل التعديل أو التغيير لأن العلاقات مستقرة وليست فيها شوائب ومن الطبيعي أن تكون حرارة المداولات في المحطات الاستثنائية أكبر من الأوضاع العادية. أما كيفية التنسيق وآلياته والخطط العملية بين البلدين فهذا أمر يعبر عنه كل منهما بما توصلا اليه وبما يناسبهما.‏

قال وزير الخارجية فوزي صلوخ ان وزيرة الخارجية الأميركية غونداليزا رايس أشارت في أثناء زيارتها الأخيرة لبيروت ان شيئاً ما سيحصل في مزارع شبعا فهل تتوقعون شيئاً في هذا المعنى؟‏

ـــ ليس عندنا معلومات واضحة حول ما يمكن أن يفعله الاسرائيليون في مزارع شبعا ومثل هذه الأخبار حول الانسحاب كانت متداولة منذ سنوات ولا أعلم اذا كان سياقها في هذه المرحلة شبيهاً بالسياقات السابقة، وعلى كل حال بالنسبة الينا هذا لا يغير من واقع المقاومة شيئاً، وانما يحقق أحد أهدافها بانجاز تحرير ما تبقى من الأرض اللبنانية المحتلة، هذا اذا خرجت اسرائيل من كل المزارع ولم تبق شطراً أو جزءاً منها معها.‏

يقال ان رايس طرحت انسحاباً اسرائيلياً من مزارع شبعا مقابل نزع سلاح المقاومة؟‏

ـــ معلوماتنا انه لا توجد أي صفقة من هذا النوع الذي يتحدث عن الانسحاب من مزارع شبعا مقابل سلاح المقاومة، وليس هناك في لبنان من التزم هذا الأمر ولم يتكلم معنا أحد في هذا الموضوع، بل أكثر من ذلك هذه المقايضة مرفوضة لأن الاحتلال لا يستحق جائزة على احتلاله، عليه أن يخرج من لبنان وهذا حق طبيعي للبنانيين وليس عليه أن يتدخل في كيفية عمل اللبنانيين لحماية وطنهم وتقوية امكاناتهم الرادعة في مواجهة التحديات.‏

*المقابلة التي أجراها سماحة الشيخ نعيم قاسم مع صحيفة صدى البلد اللبنانية 13-8-2005‏