محاضرات

الشيخ نعيم قاسم: كل ما عندنا من عاشوراء.

الشيخ نعيم قاسم: كل ما عندنا من عاشوراء.
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم في المجلس العاشورائي في مدرسة الإناث – الغربية، في الليلة العاشرة من محرم الحرام 1439 هـ، 30/09/2017م. تحت عنوان: كل ما عندنا من عاشوراء.

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق  مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله وابن أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليكم مني سلام الله ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم. أيها الأخوة والأخوات, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عاشوراء هي الإسلام، قالها الإمام الخميني(قده): "كل ما لدينا من عاشوراء"، وهو لم يقصد بكلامه أن يتحدث بطريقة إيجابية عن عاشوراء وإن كان هذا الأمر موجودًا، ولكن كان يصف حقيقة عاشوراء وتأثيرها في حياتنا فقال: "كل ما لدينا من عاشوراء"، لماذا؟ الإمام الحسين(ع) خرج من المدينة المنورة للإصلاح في أمة جده(ص) من أجل إحياء الإسلام المحمدي الأصيل، هذا من عاشوراء. 

جمع أهل بيته وأصحابه ودخلوا إلى معركة واحدة لإحياء الدين, ليقول بأنَّ كل أفراد المجتمع معنيون بحماية الإسلام، هذا من عاشوراء. 

جاهد في سبيل الله مع أهل بيته وأصحابه وقاتل وقُتل واستشهد واستشهدوا, ليقول لنا بأن الجهاد أساسٌ من أسس الإسلام, وبابٌ من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، وعلى الذين يؤمنون بالإسلام أن يعدُّوا أنفسهم للجهاد, ويكونوا مستعدين للشهادة، وهذا من عاشوراء. 

طلب أن يصلي ليلة العاشر, وأن تؤجل المعركة إلى اليوم التالي ليُعرِّفنا أهمية العبادة لله تعالى وقراءة القرآن وإحياء الليالي في طاعة الله تعالى, فهي الذخيرة الحقيقية التي يستطيع الإنسان أن يستمدَّ منها طاقته وقوته وجهاده ومواجهته لشؤون الحياة، وهذا من عاشوراء.

فتشوا لي عن أي أمر من أمور الإسلام لم يكن مدرجًا في حياة وحركة وجهاد وشهادة الإمام الحسين(ع) وما جرى مع النساء وعلى رأسهم السيدة زينب(عها)، لذا كل ما عندنا من عاشوراء.

لأنَّ الإمام الحسين(ع) كان يعمل من أجل تثبيت هذا الدين، فإذًا هو في حياته وفي شهادته وفي حركته وفي كل ما قام به إنما قام به في سبيل الله تعالى من أجل إحياء الدين. وهذا القول للإمام الخميني(قده) قد سبقه إليه رسول الله محمد(ص) عندما قال: "حسينٌ مني وأنا من حسين أحبَّ الله من أحب حسينا"، حسينٌ مني بالولادة واضح، والنبي من الحسين يعني استمرار ذكر النبي(ص) واستمرار رسالة الإسلام، واستمرار نقاء الخط الإلهي، واستمرار رفع راية الحق، واستمرار العمل لتسليم الراية لصاحب العصر والزمان(عج)، وأنا من حسين، أي أني استمر بدعوتي إلى الله وأؤثر في حياة الأمة باسم الإسلام ببركة وشهادة الإمام الحسين(ع) ومن معه من أهل بيته وأصحابه.

إذًا نحن أمام عاشوراء الإسلام، عاشوراء إحياء الدين. لماذا يريد الإمام الحسين(ع) أن يُحيي الدين فينا؟ لأنَّه كما أراد رسول الله(ص) المرسل من عند الله تعالى أن يهدي الناس إلى دين الله فهو يتابع المسيرة. 

