محاضرات

المحاضرة التي ألقاها تحت عنوان "الحرب الناعمة" بدعوة من مركز "قيم" وهيئة التعليم العالي في التعبئة التربوية-حزب اللهفي مطعم الساحة في 10/01/2012

الحرب الناعمة

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين، حبيب إله العالمين أبي القائم محمد(ص)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين. السلام عليكم أيها السادة العلماء، أيها الأخوة والأخوات، ورحمة الله وبركاته.
أولاً- تعريف الحرب الناعمة.
لا بدَّ في البداية أن نعرِّف المقصود بالحرب الناعمة، لأنَّها مصطلحٌ غير سائد في بلدنا بل في منطقتنا، بل هي مصطلحٌ جديدٌ في الاستعمال العالمي، وعلى الرغم من مشابهتها في المضمون لمصطلحات أخرى كانت تستخدم للتعبير عنها بأشكال مختلفة: كحرب المعنويات، وغسل العقول، والغزو الثقافي، والحرب السياسية.... فإنَّ الحرب الناعمة هي التي تستخدم القوة الناعمة، التي عرفها جوزيف ناي(1) بقوله: "القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلاً عن الإرغام"(2). وإنما انطلقنا من تعريفه لأنَّه أبرز الشخصيات الأمريكية الذين كتبوا عن هذا الموضوع حديثاً، وأصدر كتاباً بعنوان "القوة الناعمة"، وبالتالي فإنَّ كل ما نراه من تحركات أمريكية في مواجهة شعوب منطقتنا وفي كل لحظة من اللحظات التي تمر، إنما هي جزءٌ من الحرب الناعمة التي تستخدم أمريكا فيها القوة الناعمة. وقال ناي أيضاً: "إنَّ القوة الناعمة تعني التلاعب وكسب النقاط على حساب جدول أعمال الآخرين، من دون أن تظهر بصمات هذا التلاعب، وفي نفس الوقت منع الآخرين من التعبير عن جدول أعمالهم وتفضيلاتهم وتصوراتهم الخاصة، وهي علاقات جذب وطرد وكراهية وحسد وإعجاب"(3).
وهو عندما يؤسس للقيم والأسباب والمواهب التي تستخدم لخدمة القوة الناعمة في الحرب الناعمة، يخلص إلى أنَّ موارد القوة الناعمة تدور حول محاور ثلاثة:
الأول: "تعزيز القيم والمؤسسات الأميركية، وإضعاف موارد منافسيها وأعدائها".
والثاني: "توسيع مساحة وجاذبية الرموز الثقافية والتجارية والإعلامية والعلمية الأميركية وتقليص نفوذ منافسيها وأعدائها ".
والثالث: "بسط وتحسين وتلميع جاذبية أميركا وصورتها وتثبيت شرعية سياساتها الخارجية، وصدقية تعاملاتها وسلوكياتها الدولية، وضرب سياسات أعدائها"(4).
إذاً عندما نتحدث عن قوة ناعمة تريد أن تقتحم بلداننا وأفرادنا، إنما نتحدث عن مشروعٍ أمريكي معاصر، اختار القوة الناعمة المقابلة للقوة الصلبة (المادية العسكرية)، لعجزه عن الوصول إلى أهدافه عن طريق القوة الصلبة، أو لتخفيف التكلفة الباهظة المترتبة عليها. وقد لجأ إلى القوة الناعمة ليخرِّب من داخلنا، وليسقطنا من داخلنا، بأيدينا وأدواتنا، من دون أن نلتفت في كثير من الأحيان إلى ما يحصل، بل نعيش أحياناً حالة الغبطة بما يحصل، يترافق ذلك مع تعديل القيم التي يريدون تأسيسنا عليها لتسود قيمهم، ثم نندفع بشكل طبيعي وعادي لتصديقها وتنفيذها، فيتعدِّل سلوكنا تبعاً لها، فنتحول أتباعاً بدل أن نكون مستقلين وأصحاب قرار.
ومن أجل تحقيق تثبيت هذه القيم وتحقيق أهدافها، تستفيد القوة الناعمة من كل المؤثرات والرموز البصرية والإعلامية والثقافية والأكاديمية والبحثية والتجارية والعلاقات العامة والدبلوماسية، فلا تترك جانباً من جوانب التأثير إلاَّ وتدخل من خلاله، لتحقيق الموارد الثلاثة التي ذكرناها أعلاه، وإخضاع الخصم للمنظومة الغربية، كما تستفيد هذه القوة الناعمة من منظومة العولمة بأدواتها ووسائلها التي تتحكم بإدارتها أمريكا كقطب مركزي آحادي في العالم اليوم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
ثانياً: الفرق بين الحرب الناعمة والحرب النفسية.
تركِّز الحرب الناعمة بأساليبها على الاستمالة والإغواء والجذب، من دون أن تظهر للعيان، ومن دون أن تترك أي بصمات. في حين تركِّز الحرب النفسية والدعاية على إرغام العدو وتدمير إرادته ومعنوياته بصورة شبه مباشرة وعلنية.
إنَّ الوسائط والأدوات المستخدمة اليوم في الحرب الناعمة متوفرة وفي متناول الجميع من دون استثناء، ودخلت إلى كل البيوت 24/24 ساعة وعلى مدارها، في حين أنَّ الحرب النفسية توجه بشكل أساس نحو كتلٍ منظمة ومتراصة ومتماسكة وصلبة، مثل: الجيوش والحكومات والمنظمات التي تسيطر وتهيمن بصورة كلية على وعي وميول الرأي العام. فالحرب الناعمة تستهدف الجميع، وفي كل الأوقات، وبوسائل متنوعة جداً، وبجاذبية. أما الحرب النفسية فتتجه لإضعاف الرأس والقدرة والحكام والموجهين وتماسك الجماعة، على قاعدة أنها إذا أضعفتهم أسقطتهم فيسهل التأثير على الناس، فلا يبقى للجماعة قائد مؤثر، ويسقط القائد عند جماعته، ولا يصمد الحاكم أمام الضغوطات فيفشل في توجيه الرعية التي تتخلى عنه، وهكذا...
هذا الفرق هو الذي يُظهر لنا كم هي قدرة القوة الناعمة على أن تدخل إلى كل تفاصيل حياتنا بداءًا من الأطفال وانتهاءاً بالشيوخ من دون تمييزٍ بين الرجال والنساء.
ثالثاً: القوة الناعمة مع إبليس.
القوة الناعمة بصورتها المعاصرة من الأبحاث الجديدة في وسطنا وفي العالم، ولكنَّ الله تعالى قد عرَّفنا على القوة الناعمة منذ بدء الخليقة مع إبليس، عندما ذكر الحوار الذي جرى بينه وبين إبليس، الذي رفض السجود لآدم(ع)، فطرده من الجنة، عندها طلب طلباً واحداً من رب العالمين، "قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"(5) فاستجاب الله تعالى له بإبقائه حياً إلى نهاية الحياة الدنيا، "قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ"(6)، ثم أعلن إبليس اتجاهه للوسوسة والإفساد والإغواء: "قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ"(7)، إنَّها إرادة الله تعالى، أن يكون إبليس رمزاً للفساد والانحراف، من دون أن يملك السيطرة المادية المباشرة على أحد، فهو يعمل بالإغواء والزينة والتدليس والوسوسة: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ"(8)، فلا يقوم بعمل عسكري، ولا يقوم بعمل مادي مباشر، فكل أعماله تدور حول التدليس والزينة والوسوسة. ويتحمل الناس مسؤولية الاختيار بأعمالهم، حيث يكون تأثيره على الذين يستجيبون له، أما المؤمنون فلن يستجيبوا له لتمسكهم بطريق الصلاح وإخلاصهم لله تعالى.
