بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين.
السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله وابن أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليكم مني سلام الله ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا كان آخر العهد مني لزيارتكم والسلام، أيها الحسينيون والزينبيات ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مع الحسين نستطيع أن نجول في آفاق الحق وثبات الموقف، مع الحسين نتلمس الدرب المستقيم الذي يوصلنا إلى سعادتنا في الدنيا والآخرة، مع الحسين لا نضيع في خطوات الحياة لأن الهداية معه معروفة والنهاية معروفة.
اخترت اليوم أن أتحدث عن الخط المنصور، عن الحسين القائد والقدوة لهذا الخط المنصور، مستفيدًا من كلام للإمام الحسين(ع) في منطقة "ذي حسم" عندما تحدث مع جماعة الحر فقال: " ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه! ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموت إلاَّ سعادة، الحياة مع الظالمين إلاَّ برما"، هذه الكلمات التي قالها الإمام الحسين(ع) في ذي حسم، هي التي رسمت خطوات محددة تؤدي إلى الخط المنصور الذي أراده الله تعالى في هذه الدنيا للمؤمنين. ونستفيد من كلام الإمام الحسين(ع) أربعة قواعد تشكل دعامات الخط المنصور:
الدعامة الأولى: قال(ع): " ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه "، الحق هو دستور الحياة الذي دعتنا إليه الشرائع السماوية، والذي عمل به محمد وآل محمد(عم)، الحق هو الذي يُبيِّن لنا كيف نختار طريقنا، وكيف نحسن، وكيف نصلح، وكيف نحقق ذواتنا، وكيف ننجح، وكيف ننتقل من الدنيا الفانية إلى جنة الله تعالى، عندما خرج الإمام الحسين(ع) من المدينة المنورة باتجاه مكة المكرمة أعلن الهدف، قال(ع): " وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً, وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب(ع)"، إذًا هو يريد الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيرة محمد وآل محمد من أجل إحقاق الحق، لماذا؟
لاحظوا معي النظام الكوني الذي أوجده الله تعالى، نظامٌ ليس فيه خلل، كل شيء يسير في مواقيت محددة، ومسارات معروفة، تتكامل الكواكب والنجوم والشمس والقمر، وتتفاعل المخلوقات مع بعضها في تنظيمٍ دقيقٍ للغاية، وأي مخلوقٍ وأي أمرٍ يحصل خارج هذا النظام سرعان ما يفنى ويخرب، الله تعالى أرسل لنا الأنبياء والرسل وختمهم بمحمد(ص)، وأرسل معه الرسالة الكاملة وهي الإسلام، الذي تعتبر نظامًا مترابطًا متكاملًا من صدقه في حياته في كل مفرداته العقائدية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية والعملية، استطاع أن يكون منسجمًا مع نظام الاستقامة الكوني وينجح لأنه من ضمن منظومة الحق الذي أراده الله تعالى.
البعض يتصور بأن الله تعالى عندما أمرنا بالإسلام فرض علينا أوامر! لا، دلنا على الطريق، قال لنا إذا أردتم أن تنجحوا هذا هو الطريق، إذا أردتم أن تسعدوا هذه هي الطريق، إذا ظللتم عنها لن تعيشوا سعداء والشواهد موجودة في الدنيا من الأقوام والبشر، الخط المنصور هو خط الله تعالى الذي رسم معالمه في الحياة من أجلنا ومن أجل سعادتنا، ماذا في الخط المنصور؟ فيه الحق، والأخلاق، والعدل، والأمانة، وحسن الجوار، والتعامل بصدق، والمال الحلال، وأخلاقية التعاطي الاجتماعي، وحفظ الحقوق، وحفظ الواجبات، ألا ترون أن هذه المنظومة المتكاملة من مكارم الأخلاق وحسن المعاملات وضوابط العقيدة تساعد الإنسان في أن يكون من ضمن النظام الإلهي الذي لا يحيد قيد أنملة عن الحق، وعندها يحصل على كل مكاسب الطريق الحق التي أرادها الله تعالى، هذا هو الطريق، طريق الحق الذي نعمل له.