الأمر الأول: التمسك بالحق: كيف تكون الهداية؟ قال رسول الله(ص) للناس عندما سألوه: ماذا تريد منا؟ نحن نعبد الحجارة ... وتريد أن تغير عاداتنا وتقاليدنا وما عليه آباؤنا، قال(ص) أريد أمرًا واحدًا: "قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا"، أدعوكم إلى أن تؤمنوا بالله الخالق، وأنه واحدٌ أحد، وأنه هو الذي خلقكم, وهو الذي وضع لكم منهاج حياتكم، وهو الذي تعودون إليه في يوم القيامة ليحاسبكم, فقولوا لا إله إلا الله والتزموا بدين الله تُفلحوا، ولا يوجد حلٌّ آخر. إذا اعتقد أحدهم في هذه الدنيا بأنه يربح وينجح ويتوفق من دون دين الله تعالى فهو مُخطئ، وها نحن نرى العالم: كل الذين ابتعدوا عن دين الله، وكل الذين ركنوا إلى أهوائهم، وكل الذين فسدوا وظلموا وأساؤوا وأخذوا المال الحرام، وتصرفوا في عباد الله بالإثم والعدوان، كلُّهم فشلوا في الدنيا, ورأينا عِبَرَهُم بأعيننا. الوحيدون الذين فازوا في الدنيا هم من ساروا على نهج محمد وآل محمد(عم) .

إذًا وظيفتنا في عاشوراء أن نعمل للحق، وأن نسعى لتثبيت هذا الحق كمنهج ومرجعية في حياتنا، الإمام الحسينع وهو في الطريق في منطقة اسمها "ذي حسم"، قال للعسكر الآخر وبحضور أصحابه أيضًا: "ألا ترونَ أن الحق لا يُعملُ به وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغبَ المؤمن في لقاء ربه مُحقًّا, فإنِّي لا أرى الموت إلا سعادةً والحياةَ مع الظالمين إلا بَرَما"، يقول لهم: أنا أعمل لأن الحق يُنتهك، وأفكارًا خاطئة تُنشر، يقولون لكم أن الحكم هو لمن يرثه عن أبيه حتى ولو كان فاسقًا فاجرًا! يقولون لكم أن هذا الإمام سيد شباب أهل الجنة ليس محلًا للطاعة ولا لتعاليم الإسلام! يقولون لكم بعدم جواز التحرك من أجل مواجهة لظلم...، إذًا الإمامع يريد تصحيح المفاهيم والقناعات والأفكار. لا تتوقفوا فقط عند الحادثة في عاشوراء، كربلاء هي نتيجةُ مسارٍ طويل سلكه الإمام الحسين(ع) من أجل أن يثبت الحق. هذا هو حواره مع والي المدينة، وحواره مع الجماعة الذين ناقشوه في مكة المكرمة قبل أن ينتقل، وحواره مع الذين اتصلوا به أثناء الطريق، وحواره مع جماعة الحر قبل أن ينتقل الحر إلى معسكر الإمام الحسين(ع)، وحواره مع الجماعة عندما أرادوا قتاله يوم عاشوراء، وحواره مع أصحابه وأهل بيته، اجمعوا كلمات الإمام الحسين التي قالها تجدون مدرسةً في التوجيه الثقافي الإيماني التربوي الذي يبيِّن الحق من الباطل, والذي ينبِّه إلى أخطار وأخطار يمكن أن يقع فيها الإنسان وينحرف بها عن طاعة الله تعالى. فإذًا كان الإمام الحسين(ع) يريدُ تثبيت الحق.

يقول الله تعالى: "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ"، من كان يريد أن يبحث عن الحق عليه الرجوع إلى الإسلام، وليس أن يفتش عن الحق عن طريق الإنترنت ويسمع للفيلسوف الروسي والألماني ... فيحلِّل ما يريد ويُحرِّم ما يريد!، أهلًا وسهلًا فيك، فيلسوف زمانك، ستضيع بين هذه الأمور، هل تعرف من منهم مع الحق!؟