من الذي يتأثر بهذه القوة الناعمة الإبليسية عبر التاريخ وفي الحاضر وفي المستقبل؟ قال تعالى: "لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ"(9)، فلا بدَّ من وجود قابلية عند المتلقي، كي يتأثر بهذه التوجيهات والإغراءات التي يقوم بها إبليس(لعنه الله). قال أمير المؤمنين علي(ع): "ولو أن الحقَّ خلُص من لُبس الباطل لانقطعت عنه ألسن المعاندين, ولكن يؤخذ من هذا ضغثٌ ومن هذا ضغثٌ فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه, وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى"(10). فالالتباسات التي تحصل إنما تكون بتشويه الحقائق وتزييفها، وما لفتني تلك الفكرة المركزية التي وجهنا الله تعالى إليها، وهي لب الموقف الرئيس الذي يجب أن نتخذه في مواجهة الحرب الناعمة، فقد أمرنا الله تعالى أن نعرف أولاً بأن إبليس عدو، ثم علينا ثانياً أن نتَّخذه عدواً، فالمعرفةُ والموقفُ متلازمان، وكما لا يمكن اتخاذ الموقف مع الجهل بالواقع، لا تكفي المعرفة إن لم يصاحبها موقفٌ وأداء. قال تعالى: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"(11)، فإذا اتخذناه عدواً أعددنا العدة اللازمة في عملية المواجهة، واستطعنا أن ننتصر عليه في مواقع عدة، والتفتنا إلى تقويم أخطائنا أو انحرافاتنا. فالتصويب على العدو أساس المعركة.
رابعاً: استهداف العقل والنفس الإنسانية.
تستهدف الحرب الناعمة العقل والنفس الإنسانية، وتتجاوز تأثيراتها الأفراد لتطال الجماعة، وهي بذلك تستغل طبيعة خلق الإنسان، وكما يقول الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر: "الإنسان خُلق حسياً أكثر منه عقلياً"(12)، ولذلك هو يتأثر بالأمور المادية والإغراءات والغواية، وفي أحيانٍ كثيرة يبدو العقل وكأنَّه قد تعطَّل، مع أنه يعمل، ولكنَّ مؤثرات الجسد تسيطر في كثير من الحالات على منطق العقل.
وقد حذر رسول الله(ص) أصحابه وهم مجتمعون فقال: "كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر.
فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟
فقال: نعم وشرٌ من ذلك، فكيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف.
فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله ؟
فقال: نعم، وشرٌ من ذلك، فكيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً"(13)، أي تنقلب الموازين رأساً على عقب، ليصبح الحقُّ باطلاً والباطلُ حقاً، ما يؤدي إلى أن تختلَّ المقاييس، فلا تكون النظرة واحدة عند الناس في السلوك أو المناقشة أو المحاورة، أو في التأسيس للمستقبل، ما يُسبب الخلل والإرباك والضياع في المجتمع.
يقول الإمام القائد الخامنئي(حفظه الله ورعاه): "الحرب الناعمة ترفع شعارات ودعايات محقة بالظاهر ولكنها باطلة في الباطن وتخلط الحق بالباطل، وللأسف فإن البعض يكرر دعايات وشائعات العدو عن قصد أو عن جهل"(14).
وهنا نذكر إمام الأمة مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني(قده)، الذي تحدث عن هذا الموضوع مبكراً، فقال: "مراكز الفساد الكثيرة التي أوجدوها, لنشر الفساد والدعارة ولإفساد الشباب, لم تظهر بلا غاية. لقد قاموا بإعلامٍ مكثَّف لهذا الأمر، فسخَّروا مجلَّاتهم ووسائلهم الإعلامية السمعية منها والبصرية خدمةً لهذا الأمر، الإذاعة والتلفزة، والوسائل السمعية والبصرية, كانت تدأب على جذب الشباب من الأسواق ومن الصحاري التي يعملون فيها، ومن الدوائر التي يخدمون فيها, إلى مراكز الفساد تلك, لكي يصنعوا من الجامعي إنساناً فاسداً، ويجعلوا من الموظف موجوداً فاسداً"(15)، فإذا ما انتشر الفساد بين الناس، تكون الحرب الناعمة قد أثَّرت أثرها، فتنساق النفوس إلى الانحراف علماً أو جهلاً، حتى أنَّ بعض السائرين على هذه الخطى كالسائرين على غير هدى، لا يعلمون البداية ولا يعلمون النهاية.
إذاً نحن أمام قوة ناعمة تُستخدم للحربٍ علينا، والقاعدة الأولى والأساس التي يجب أن ننطلق منها: أن نعرف وجود الحرب الناعمة من أجل أن نهيئ العدة الكافية لمواجهتها، وأن نضعها نصب أعيننا لنواجهها بعمليات الكر والفر، لنتمكن من ربح المعركة الطويلة التي بدأت مع فجر التاريخ، وتكرست الآن مع الهيمنة الأمريكية، وهي لن تتوقف عند حد، ولكنَّ السجال يحصل بالنقاط، فتارةً نربح فيها وأخرى نخسر فيها، بحسب طريقة أدائنا والجهود التي نبذلها.
خامساً: أساليب ووسائل الحرب الناعمة وكيفية مواجهتها.
ما هي أساليب ووسائل الحرب الناعمة التي تستخدم عادةً؟ اخترت طريقة في عرض الأساليب والوسائل ، يتبعها تقديم بعض إجابات المواجهة بعد الحديث عنها، كي لا أؤخر المعالجات دفعةً واحدة، وإنْ كانت طريقة العرض في بعض الفقرات الأخرى تتناول الأساليب والوسائل بشكل منفصل عن المواجهة.
1) الإعلام والاتصالات:
يقول غوستاف لوبون: "ومن هنا خطرة الإدمان والتعرض السلبي لوسائل الإعلام، فالتكرار والتوكيد يصنعان التصورات والمعتقدات خاصةً إذا ما شحنّا بجرعات عاطفية ومؤثرات بصرية إيحائية"(16).
