محاضرات

المحاضرة التي ألقاها على معلمو التعليم الديني في لبنان ومعلمو مدارس المصطفى(ص) في 2015/9/8

ضعفُ الوسائل والأساليب المستخدمة في تربية الأجيال وتنشئتهم، وغلبةُ النمط التقليدي في تعليم الإسلام، وعدم بذل الجهد الكافي لاجتراح الحلول

بسم الله الرحمن الرحيم
دور القدوة في بناء ونشر القيم
معلمو التعليم الديني في لبنان- 3/9/2015
ومعلمو مدارس المصطفى(ص)- 8/9/2015

1- تعريفُ القِيَم.
القِيَم جمع قِيمةُ، وهي ما يقوم مقام الشيء. 
والقيمة: ثمن الشيء بالتَّقْوِيم.
القِيَمُ: الاسْتِقامةُ.
1) قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. (الروم:30).
فأَقِمْ وجهَك: اتَبِعِ الدينَ القَيّم, اتَّبِعْ فِطْرَةَ الله, أَي خِلْقةَ الله التي خَلَق عليها البشر .
2) أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ: 
    القائم بالدِّين: المُسْتَمْسِك به الثابت عليه.
3) ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (يوسف:40). 
    أي المستقيم الذي لا زَيْغ فيه ولا مَيْل عن الحق.
4) إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ. 
2- الأسوة وأهميتها.
1) قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (الأحزاب:21).
2) عن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(ع): قَالَ رَسُولُ اللَّه(ص) فِي آخِرِ خُطْبَتِه يَوْمَ قَبَضَه اللَّه عَزَّ وجَلَّ إِلَيْه: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّه, وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَهَاتَيْنِ, وجَمَعَ بَيْنَ مُسَبِّحَتَيْه. 
3) قال رسول الله(ص): حبنا أهل البيت نظام الدين.
4) "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ...".
5) الإمام الصادق (ع): كونوا زينًا لنا ولا تكونوا شينًا علينا, حتى يقولوا: رحم الله جعفر بن محمد فلقد أدَّب أصحابه.
6) رسول الله(ص): إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه, أحفظ ذلك أم ضيعه, حتى يُسأل الرجل عن أهل بيته. 
7) المربي القدوة ضرورة, وهي مسؤوليتنا بدرجةٍ من درجات النموذج الكامل.
8) الإمام علي(ع): مَنْ نَصَبَ نَفْسَه لِلنَّاسِ إِمَامًا, فَلْيَبْدَأْ بِتَعْلِيمِ نَفْسِه قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِه, ولْيَكُنْ تَأْدِيبُه بِسِيرَتِه قَبْلَ تَأْدِيبِه بِلِسَانِه, ومُعَلِّمُ نَفْسِه ومُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالإِجْلَالِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ ومُؤَدِّبِهِمْ.
3- الأركان الثلاثة لتأثير القدوة.
أولًا: ركن المعرفة:
1) "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا".
2) تُنظِّمُ الشريعة رغبات الإنسان وحاجاته، وإرشاده إلى السلوك الأفضل الذي يسعده: "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
3) الإمام الباقر(ع) وقد سأله زرارة عن قول الله عز وجل: 
"حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ", فقال: الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها. 
وعن قوله عز وجل: "لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ", قال: فطرهم على المعرفة به. 
ثانيًا: ركن السلوك. 
1) "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ". 
2) وجود الدافع الايجابي أساس في التأثير: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".
3) الرسول(ص): إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق, ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله، فتكونوا كالراكب المنبت, الذي لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى.
4) التربية الرسالية على الاهداف, مقابل النفعية المادية. 
ثالثًا: ركن التواصل.
1) علي(ع): وإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالأَرْضِ الْخَالِيَةِ, مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْه, فَبَادَرْتُكَ بِالأَدَبِ, قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ, ويَشْتَغِلَ لُبُّكَ. 
2) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه(ع): قَالَ رَسُولُ اللَّه(ص): 
"رَحِمَ اللَّه مَنْ أَعَانَ وَلَدَه عَلَى بِرِّه". 
فسئل الصادق(ع): كَيْفَ يُعِينُه عَلَى بِرِّه؟
قَالَ(ع): "يَقْبَلُ مَيْسُورَه, ويَتَجَاوَزُ عَنْ مَعْسُورِه, ولَا يُرْهِقُه, ولَا يَخْرَقُ بِه (ينسب إليه الحمق), فَلَيْسَ بَيْنَه وبَيْنَ أَنْ يَصِيرَ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الْكُفْرِ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي عُقُوقٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ".
3) المساهمة في إيجاد البيئة التربوية الصالحة لتستطيع القدوة الرئيسة التأثير حيث يلتف الناس حولها.
4) خيارات القدوة عند الأطفال محصورة والتأثير أبلغ, وعند الشباب مفتوحة والتأثير أصعب.
4- العوائق والصعوبات.
العالم اليوم يعمل على التأثير بالقدوة:
1) تجميل صورة الانحراف والمنحرفين (زُيِّنَ لِلنَّاسِ...).
2) تطوير العلاقة مع وسائل الاتصال كبديل ليُحرم من القدوة الهادفة.
3) رسم صورة القدوة من خلال الميديا.
نواجه مأزقين:
الأول: مستوى الانتشار العالمي للحضارة المادية الغارقة في الجسد والهوى، والتي تمتلك فنون الترويج والتعبئة 
الثاني: ضعفُ الوسائل والأساليب المستخدمة في تربية الأجيال وتنشئتهم، وغلبةُ النمط التقليدي في تعليم الإسلام، وعدم بذل الجهد الكافي لاجتراح الحلول.
5- تقوية الإرادة. من الضروري أن نضع برنامجًا لتقوية الإرادة، فلا نعتمد على الوعظ والتوجيه فقط، وفي هذا المجال يمكن العمل على جوانب عدة في شخصية المتعلم: 
1) تكليفه بأعمال مرغوبة بالنسبة إليه بحيث يرى قيمة ما انجزه ويفرح بقدرته على القيام به . 
2) تكليفه بما هو سهلٌ عليه وغير معقد في بداية الطريق، ويمكن أن نتدرج معه في الصعوبة ليألف هذا النموذج من الاعمال . 
3) وضع برنامج بسيط لاستبدال عادات بأخرى، على أن لا تكون كثيرة، ولا معقدة، ولا تتطلب جهدًا كبيرًا، لتحقيق البديل بما ينسجم مع المطلوب منه على مستوى ترسيخ القيم الحقة . 
4) تعريفه على الآثار السلبية لتجارب الآخرين، أو من خلال الاستدلال بها عندما يرتكب الخطأ.
5) إبعاده عن أجواء الانحراف. 
6) إبعاده عن أصحاب السوء.
7) تعزيز ثقته بنفسه بأن لا يتوقف عن المحاولة ولو فشل فيها مرات عدة، فمع التصميم ينجح، قال أمير المؤمنين علي(ع): "أصل العزم الحزم وثمرته الظفر".
8) الانتباه لخطورة ساعات الفراغ.
9) مجاهدة النفس دائمًا: جاهدوا تغنموا. 
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) (البقرة : 214 )
علي(ع): إن أطعتموني فإني حاملكم إن شاء الله على سبيل الجنة، وإن كان ذا مشقة شديدة ومذاقة مريرة.