عندما ندرس في العلوم الدينية، الشيخ الأنصاري وهو من العلماء الكبار جدًا ومن المعروفين، في كتابه الذي ندرسه يعطي مسألة من المسائل ويأتي بأدلة ويناقش، قبل أن يعرف الطلاب نمط الشيخ الأنصاري يقولون معه حق مع أنَّها مسألة خاطئة!؟ ويأخذك إلى مسألة أخرى، ويأخذك إلى ثالثة, ويعطي أدلة, فتقول معه حق, فيتبيَّن أنَّها مسألة خاطئة، ثلاث أو أربع مرات ليبين للإنسان أنه إذا قُدِّمت له بعض الآراء ولم ينتبه للزوايا الخفية والخاطئة فسيقع في الاستنتاج الخاطىء، هذا ونتكلم عن علماء وطلبة علوم دينية  (أوقعهم الشيخ الأنصاري ورجع وطلعهم من البئر)، فهل أنت تريد أن تختار وتدرس وتستنتج وحدك لتصل إلى القناعات الحقَّة؟ كم هي إمكانات عقلك من المعلومات وقدراتك كي تصل إلى الحقيقة، رب العالمين يقول لك: لا تتردَّد, وأنا أعرف ما تريده وما تحتاجه، خذ هذه النتيجة من خلال الدين، ولكنَّ الإنسان جهولٌ لا يرضى.

الإسلام الذي أرسله الله تعالى لنا وقال عنه: " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ "، هو حلٌّ لحياتنا، ونحن بحاجة إلى منهج لنعرف كيف نسير ونأكل ونشرب ونتكلم وكيف نربي أولادنا، ونعرف كيف نتعامل مع بعضنا في المجتمع، وكيف ندير سياستنا واقتصادنا وتجارتنا ...كل هذا موجودٌ في الإسلام الذي يعطيك الحلول من أجل أن تعيش سعيدًا, فهذا هو الحل.

الإمام علي(ع) يدلنا على طريقة للتعرُّف على الحق،  يقول الإمام(ع): "لا تعرِّف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله"، فجماعة داعش يقولون بأن الإسلام عندهم، فالله تعالى أعطاهم التعليمات وهم يوصلونها إلى الناس، فإذا سألتهم كيف يكون الإسلام عندكم؟ يقولون هذا تفسيرنا وفهمنا وقناعاتنا. فلنناقشهم: الله تعالى يقول: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"؟ هل يوجد لديكم رحمة؟ لا يوجد شيء قمتم فيه يدل على الرحمة. النبي(ص) يقول: "المسلم للمسلم حرام، دمه وماله وعرضه"، فأنتم تدخلون في أموال وأعراض ودماء المسلمين وتهتكونها. ويقولون: نحن نقوم بذلك من أجل أن تؤمن الناس بالله تعالى! أنت تريد جعل الناس تؤمن بالله! والله تعالى يقول: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"، أين أنتم من ذلك؟ والله تعالى قال أيضًا: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاء فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاء فَلْيَكْفُرْ"، ولو شاء الله تعالى لجعل كل الناس مؤمنين، فهو الذي خلق الملائكة مؤمنين ومطيعين لا يعصون الله تعالى أبدًا, بينما أراد الله تعالى أن يخلق البشر مخيرين فليؤمن من يؤمن وليكفر من يكفر، فليست وظيفتك الزام الناس بالإيمان، الله تعالى تركهم ليؤمنوا أو يكفروا وليتحملوا مسؤوليتهم. إذًا كيف نعرف أنهم على باطل، وأنهم يخالفون تعاليم الإسلام؟ الله تعالى يقول بالرحمة وهم من دون رحمة، الله يقول بتخيير الإنسان وهم لا يخيرون الإنسان، الله تعالى يعلمنا كيف نحترم الأموال والدماء والمسلم للمسلم حرام، وهم يقومون بكل شيء يخالف الإسلام، إذًا النتيجة: هؤلاء لا يطبقون الإسلام، وإنما يتلبَّسون الإسلام من أجل استخدامه كطريق للاساءة، لا يتميزون أبدًا عن يزيد ومن معه، وهذا ما دفع الإمام الحسين(ع) أن يخرج لينقِّي الإسلام من أمثال هؤلاء، وقالها بالفم الملآن : مثلي لا يبايع مثله، يزيد شاربٌ للخمر, قاتل النفس المحترمة"، ولا يمكن أن يكون خليفة للمسلمين، من هنا إذا عرفنا الحق نعرف من هو مع الحق، وبالتالي لا تعرِّف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله، كما قال أمير المؤمنين(ع). 