وسائل الإعلام والاتصالات هي الأمر المباشر الذي تستخدمه اليوم الحرب الناعمة في أوسع نطاقها بعناوين مختلفة (فايس بوك، تويتر، ووسائل الاتصال المختلفة، والتلفزة، والقنوات الفضائية العالمية، وهكذا)، يقول أحد المحلليين الأمريكيين مايكل آيزنشتات: "يجب إثارة التساؤل الدائم عن عدم استقرار النظام في إيران، وأنه غير صالح للبقاء على المدى الطويل، وزرع الشكوك بين النظام الحاكم في إيران وبين المنظمات المرتبطة به في المنطقة، وينبغي بث معلومات تقلِّل من أهمية الانجازات النووية الإيرانية"(17)، أي أنَّ وسائل الإعلام والاتصال لها وظيفة التكرار للقصة التي تريد نشرها، وضخ المعلومات الكثيفة من أجل أن تؤثر على بعض الشخصيات وعلى الناس، وأن يصبح ما تنشره هذه الوسائل هو الحقيقة التي يجب تبنيها والتعويل عليها. جوزيف ناي يقول: "إن مصانع هوليود وبغض النظر عن فسادها، وعدم نظافتها فهي أكثر ترويجاً للرموز البصرية للقوة الأمريكية الناعمة من جامعة عريقة كجامعة هارفرد، ذلك أن الإمتاع الشعبي للأفلام الأمريكية – الجنس والعنف والابتذال- كثيراً ما يحتوي على صور ورسائل لا شعورية عن الفردية وحرية الخيار للمستهلك وقيم أخرى لها رسائل سياسية مهمة ومؤثرة"(18). عندما يتحدثون عن هذه الحقائق بشكل واضح وصريح، فهم لا يُخفون بأنَّ ما تنتجه وسائل الإعلام وهوليود والمواقع المختلفة، يستهدف استكمال خطة الحرب الناعمة لتحقيق الاستمالة والجاذبية التي يؤثرون من خلالها.
بعض الإحصاءات الميدانية تكشف بأنَّ الجمهور يتعرض لوسائل الإعلام بمعدل 3-4 ساعات يومياً، أي ما يوازي 1000 ساعة سنوياً، مقابل 800 ساعة يقضيها التلامذة والطلاب في المدارس أو الجامعات في مدارسهم أو جامعاتهم كل سنة، ولنا أن نتصور مدى التأثير. علماً بأنَّ ما يتلقونه من وسائل الإعلام يحصل برغبةٍ وشوقٍ ومحاولة تقليد وتفاعل، وأنتم تعلمون أن أكثر المسلسلات أو الأفلام التي تعرض هي في الواقع أفلام هادفة بمجملها، حتى بعض الأفلام التي تبتغي الربح التجاري المبتذل فإنَّها جميعها تؤدي دورها في الحرب الناعمة.
عندما يصورون لنا امرأة متزوجة تخون زوجها، ويبرزون التعاطف معها بسبب ظلمه لها، إلى درجة يشعر معها المشاهد بأنَّ خيانتها مبرَّرة، لأن زوجها أخطأ معها وظلمها، فهذا تثقيفٌ على تلقي الخيانة والاعتياد عليها كحالة طبيعية في الحياة وفي العلاقات بين الناس!
وعندما يروّجون للحرية من خلال الفساد والانحلال والطريقة المبتذلة في اللباس، والأداء المفضوح في العلاقات بين الجنسين، وبشكل إباحي ومثير للغرائز، فإنما يريدون إثارة الغرائز والأهواء ليخرج الإنسان من ضوابطه وقواعده الثقافية والأخلاقية والدينية، وعندها يتحكمون بمشاعر وتوجهات الإنسان كيفما شاؤوا، فيعطلون استقامته واتجاهاته الإيجابية ليسلك طريق الانحراف والأفكار الضالة التي يقودونه من خلالها!
وتلاحظون أيضاً في كثير من الحالات، عندما يحصل ضخٌ إعلاميٌ مكثف لحادثة بسيطة وعادية فتصبح حادثة العالم، بينما تجري جرائم وحوادث خطيرة تمر في نشرات الأخبار كخبرٍ عادي لا قيمة له، كأن يُجرح أمريكيٌ في بلدٍ في العالم في مقابل أن يقتل الآلاف بقصفٍ جويٍ ومدفعي بأدوات الاستكبار، فيكون الخبر الأول في العالم هو جرح الأمريكي، ولأيام عدة، مع كل التفاصيل التي تحيط به، بينما يمر الخبر الآخر بشكل عادي وطبيعي ولمرة واحدة فقط، فإذا ما أُثيرَ من بعض الجهات أو وسائل الإعلام، تمت محاصرته سياسياً وإعلامياً فيختفي مجدداً من التداول! إذاً تُستخدم وسائل الإعلام والاتصالات من أجل ضخ المفاهيم والمعطيات التي تؤدي إلى تغييب التفكير الصحيح، وإثارة الغرائز والمشاعر، وتوجيه الناس، وهي من أساليب ووسائل القوة الناعمة المؤثرة اليوم.
في عملية المواجهة علينا أن لا نتحدث بصيغة مترفة، ولا نقول بأنَّ علينا أن تكون وسائلنا الإعلامية أقوى وأهم وأوسع وأشمل من وسائلهم الإعلامية لأننا لا نستطيع ذلك، ولكن على الأقل لا بدَّ أن يكون لنا وسائلنا الإعلامية بقدر استطاعتنا، وأن تكون لنا وسائل اتصالاتنا التي نخاطب الناس من خلالها، وأن نقدِّم فيها البرامج والنقاشات والأفكار بقدر ما نستطيع، كي نكون حاضرين في هذه الساحة، فنقدم بديلاً جزئياً على الأقل، فلا تخلو الساحة تماماً ولا يحصل الفراغ، وعلى الرغم من أنَّ هذا الأمر يتطلب إمكانات ضخمة، ويحتاج إلى قدرات كبيرة، فضلاً عن أن جاذبية الفساد تتفوق ابتداءاً على جاذبية الصلاح، ولكن علينا أن نعمل، ثم تصبح جاذبية الصلاح مؤثرة بعد فترة من المجاهدة والمعاندة والإصرار والعمل، فتقل الصعوبات والتعقيدات، خاصة أنَّ مشروع الصلاح ينسجم مع فطرة الإنسان، ولا زالت التعقيدات في منطقتنا أقل بكثير مما هو في الغرب، ولا زالت مناخات الشرف والعزة والكرامة والإيمان تشكل عوامل مساعدة لتأثير وسائلنا على ضعفها في مواجهة التحديات.
