مقابلات

طلب الأمريكيون الجلوس معنا.. وقلنا لهم لا / المقال الذي كتبه الصحافي نبيل هيثم في صحيفة السفير في 9/2/2013

طلب الأمريكيون الجلوس معنا.. وقلنا لهم لا / المقال الذي كتبه الصحافي نبيل هيثم في صحيفة السفير في 9/2/2013
طلب الأمريكيون الجلوس معنا.. وقلنا لهم لا

يدرك «حزب الله» أنه في عين العواصف الأميركية والإسرائيلية، فلا تكاد عاصفة سياسية او أمنية، تمر الا وتليها ثانية وثالثة ورابعة، «وكل تلك العواصف تزيد قناعتنا بزيادة قوتنا اكثر، وامتلاك ومراكمة قدرات اقوى وأعظم من تلك التي نمتلكها وهذا واجب شرعي بالنسبة الى «حزب الله».
يتوقع الحزب المزيد من تلك العواصف، خاصة في زمن «الثورات العربية»، وكذلك في زمن المحكمة الدولية والتحضيرات الجارية لبدء المحاكمات في الشهر المقبل. وأما قراره، كما يقول بعض الحزبيين، فهو ألا يترك ذئاب الخارج تأكله، ولا نعاج الداخل التي ظنت أنها قد نبتت لها انياب. ولعل السياسة الإسفنجية التي يعتمدها، هي السلاح الامضى لاحتواء تلك العواصف وامتصاص عصْفها وردّ خطرها.
لا يهاب «حزب الله» مواجهة اعدائه الخارجيين وخاصة اسرائيل، لكن الاشد مضاضة هو ظلم ذوي القربى الشركاء في الوطن الذين لا وظيفة لهم سوى ان يتحولوا الى صدى للعواصف الخارجية عبر تحريضهم سياسيا ومذهبيا ضد المقاومة في الداخل.
وما الاتهامات المتنقلة والمتتالية، كما يقول نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «الا نتاج مطبخ اميركي اسرائيلي يسعى الى تسويق مظلومية اسرائيل، وتظهير قوى المقاومة انها هي المشكلة وليس احتلال اسرائيل لفلسطين، وتظهير النووي الايراني على انه المشكلة الكبرى التي تتهدد العالم والامن العالمي».
لا يقارب قاسم بشكل مباشر الحملة الاميركية الاسرائيلية التي تطل من النافذة البلغارية لادراج «حزب الله» على لائحة الارهاب في اوروبا، وذلك التزاما بقرار حزبي يحدد خريطة التعاطي مع هذه المسألة، الا ان قاسم يشير الى ان «حزب الله» منذ نشأته مدرج على «لائحة الارهاب الاميركي»، وايضا اميركا واسرائيل ومن اللحظة الاولى مدرجتان على لائحة الارهاب بالنسبة الى «حزب الله».
ايا كانت الحملات، يضيف قاسم، ومهما كان رأيهم فينا، فذلك لن يغير في الواقع شيئا، ولطالما ارسلوا لنا (الاميركيون) بأساليب مختلفة وعبر وسطاء انهم يريدون الجلوس معنا، وكنا نقول لهم عبر الوسطاء:«الصور لا تنفع، غيّروا عقليتكم، واعترفوا بحقوق الشعوب المشروعة».
وقلنا ايضا، يضيف قاسم، «إن اسرائيل قبل أن تكون عبئا علينا، هي عبء على اميركا والغرب، وستكلفهم حمايتهم لاسرائيل اثمانا كبيرة ومن اسرائيل نفسها، لأن اسرائيل معتدية وغاصبة وضد حقوق الانسان، ودولة محتلة لأرض العرب، ولا توجد صفة منكرة في القاموس الا وتنطبق عليها، فهل تظنون أن هذه الصفات المنكرة تؤذينا نحن ولا تؤذيهم، ابدا هي تؤذيهم أولا، وأما نحن فقد حصلنا على كل ما يحقق لنا المناعة المناسبة لكي نؤثر في اسرائيل ولا تؤثر هي فينا. ولقد تسببت المقاومة في حالة استنهاض معنوي في المنطقة، فأصبحت اسرائيل عاجزة عن تسويق مشروعها الذي أصبح في خطر، كما أن القرارات الاميركية في المنطقة باتت غير قابلة للصرف وتواجهها تعقيدات».