الأمر الثاني: الإسلام متنوع يشمل كل نواحي الحياة من دون استثناء. هناك جماعة يقولون الإسلام عبادة (صلاة وصوم وذهاب إلى المساجد...) وعندما ينتهي من العبادة عدا ذلك لا يطبق الإسلام في السياسة، والأموال، والعلاقات الاجتماعية.... 

وآخرون قالوا: الإسلام عصبية، يعني مفروض أن نكون كمسلمين جماعة مع بعضنا بعضًا ونشد أزر بعضنا بعضًا سواءً أقمنا الصلاة أم لم نقمها, فالمهم أن نتعصَّب للإسلام.

وآخرون قالوا: الإسلام سياسة، نرفع الشعارات تحت عنوان الإسلام, ولكن يمكن لرافع الشعارات أن لا يصلي ولا يصوم ولا يطيع الله تعالى.

أتى الإمام الحسين(ع) وقال: الإسلام كل شيء، الإسلام عبادة وهو صلَّى، الإسلام جهاد وهو جاهد، الإسلام عمل مشترك مع المرأة وهي كانت في كربلاء، الإسلام إعلام وكان الإعلام موجودًا، الإسلام وقوف بوجه الظالم....، الإسلام هو كل هذه المنظومة، لذلك إذا أراد أحدنا أن يُحيي ذكرى ومبادئ الإمام الحسين(ع) عليه أن يعيد النظر بكل حياته, كيف يتصرف إسلاميًا بعلاقته مع ربه، وتربية ابنائه، وكيف يُحصِّل أمواله، إذا كان الطعام والشراب حلالًا أم حرامًا، والعلاقات الاجتماعية هل هي محلَّلة أو محرمة....

سابقًا كانوا يستمعون إلى مجالس عاشوراء، كانوا يقولون لي: كنا نجتمع في منزل، وكان يطلع واحد على السطح، فيبدأون مجلس العزاء والشخص الموجود على السطح يراقب, حتى إذا أتت دورية أو "كبسة" يعطي إشارة فيغيرون الموضوع. لطالما سألت نفسي : إذا كان الناس يقيمون مجالس العزاء ليبكوا فاتركوهم يبكون. هم يفهمون أن هذه المجالس ليست للبكاء فقط، هي مجالس شد عصب حول الإمام الحسين(ع), وتعلُّق بالإمام الحسين(ع)، وتعرُّف على السيدة زينب(عها)، هي ارتباط بتعاليم الإسلام، فإذا تركوهم سيعرفون الحق أكثر ويرتبطون به، وستخرِّج هذه المجالس مجاهدين, لذا كانوا يقمعونها. والحمد الله استطاعت هذه المجالس أن تنطلق وتكبر وتنو ببركة الحسينيين والزينبيات وما فعله أئمتنا(عم) وعلماؤنا وكل المهتمين بهذا الأمر، والآن اسم الحسين(ع) يصدح في العالم، وزينب(عها) تحمل الراية لتقول للعالم بأسره:  هؤلاء رجال الله وأنصار الله استطاعوا أن يرفعوا كرامتنا ومعنوياتنا ويحققوا الانتصار، فالإسلام يشمل كل نواحي الحياة.

الأمر الثالث: عليكم أن تنتبهوا من الحرب الناعمة التي تُشن علينا من أجل حرفنا عن الاتجاه، كيف ذلك؟ يقولون لنا أنتم كحزب الله لا يوجد من هو أفضل منكم في المقاومة، نؤيدكم ونبارك لكم وندعمكم، ولكن هذا الدين الذي تحملونه لا يعجبنا كثيرًا، يعني لو كنتم مقاومة من دون دين فهذا شيء مشرِّف! من يتكلم بهذه اللغة هو إبليس. لولا هذا الدين هل كانت المقاومة موجودة؟ لولا هذا السجود لله تعالى هل كانت هذه الجرأة؟ لولا هذا الحب لزينب والحسين(عما) لما كان هذا القتال وهذه الشهادة، لولا أننا تربينا مع محمد وآل محمد(ص) لما كان يمكن أن تكون هذه الطليعة التي قهرت أعداء الله الإسرائيليين والإرهابيين.