ماذا قال تعالى عن تصنيف الناس، صنفهم إلى صنفين، قال: " لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ "، قبل أن نتكلم عن الإيمان والكفر، ابتداءًا، بصرف النظر أيها الإنسان ماذا ستصبح عليه لاحقًا: صالح أو طالح، سأخلقك على شاكلة أحسن تقويم، هذا جزء من النظام الكوني، " ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ "، لماذا رده إلى أسفل سافلين؟ بسبب خياراته، ولماذا وضعه في أجرٍ غير ممنون؟ لأنه آمن وعمل صالحًا، إذًا ابتداءًا خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، هو الذي أساء لنفسه فانحدر، وهو الذي أحسن لنفسه فسما، من سار في طريق الحق سما، ومن سار في طريق الباطل هوى وانحدر.
من هنا كانت الآيات تبشرنا وتبلغنا كيف يمكن للإنسان أن يسير على طريق الحق، قال تعالى: " الَّذِينَ آمَنُوا " أول يجب أن يملك الإنسان الإيمان، وإذا لم يكن الإنسان مؤمنًا لا ينفعه شيء، " وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ "، هناك جهاد وهجرة من الباطل إلى الحق، والهجرة تعني حسب بعض العرفاء أعم من الهجرة في المكان، الهجرة في القناعة، الهجرة في الروح، الهجرة في التقرب، الهجرة في السلوك، فيهاجر من سلوك الباطل إلى سلوك الحق، من قناعة الانحراف إلى قناعة الإيمان، كما يهاجر من المكان الصعب إلى المكان السهل، والمجاهدة دفاع، ودفع للباطل أكان فردًا أو جماعة، أكان فكرة أو منكرًا أو فحشاء، أو كان أي عمل سيئ يجب أن تجاهده حتى تتمكن من حماية حقك الذي تحمله، " الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ "، كل ما يملكون من إمكانات مالية وجسدية وعقلية يجب أن تدَّخر من أجل هذا الخط، حتى تحمي الحق الذي تحمله، لا تفكر بأن الناس بانحرافهم يدعونك أن تحمل هذا الحق، أتعرفون أن أحد أهم أسباب فريضة الجهاد التي فرضها الله تعالى فقط ليحمي الإنسان نفسه من المنكرين والمنكرات، لأن جماعة الباطل لا يدعونا أن نلتزم بالحق، ولا يتركوننا نسير على طريق الإيمان، علينا أن نواجههم وندفعهم، ألا تلاحظون أنهم يحتلون أرضنا وأفكارنا وقناعاتنا ويفرضون علينا شروطهم، وإذا قلنا: لا، يحاصروننا ويعاقبوننا ويقتلوننا، ماذا نفعل حتى نحافظ على الحق، لا بدَّ أن نجاهد. هنا الجهاد عملٌ دفاعي حتى تحمي طريق الحق الذي تحمله وتؤمن به. فمن قال بذلك: " أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ"،أي أنهم يفوزون في الدنيا ويفوزون في الآخرة على طريق الحق عندما يعملون له ويجاهدون في سبيله.
ما هو مقابل طريق الحق؟ اليوم أي إنسان يخالف طريق الحق، اسأله هل طريق الحق جيد أم لا؟ يقول: جيد ، لقمة الحلال جيدة أم لا؟ يقول: جيدة ومليحة، لا أحد ينكر هذا الأمر، هل الأخلاق الحسنة سليمة أم لا؟ يقول: سليمة، فلماذا أخلاقك غير جيدة؟ فيقول بالأخلاق الجيدة لا تمشي أمورنا ولا نستفيد من شيء، فكيف تستفيد؟ إذا لم يقم بعمل بلطجي وسرقة من هنا وحرام من هناك، عليه أن يعيش لذة في الحياة، إذا بقينا مستقيمين لا لذة في الحياة الدنيا، فالنتيجة عنده: أن مصالحه وقناعاته المرتبطة بهواه هو الذي يحركه من أجل أن نختار في مقابل طريق الحق، إذًا المصالح والملذات الشخصية هي التي تجعل الإنسان يحيد عن طريق الحق، طبعًا ليس معلومًا أنه يتكلم كلامًا صحيحًا، لأنه في الحق ملذات لا تحصى ولا تعد في الدنيا والآخرة، أنا ضد من يقول بأن في الدنيا الإنسان المؤمن يُحرم من الملذات إذا كان متدينًا ولكن الله تعالى يعوض له في الآخرة، لا، الله تعالى يعطيك في الدنيا وفي الآخرة، تنفق في الدنيا وهذه من الملذات، يوفقك بالولد في الدنيا وهذه من الملذات، يُطعمك الطعام الحلال وهذه من الملذات، يجعلك تعيش الراحة النفسية وهذه من الملذات، كلها في طاعة الله على طريق الحق، فليغتض أولئك الكافرون الذين لن يستمتعوا لا بملذات الدنيا ولا بملذات الآخرة.