2) تلفيق الحقائق:
ببث الشعارات والمفاهيم الخاطئة، وتزيينها وتشويه المفاهيم السائدة. هم يتحدثون عن الحداثة، ويقصدون بالحداثة ترك الماضي بكل ما فيه على قاعدة أنه أصبح مرادفاً للتخلف! ويتحدثون عن الأسرة ويطالبون بعدم تقييدها بالضوابط المعروفة في إدارتها، لتكون أسرةً حرَّة في إطار المساكنة والإنفاق المشترك، وعدم وجود مسؤول عن الأسرة، لتتحول الأسرة إلى بيتٍ يأوي الرجل والمرأة من دون أي تنظيم للعلاقة بينهما! ويتحدثون عن نموذج الغرب في كل شيء، في الطعام والشراب، وطريقة الحياة، وطريقة اللباس, ومواكبة الموضة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير بعض الحقائق ويؤسس لشخصية مختلفة! يطالبون بالحرية الجسدية والملذات بلا حدود، وعلى قاعدة حق الإنسان في أن يفعل بجسده ما يشاء: أن يشرب الخمر حتى الثمالة، وأن يتناول المخدرات حتى ضياع العقل، وأن يتصرف في العلاقات المحرمة من دون حدود وضوابط بل بتشريعٍ لها وقوننة، كي تكون متاحة للجمهور بشكلٍ عادي وطبيعي... هذه الشعارات تؤدي إلى تغيير بنيوي في طريقة التفكير وفي الحقائق التي يحملها الإنسان، وهنا خطورتها. عندما تكون الأسرة تنظيماً وتكامل أدوار، فهي تختلف تماماً عن الأسرة التي لا تنظيم فيها، وعندما نتعامل مع الجسد كمسؤولية نتحملها لحمايته من المحرمات والمفاسد فهذا يختلف تماماً عن جسدٍ يُطلق له العنان ليفعل ما يشاء كالحيوان. وعندما ننظر إلى الحداثة كمحاولة للاستفادة من التطور، لإعطاء الإنسان مكتسبات إضافية في حياته المادية والعقلية، فهي تختلف تماماً عن حداثةٍ تعني إلغاء الماضي بكامله وإلغاء الأسس التي بُنيت أفكارنا عليها... هذه العناوين متفاوتة تماماً.
لفت إمامنا الخميني(قده) إلى تعديل المفاهيم، حتى من أولئك الذين حملوا الإسلام وادعوا أنهم من الزهاد الذين يؤمنون به إيماناً مميزاً، فقال: "يجب أن نعمل على التمييز بين زهد وقداسة الإسلام المحمدي الأصيل، وإبعاده عن صدأ المتظاهرين بالقداسة والمتحجرين من أتباع الإسلام الأميركي، وفضحهم إلى الجماهير المستضعفة"(19)، لأن هناك سلوكيات إسلامية يقوم بها علماء أو أفراد، ويستخدمون تعابير ومضامين الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، لكنَّ الإسلام منهم براء، فالصورة التي يعطونها تشوِّه الإسلام وتؤدي إلى رمي الناس في أحضان التغريب، وبذلك يكونون جزءاً من الحرب الناعمة ولكن من خلال إسلامنا وديننا. إسلامنا ليس متحجراً، إسلامنا ليس إرهابياً، إسلامنا لا يتصرف بعقلية متخلفة، إسلامنا هو الحياة وهو الانفتاح عليها، وهذا هو الإسلام المحمدي الأصيل الذي دعا إليه الإمام الخميني(قده).
ومن تلفيق الحقائق نعتُ المقاومة بصفة الإرهاب، فهم يركزون إعلامياً وسياسياً على عنوان الإرهاب في مقابل المقاومة، وهم يتحدثون عن الإرهاب منذ بدأت المقاومة، والإرهاب في نظر الاستكبار هو المخالفة السياسية لسياساتهم، فهدفهم في الواقع إسقاط الخيار الحر والممانع الذي تحمله المقاومة.
ومن تلفيق الحقائق ازدواجية المعايير التي تنطلق من مصلحة الاستكبار لا من الحق، واليوم إذا ما قرأتم كل بيانات الأمم المتحدة وأمريكا وأوروبا في أي قضية من القضايا، فإنَّكم لا تجدون: أن الحق الإنساني يقتضي كذا، وإنما التركيز على: أنَّ المصلحة (مصلحة المجتمع الدولي، ومصلحة الشعب الأمريكي، مصلحة الدول الكبرى) أن تكون كذا، من دون الاهتمام بمخالفة الموقف للحق؟!
هذا تلفيق للحقائق، ومن واجبنا أن نواجه هذا التلفيق، الذي يكون بإبراز الحقائق على صورتها، وتعريف الناس على الإسلام المحمدي الأصيل، وإبراز دور المقاومة وأدائها وقضايا منطقتنا المحقة، وبالتركيز على منطق الحق لا على المصلحة، ولو أدَّى ذلك إلى مخالفة الإنسان لمصلحته آنياً، هذه عناوين يجب أن نركز عليها ونثبتها، وأن لا نقبل الانتقال إلى المعايير الأخرى التي تخالف الحقوق الثابتة والمشروعة.
3) التبعية الفكرية:
تحاول المنظومة الثقافية الغربية السيطرة علينا، ليأخذ منَّا الاستكبار من خلال هذه التبعية كلَّ شيء. فإذا ما أصبحت أفكارُنا أفكارَهم وقناعاتُنا قناعاتهم، عندها يصبحون الأساتذة ونحن التلامذة، ويصبحون القادة ونحن الرعية، فإذا ما احتجنا إلى تفسيرٍ فهم المفسرون، وإذا ما احتجنا إلى توضيحٍ فهم الموضِّحون، ولذا فالتبعية الفكرية من أخطر ما يصيبنا في الحياة. يقول الإمام الخميني(قده): "كما أوضحتُ مراراً، أن أخطر أنواع تبعية الشعوب المستضعفة للقوى العظمى والمستكبرين، هي التبعية الفكرية والداخلية، لأنَّ بقية التبعيات تنبع منها، وما لم يتحقق الاستقلال الفكري لشعب ما، لن يحقِّق استقلاله في الأبعاد الأخرى. وكي يتسنى لنا تحقيق الاستقلال الفكري والخروج من سجن التبعية للآخر، يجب أن نستيقظ من الغفلة، التي فُرضت على بعض فئات الشعب، لاسيما العلماء والمفكرين والمثقفين، وأن نعي هويتنا ومفاخرنا ومآثرنا الوطنية والقومية والثقافية"(20)، نحن لنا خصوصيتنا، ولنا أفكارنا وقناعاتنا، هذه يجب أن تبرز، وأن تكون حاضرة، لأنها إذا ما برزت استطعنا أن نتمايز على المستوى الفكري، وعندها نستطيع أن نتمايز في المستويات الأخرى، أمَّا إذا انسحقنا على المستوى الفكري واتَّبعنا الاستكبار فلا يمكننا أن نستقل لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا عسكرياً، ولا بكل المعايير الأخرى، فالمسألة تبدأ من الاستقلال الفكري، وهذه مسؤوليتنا في أن نحمي أفكارنا وقناعاتنا وأصالتنا.
في وثيقة قدمتها مؤسسة راند للأبحاث الدفاعية التابعة للبنتاغون تحت عنوان: "بناء شبكات إسلامية معتدلة" تعطي فيها النصائح بكسب ود طبقة الشباب، ورجال الأعمال المسلمين، عن طريق توفير فرص العمل لهم، وهذا ما يضمن إبعادهم عن الأنظمة والحركات الإسلامية وتحويلهم عنها(21). كما تدعو الدراسة إلى ضرورة دعم الإسلام المعتدل -بحسب وجهة نظرهم-، ويقصدون بالإسلام المعتدل الإسلام الذي يتلقى الثقافة الغربية برحابة صدر، ويقبل المشروع السياسي الغربي الذي يتضمن التعامل مع إسرائيل في المنطقة، فالاعتدال بالنسبة إليهم أن لا يحرك التابعون "المعتدلون" ساكناً لمواجهة مشاريع الاستكبار.