انتبهوا إلى الحرب الناعمة التي تُشن علينا، وأحيانًا هناك أناس تتأثر بسبب وسائل التواصل الاجتماعي والاحتكاكات والجامعة وما شابه، يحملون بعض الأفكار الخاطئة، وينتقدون بعض الأحكام الإسلامية وهي من الإسلام. رب سائل مثلًا: مولانا هل يوجد إمكانية لإعادة النظر بالحجاب؟ يقولون بأن الحجاب كان موجودًا في الجاهلية وأتى الإسلام وتبنى الحجاب؟ ما تقولون؟ هذا الحجاب من أُسس الإسلام، لا نبحث في الحجاب بأنه عصري أو لا، موديله يناسب القرن الحالي أو لا يناسبه، لا، الحجاب هو لهذه المرأة الطاهرة المؤمنة الجميلة الذي خلقها الله تعالى بكل الإمكانات التي لديها من أجل أن يحميها ويحفظها ويحمي المجتمع ويحفظه، فهذا الحجاب جزء من إقامة الإسلام وقيام التربية الصحيحة، فكيف تناقشون إذا كان الحجاب يستمر للقرن الواحد والعشرين أم لا؟.

منذ حوالى شهر ونصف تقريبًا، سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله ورعاه)، واحدة من التوجيهات التربوية، قال: أنا أدعو إلى الزواج المبكر الذي يدعو إليه الإسلام، قامت الدنيا ولم تقعد عند غير المتدينين، ووضعوا بعض الإعلانات في الشوارع "زيجتي جنازتي"، فإذا تزوجت البنت بسن مبكرة معنى ذلك أنها ذهبت إلى القبر! وبدأوا يضخون الأفكار السيئة، كي نقول كمتدينين: الفضل أن لا نطرح مثل هذه الموضوعات!. لماذا نتراجع بسرعة؟ ما قاله سماحة السيد صحيح، أنتِ يا أختي إذا كنت لا تريدين الزواج إلَّا وعمرك 50 سنة لا مشكلة, انتظري، وإذا طالع معك الزواج بنت 16 فتزوجي، أو بنت 25 سنة فتزوجي، لا أحد يلزم أحدًا. أنتَ عندما تريد أن تختار زوجة لك فأنت حر, أن يكون اختيارك لبنت 16 أو 18 أو 20 أو 25 أو43..، فالإسلام لم يقل يجب، بل قال نشجع على الزواج المبكر. لماذا هذا التشجيع؟ لتحصين كل من الرجل والمرأة بسبب الواقع الاجتماعي الموجود والحالة الجنسية التي تؤثر في الانحراف عند الشباب، فيكون الزواج المبكر عبارة عن حماية، وإذا كان الشخص غير قادر على الزواج فلا مشكلة أن يؤخره، أو كان غير مقتنع بالتبكير فلا مشكلة على مهله، ولكن هذا هو الإسلام. 