القاعدة الثانية: قال الإمام الحسين(ع): "ليرغب المؤمن في لقاء الله محقًا"، يعني أنَّ النتيجة التي يريد أن يصل إليها الإنسان هي لقاء الله تعالى في صحيفة الأعمال المليئة بالحسنات، طبيعي أن يفكر الإنسان بلقاء الله تعالى، فالدنيا ستين أو سبعين أو أكثر أو أقل، بعدها يوجد آخرة وفي الآخرة حساب وفي الحساب في جنة ونار، ماذا ستقول لرب العالمين في يوم القيامة، ستحمل صحيفة أعمالك في يوم القيامة. من هنا لا بدَّ أن يستعد الإنسان ليجيب على ربه عما أعطاه وفعله في الدنيا، فأنت أيها الإنسان لست متروكًا، الآن ترى نفسك أنك قوي وتقوم بما تريد، لا ، "خلق الإنسان ضعيفًا"، فمهما كبرت وتجبرت سيقهرك الموت، حاول الكثير أن يقوم باكتشافات طبية من أجل أن يجعلوا الخلايا تعيش خالدة ولا تفنى، لم يصلوا إلى نتيجة ولن يصلوا.لم يصل الإنسان ولن يصل إلى هذه الأمور بمعزل عن الله تعالى، في يوم من الأيام سيقف عند الله تعالى ويحاسبه، أين هي الأعمال التي كنت تقوم بها في الدنيا؟ ماذا سيكون جوابه في يوم القيامة؟
من هنا الإمام الحسين(ع) ربانا على أن نجاهد أنفسنا وأعداءنا لنتمكن من أن ننجح في طريق الحق فنحمل صحيفة الأعمال التي تكون مسار اقتيادنا للحساب وإلى جنة الله تعالى. على الإنسان أن يجاهد نفسه وأن يجاهد ضد الظلم والطغيان، يجاهد نفسه من أجل أن يسير على طريق الحق لأن النفس أمارة بالسوء، والإنسان عادة يميل إلى السهولة، وإذا استطاع أن يصل إلى كل شيء من دون أن يبذل جهدًا فلا مشكلة في ذلك، لكن لا يقدر أن يصل إلى العلى وإلى المراكز الكبرى وإلى المكتسبات إلاَّ إذا جاهد نفسه، وجهاد النفس يعني عليه أن يمتنع عن أشياء ويقوم بأشياء أخرى، فحتى تقدر أن تقود السيارة عليك أن تتعلم ساعات وساعات مع التعب حتى تقدر أن تقودها، وحتى تقدر أن تحافظ على صحتك عليك أن تلتزم بنصائح الطبيب في الممنوع والمسموح، هذه كلها ضوابط، الله تعالى خلقك أيها الإنسان في أحسن تقويم، وقال لك أن تختار الحلال والحرام، وما أجملها أنك مع كل قوتك فتقول: لا للحرام، نعم للحلال، لا للباطل نعم للاستقامة، لا للظلم نعم للعدالة، لا لقلة الدين والأخلاق، نعم للأخلاق والدين، هنا تجاهد نفسك وتنجح مع كل المكتسبات.
