بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص) وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين، السلام عليكم أيها السادة العلماء، أيها الأخوة الكرام ورحمة الله وبركاته.
جمعت هذه المائدة الرمضانية أحبة الوحدة، وعبَّرت بشكل مباشر عن التزام الحاضرين فيها بما أمر به رب العالمين من وحدة الأمة، "ان هذه أمتكم أمة واحدة فاعبدون"، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا دائماً من دعاة الوحدة قولاً وعملاً، لأننا نسمع الكثير عن الوحدة ولكن نرى القليل بالممارسة العملية عند المخلصين الذين يجسدونها في حياتهم وممارساتهم وعلاقاتهم وسياساتهم، ونتذكر هنا علماً رائداً من أعلام الوحدة الإسلامية بلا منازع هو الداعي الدكتور فتحي يكن رحمه الله تعالى، هذا الرجل الشجاع الذي وقف في اللحظة الصعبة وفي الموقف المعقد، وتحدى المتغطرسين والمدعين، وأثبت بما لا يقبل الشك أنه إمام لأئمة الوحدة الإسلامية عندما صلى جماعة في وسط بيروت ليجمع العمائم السنية والشيعية، ويجمع المسلمين من السنة والشيعة، رافعاً لواء الوحدة عملياً ، وهو بذلك يكون قد ختم حياته أفضل ختام، وقد عبَّر بما لا يقبل الشك عن منهج أصيل، ونحن نعد الشيخ الدكتور في عليائه أن نكون إن شاء الله جميعاً على هذا النهج الذي اختاره، ويذكرنا هنا بأحبته من دعاة الوحدة الإسلامية، يذكرنا بالشهيد القائد السيد عباس الموسوي(رض) والشهيد الشيخ راغب حرب، وقد بذل سماحة السيد عباس الكثير الكثير لتعزيزها بين اللبنانيين وبين الفلسطينيين وفي مواقع العسر والشدة والكل يشهد له بذلك، وهنا أذكر أيضاً تلك الكلمات النورانية التي أطلقها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عندما كان يصف الدكتور فتحي، وعندما كان يتذكر المشاهد المختلفة في علاقته به، وكنت أتلمس هذه المحبة المخلصة والصافية، وكان دائماً يذكرنا عند الحديث عن سماحة الدكتور بضرورة أن نبقى إلى جانبه ومعه، وإلى جانب جبهة العمل الإسلامي الرائدة التي تعتبر نموذجاً مشرقاً ومشرفاً في آنٍ معاً، وكلنا نعلم أن أعضاء الجبهة يتحملون الصعوبات، ولكن الرجال العظام يتحملون الصعوبات والله معهم إن شاء الله وهو ناصرهم في كل موقع وفي كل موقف.
عندما ندعو إلى الوحدة الإسلامية إنما نلتزم بأمر الإسلام، بأمر الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، ولا أعلم كيف يكون الاعتصام بحبل الله في إطار الوحدة والبعض يعمل على التفرقة ليل نهار بخطاباته وكلماته ومناقشاته وتعبئته للآخرين، ويحاول أن يدلس على الناس الحقائق، الوحدة الإسلامية فعل، والوحدة الإسلامية لن تعني في يوم من الأيام لمطلقيها تذويب المذاهب، لأن الأمر له تسلسل تاريخي معقد وصعب ولها تفاصيل لا نريد أن ندخل فيها، ولكن نحن نرى أن دول لا يجمعها شيء، لا في القومية، ولا في اللغة، ولا في الدين أحياناً تفكر كيف تقيم وحدة بينها، أو اتحاد بينها لتنظم الاستفادة من المشتركات، وتحيِّد الخلافات أو تضعها على سكة المعالجة، فكيف بنا نحن المسلمون، وإلهنا واحد، وقبلتنا واحدة، وقرآننا واحد، وحجنا واحد، وصومنا واحد، وصلاتنا واحدة، يعجز الإنسان عن أن يرى تفاصيل تدعو إلى التفرقة، بل مقومات الوحدة تزيد على الـ 90 أو الـ 95 % ، ومع ذلك نرى من لا ينظر إلى هذه المشتركات وإلى هذه القواعد التي تجعل الألفة موجودة بين القلوب.