في الليلة الثانية من محرم الحرامو في المجلس المركزي كنت أتحدث عن مسؤوليتنا في التربية، ذكرت أن المعلم الذي لديه مشاكل، لا يأتي بمشاكله إلى المدرسة ويربي الأولاد على المشاكل الخاصة به، والمعلمة المطلقة إذا كان لديها مشاكل لا تأتي بمشاكلها إلى المدرسة وتؤثر على الأولاد. الجماعة الثانية غير المتدينين اخذوا كلمة مطلقة وليس المعلمة المطلقة التي لديها مشاكل، لا، أخذوا كلمة مطلقة، وشنوا حملة طويلة عريضة، أننا نتكلم على المطلقات، والمطلقات يرفضن ذلك، المطلقات يعترضن، المطلقات ضد هذا التوجه. قمنا بتوضيح ذلك وبيَّناه، يا جماعة: الطلاق في الإسلام مشروع، أبغض الحلال عند الله الطلاق، ولكنَّه حلال، لأنَّه حلٌّ لمشكلة، وبالعكس تميز الإسلام أنَّه أفسح بالمجال إذ ما اختلف الزوجان ولم يجدا حلّا أن يتطلقا. من قال أن الإسلام ضد الطلاق وضد المطلقات، المطلقة إنسانة لها كامل الصلاحيات، فإذا حصلت مشكلة اجتماعية وتطلقت خيرٌ إن شاء الله، الله يفتح عليها, ويمكن أن تتزوج ثانية وتحل مشاكلها, ولا يكون تقييمها على هذا الأساس. قيمتها بعملها وصلاحها وأخلاقها واستقامتها وطاعتها لربها وليس بحالتها الاجتماعية مطلقة أو متزوجة أو عزباء. لماذا شنوا هذه الحملة برأيكم؟ لأنهم يريدون أن لا نتكلم ونرتبك ولا نتكلم أي كلمة لها علاقة بالدين يُبين فيها البناء التربوي الصالح، كي  لا نتكلم على المنابر بهذا النوع من الكلام، (فشروا)، سنبقى نتكلم عن الإسلام كما قال الله تعالى, وسيبقى صوت الحق صادحًا إن شاء الله, وسينتصر في نهاية المطاف.

بعض المواقع كانوا أجرأ، قالوا: هل سمعتم خطبته؟ جمعوا حوالى 12 بندًا، وقالوا انظروا ماذا يقول: يتكلم عن حرمة الاختلاط، وأن لا تتكلم المتزوجة على الواتس أب مع الرجل...، المشكلة في هذا الخطاب وفي أمثاله، أنهم يدعون إلى أفكار تخالف الوطنية في لبنان! واضح، أنهم جماعة يتخذون خطًا فكريًا مختلفًا عن خطنا، ويحاولون أن يسمموا الأفكار التي نحملها حتى يؤثروا في ساحتنا لنقول: فلنسكت عن إثارة هذه الموضوعات، لا. كل عمل وحركة الإمام الحسين(ع) من أجل قول الحق, الخليفة يدعي أنه على حق, وأنا الحسين أقول بأنه على باطل، وأن الإسلام يأمرني أن أقف ضد الباطل ليرتفع علم الحق عاليًا لتعرف الأمة مصيرها ومستقبلها، فالمسألة ترتبط بتكليفنا أن نقول الحق ونبيِّن الأحكام الشرعية.

انتبهوا، انهم يعملون علينا لتسميم أفكارنا، ويأتي بعض الأشخاص ويقول: مولانا لماذا تضيقون علينا كثيرًا في حفلات الزواج؟ بماذا نضيق عليكم؟ يقول: فهمنا أن الحرام حرام، ولكن ليلة الزواج وحفلة الزواج (حيدوها عن الشرع!). من أين تأتون بهذا الأفكار؟ إذا أراد الشخص أن يرتكب الحرام يسسعى لتشريع الحرام، ويقول أن هذا هو الصح والآخرون متزمتون. نحن متزمتون ضد الانحراف، أنتم الذين عليكم أن تخجلوا بانحرافكم وفسقكم وفسادكم، والله لا يمكن أن نخجل وفينا الحسين(ع) وزينب(عها)، وفينا المجاهدون الذين حرروا الأرض، وفينا النساء المحترمات من الأمهات والأخوات والسيدات اللواتي دفعن الأولاد والأزواج إلى هذه المعركة، والله لنا فخر لا يمكن أن يعادل بالحسينيين والزينبيات في زماننا والذين اقتدوا بالحسين وزينب(عما).

فانتبهوا من الحرب الناعمة، وليس كلما سمعتم فكرة أو كلام : هذه ليست جيدة، وغير معقولة، اسألوا علماء الدين الذين يعرفون بالإسلام حتى تعرفوا الحق من الباطل، قبل أن تتأثروا بالآخرين.