ويجب أن تجاهد عدوك أيضًا لأنك لا يمكن أن تمنع التسلط والظلم والاحتلال والعدوان إلاَّ بالجهاد، والجهاد فرض واجب من أجلك أيها الإنسان كي تنجح، فلو لم نجاهد في سبيل الله تعالى وقاتلنا من خلال المقاومة، ووقفنا بوجه إسرائيل، لا نخشى الله تعالى في الحق، وصممنا مع إخواننا وأحبائنا وأهلنا وأعزتنا ونسائنا ورجالنا، وعملنا وضحينا بالغالي والنفيس، من أجل العزة والكرامة. هل كان من الممكن أن نطرد إسرائيل التي لم يستطع كل من في المنطقة أن يطردوها؟ واستطاع المجاهدون أن يحققوا هذا الهدف، فخرجت إسرائيل ذليلة من لبنان بسواعد المجاهدين وإيمانهم. هل تطرد إسرائيل باجتماع على طاولة مستديرة! (يا إسرائيل والله ما معك حق، يوجد لياقة، وأحسن من هذا، إسرائيل تقول بأن الحق معها، وتناقشنا بالحق فيظهر أن الأرض أرضها والعدوان هو الحل، ويكون الاحتلال هو الأخلاق، والإجرام هو المبادئ السليمة التي يجب اعتمادها) ، فكيف تجيبهم؟ أن اذهبوا إلى الريس الكبير" أمريكا" أضرب وأضرب، يعني نروح من السيئ إلى الأسوأ، لا يوجد حل إلاَّ بالجهاد.
كيف يلاقي الإنسان الله تعالى؟ بهذا الجهاد الذي يحقق أحد أمرين: النصر أو الشهادة. أدعوكم أن تلتفتوا إلى هذه الآية الكريمة بمعانيها العظيمة " قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ"، يعني نحن رابحون، إن استشهدنا ربحنا وإن انتصرنا ربحنا، إن استشهدنا ربحنا أنفسنا بالشهادة وراكمنا عوامل الانتصار لأمتنا وانتقلنا إلى الله تعالى بمكانة عظيمة في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، فنحن بشهادتنا رابحون، وإذا انتصرنا عليكم وطردناكم وحررنا فنحن منصورون، فنحن على الخط المنصور بالشهادة أو النصر. أما أنتم، لا، " وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ"، فأنتم خاسرون على كل حال، فهل أنتم مقتنعون أنكم إذا احتليتم ربحتم!؟ لا، هذا أمر مؤقت، أو إذا أجرمتم فإنكم منصورون؟! لا، هذا مؤقت، أو إذا تسلطتم فإنكم خالدون في الدنيا أنتم وأبناءكم؟! لا هذا مؤقت، وهذا النصر لن يكون خيرًا لكم في الدنيا، أنتم مهزومون لأن صحيفة أعمالكم مليئة بالمنكرات، وستكونون في جهنم، والحال الثاني أننا سنطردكم ونقتلكم وأنتم الخاسرون على كل حال، جماعة الخط المنصور منصورون على كل حال، وجماعة الخط المهزوم مهزومون على كل حال، وعندما نقول أمام الملأ بأن نصر تموز 2006 هو نصر إلهي لأننا بحسب تعاليم القرآن الكريم نحن منصورون بنصر الله تعالى، ولأننا اخترنا الخط المنصور، فمن انتصر بالخط المنصور انتصر بنصر الله تعالى وهذا هو النصر الإلهي.
الإمام الخامنئي(حفظه الله) يقول: " إنَّ العمل الّذي جرى في زمن الإمام الحسين(ع) كانت نسخته المصغّرة في عصر إمامنا الخميني(قده), غاية الأمر أنَّه هناك انتهى إلى الشهادة وهنا انتهى إلى الحُكم، فهما أمرٌ واحد ولا فرق بينهما"، الإمام الحسين(ع) ذهب إلى إحدى الحسنيين، الشهادة، والإمام الخميني(قده) ذهب إلى إحدى الحسنيين، النصر والحكم، لكن الاثنين انتصرا مع اختلاف المقام والظروف.
نحن واثقون أن هذا الخط هو الخط الخالد والخط المنصور، ومؤمنون بما قاله رسول الله(ص): " أبشروا بالمهدي- قالها ثلاثاً- يخرج على حين اختلاف من الناس، وزلزالٍ شديد، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، يملأ قلوب عبادِه عبادة، ويسعهم عدله "، هذا هو الإمام الذي ننتظره.
البعض يقول: هل من معقولة أنكم في هذا الزمن المعاصر بانتظار إمام غائب؟ نحن بدأنا بطريقة صحيحة، بدأنا بالخط المنصور، سألنا رب العالمين دلنا على رسوله محمد(ص)، سألنا الله تعالى ومحمد(ص) دلَّنا على الإمام علي(ع)، سألنا الله ومحمد وعلي دلُّونا على الأئمة(عم)، سألناهم(عم) دلُّونا على الإمام المهدي(عج)، في كل التجارب التي مرَّت معنا ما قالوه هو الصدق والحق، نحن نؤمن بالإمام المهدي(عج) وإن شاء الله تعالى نكون من جنوده(عج).
