بحضور ممثلين عن كلٍّ من رئيس الجمهورية والنواب والحكومة وممثلين عن مفتي الجمهورية والبطريرك صفير، وعدد من الشخصيات والفعاليات، ومما جاء فيها:
لماذا تبذل أمريكا أموالاً وتعقد مؤتمرات لرفع الكراهية عند شعوب المنطقة والعالم، بينما تستطيع إيران أن تدخل إلى القلوب والعقول من دون أن تقوم بالخطوات التي تؤسس لها أمريكا ال
بماذا استطاعت إيران أن تنشر حضورها وثقافتها ورؤيتها ومنهجها على الرغم من الحرب العالمية عليها، وعلى الرغم من العقوبات المستمرة منذ تأسيسها من قبل الولايات المتحدة، وعلى الرغم من كل الاتهامات والتآمر الدولي، أليس فيها سرٌّ للحب؟ أليس فيها سرٌّ للفطرة الانسانية؟ أليس فيها ما يدخل في العقول والقلوب والبلدان دون موانع؟ أن تكون الجمهورية الإسلامية اليوم في الموقع المحترم بين شعوب المنطقة والعالم فهذا يعني أنها قدمت ما سبَّب لها هذا الاحترام باسم الاسلام وفي سبيل الله.
لقد أخذنا من إيران كل شيء ولم تأخذ منا شيئاً واحداً، دلُّوني ما الذي أخذته إيران منا؟ أخذنا الدعم لمقاومتنا، أخذنا الموقف لسياستنا، أخذنا الحب لشعبنا، أخذنا التنمية لاقتصاد معيَّنٍ عندنا، أخذنا من إيران ولم تأخذ منا، ومع ذلك نسمع أصواتاً من هنا وهناك تستنكر ذلك، أقول لبعض الأصوات: بالله عليكم ألم ترهق إسرائيل جماعتها في لبنان فأخذت منهم كل شيء ثم رمتهم عندما خرجت من لبنان، وبدأ أعضاء في الكنيست الإسرائيلي يبصقون عليهم، لأن من كان عميلاً لإسرائيل لا خير فيه لوطنه، هل هذا ما أعطته إسرائيل لنا؟! أرهقت إسرائيل جماعتها في لبنان، ومع ذلك أعطيناهم فرصة أن يتوبوا إلى الله، وأن يرضى عنهم الناس، ولكنهم يحتاجون إلى وقت طويل، ألم تزجّ أمريكا بمن والاها في لبنان بمواقع فضحتهم أمام جمهورهم، وآذاتهم في شراكتهم، وورَّطتهم بقضايا داخلية وخارجية، ثم بعد ذلك خرجت أمريكا تسأل: ماذا فعلتم لنا؟ وهل يستطيع لبنان أن يُعطي لأمريكا بعد كل ما عاناه؟ حرام عليكم، لبنان بحاجة لمن يُعطيه، فإلى الأيدي التي تمتد إلى لبنان لتأخذ منه نقول لها: ممنوع عليك أن تسلبي شيئاً من لبنان، فشعب لبنان من حقه أن يستردَّ من هذا العالم الذي سلبه وعطَّله وأثار المشاكل والفتن فيه، نحن أصبحنا في مرحلة الرشد، لن يكون لبنان ساحة لا لأمريكا ولا لإسرائيل ولا لغيرهما، سنكون أصحاب الأرض الذين يدافعون عنها بكل شرف وكرامة، نحن لا نريد أسلحتكم ولا نريد أموالكم، نريدكم أن تكفُّوا عنا، وإذا لم تكفُّوا فأطفالنا سيقفون بوجهكم ليقولوا "لا" لأنهم شربوا العزة من المقاومة.