نحن نعتبر أن بين المسلمين يوجد قراران لا ثالث لهما: قرار وحدوي، وقرار عصبوي، القرار الوحدوي هو الذي يُبرز نقاط الاتفاق ويسد أبواب الخلاف، ويضعها على طريق المعالجة بما أمكن وتيسر بحسب الظروف الموضوعية. أمَّا القرار العصبوي فهو الذي يعمل عكس ذلك، يُبرز نقاط الاختلاف ويوهن الإيجابيات ونقاط الاتفاق، وبالتالي يعمل على استثارة العصبيات ليُبقي مسافة طويلة تبعد عن الوحدة، وفي آنٍ معاً ليجعل الفاصلة معقداً إلى الأجيال القادمة.
الوحدة مسار، من ادعى أنه مع الوحدة عليه أن يعمل لإبراز نقاط الاتفاق ومعالجة نقاط الاختلاف، أمَّا غير ذلك فلا يمكن أن يقنعنا أحد أنه يعمل للوحدة ومساره كله في إطار المذهبة والتفرقة بين المسلمين، هذا أمر يجب أن نتلمسه عملياً، الوحدة ليست أغنية، الوحدة ليست خطبة على المنبر، الوحدة ليست مقالاً يُكتب، الوحدة ليست آيات تُعلَّق، الوحدة سلوك عملي يراه الناس ولا يحتاج إلى تفسير. فالأمور تحتاج إلى سلوك، وتحتاج إلى ممارسة، اسمحوا لي أن أقول: بأن دعاة الوحدة هم أشرف المسلمين على الإطلاق في العالم، ودعاة التفرقة لا نعلم كيف سيكون حسابهم في يوم القيامة، لأنهم آذوا المجتمع وأضروا الأمة الإسلامية، من أعطاكم صلاحية أن تكفروا الناس أو أن تمنحوها شهادات الإيمان؟ الله تعالى هو الذي يمنح شهادات الإيمان، وعلينا بالظواهر، وعلينا أن نرى ما ينطق به الناس، عند المسلمين إذا نطق أحدهم بالشهادتين علينا أن نقبله مسلماً ولو كان في قلبه منافقاً، ولو كنا نشك بإسلامه، لا علاقة لنا بالقلوب، ربما كان منافقاً ثمَّ صلُح عندما يرى سلوك وأداء المسلمين، وفي النهاية هذه علاقته مع الله تعالى، فإذا كان الإسلام يدعونا إلى المحاسبة على الظواهر، الآن هناك أشخاص يعرفون الباطل ويعرفون الخلفيات ويعرفون الغيب ما مضى وما سيأتي! وفي النهاية نراهم فاشلين في كل شيء وهذه نعمة من نعم الله تعالى، صاحب التفرقة يسقط في الدنيا قبل الآخرة، وصاحب الوحدة ينجح في الدنيا وفي الآخرة إن شاء الله تعالى.