القاعدة الثالثة: سعادة الموت، "إني لا أرى الموت إلاَّ سعادة"، كربلاء هي القمة، ولكنها طريق السعادة الحقيقية لأن الإمام الحسين(ع) سار في كل حياته وعند انطلاقه إلى كربلاء من أجل طريق الحق، إذًا هو يسير على طريق السعادة وطريق الحق، ولذلك استشهد على هذه الطريق، وشهادته مفردة من مفردات عطاءاته، فنحن نقول: سيد الشهداء لأن الشهادة كانت عظيمة، لكن الإمام الحسين(ع) ليس فقط شهادة، الإمام الحسين أخلاق، وإيمان، وعبادة، وقائد، وليّ، وموجه ومعطاء ومعلم ومربي، كل هذه الصفات موجودة في الإمام الحسين(ع)، لأن الخط المنصور يحمل هذه الصفات، فكيف إذا كان قائده هو الذي يحمل الكمال والعصمة، عندها سيكون في أروع مقام ومكانة وأروع شهادة.
الله تعالى وعدنا بالنصر " وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "، ممكن البعض أن يتفاجأ البعض من الذي يسمعون، فيقولون يذهب لكم شهداء وتقولون الخط المنصور، فالله تعالى يقول الخط المنصور فيه شهادة وفيه نصر، لا يوجد ثالث، والاثنين الحمد لله رب العالمين ننالهم ونحصل عليهم، مرة شهداء ومرة انتصارات وهكذا، ولذلك سعادة الموت التي تحدث عنها الإمام الحسين(ع) هي السعادة بأن يصل الإنسان إلى ختام حياته التي ختمها الله تعالى في لحظة يعبد فيها الله ويحمل لواء الحق ويقاتل من أجل الحق فينتقل بسيفه وجبته وعمامته وعطاءاته إلى الملائكة تحمل إلى الرفيق الأعلى وهو في ساحة الجهاد في سبيل الله تعالى.
وهنا ألفت إلى أمرٍ مهم، شهادة الإمام الحسين(ع) هي شهادة المبادرة والحضور في الميدان، لصالح مستقبل الأمة، وليست شهادة أو موت الضرورة، لا، هو اختار، اختار الطريق فتوفق للشهادة. إمامنا علي(ع) يقول: "فالموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين"، أي حياة هذه التي يعيشها الإنسان وهو ذليل! أي موتٍ هذا وصيته وسمعته بسبب شهادته ملأت الآفاق فضلًا عن توفيق الله تعالى له في يوم القيامة! معنى الموت في الحياة مختلف، لذلك الإمام الحسين(ع) " لا أرى الموت إلاَّ سعادة"، لأن الموت مع الجهاد والشهادة يؤدي إلى السعادة، ولأن الموت في طريق الحق يؤدي إلى السعادة، ولأن الموت الذي هو أجلٌ من الله تعالى عندما يحين وقته نسأل الله تعالى أن نكون على طريق الحق، هذا هو موت السعادة. فالإنسان يجب أن يكون على جهوزية كاملة في طريق الحق، إذا جاء الأجل الحمد لله هو على جهوزية، لا نعظمها ولا نكبرها على أنفسنا.
اليوم هذا النصر هل يحصل كيفما كان؟ كل خطوة في طريق الحق هي نصر، يقول تعالى عن النبي(ص) عندما ذهب من مكة المكرمة وكان القوم مجتمعين على أساس أن يقتلوا النبي(ص) فحماه الله تعالى فخرج إلى الغار، وجاء العنكبوت ونسج بيتًا، وكان هناك حمامة صنعت عشُا لبيضها، وكلما كانوا يفتشون يصلوا إلى هذا المكان، ويقولون: ليس من المعقول أن يكونوا في الداخل وخيط العنكبوت منسوج والحمام موجود أيضًا، يقول تعالى: " إِلاَ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، هذا انتصار، كل خطوة ينجح فيها الحق هو انتصار، عندما يزيد عددنا في طاعة الله تعالى انتصار، عندما نضرب إسرائيل كفًّا فهذا انتصار، عندما نحقق إنجازًا في معركة صغيرة انتصار، عندما لا تقدر أن تحقق أمريكا والغرب أطماعهم في لبنان أو في سوريا أو اليمن أو إيران أو فلسطين أو أي مكان انتصار، ومن لا يراه هكذا فهم لا يرون "لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"، ألم تروا أن إسرائيل قالت بأنها ستسحق حزب الله وحزب الله بقي واندحرت إسرائيل، ألم تروا معادلة الردع، على كل حال هذا آخر همنا، المهم أننا مقتنعون بأننا منصورون على الخط المنصور إن شاء الله تعالى أعجبهم أم لا.