والأمر المستغرب، بالنسبة لنائب الامين العام لـ«حزب الله» هو تطوّع بعض جماعة «14 آذار» لتجييش حملة منظمة ضد سلاح المقاومة، أقل ما يقال فيها، يضيف قاسم، «أنها حملة جبانة، فما الذي فعله سلاح المقاومة في الداخل اللبناني، وهو في الأساس ليست له اية علاقة بالداخل، بالعكس شكّل حالة ردع لإسرائيل وجعلها لا تتجرأ على الاعتداء على لبنان لأنها تتوقع ان ترد المقاومة بشكل او بآخر، وليملك هؤلاء الجرأة ولو لمرة واحدة ليعترفوا بالمعادلة الواضحة التي تقول إنه لو لم تكن المقاومة موجودة فمعنى ذلك ان ارض لبنان ستكون سائبة وعرضة في أي لحظة للاعتداءات وللاحتلال ولوضع دعائم التوطين للاستفادة من بوابة لبنان لتعديل موازين القوى في المنطقة، فمع وجود المقاومة كل هذه العوامل سقطت».
لا يقيم قاسم وزنا لما يسمّيه ادعاء «14 آذار» بأن سلاح المقاومة يؤثر على التركيبة الداخلية، ويقول لـ«السفير»: «لنراقب مسار الحكومة، وانتخابات 2009 وكل الاعمال السياسية في البلد، ومسار الدولة الاداري، فنلاحظ ان كل هذه المسارات تسير بشكل طبيعي بايجابياتها وسلبياتها شأنها شأن اية دولة في العالم تعيش وضعا طبيعيا».
الكل يعلم، يضيف قاسم، وفي مقدمهم اولئك المدعين (14 اذار) ان هناك اشادة دولية غير مألوفة بالاستقرار الحالي في لبنان، والمسؤولون الاوروبيون يعترفون ان السبب الاساس هو موقف «حزب الله»، مع وجود قدرة لديه بأن يغير بعض المعادلات الداخلية بقوة السلاح لكنه لا يريد ذلك. كما ان هناك تصريحات علنية من فرنسا وغيرها تبدي الحرص الشديد على علاقات جيدة مع الحزب لاعتقادهم ان هذه العلاقات تنفع في المزيد من التشجيع على عدم استخدام أي قوة في الداخل.
ويلفت نائب الامين العام النظر الى اننا سمعنا من اطراف عدة سؤالا حائرا لم يتمكنوا من الاجابة عليه مفاده: لماذا يريد «حزب الله» الاستقرار في لبنان، فيما اميركا والغرب مقتنعون بضرورة الاستقرار في لبنان، كيف تقاطعت هاتان المصلحتان المتضاربتان؟
يقول قاسم إن مصلحة الغرب واميركا في ترسيخ الاستقرار في لبنان، هو تفرّغهم لسوريا، ولكن «حزب الله» اثبت انه يريد الاستقرار في لبنان ولا تغريه لا المناصب الوزارية ولا النيابية ولا الصفقات المشبوهة، ولا الاتفاقات من تحت الطاولة، فهواه باتجاه التحرير والاستقلال من موقع القوة، وليس من موقع استعطاء الاستقلال والتحرير، ومن هنا قلنا مرارا وتكرارا لا تتعبوا انفسكم، فلو تغيرت معادلات المنطقة كلها، فهذا لن يؤثر على معادلة حضور «حزب الله» وقوته وفعاليته في لبنان، لان قوته منبثقة من لبنان وشعبه وجيشه، وليست قوة مستوردة، ولا قوة مأجورة، ولا قوة موظفة، وقد اثبتت التجارب صحة تحليلنا».
يتوقف قاسم عند الأزمة السورية قائلا: «نتوجه الى الشركاء في الوطن بالآتي: آن لنا ان نفكر كيف ننقذ بلدنا، وكيف نتحدث بموضوعية وبصدق وبشفافية مع الناس. لقد قلنا إن الازمة في سوريا لن تغير الواقع اللبناني، وهذه هي النتيجة امامنا بعد سنتين، وقلنا لا تراهنوا على التغيير في سوريا، فالأمر معقد جدا، وسوريا ليست سهلة، وقد سبق وصمدت لعشرات السنين في الموقع الصعب في مواجهة المشروع الاميركي الاسرائيلي، وها هي قادرة على الصمود».
وعندما يُسأل قاسم عن المحكمة الدولية، يحدد الموقع الطبيعي لتلك المحكمة في نظر «حزب الله» ويقول: «لقد ذكّرتني بما كنت قد نسيته، المحكمة اصبحت وراءنا منذ زمن بعيد. وهل ثمة من نسي انها محكمة مسيّسة، وهل ثمة من نسي أن اسرائيل صرّحت علنا بأنها قدمت مساعدات جليلة للمحكمة، فكيف يمكن لمحكمة كهذه ان تسلك طريق العدالة»؟
يختم قاسم متمنيا أن تحصل الانتخابات في موعدها، مكررا تبني الحزب للنسبية على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، «كما نؤيد مشروع الدوائر الـ13 المقدم من الحكومة وهو يحقق خطوات مهمة على طريق العدالة، كما وافقنا على اقتراح «اللقاء الارثوذكسي» لأنه يرضي المسيحيين ويطمئنهم، وعدا ذلك، ليس لدينا شيء جديد نقدمه او نطرحه».