على هذا الأساس علينا أن نقف ضد الفتنة بين المسلمين سنة وشيعة في كل العالم الإسلامي، ونحن نعلم أن الدوائر الاستكبارية تعمل للتفرقة، ولعلَّكم قرأتم بعض التقارير الأمريكية التي صدرت عن مراكز دراسات وقُدمت إلى بوش المقبور عندما نصحوه أن يُحدث شرخاً بين المسلمين في العالم الإسلامي بين السنة والشيعة، ويستعملون أيضاً عبارات بين الفرس والعرب، ومرات أخرى يستعملون عبارات أخرى بين إيران والسعودية، كل مرة بعبارة مختلفة بحسب المعنى المطلوب، لكن الهدف واحد وهو أن لا يقترب السنة من الشيعة، مع العلم أنهم قريبون لولا هذه التفرقة، الأصل أن يكونوا قريبين، على كل حال ما فعله دعاة الوحدة في لبنان تحول إلى نموذج يحتذى في كل العالم الإسلامي، تأكدوا أنه لولا هذه اللحمة الموجودة بين المسلمين بسبب دعاة الوحدة الإسلامية، والعلماء الربانيين الذين عملوا بإخلاص وهم لا يرجون إلاَّ وجه الله تعالى، لا يريدون المراكز ولا المناصب ولا التصفيق، بل يريدون أمراً واحداً وهو أن يسجل في صحيفة أعمالهم أنهم مقبولون عند الله تعالى، لولا هذا العمل الدؤوب لكانت الفتنة في لبنان أشعلت كل شيء، ولكن بسبب هذا العمل لم تستطع الفتنة أن تمتد، بل حرقت أصحابها وبقي المسلمون شامخين برؤوسهم، يرفعون نداء الوحدة حتى بتنا نسمع بعض المفرقين يدافعون عن أنفسهم بأنهم لم يكونوا يقصدون الفتنة وأن المشكلة ليست بين الشيعة والسنة، الحمد لله الذي أرانا بعيوننا كيف أن الوحدة سيطرت ومنعت فتنة عمياء كادت أن تودي بهذا البلد لحسابات استكبارية وعربية ظالمة، وعصبوية شخصية، لا علاقة لها بالإسلام ولا بالإنسان ولا بالرسالات السماوية ولا بنهضة الوطن، هذه التجربة ماثلة أمامنا.
نحن نواجه أربع تحديات في الوحدة:
أولاً : المتعصبون، وأصحاب الفتاوى الجائرة الذين لا يراعون إلاًّ ولا ذمة.
ثانياً: الاستكبار العالمي وإسرائيل الذين يعملون ليل نهار لتمزيق صفوفنا كي نضعُف، لأننا إذا كنا متحدين نكون أقوياء فنمنع مخططاتهم من أن تجري في منطقتنا.
ثالثاً: لغة الخطاب المذهبي بدل الخطاب الإسلامي، ولا تستهينوا بأولئك الذين يتحدثون وكأنهم حريصون على المذهب فيكررون في خطبهم دعواتهم المذهبية بعنوان الدفاع عن الإسلام، لكن لأن الإسلام لا يملأ حاجاتهم للعصبية يلجؤون إلى الخطاب المذهبي.
رابعاً: استخدام المذهب كغطاء للمشاريع السياسية، وهذا يجب أن نكشفه، لأن الخلافات في لبنان لم تكن يوماً على المسائل المذهبية ، فكل الخلافات خلافات سياسية، هل سمعتم يوماً أن نائباً أو وزيراً أو مفتياً أو عالماً أو شخصاً أقام الدنيا وأقعدها من أجل مسألة في العقيدة أو في الصلاة أو في الحج أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من العناوين الإسلامية فتصدى له مسلم آخر من مذهب آخر وانقسم المسلمون بين مدافع عن هذه الفكرة أو تلك الفكرة؟ ففي الأصل الذين يدعون إلى المذهبية لا دين لهم حتى يناقشوا في المسائل الدينية، ولذلك نحن لم نرَ أن هناك صراعاً أو نقاشاً مذهبياً، والحمد لله حتى القضايا التي نختلف عليها تمر بشكل طبيعي ومقبول، الآن المسلمون بعضهم يصوم في اليوم الأول والبعض في اليوم الثاني والبعض في اليوم الثالث، وكلهم يقولون : رمضان كريم واللهم تقبل منّا، "كل واحد على دينه الله يعينه"، أو يأتي عندنا عيد الفطر أول يوم والثاني في اليوم التالي، لا مشكلة طالما أنه مقتنع أنه يؤدي تكليفه أمام الله تعالى، فقصة العيد والإفطار وشهر رمضان