كل هذه التهديدات الاسرائيلية لا تقدِّم جديداً بالنسبة إلينا، نسمعها ولا نتأثر بها، نقدِّر أنهم بحاجة لقولها ولكن ليس لها فعالية على الأرض، ونحن في المقابل نتصرف بالاستعداد وإعداد العدة والجهوزية الكاملة في أية لحظة، نحن لا ننتظر اللحظة التي تقرِّر فيها إسرائيل أن تحاربنا حتى نهيئ أنفسنا، لأن إسرائيل عدوانية ويمكن أن تحاربنا في أية لحظة، ولذا نحن على جهوزية كاملة لأننا نواجه عدواً لئيماً لا نعلم متى يقرِّر الهجوم، ولكي نمنعه من أن يحقق أهدافه، لينال هزائم جديدة تُضاف إلى هزائمه في أيار 2000 وتموز 2006 وفي غزة سنة 2008، هذا هو منهجنا في أن نبقى في التصدي وفي المواجهة، وأن لا نتراجع أبداً عن حقوقنا وعزتنا وكرامتنا.
إسرائيل تخرق الأجواء اللبنانية كل يوم حوالى عشرين مرة، يعني هي تعتدي على القرار 1701، هل رأينا مجلس الأمن يتحرك بجدية وفعالية؟ رأيناه يخجل عندما يتحدث عن الخروقات الإسرائيلية، ويتكلم بلطف حتى لا تنزعج إسرائيل، ولكن إذا حدثت حادثة واحدة لها علاقة بالمقاومة فإن أسطر بيان مجلس الأمن تمتلئ بالحديث عن حادثة، وبعض الأسطر تكون لاستنكار ما قامت به إسرائيل لكن بلطف. على كل حال نحن لا نعتمد لا على مجلس الأمن ولا على الدول الكبرى، تعوَّدنا أن نأخذ حقوقنا بأيدينا، بمقاومتنا، وبالتالي مجلس الأمن الذي يحاسب دولاً على نواياها، ولا يحاسب إسرائيل على عدوانها المتكرر ليس جديراً بأن يكون عادلاً أو منصفاً أو مراعياً للتوازن الدولي، لذا نحن مصممون على أن تستمر مقاومتنا، لتحرير أرضنا ومواجهة الخطر الإسرائيلي، وليعلم الجميع أن هذه المقاومة هي حق شريف مشروع، لا يستطيع أحد أن يمنعنا حقنا، بل هو واجب على الكثيرين الذين لا يقومون بهذا الدور وهذه المهمة، التي يتحمل مسؤوليتها الجميع عندما تكون أرضهم محتلة.
وفي مسألة الحكومة اللبنانية فقد اتفقنا مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على صيغة تشكيل الحكومة منذ حوالى عشرة أيام تقريباً، ونحن نعتبر أن التطورات التي حصلت لا تغيِّر ولا تبدِّل ولا تأثِّر في هذه الصيغة التي وافقنا عليها، هذه الصيغة هي صيغة حكومة وحدة وطنية وشراكة حقيقية، هذه الصيغة تعطينا الاطمئنان بأن تكون القرارات المصيرية مرتبطة بالتوافق، وبالتالي لا خوف من أن يأخذ بعض اللبنانيين هذا البلد إلى خياراتهم وسياساتهم واستئثارهم، من هنا أكدنا بأن الصيغة التي تمَّ الاتفاق عليها هي محلُّ تأكيد وتثبيت من قبلنا، وعلى الرغم مما حصل نحن لم نغيِّر ولم نبدِّل، بل لا نقبل أن يغيِّر أحد في هذه الصيغة أو يبدِّلها، اتفقنا وسنعمل على هذا الاتفاق، والتطورات يمكن أن تؤثر على أمور أخرى لا علاقة لها بالصيغة، وباعتقادي أن رئيس الحكومة المكلف إذا حضر إلى لبنان هو لا يحتاج إلى أكثر من 48 أو 72 ساعة لتشكيل الحكومة، لأن المسألة ترتبط ببعض الوزارات ومن يستلم هذه الوزارات، وهناك عدة أفرقاء لهم مطالب، يمكن أن تُناقش هذه المطالب وتحلّ بسهولة، وأعتقد أن ما لا يمكن حلُّه اليوم لا يمكن حلُّه بعد عشرين يوماً، وما يمكن حلُّه بعد عشرين يوماً يمكن حلُّه اليوم، فلا داعي للتأخير، خاصة أن مطالب الأفرقاء قابلة للنقاش، أما أن يخرج البعض بقواعد جديدة أو بعناوين لها علاقة بتشكيل الحكومة، فتارة يضع قاعدة ويُسميها دستورية فيمن يمكن له أن يكون وزيراً ومن لا يمكن له ذلك، وأي جهة تأخذ هذه الوزارة أو تلك، هذه القواعد مرفوضة بالنسبة إلينا، لأن الدستور يقول بأن أي شخص لبناني لديه كفاءة يستطيع أن يكون وزيراً، سواء أكان وزيراً سابقاً أو يستوزر للمرة الأولى أو كان نائباً حالياً أو نائباً سابقاً أو لم ينجح في النيابة أو نجح في النيابة، كل هذه العناوين لا قيمة لها، لأن الاختيار يمكن أن يكون لأي شخص، فلا يتذرَّع أحد بعناوين يبتدعها ويحاول أن يُعيق ويُعطِّل، نعم هناك من يسعى إلى وزارات محددة لأنه يعتقد أنه يمكن أن يستخدمها كمزرعة له، حرام أن نفكر بهذه الطريقة، أعتقد أن على الرئيس المكلف أن يحسم الأمر في أسرع وقت ممكن لمصلحة الحكومة التي تكون للبنان، وأن تُوزَّع الوزارات بما يخدم الوحدة الوطنية، لا بما يحقق المنافع لبعض الجهات، وأقول لهؤلاء: من لم ينجح بين شعبه في أن تكون له مكانة ودور لا يمكن أن تُعينه الوزارة وحدها، الوزارة هي عمل تنفيذي ولكن المهم أن يقتنع الناس بسياسات المعنيين والمسؤولين الذين يعملون لخدمتهم.
من جهتنا كحزب الله نعتبر أن صيغة الحكومة التي اتفقنا عليها صيغة جيدة، والآن وقت إنجاز التكليف والتوزير بالتفاصيل، وعندها يمكن للبلد أن يخطو خطوات جديدة، فأمامنا مرحلة طويلة من إعادة الإعمار ومعالجة الوضع الاقتصادي الاجتماعي، ومشاكل الكهرباء والماء وكل التعقيدات الأخرى التي تُصيب وطننا، وهذه مسؤولية كبرى يجب أن ننصرف إليها.