وفي مجال التأكيد على أولوية التأثير الفكري، يقول روبرت رايلي مدير إذاعة صوت أمريكا: "إن الطبيعة الحقيقية للصراع اليوم هو صراع المشروعية في عقول وقلوب الناس والرأي العام، وليس صراع القوى العسكرية، إن الحروب تخاض ويتم تحقيق النصر أو الهزيمة فيها في ساحات العقول والقلوب قبل أن تصل إلى ميادين القتال"(22).
فالعمل على العقل والقلب والفكرة، وهذه هي البداية، من هنا ندعو في عملية المواجهة إلى تأصيل ثقافتنا وأفكارنا، وأن لا نكون منسحقين أمام الثقافات والأفكار التي يطرحها الاستكبار علينا، ولا نتلقَّى الشعارات التي يطلقها تحت عنوان أممي أو عالمي أو معاصر أو أمريكي أو غربي، بل أن تكون لنا قناعتنا وثقافتنا، وأن نناقش ما يُعرض علينا بكل موضوعية، وأن نتحدى الآخرين في الندوات والمواقف، وفي كل موقع فكري وثقافي، لتبقى لنا خصوصيتنا، التي نربي أولادنا وأجيالنا عليها.
4) الربط السياسي بمصالح الاستكبار:
الأنظمة المستبدة الموجودة في المنطقة العربية والإسلامية مدعومة بالكامل من الإدارة الأمريكية، ولا نسمع عن البلدان المحكومة بهذه الأنظمة عن حقوق الإنسان، ولا عن حرية الانتخاب، ولا عن مجالس شعبية، ولا عن حكومات تمثل الناس، ولا عن رئاسة منتخبة من الشعب، وإنما نسمع فقط إشادات بالاعتدال الموصوف لهذه الحكومات المستبدة! لأنها تغذي الاستكبار بكل متطلباته: المالية والعسكرية والثقافية والأخلاقية، وتتنازل لمصلحة قراراته ومشاريعه، فهي بلا قرار وبلا رأي وبلا موقف، فمصالح هذه الدول السياسية التي هي مصالح الأفراد والعائلات الحاكمة أصبحت مرتبطة بمصالح الاستكبار، كل هذا من طرق الحرب الناعمة.
كيف يمكن تمييز الدعوة لانتخابات حرة في بلد عن بلدٍ آخر ممنوع فيه الحديث عن الانتخابات بالأصل؟! وكيف تُشنَّ حملة عن حقوق الإنسان في بلد بينما تُخنق حقوق الإنسان في بلدٍ آخر، فالحصص والحقوق مرسومة من قبل الحكام، ومنوعٌ أي اعتراض, وممنوعٌ الحديث عن حقوق للإنسان! انَّه ربطٌ سياسيٌ بمصالح الاستكبار.
هذه الدول تقبل بإسرائيل المحتلة، وتطبِّع معها، وتنساق إلى السياسات الأمريكية ضد جيرانها من البلدان العربية والإسلامية، وتقف بوجه المقاومة وتضع العراقيل في طريقها، وتعمل وفق الجدول السياسي الاستكباري، وهي بذلك تساهم في الحرب الناعمة ضد شعوب المنطقة وحقوقها ومصالحها.
وإذا ما راقبنا الشعارات التي تطلقها والمواقف السياسية الداخلية والخارجية التي تعبِّر عنها، فإنَّها نسخة طبق الأصل عن الشعارات والمواقف التي تطلقها الإدارة الأمريكية! إذاً أين الخصوصية والحقوق ومصالح شعوب هذه المنطقة؟! علينا أن نضيء على هذه الظاهرة الخطرة، وعلينا أن نكشف للرأي العام حقيقة هذه الأنظمة المستبدة، وحقيقة هذا الارتباط الاستكباري. وأن نتحدث بالتفصيل سياسياً وإعلامياً للتوضيح للرأي العام، يجب أن يعرف الرأي العام بأنَّ سياسات الحكام المستبدين ملحقة بسياسات أمريكا والاستكبار، وهم العقبة الكأداء أمام التغيير والاستقلال والتنمية.
لماذا لا يُعطى الشعب حقه في الانتخاب الحر، وشغل الوظائف والمواقع المختلفة، والحصول على العدالة الاجتماعية وتلبية الحاجات، بينما يأخذ البعض موارد الدولة لأنه من العائلة الحاكمة ويعيش الرفاهية؟!.
لماذا تسهِّل بعض الدول العربية للاستكبار مشروعه بمواجهة دول عربية أخرى بالوكالة، فتتحمل عبء التمزق العربي لخدمة خطوات السيطرة الأمريكية على منطقتنا؟!
لماذا لا تُشن حملة مركَّزة ودائمة على إسرائيل رفضاً لاحتلالها واعتداءاتها وإجرامها، ويتم استنكار عملية جهادية يقوم بها الفلسطينيون في غزة؟!
ما الذي يدفع بعض الدول لزيادة إنتاج النفط تلبية للاحتياجات الغربية التي نشأت عن العقوبات التي فُرضت على إيران خدمة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي؟!
إنَّ قواعد الاستقلال السياسي غير خافية على أحد ومنها:
1- أن تكون لبلداننا مشاريعها المستقلة التي تخدم شعوبها ولا تكون مطية للاعتداء على شعوب أخرى.
2- أن تكون القضية الفلسطينية رأس الاهتمامات السياسية ودعمها بالحد الأدنى بالموقف السياسي المناصر لها، بدل تمزيق وحدة الفلسطينيين والوقوف إلى جانب إسرائيل.
3- أن تُعطى الفرصة للناس ليختاروا أنظمتهم وقياداتهم، وأن لا يكونوا مقهورين بأنظمة سياسية ومستبدة.
4- أن يتم احترام نتائج الخيارات الشعبية، وأن لا يحصل أي تدخل أجنبي لتعديل موازين القوى أو الضغط باتجاه سياسات تخدم الاستكبار.
5- أن لا تسخَّر الإمكانات المالية والموارد الاقتصادية لخدمة الانهيارات المالية الاستكبارية.
6- أن لا تكون بلداننا قواعد عسكرية وأمنية للأجانب، فتخسر بذلك حريتها واستقلالها وتصبح ملحقاً بأدوات الاستكبار.
5) الدعم المالي والاقتصادي والعسكري:
لا يكون الدعم الاستكباري في المجالات المختلفة منحةً، وإنما لكل دعم مبرراته وأهدافه. واليوم قسم من الدعم الأمريكي الذي يُعطى تحت مسمى مؤسسات المجتمع المدني- ونحن لا نريد الإساءة إلى هذه المؤسسات- ولكن علينا التدقيق بالمساعدات الأمريكية الموجَّهة، فهم يدفعون أموالاً بعنوان التثقيف عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحرية الجنسية، والتفلت من القيم والأفكار السائدة، ومواكبة الحياة المعاصرة، وتنظيم الأسرة، وغير ذلك... دققوا في البرامج التي تُعطى، سترون أنها برامج تؤسس لتبعية فكرية وثقافية وسياسية، وتريد أن تُخرج المضمون الأصيل الموجود لدينا لنستبدله بمضمون آخر نكون معه أتباعاً لهم، وإلاَّ فما هذا الكرم؟ وهل تساعد أمريكا وأوروبا من دون مقابل؟! هم يدفعون ويريدون المقابل.