الإمام الخميني(قده) يقول: " فالعبرة في النتيجة النهائية التي برزت جليًا إثرَ شهادة الإمام الحسين(ع) ومن معه في إسقاط حكم بني أمية، وارتفاع راية الإسلام المحمدي الأصيل"، يجب أن نرى الآثار التي تترتب على هذه الشهادة، والشهادة بحد ذاتها نصر، فكيف إذا كان لها آثار كبيرة.
القاعدة الرابعة: عدم الاستسلام، عندما قال الإمام الحسين(ع): "والحياة مع الظالمين إلاَّ برما"، البرم يعني سخط وغضب ..، الاستسلام هكذا يجعل الإنسان في أسفل مرتبة يمكن أن يعيشها، للأسف هناك أناس غير حاضرين للاقتناع بالحق والسير معه، فماذا نفعل معهم؟ نقوم بتكليفنا، وتكليفنا أن نعمل في طاعة الله تعالى "بل الإنسان على نفسه بصيرا ولو ألقى معاذيره"، سأعطيكم نموذج في التاريخ والآن، الله تعالى يذكر لنا كيف أن جماعة يأتيهم النبي ليدعوهم إلى الله تعالى، فيقولون له"وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ"، المترفون هم القيادات، والرعية وراءهم، هم على عادات معينة ولا يقبلون النقاش، "قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ"، لا يقبلون النقاش ولا الحوار، يسيرون على باطلهم، نحن لا يمكن أن نستسلم يجب أن نواجه الفساد بأشكاله المختلفة، وأن لا نستسلم سواء كان الفساد فكريًا أو عقائديًا أو ثقافيًا أو أخلاقيًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا أو عسكريًا، كل أنواع الفساد يجب علينا أن نواجهها، هكذا تعلَّمنا، وهكذا علمنا الإمام الحسين(ع)، وتلاحظون عندما يسير أحد في الخط المنصور كل ما عنده جيد في السياسي والأخلاق والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية، وكذلك عندما يسير أحد في الفساد إجمالًا كل أنواع الفساد يسير فيها، إلاَّ من رحم الله تعالى، المفروض أن نواجه هذا الفساد، وهذا الفساد موجود في كل مكان، موجود عند بعض الشباب، وبعض الأهل، وموجود في التربية الخاطئة أحيانًا، موجود في قبول المنكرات والعمل عليها، موجود في السكوت عن المنكرات، المنكرات عادة تتجمع، فالإنسان لا يكون كافر أصليًّا في أول الأمر، لا، فالأمر بالبناء أو فساد وبعده ثاني فساد وهكذا حتى يكون فاسدًا أصليًّا، أو أحد يقول هذا المنكر فلنساير الآخرين فيه لا مشكلة، دعونا إلى مكان فيه فساد ومنكرات وهذا محرم في الإسلام ولكن مرة في السنة تمر، فالحرام حرام، ولا تمر مرور الكرام، فاليوم لا أحد يمنع من الحداثة والتواصل الاجتماعي ولكن ألا يصح أن نستعملها بطريقة شريفة وصحيحة، استعملها للتواصل مع الصديق أو لإيصال معلومة أو للتسلية لا مشكلة، ولكن تستعملها من أجل البهتان وبث الإشعاعات والفتنة والغيبة وإساءة للسمعة، أو نشر بعض الأفلام الإباحية، من أجل أن تفسد الأجيال، هذا حرام. إن الذي يعمل بالمنكرات مستسلم للفساد والظلم، نسأله طريق الحق صحيح أو لا، يقول: صحيح، فلماذا لا تعمل له؟ ضعيف عاجز وإن ادَّعى أنه يعمل عن قناعة للمنكرات، علينا أن ننتبه.