أما قضية الوحدة الإسلامية، فإذا ذكرنا الإمام الخميني (قده) ذكرنا الوحدة الاسلامية، أصبحا صنوان لا يفترقا، على قاعدة أنه من اليوم الأول أعلن هذه الوحدة ودعا إليها وبذل لها، وجمع المسلمين من أقطار العالم كافة في مؤتمرات عديدة، وأرسل المبلِّغين، ولا زالت الجمهورية الاسلامية إلى الآن مستعدة لكل ما يجمع المسلمين، حتى أنه وصل إلى ولادة النبي الأكرم (ص)، فحيث يقول أهل السنة أنه وُلد في الثاني عشر من ربيع الأول، وحيث يقول أهل الشيعة بأنه وُلد في السابع عشر من ربيع الأول، فقال إذن يكون هناك أسبوع للوحدة الإسلامية من الثاني عشر إلى السابع عشر بدل أن نحتفل بيوم واحد لنجمع المسلمين على ولادة رسول الله (ص). نحن نريد ترجمة عملية لهذه الوحدة، ونسمع كثيراً دعوات للوحدة، وأقول لكم أن الوحدة هي تكاتف المسلمين سنة وشيعة في لبنان على المستوى العملي، وهذا طبعاً جزء لا يتجزأ من الوحدة الوطنية، الوحدة بأن لا يعتلي البعض المنابر ليُسيء إلى الآخر بغلافٍ أنه لا يتحدث عن المذهب الآخر وإنما عن أشخاص فيه، الوحدة بأن نعمل لتجتمع إيران مع البلاد العربية والاسلامية ويتعاونون معاً في القضايا المختلفة، الوحدة بأن نمنع التقارير الامريكية والاسرائيلية التي تتحدث عن الفتنة السنية الشيعية من أن تسلك طريقها بأيدي جهلة عندنا، أو مدَّعين لفهمٍ لا يفهمونه، لأن أي مسار يؤدي إلى الفتنة هو مسار منحرف حتى لو صدر عن أي إنسان جهلاً أو علماً، من أراد الوحدة يسعى لها ويُضحي لأجلها، ونحن سنعمل لها إن شاء الله ما حيينا.
أما فلسطين، فهي عند الإمام الخميني (قده) ليست قطعة من الأرض، وإنما هي قطعة من الروح والقلب والإنسانية، فلسطين الرمز، ولذا عندما أعلن يوم القدس العالمي قال: يوم القدس هو يوم انتصار المستضعفين على المستكبرين، هو يوم للعزة، هو يوم للإسلام والمستضعفين. في سنة 1967 أصدر الإمام (قده) فتواه التي تُجيز أخذ الزكوات والأموال الشرعية لدعم فدائيي المقاومة الفلسطينية، والإمام كان دائماً يدعو إلى تحرير فلسطين ودعم الفلسطينيين، وقد أقامت إيران أول سفارة فلسطينية في إيران بعد سقوط الشاه، في مقابل كل التحرك الذي كان سائداً في المنطقة في الاستسلام لإسرائيل وفي أجواء كامب دايفيد، ليقول: نحن مع فلسطين ولسنا مع الدولة اليهودية التي تغتصب حق الفلسطينيين. ثم لماذا يحق لإسرائيل العدوانية أن تتسلح، أنا لم أسمع في العالم استنكاراً لثلاثة مليارات دولار تأتي من أمريكا سنوياً إلى إسرائيل، وتطلب إسرائيل أهم الأسلحة في العالم من الطائرات والدبابات والقنابل العنقودية وغيرها، ويمر الخبر في العالم بشكل طبيعي، ثم إذا قيل أن هناك شبهة مرور صاروخ أو قذيفة أو بعض الرصاص إلى المقاومة الفلسطينية أو المقاومة اللبنانية تقوم الدنيا ولا تقعد، أن ما تفعله المقاومة اللبنانية والفلسطينية يُخالف الأعراف والتوجهات الدولية، ما هذا المنطق الزائف؟ يجب أن نكون مع المقاومة لا مع إسرائيل، مع المقاومة لا مع أمريكا، لذا وأمام العالم بأسره نقول بأننا سنتسلَّح، وسنكون مقاومة مسلحة وسنحرر الأرض بالسلاح، فليأخذ مجلس الأمن قسطاً من الراحة والنوم، وليخدِّر نفسه إذا أراد، لأنه لن يُملي علينا ولا نريد منه شيئاً، وإذا صرخ فصراخه سيذهب في الهواء، أما بنادقنا فهي التي ستحرِّر الأرض إن شاء الله. يبدو أن البعض لا يقرأ ولا يسمع، نحن في لبنان لدينا قضايانا ومشاكلنا، وفي فلسطين لديهم تعقيداتهم ومشاكلهم، في سوريا وإيران أيضاً لديهم خصوصياتهم، إسرائيل تقول بأن إيران وسوريا وحزب الله وحماس هم جبهة واحدة تريد إسرائيل أن تقاتلهم لأنهم يؤمنون بالمقاومة، ولأنهم يريدون حريتهم وسيادتهم وكرامتهم ولا يريدون أن يكونوا أذلة وخدماً لإسرائيل، أنا أتمنى أن تقرأوا التقرير الذي صدر عن الاستراتيجية التي ستعتمد من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية، يقولون في التقرير بأن العمل يتطلب سياسة ردع موثوقة ودائمة ضد هذه الجهات الأربعة، يعني يريدون القضاء علينا، ثم كيف نحاربهم؟ أنحاربهم بأولئك الذين يصعدون المنابر ويقولون بأن السيادة اللبنانية موجودة في الدستور؟ كيف تُدافع عني؟ أتفعل ذلك من على المنبر؟ أتدافع عن لبنان بثلاث أو أربع ورقات اسمها الاستراتيجية الدفاعية التي لا تُثمن ولا تُغني من جوع على الورق؟ والله لا يُدافع عن لبنان إلا الصاروخ والمدفع والقلب القوي. رأينا دفاعتكم عن لبنان، أدخلت إسرائيل إلى بيروت، ورأينا دفاعكم عن لبنان الذي جعل مجلس الأمن يرسم خطاً أزرق ولا يعترف بالحدود الدولية، ورأينا دفاعكم عن لبنان الذي يأتي بالطيران ليل نهار ليصوِّر من أجل المعارك، ورأينا دفاعكم عن لبنان عندما قلتم أن هؤلاء العملاء مساكين ومضلَّلين، يريدون أن يطعموا أطفالهم، قلنا سنسكت وأمرنا لله تعالى، فتبيَّن أنهم زُرعوا بأغلبيتهم مجدداً بيننا ليتجسسوا علينا، هذا هو دفاعكم عن لبنان؟ انتهينا من الإنشائيات والكلام المعسول، من كان لديه طريقة غير السلاح ليُحرِّر لبنان ويساعد الفلسطينيين على تحرير أرضهم فليأتنا بها، ومن يريد أن يُعطينا وعوداً من أمريكا، فالأولى أن تُنفِّذ أمريكا وعودها لهم، هي أهملت جماعتها وتخلَّت عنهم، ولا يمكن أن نكون مثلهم. إذا كانت إسرائيل تقول بأن لديها سياسة ردع موثوقة دائمة، أنا أطمئنكم باسم المقاومة، المقاومة لها جهوزية دائمة وعالية في الاستعداد لمواجهة مشروع إسرائيل مهما كبُر ومهما امتدّ، فإذا امتدَّت أيديهم فإنها ستُقطع إن شاء الله ببركة المقاومة. ليسمع العالم: شرف لنا أن نجتمع حول المقاومة ولا يشرِّفنا أن نجتمع مع إسرائيل، شرف لنا أن نكون مع خط الشعب الفلسطيني ولا نكون مع الغزاة المحتلِّين، شرف لنا أن نكون مقاومة لا أن نكون مساومة، وليعلم الجميع، القاصي والداني أنه بعد تجربتنا لدينا قناعة أن لا قيامة للبنان ولا صمود للبنان إلا بمقاومته وجيشه وشعبه، على قاعدة أن يكونوا أقوياء وسنعمل ليكونوا أقوياء إن شاء الله تعالى.
ستكون أمامنا انتخابات نيابية قادمة، نتائج الانتخابات في اعتقادنا ستكون لمصلحة لبنان المقاومة المرفوع الرأس، وعندما يأتي العالم إلينا بعد ذلك، وسيأتي من دون استثناء حتى أمريكا، فسنقول لهم ماا نريد ولن نسمع منهم ماذا يريدون، عليهم أن يسلِّموا بأننا نمثِّل الشعب، وهذه هي الإرادة، وأنتم لاحظوا، كلما حاولوا أن يتَّهموا حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني والمعارضة تزداد شعبيتنا أكثر فأكثر. أقول لهؤلاء الذين يُخيفون الناس من المقاومة أنكم تحبِّبون الناس بالمقاومة، لأنه إذا كنتم أنتم المعترضون على المقاومة فهذا فخر لمن تعترضون عليهم وهذا يشجِّعهم على المقاومة.
على كل حال زمن الوصاية انتهى، وسنرفع راية الاستقلال بشموخ إن شاء الله، وسيكون لبنان سيداً حراًّ مستقلاً ببندقية مقاومته وجيشه وشعبه.