لم نجد لها حلاً، ولكن أوجدنا حل للحج، رغم أن بعض المسلمين يرون خلافاً في بداية شهر "ذي الحجة" مع ذلك أجمع المسلمون سنة وشيعة أن يكونوا في يومٍ واحد في عرفة، جيد أننا اتفقنا على قضية رغم الخلاف في التفسير الفقهي، كل القضايا من هذا النوع يتعايش فيها المسلمون بشكل طبيعي. معنى ذلك أن المشكلة ليست في بعض التفاصيل التي لها علاقة بالمسائل الدينية. إنما الخلاف هو على قتال إسرائيل أو عدم قتال إسرائيل، على التسوية أو عدم التسوية، على أن نبيع فلسطين من أجل عروش بعض الملوك والحكام أو نبقي عليها لبقاء كرامتنا مرتفعة عالياً لأبنائنا وأجيالنا وللمستقبل، حتى على الحكومة عندما نختلف في مسائلها، نختلف من وجهة نظر كل جهة بحيث تعتبر أنها الأفضل والأصلح لقيادة الناس، هذا شأن كل جهة أن تعبر عن قناعاتها، حتى في النيابة عندما نختلف هذا اختلاف سياسي طبيعي، كل واحد يحاول أن يجمع أنصاره حوله، فإذاً الخلافات هي خلافات سياسية، لا يوجد خلافات مذهبية، حتى المعَلَّمين الذين يتصدون للدفاع عن المذهب يتحدثون عن الخلاف السياسي وليس على الخلاف المذهبي، معنى ذلك أنه لا يوجد عندنا خلاف مذهبي يسبب التفرقة بين المسلمين، إنما يوجد خلاف سياسي يُستخدم الدين مطية لهذه المصالح السياسية، وهنا الخطر الذي يجب أن نضع له حداً.
إذاً نحن أمام تحديات لا بدَّ أن نواجهها، وأعتبر أن العلاج المركزي يتمثل في أمرين:
أولاً: أن نواجه مثيري الفتن، وأن نفضحهم، ونتصدى لأصحاب كل دعوة للتفرقة، وأن نشجع أصحاب كل مذهب ليتصدوا للغلاة ودعاة الفتنة في مذهبهم، حتى لا نحول بعض الاختلاف إلى مشكلة بين مذهبٍ ومذهبٍ آخر، فلا ينتقد السني الشيعي ولا الشيعي السني، ولكن إذا انتقد السني السني والشيعي الشيعي فليبيِّن ويناقش فتلين الأمور أكثر.
وكذلك أن نعمل بنظام الأولويات، بحيث نقدم التوافق السياسي على القضايا الكبرى على أي أمرٍ آخر جزئي في داخل حياتنا. قرأت لبعض الحركات الإسلامية التي تبرر القتل، والأصل عندها التكفير، وهم يعتبرون أن قتل الكافر الأقرب أولى من قتل الكافر الأبعد، على قاعدة أن المرتدين من المسلمين لا بد أن نلغي وجودهم في مجتمعنا كما يقولون، وبعدها نهتم بالاستكبار العالمي وبإسرائيل وبكل التعقيدات الأخرى. نحن ندعو إلى نظام الأولويات، يعني ما هي القضية التي تقض مضاجع المسلمين؟ ما هي المشكلة التي يعاني منها كل المسلمين؟ إسرائيل ، الاستكبار، الفساد ، الإباحية، الانحراف، كل هذه العناوين يجب أن نهتم بها، وعندما ننتهي من كل هذه العناوين ساعتئذ ٍ نرى ماذا سنفعل مع بعضنا.
أمَّا الأمر الثاني: ضرورة نقل الصراع إلى ساحة الأعداء، لفتني أمر في المقاومة، كانت إسرائيل تعتبر أن قوة الردع لديها صلبة ومتينة لأن كل معاركها في ساحة أعدائها، ولكم تكن ساحتها تمس، وبالتالي انتصارها ناشئ عن أن كل الخسائر في ساحة الأعداء، أول مرة في تاريخ الصراع مع إسرائيل في عدوان تموز سنة 2006 تصبح المعركة في ساحة الأعداء، ويُهجر ويختبئ ويرتعب أكثر من مليون إسرائيلي فضلاً عن الذين ينتظرون، فنقل الصراع إلى ساحة الأعداء أربكهم وهو ما يُسمى بالجبهة الداخلية، وأنعش ساحتنا لأنه أشعر الناس من حولنا أن ساحتهم تتلقى ضربات، ولكن أيضاً تلقن العدو ضربات مهما كانت قليلة، فهي مهمة جداً لرفع المعنويات. من هذه الاستفادة العسكرية نريد استفادة سياسية. يجب أن ننقل المعركة إلى ساحة الأعداء سياسياً وثقافياً وفكرياً وكل المعايير.