أنتم اليوم أيها الحسينيون والزينبيات، والله لكم وزن كبير وشأن عظيم، لماذا؟ لأن أمام كل هذه المنكرات التي ترونها أصريتم على الخط المنصور، خط الحق، وعملتم خلاف الكثيرين من الناس فيي العالم، ولكن الله تعالى كرمكم ونصركم وأعطاكم لأنكم تستحقون ذلك، ومن كان مع محمد وآل محمد(عم) فهو منصور.
إذًا حديث الإمام الحسين(ع): "ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه! ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموت إلاَّ سعادة، الحياة مع الظالمين إلاَّ برما (مضجرا)"، فيها أربع قواعد:
من حققها كان على الخط المنصور وكان ملتزمًا مع التكوين الإلهي لهذه الحياة.
اليوم استطاع حزب الله في لبنان أن يثبت معادلة القوة، لأن الحق وحده لا يمكن أن ينتصر إن لم يكن وراءه من يدعمه بالقوة ليحافظ عليها.يجب أن نكون أقوياء لنحمي حقنا وخطنا.
لقد أوجد الغرب إسرائيل في منطقتنا بالقوة، واحتل الصهاينة فلسطين بالإجرام والعدوان والاحتلال والتسلط والقوة، وما تحرَّر في لبنان في لبنان وفلسطين والمنطقة حصل ببركة جهاد المقاومين وجهاد الشعوب والجيوش والقوة والتضحية، ، ما كان لبنان ليتحرر لولا معادلة المقاومة والجيش والشعب، هذه المقاومة تحرر وتحمي، إذا كان التحرير يأخذ وقت سنة أو سنتان أو أكثر فالحماية تأخذ مئات السنين وربما أكثر، المقاومة تحرر وتحمي لأننا لا نعرف أي ساعة تبدأ إسرائيل عدوانها (ليس لها رباط) يجب إزالتها من الوجود حتى ذلك الوقت فرج ورحمة.
حاولت إسرائيل تعويض هزيمتها بتحرير سنة 2000 من خلال عدوان تموز سنة 2016 ولكنها هُزمت مجددًا ولم تعاود احتلالها للبنان ولا من ضرب منظومة القوة عند مقاومة حزب الله ففشلت وانهزمت، هي حائرة بعد سنة 2006، كيف تربح علينا من دون حرب؟ لأننا نربح عليها في الحرب، وكيف تراكم إنجازاتها بأعمال أمنية وعسكرية محدودة، لقد أرغمت المقاومة إسرائيل على قواعد اشتباك، أدَّت إلى ردعها العين بالعين والسن بالسن والقتل بالقتل، وبالتالي أي اعتداء يحصل التزمت المقاومة بالرد عليها، في الوقت الذي تزداد فيه المقاومة قوة وشعبية والتفافًا سياسيًا وقدرة على بناء التحالفات الواسعة، ونجاحًا في داخل محور المقاومة مع محور المقاومة أيضًا، هذه إنجازات عظيمة، يُضاف إليها إنجازات وطنية في الوحدة وبناء الدولة وإسقاط أدوات إسرائيل وعملائها وآخرهم الإرهاب التكفيري من شرق لبنان في منطقة البقاع.
هم يريدون تغيير قواعد الاشتباك من خلال العدوان الذي حصل في سوريا، وأرادوا القيام بعملية أمنية في الضاحية من دون بصمات، لكنهم انكشفوا بحمد الله تعالى متلبسين بالجرم المشهود وإن سكتوا لفترة من الزمن علَّهم يتجاوزوا أن يتحملوا المسؤولية، وإذ بها تلبسهم مئة بالمئة بتوفيق الله وتسديده الله وتوفيق الله ونصر الله. لذا عليهم أن يدفعوا الثمن، حزب الله يريد المحافظة على الردع، وعلى قواعد الاشتباك لمنع الأخطر، وما هذا الالتفاف الشعبي والرسمي حول الرد إلاَّ نتيجة طبيعية لصوابية وضرورة خيار المقاومة واستمرارها قوة لحماية لبنان وحماية خياراتنا السياسية الحرة والعزيزة.
نحن في الخط المنصور قولًا وعملًا، وإن شاء الله تعالى نبقى كذلك، قائدنا الحسين(ع) سيد شهداء أهل الجنة، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله وابن أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليكم وعلى الأرواح التي حلَّت بفنائكم، عليكم مني سلام الله أبدًا ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.