منذ حوالى عشر سنوات تقريبًا، أتى وفد أمريكي لبناني لزيارتي، فقالوا لي: كان عندنا انطباع منذ سنوات بأنكم إرهاب، وفي الحقيقة كنا نخاف منكم بشكل غير عادي، ولكن الآن غيرنا رأينا (كان هذا بعد عدوان تموز)، كل شيء فيكم جيد ولكن بقيت لديكم علَّة واحدة، فقلت ما هي؟ قال: أنتم تقولون بأنكم تحملون راية الإسلام ومتدينون, اتركوا الإسلام حتى يسير كل العالم معكم. قلت لمحادثي: أنت لماذا غيرت رأيك فينا مع أنك كنت تعتبرنا إرهابيين؟ قال: لأن سلوككم أظهركم أنكم طيبون. قلت له: انتظر بعد عشر سنوات فسترى أن سلوكنا الإسلامي هو الذي أوصلنا لنكون مقاومة، ولولا الإسلام لما كنا مقاومة، ولولا طاعة الله تعالى لما حررنا الأرض، ولولا هذا السجود والركوع والحجاب لما كنا من أبطال المقاومة ولما استعطنا أن نهزم أعداء الله تعالى. لأننا متدينون الله تعالى نصرنا الله تعالى، كل الإنجازات تحصل لماذا؟ هل لأن عددنا كبير في لبنان، أو أن لبنان دولة عظمى؟ هناك أناس في العالم لا يعرفون أن هناك شيء اسمه لبنان، لكن هذا الدين الذي نحمله، علينا أن نحميه ونحافظ عليه، ونحن نحيي هذه المناسبات لنقول بأننا بايعنا الإمام الحسين، وبايعنا أئمة أهل البيت(عم) والنبي(ص)، بايعنا الإمام الخميني(قده) بايعنا الإمام الخامنئي(دام ظله) لتسليم الراية من خلال قيادتنا الحكيمة المتمثلة بسماحة السيد والآخرين لتسليمها إلى صاحب العصر والزمان(عج)، يجب أن نبقى متمسكين بهذا النهج المستقيم حتى ننجح ونفوز دائمًا ودائمًا بإذن الله تعالى.

الأمر الرابع: كل خير مستقبلي من عاشوراء: بدأت وقلت أن كل ما لدينا من عاشوراء بحسب قول الإمام الخميني(قده)، وكل خير مستقبلي سنحصل عليه هو من عاشوراء، المستقبل لنا إذا بقينا مع عاشوراء، الله تعالى يقول: "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"، هذا وعد، " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ"، وهل هذا ممكن؟ نعم ممكن؟ فهل أمريكا الحاكمة للعالم كله تسقط في يوم من الأيام؟ نعم أقول بأنها ستسقط في يوم من الأيام. أو إسرائيل هل يمكن إزالتها من الوجود ؟ نعم هذا الأمر ممكن الحصول, ولماذا لا، "وتلك الأيام نداولها بين الناس".

اسمعوا هذه القصة التي تجعلكم تصدقون بأن كل شيء ممكن، مع الله كل شيء ممكن، خاصة وأننا نعمل مع الله تعالى، فالله مصدر الدعم والعطاء ومصدر القرار وهو الذي ينصرنا ويدلنا. خرج النبي موسى(ع) هاربًا من فرعون وجنوده، باتجاه مدين عند شعيب(ع)، وفي الطريق مع عائلته احتاج نارًا ليروا طريقهم، فقال موسى لعائلته "إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى"، عندما ذهب ليجلب النار ناداه الله تعالى من جانب جبل الطور، "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي"، ذهب ليجلب النار فجاءته النبوة.

يقول أمير المؤمنين علي(ع): "كُن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإنَّ موسى بن عمران(ع) خرج يقتبس نارًا لأهله، فكلمه الله ورجع نبيًا، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا مؤمنين"، فإن شاء الله كل هذه الأمور تنفتح أمامنا ببركة محمد وآل محمد(عم).