الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في حفل تكريم أقامته حوزة الرسول الأكرم (ص) لطلابها الناجحين في 3/4/2012

ما جنته أيديهم في سوريا لن تكون بلدانهم بمنأى عنهم في يومٍ من الأيام

ومما جاء فيها:

أزمات المنطقة بأسرها وعدم استقرارها يعود إلى المصيبة الكبرى التي تسمى إسرائيل، وإذا راجعتم كل التحديات التي نواجهها فستجدون أن بدايتها وأساسها واستمرارها بسبب إسرائيل، إسرائيل هذه التي تريد أن تفرض وجودها تعطل قدرات المنطقة، تجعل الاستكبار يتحكم بمقدراتها وشعوبها، تمنع أي حالة من حالات الاستقلال والعزة من أجل أن تكون إسرائيل هي الأقوى والجميع ضعفاء، ولاحظوا كيف أن أمريكا تركز دائماً على التفوق العسكري الإسرائيلي على كل دول المنطقة مجتمعة بما يؤدي إلى تحقيق هدف أن تبقى هذه الدول خائفة وضعيفة وغير قادرة في مواجهة التحديات الإسرائيلية المختلفة.
 اليوم عندما تهدد إسرائيل يومياً إيران، إنما تريد بالدرجة الأولى أن توجه البوصلة باتجاه إيران، كي ينسى الناس أنه يوجد احتلال في القدس، وقضم أراضي واستيطان واعتقالات واعتداءات واغتيالات للفلسطينيين، وانتهاك لحقوق الإنسان، وتوسع على حساب شعب بأكلمه، واضرار كبيرة يسببها الإسرائيلي في داخل فلسطين وفي المنطقة بأسرها من خلال مشاركاته في كثير من الأعمال الأنشطة التي تخرب على دول المنطقة.
 فمن خلال التهديدات الإسرائيلية يظن الناس أن المشكلة هناك في إيران، لكن المشكلة في الحقيقة هي في إسرائيل. علينا أن نعيد البوصلة إلى إسرائيل وأن نشير إليها، لاحظوا كيف أن لدول العربية اجتمعت في جامعة الدول العربية لتبحث كل القضايا ما عدا قضية إسرائيل، وقضية إسرائيل هي القضية المركزية، والسبب في ذلك هو أن البوصلة توجه من قبل أمريكا وإسرائيل لهذه الدول كي ينصرفوا عن الأعمال الشنيعة والخطيرة التي يمارسها هذا الكيان.
 وعندما تتوجه أمريكا وإسرائيل ضد إيران الإسلامية، هم لا يريدون النووي السلمي الإيراني، وهم يعلمون أنه أمرٌ مشروع وأن إيران ليس لديها نووي عسكري، لكن هذه ذريعة لإسقاط النموذج الإسلامي في إيران وما تمثله على صعيد المقاومة، يريدون إسقاط النموذج والمقاومة في إيران، وهذا هو الهدف المركزي، وهذا الذي يجب أن نعلمه حتى نواجه هذا التحدي الحقيقي، والحمد لله الشعب الإيراني والقيادة الإيرانية وقيادة الولي الفقيه يستطيعون بكل جدارة أن يقفوا وأن يتحدوا ومعهم كل المحبين وكل الأنصار في هذا العالم.
 أما على الصعيد الداخلي اللبناني، نحن في حزب الله قليلاً ما نتكلم كإيجابة على الحرتقات التي يمارسها الكثيرون في لبنان، والكثير من جماعة 14 آذار وغيرهم يحاولون يومياً في كل كلمة يقولنها أن يتعرضوا لنا وأن يشتموا ويتكلمون بكلمات لا صحة لها على الإطلاق، وبأحداث ليست صحيحة على الإطلاق من أجل جرنا للرد عليهم، وغالباً ما تصدر هذه الكلمات عنهم بلا مناسبة وبلا سبب، لكن اتخذنا موقفاً واضحاً أن لا نرد على هذه الحرتقات كي لا ننصرف إلى قضايا تافهة لها علاقة بمجرد إثبات الحضور في الساحة، ونحن لسنا بحاجة إلى إثبات هذا الحضور الآخرون يحتاجونه ولذلك يرشقون هذا الحزب
بطريقة غير سليمة.
 نحن متمسكون بالاستقرار في لبنان، ونعتبر أنفسنا من صناعه، ونعتبر أن قضية لبنان الأولى والأساس هي حمايته من الاحتلال والتبعية، والحمد الله جهوزية المقاومة أمّنت هذا الأمر وتؤمنه الآن بسبب حضورها في الساحة وإلاَّ كانت ساحتنا مليئة بالفوضى ومليئة بأعمال الاحتلال.
 نحن نعمل وندعو إلى إنجاز الملفات المعيشية للناس، وسأكون صريحاً معكم: هذه الملفات المعيشية متعثرة وبطيئة بسبب مكونات الحكومة وطبيعتها، ولكن لا يوجد في الأفق المنظور بديل للبنان، وهذا ما يستدعي أن نصبر على هذا الواقع، وأن نبذل أقصى الجهد لإجراء تحسينات مناسبة، وكل من يراقب يرى كيف أننا نعمل بشكل دؤوب للإصلاح ولمحاولة المعالجة ولو أتت بعض النتائج متأخرة أو بطيئة.
 إسرائيل تعلم بأنها لم تعد قادرة على أن تعتدي على نفط لبنان بسبب وجود المقاومة والشعب والجيش، وبالتالي اليوم نحن في مرحلة حماية لثرواتنا الطبيعية، وموقفنا حاسم وإسرائيل تدرك تماماً أنها لا تستطيع أن تتجاوز هذه القوة الموجودة في لبنان في أي عمل لانتهاك حقوقه أو السيطرة عليها.
 فاجـأ صمود سوريا الدوائر الاستكبارية والإسرائيلية، ولقد وضعوا برامج زمنية ثابتة تتحدث عن أسابيع وبعد ذلك عن أشهر، وبعد ذلك عن سقف أعلاه سنة، من أجل قلب النظام في سوريا، وإسقاط معادلة المقاومة بضرب عامودها الفقري الموجود في سوريا لتشتيت القدرات الأخرى التي تشكل محوراً للمقاومة، وإذ بسوريا تصمد، وانكشف مع صمود سوريا أتباع المشروع الغربي الإسرائيلي، وظهروا بشكل واضح أنهم أدوات يُحركون ولا قيمة لهم ولا يحسب لهم أي حساب لا الغرب ولا إسرائيل، لكن فليعلموا أن ما جنته أيديهم في سوريا لن تكون بلدانهم بمنأى عنهم في يومٍ من الأيام، وبعض الطلائع تظهر من خلال بعض البيانات والمواقف والصراخ المرتفع، وهذا لا يمكن مواجهته بأي طريقة من الطرق، لأنه أمرٌ ذاتي وداخلي.
 النقطة الأخيرة في مظلومية شعب البحرين، الذي يعاني من الموقف الدولي المنحاز، ولأنهم رأوا أن شعب البحرين يتحرك باستقلال ومن دون أجندة خارجية رفضوا على المستوى الدولي هذا التحرك، وانحازوا إلى النظام الذي يؤذي شعبه ولا يقبل أن يقوم بالإصلاحات السياسية المناسبة.
على الرغم من كل هذه الأحداث التي تحيط بنا نحن واثقون أننا في نهاية المطاف سننتصر إن شاء الله تعالى.