أمَّا الدعم الاقتصادي، فلربط البلد بالمنظومة الاقتصادية الغربية، وإغراقه بالديون وفوائدها، وتعويد الناس على حاجياتٍ كمالية تتحول إلى نمط حياةٍ يومي ضروري، ثم فرض خطوات اقتصادية لتحصيل الديون ما يجعل البلد بحاجة دائماً إلى متابعة استكبارية وخبرات أجنبية وتدخُّل في الإدارة المالية، فيصبح البلد مرهوناً بكامله غير قادر على اتخاذ قرارات مستقلة ونافعة.
كما تُلزَم الدول الغنية في منطقتنا بشراء سندات الخزينة الأجنبية، ووضع أموال النفط في مصارفهم، وشراء المعدات الغالية الثمن، وكذا الأسلحة، ومنظومة الاتصالات والطيران وغيرها... ما يجعل هذه الدول مرتبطة بالشبكة الاقتصادية العالمية، تتأثر بتداعياتها ومتطلباتها!
وأمَّا الدعم العسكري فمبني على التخويف من الدول المجاورة، لينشأ سباقٌ في التسلح، مشروطٌ بضرب الإرهاب بحسب مساحة التعريف الغربي الذي يشمل جميع المخالفين لسياساتهم أو المعادين لإسرائيل، ومشروطاً أيضاً بحماية النظام التابع للقرار السياسي الأجنبي بقمع المخالفين وحماية المتواطئين!
علينا مواجهة كل أشكال الدعم المشروط والموجَّه، وأن لا يتحول الدعم إلى مسارٍ للتبعية. علينا أن ندقق بالدعم المالي وأهدافه، وأن نلتفت إلى الشروط المطروحة، ونعمل للاكتفاء الذاتي الذي يوفر علينا الكثير من المطبات. وأن لا نربط منظومتنا الاقتصادية بحاجات الآخرين، ما يتطلب دراسة مفصلة وإستراتيجية لما يلبي حاجاتنا في بلداننا على الأمد البعيد. وأن نعمل لنوجه سلاحنا من أجل استقلالنا وحماية بلداننا ومواجهة أعدائنا، فمع سلامة الاتجاه تقل التكاليف، ويمكن استثمار ما نصرفه في هذا المجال في خدمة استقلالنا، وهذه تجربة المقاومة ماثلة أمامنا، فإنَّ الاستثمار العسكري فيها أقل بكثير من استثمار أي دولة من دول المنطقة، ومع ذلك فقد شكلت مظلة حماية لاستقلال لبنان وحمايته من التوسع الإسرائيلي، ومصدر قوة تهيئ الفرص المناسبة لعدم الانسحاق أمام مشاريع أمريكا وإسرائيل، بل والصمود لما فيه قيام لبنان السيد والمستقر.
6) الإشغال في أن نكون في حالة دفاعية عن أنفسنا:
كي يتعطل البناء والتقدم في مختلف مناحي حياتنا، بحيث نكون في حالة دفاعية، دفاع ثقافي واجتماعي واقتصادي ولا نتحدث عن الدفاع العسكري فقط، بحيث أننا دائماً يجب أن نجيب عن اسئلة، ودائماً يجب أن نرد على اتهامات، كي نبقى منصرفين للإجابة عن أسئلة الغرب ومطالبه! لطالما قلنا في مواقفنا للمسؤولين اللبنانيين ولغيرهم: "إن جاءكم بعض الأجانب ليلتقوا معكم، اطلبوا منهم ما تريدون وما فيه مصلحة بلدكم، وتوقفوا عن أن تسمعوا دائماً ما يريدون"، نحن لا ننتظر إجاباتهم، ولكن اطرحوا أسئلتكم ومطالبكم, بدل أن تنتظروا مطالبتهم بحقوق الإنسان في لبنان. نسألهم: لماذا لا تطلق فرنسا سراح جورج عبد الله؟ لماذا تعتدي أمريكا في أفغانستان وتقتل الأطفال؟ لماذا تخرب وسائل إعلامهم بالأفلام الجنسية عقول الأطفال؟ لماذا تحمي بعض الدول في العالم تجار المخدرات ليفسدوا، ثم تدعي أنها أن تمنع المخدرات؟ لماذا تدعم الدول الغربية إسرائيل في اعتداءاتها المتكررة؟ ليس على المسؤولين عندنا أن يكونوا متلقين للمطالب الأجنبية، بل عليهم أن يُسمعونهم مطالبنا وأسئلتنا. نحن في لقاءاتنا كحزب الله مع هؤلاء المسؤولين نتصرف بهذه الطريقة نطالبهم بدل أن يطالبوننا، ومطالبنا أكثر من مطالبهم. هل الغرب يؤمن بالكلمة ويمنع قناة المنار من أن تبث في أمريكا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية، وهي قناة واحدة مقابل آلاف القنوات الموجودة لديهم؟! لو لم يكن لها تأثير، ولو لم يكن لديهم خوف من أن تفضحهم لما منعوها، وهذه قوة لها.
سادساً: دور القائد الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه) في مواجهة الحرب الناعمة.
تبيَّن أن القائد الخامنئي منذ سنة 2009م، بعد المشكلة التي أُثيرت بوجه الانتخابات الرئاسية في إيران، وخلال سنتين، قد ألقى خمسة عشر خطاباً عن الحرب الناعمة، ولم أسمع مسؤولاً واحداً في كل العالم العربي والإسلامي يتحدث عن الحرب الناعمة، ولذلك، واعترافاً بالجميل والسبق وتسليط الضوء على هذا الأمر الخطير، رأيت من المناسب أن ألخص بشكل مكثف بعض ما قاله الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه) ضمن محورين:
المحور الأول: ضرورة التنبه للقوة الناعمة. والمحور الثاني كيفية مواجهة القوة الناعمة.
يقول القائد عن ضرورة التنبه للقوة الناعمة:
1- "الحرب الناعمة حربٌ حقيقيةٌ في عالمنا المعاصر، رغم أن بعض الأشخاص ربما لا يرونها"(23).
2- "إن أحد أهم مخططات الرئيسة للأعداء تقوم على قلب حقائق البلاد"(24).
3- "الحرب الناعمة عبارة عن تضليل الشعب -الرأي العام- بشعارات ظاهرها حق ولكن محتواها باطل وفاسد وإثارة الغبار في الجو السياسي للبلد"(25).
4- "إنَّ الهدف المركزي للحرب الناعمة هو تحويل نقاط القوة والفرص إلى نقاط ضعف وتهديدات، وقلب حقائق البلاد"(26).
اخترت هذه الإشارات الأربعة لتسليط الضوء على الحرب الناعمة من خلال أقوال الإمام الخامنئي(حفظه الله تعالى ورعاه).
أمَّا كيف تكون المواجهة؟ فسأختار بعض الأقوال من دون شرح لتبيان رؤية القائد(حفظه المولى) في المواجهة:
1- "ينبغي توعية وتثقيف الناس وكشف هذه الأهداف أمامهم".
2- "يجب العمل بصورة عكسية لأهداف العدو"
3- "يجب مراعاة المصالح العليا في أخذ المواقف والتحركات والتدابير"، إذ يعلق الإنسان أحياناً في إطار المصالح الضيقة، فيهمل الكليات، ويدخل في نفق الحرب الناعمة.
4- "على الجميع وخاصة الخواص الانتباه كي لا تكون تصريحاتهم وإجراءاتهم تكملة لخطط وأهداف أعداء النظام"(27).
5- "ينبغي لوسائل الإعلام والنشطاء والسياسيين والمسؤولين الابتعاد عن الخلافات الهامشية غير المبدئية، لأن الأولوية في البلاد اليوم هي لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو، والتي تستهدف بث الفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، ومن أهم سبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح المعنوية والتعبوية والأمل في المستقبل، وهذا لا يعني إنكار وجود المشاكل والأزمات، ولا يلغي ضرورة القيام بواجب الإصلاح والمعالجة"(28).
6- "على النخب والخواص أن ينتبهوا كثيراً لأن صمتهم وانسحابهم في بعض الأحيان يساعد الفتنة"(29). فـ:"الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس".
7- "لا ينبغي الركون إلى وسائل الإعلام الأجنبية لفهم مجريات الأحداث، بل الصحيح هو مخالفة ما تأتي به هذه الإذاعات وفقاً لمقولة الإمام الخميني(قده) إنَّ "قمة الرشد والنضوج الفكري هي في مخالفة الإذاعات الأجنبية المعادية"(30). فـ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"(31).
8- "الشباب الجامعيون هم ضباط الحرب الناعمة أمام مؤامرات الغرب المعقدة"(32). وهذه مسؤولية كبيرة على الشباب الجامعي.
وهنا لفتتني ملاحظة أوردها الإمام القائد في حديثه عما حصل في سنة 2009 في إيران بعد الانتخابات الرئاسية، قال: "لم تفاجئنا الفتنة ولكن فاجأنا تحرك بعض الأشخاص"(33). كي لا يظن البعض أن الأمور لم تكن معروفة بالإجمال في إيران أو أنَّ الحرب الناعمة لم تُعرف إلاَّ في سنة 2009! لا، الحرب الناعمة موجودة سابقاً، ولكنها تبلورت في صيغة معينة سنة 2009 في الانتخابات الرئاسية، وتصدى لها أشخاص لم يكن بالحسبان أنهم سيكونون من الأدوات التي تستخدمها الحرب الناعمة.
سابعاً: حزب الله والمواجهة.
لأنَّ البحث جديد، ويحتاج إلى إضاءات، اخترت نموذجاً عن الحرب الناعمة: في مواجهة حزب الله.
هناك عنوانان رئيسان في الحرب الناعمة ضد حزب الله، وكل العناوين الأخرى تدخل تقريباً تحت هذين العنوانين، ويستطيع كل واحد أن يذكر مئات العناوين الأخرى، فسيجد أنها تندرج تحت هذين العنوانين. هذه الحرب الناعمة تخوضها أمريكا ومن معها ضدنا، وهي المتصدي الحقيقي لها، فإذا ما سمعتم بعض العبارات والمواقف التي يكررها البعض هنا في لبنان، فإنَّهم يمثلون الصدى وليسوا هم أصحاب هذه الحرب، بل هم أعجز من أن يقودوا حرباً ناعمة.
العنوان الأول: حجة المواجهة ضد حزب الله، أنَّ فكره ومقاومته لا ينسجمان مع تطورات المجتمع الحديث والمعاصر، ويصنفون هذا الحزب بأنه إرهابي، متجاوزين تمثيله الشعبي، وقدرته على الامتداد والتحالف، والحضور السياسي والتأثير في البلد، وهدفهم الأساس: مواجهة الأساس الفكري والاتجاه المقاوم لحزب الله.
العنوان الثاني: حجة ضرورة حصرية السلاح بيد الدولة, فالدول هي التي تقتني وتحمل السلاح، لتحمي شعبها في الداخل والخارج، وهدفهم الأساس: ضرب معادلة لبنان القوي الذي يعيق الوصاية الأمريكية ويعيق الاستثمار الإسرائيلي، وذلك لإبقاء تفوق الكيان الغاصب في المنطقة ليحقق أهدافه.
هذان عنوانان كبيران للحرب الناعمة على حزب الله. وهناك أدوات لها، لأن أي حرب ناعمة تحتاج إلى أساليب ووسائل، من أدوات هذه الحرب الناعمة:
1- إثارة الفتنة المذهبية بين الحين والآخر.
2- الإعلان بأنَّ قوة حزب الله تتعارض مع وجود الدولة، أو كما يقولون: هو دولة داخل دولة.
3- الاعتراض على تحالفه مع إيران وسوريا.
4- إبراز الأضرار المادية التي تنتج عن مقاومة العدو، وخسائر الناس في بيوتهم وأرزاقهم بسبب الحرب مع إسرائيل.
5- الحرص على موقع لبنان في المجتمع الدولي، وأنه لا يستطيع أن يعيش إلاَّ من ضمن هذه المنظومة، وعلى حزب الله أن ينسجم مع قرارات مجلس الأمن وطروحات الغرب وأمريكا.
6- أخيراً وليس آخراً، المحكمة الخاصة بلبنان والتي يمكن أن تخدم لعشرات السنين، في محاولة لإثارة البلبلة والاتهامات والتحريض، ما يؤثر على علاقات اللبنانيين مع بعضهم.
هذه بعض أبواب الحرب الناعمة التي تُستخدم ضد حزب الله، الذي يواجه بوضوح وصلابة واطمئنان هذه الإدعاءات، من خلال أمور أبرزها:
1- رفض الفتنة المذهبية، نظرياً وعملياً، والعمل مع القوى السياسية المتنوعة مذهبياً على قاعدة الموقف وليس المذهب، وعدم الإنجرار إلى الخطابات والتحريض المذهبي ثقافياً وإعلامياً.
2- ممارسة الدولة لصلاحياتها بشكل كامل في مناطق نفوذ الحزب، وليس الأمر تعففاً، بل هي قناعة جازمة بأنَّ المصلحة في الدولة المستقرة التي تقوم بواجباتها تجاه المجتمع، كما تأخذ حقوقها منهم.
3- تحالف الحزب مع إيران وسوريا مورد قوة وفخر واعتزاز، وهو مستمر بسبب تماهي التوجهات السياسية في مصلحة هذه القوى متحالفة مع بعضها، معتبراً أن التحالف فرصة وليس تهمة.
4- أما المقاومة فهي التي حررت الأرض ودافعت عنها، وأدت إلى لبنان القوي، فليقولوا لنا ما الذي قدموه من خلال لبنان الضعيف ومن دون مقاومة إلاَّ التبعية والخسائر؟!
5- وأما موقع لبنان في المجتمع الدولي، فهو حاضرٌ اليوم أكثر من أي وقت مضى ببركة المقاومة.
6- وأما المحكمة الخاصة بلبنان فهي مسيَّسة نشأة واستمرارية، وتفتقر إلى أدنى معايير المهنية القضائية، وتديرها أمريكا، وأملنا أن تفشل ولا تحقق أهدافها بإذن الله تعالى.
ثامناً: أسس المواجهة العامة.
سنذكر أربعة أسس وقواعد لمواجهة الحرب الناعمة بشكل عام:
1) علينا أن نعرف أننا في حالة حرب دائمة, وهذه هي الحرب الناعمة، ما يتطلب العمل الدؤوب لمواجهتها لحظة بلحظة، لا أن نتوقف في مرحلة ونواجه في مرحلة أخرى.
2) تحصل الحرب العسكرية عند اليأس من الحرب الناعمة أو الرغبة باستعجال النتائج، ولذلك كلما كانت لديهم آمال بالحرب الناعمة يؤخرون حربهم العسكرية في لبنان أو في غير لبنان. وفي بعض الأحيان قد تكون الحرب الناعمة بديلاً عن الحسم العسكري للعجز عن الاستمرار به. ففي الاحتمالين نحن أمام حرب ناعمة بسبب العجز عن تحقيق الأهداف بواسطة الحرب العسكرية، ولكن الحرب العسكرية تبقى احتمالاً موجوداً لدى الأعداء.
3) يتركز التأثير في المواجهة على البعد التربوي الثقافي (القيم) من ناحية، وعلى التأثير السياسي من ناحية أخرى, وإنما يعوِّل الأجانب على التأثير السياسي للتغيير، لأنه يُحدث انقلابات ومتغيرات في الواقع المستهدف، وعلينا أن نهتم في المواجهة على الأمرين: البعد التربوي الثقافي، والبعد السياسي.
4) يجب أن نجمع قوانا في مختلف المجالات ونستفيد من كل الطاقات، إذ لا يمكن أن تكون المواجهة مقتصرة على فريق من دون آخر، ولا على جماعة من دون أخرى، فكلنا بحاجة إلى بعضنا بعضاً في مواجهة الحرب الناعمة، وهذا ما يتطلب أن تتكاتف جهودنا، في كل المراحل، وفي مواجهة كل التحديات، وباتجاه كل الأبعاد.
من المؤكد بأنَّ إرادةً حرة موجودة لدينا في مواجهة الحرب الناعمة تجعلنا منتصرين بإذن الله تعالى، لأنَّ التصميم هو البداية. هذه الحرب الناعمة مفتوحة على الأفكار والسلوك والمواقف السياسية، وهي في مواجهة النموذج القوي والجذاب الذي قدَّمه حزب الله في كل الجوانب من ناحية، والمقاومة التي عطَّلت مشاريع إسرائيل وأمريكا من ناحية أخرى.
وإذا أردتم أن تتعرفوا على أدوات القوة الناعمة التي نواجهها، فراقبوا الهجوم على النموذج وعلى المقاومة، أمَّا الأساليب والوسائل فرأسها الفتنة المذهبية وضخ الأكاذيب.
وأمَّا أدوات الداخل فهي صدى للحرب الناعمة، ولكنها مربكة وفاشلة ومكشوفة، وهي تقتدي بالإعلانات الأمريكية إلى درجة تماهي التعابير التي يستخدمونها مع التعابير التي يطلقها البنتاغون أو البيت الأبيض أو الرئيس الأمريكي، وعلى الرغم من سعة اللغة العربية فهم عاجزون عن استخدام تعابير أخرى، بل لننصفهم هم عاجزون عن أن يختاروا طريقاً في الحرب الناعمة تخالف القرار المركزي الأمريكي.
لقد تجاوز حزب الله الحرتقات، وهو سيتابع نموذجه ومقاومته, وسيعمل للوحدة، ومصالح الناس، واستمرارية لبنان القوي بجيشه وشعبه ومقاومته، ونحن نعلم بأنَّ الحرب الناعمة حربٌ مفتوحة، وسنواجهها بالرؤية الواضحة والتعبئة المستمرة على التربية الصالحة والجهاد والعمل.
في ختام كلامي، أوجه التحية الكبيرة لمركز "قيم" الذي كان وراء هذه الندوة، وأعدَّ بعض الكتيبات حول الموضوع، ولديه مشروع متكامل لمواجهة الحرب الناعمة، وكذلك هيئة التعليم العالي في التعبئة التربوية التي شاركت مركز "قيم" في هذه الدعوة، وأعلنُ بالاتفاق مع الأخوة في مركز "قيم" هذا اللقاء منطلقاً لفاعليات واسعة جداً لمواجهة الحرب الناعمة، نشارك فيها جميعاً، لنحقق الإنجازات في هذا السبيل، فنحمي ساحتنا ومجتمعنا بالدفاع عنهما، والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
1-نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق، ومدير مجلس المخابرات الوطني الأمريكي، وعميد كلية الدراسات الحكومية في جامعة هارفرد، وهو من أهم المخططين الاستراتيجيين الأمريكيين في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين.
2- جوزيف ناي، القوة الناعمة، مكتبة العبيكان، ص: 12.
3- المصدر السابق، ص: 34 وص: 70.
4-مركز قيم، كتاب رؤية الإمام الخامنئي في مواجهة الحرب الناعمة، ص: 46.
5- سورة الحجر، الآية: 36.
6-سورة الحجر، الآيتان: 37 و 38.
7-سورة الحجر، الآيتان: 39 و 40.
8-سورة الناس، الآيات: 1- 4.
9-سورة الحج، الآية: 53.
10-نهج البلاغة، من كلام له رقم: 50.
11-سورة فاطر، الآية: 6.
12-مركز قيم، كتاب الحرب الناعمة، ص: 37.
13- الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج6، ص: 177.
14- مركز قيم، كتاب رؤية الإمام الخامنئي، ص: 58.
15- مؤسسة نشر وتنظيم تراث الإمام الخميني(قده)، صحيفة الإمام، ج11، ص: 339.
16- مركز قيم، الحرب الناعمة، ص: 43.
17- رؤية الإمام الخامنئي، ص: 35.
18- المصدر السابق، ص: 125.
19- صحيفة الإمام، ج21، ص: 130.
20- صحيفة الإمام، ج10، ص: 59.
21- رؤية الإمام الخامنئي، ص: 142.
22- مركز قيم، الحرب الناعمة، ص: 46.
23- رؤية الإمام الخامنئي، ص: 88-89.
24- رؤية الإمام الخامنئي، ص: 72-73.
25- المصدر السابق، ص: 72-73.
26- المصدر السابق، ص: 94-95.
27- المصدر السابق، ص: 116-118-119.
28- المصدر السابق، ص: 102.
29- المصدر السابق، ص: 111-112.
30- المصدر السابق، ص: 75-76.
31- سورة الحجرات، الآية: 6.
32- رؤية الإمام الخامنئي، ص: 88-89.
33- المصدر السابق، ص: 80.