بدل أن نتلهى داخلياً نتحدث عن أمريكا المستعمرة والمستكبرة والمحتلة والمعتدية والمتدخلة في شؤوننا، لا لأمريكا في العراق، ولا لأمريكا في أفغانستان، ولا لأمريكا في كل المنطقة، ولا لأمريكا في السيطرة أو في الضغط على الملف النووي الإيراني، لا لأمريكا في حصار سوريا، لا لأمريكا في التدخل في شؤوننا اللبنانية، لنحوِّل الأنظار إلى هذا العدو الذي يحاول أن يعتدي علينا. إذا تكلمنا كلنا بهذا المنطق وهذا النفس لا يعود هناك من مجال للتحدث عن القضايا الصغيرة الموجودة في الداخل. كذلك في الموضوع الإسرائيلي فعندما نصوب الأنظار إلى إسرائيل لا نعود نهتم بالشؤون التفصيلية الداخلية، وهذا أمر يساعد على الوحدة. وهنا ألفت النظر كي لا يحصل أي التباس، إنما أركز على الوحدة الإسلامية لأن المقام يستدعي هذا التركيز، لكن الوحدة الإسلامية ليست موجهة ضد أحد، الوحدة الإسلامية هي مقدمة طبيعية للوحدة الوطنية، وهي مقدمة طبيعية للوحدة الإنسانية، فنحن مستعدون كمسلمين أن نمد اليد إلى المقاتلين أو إلى الصابرين أو إلى الصامدين والمتحدين في البرازيل وفي كوبا في مواجهة الاستكبار وهم لا يؤمنون بما نؤمن به، فنحن نعمل على حياة الإنسان ومقامه، والله تعالى قال لرسول الأكرم(ص):" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، رحمة للعالمين وليس لشبه الجزيرة العربية، يعني لكل العالم، فرحمة الله تعالى واسعة، ولذلك نحن ندعو إلى الوحدة الإسلامية ومنها إلى الوحدة الوطنية ومنها إلى الوحدة الإنسانية لكل المستضعفين على الأرض، على قاعدة أن نسير فيها بخط واحد، لا على قاعدة أن نغفل أي نوع من الوحدة على حساب الوحدة الأخرى. هكذا نستطيع أن نكون أقوياء وأن نحقق أهدافنا وأن نمنع تحقيق أهداف الأعداء.
هنا في هذا الإطار لا بدَّ من إبراز العنوان العظيم للوحدة الإسلامية والعربية والإنسانية عندما أعلن الإمام الخميني(قده) آخر جمعة من شهر رمضان المبارك يوم للقدس، لفتني في كلامه عندما قال:"يوم القدس هو يوم الإسلام، يوم القدس هو يوم المستضعفين، يوم القدس هو يوم انتصار المستضعفين على المستكبرين"، وسَّع معنى القدس إلى المعنى الإسلامي والإنساني العام الذي يشارك فيه كل المستضعفين في العالم، وهذا بالفعل طرح عظيم ومؤثر، رأيتم كيف فعلت قضية القدس في المقاومين، وكيف التحم المقاومون في لبنان مع المقاومين في فلسطين من دون أن يشعر أي مقاوم وأي فرد من أفراد الأمة في كل المنطقة بفرقٍ مذهبي بين سني وشيعي، كان عنوان البندقية التي تقاتل إسرائيل هو العنوان الأصلي والأساس، واجتمعت القلوب على حب الله ودعم المجاهدين نصرة لهم ضد الكيان الإسرائيلي، ليسقط إن شاء الله تعالى بقبضات المؤمنين الذين يصرخون الله أكبر، وهذا عنوان من عناوين الوحدة، " وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ".