بعد انتصار أيار سنة 2000 دخلت المنطقة بأسرها في مرحلة جديدة، ما قبل انتصار المقاومة يختلف عما بعد انتصارها، فقبل انتصارها كانت الأمة محبطة مستسملة متراجعة، ولم تكن الأصوات العظيمة الجريئة الحرة تُسمَع في هذا العالم، أما بعد انتصارها في عام 2000 أصبحنا نعيش حالة من العزة والمعنويات، وأصبحنا في مرحلة نُثبت فيها وجودنا واستقلالنا وحريتنا وكرامتنا، تأتي أمريكا لتسيطر باسم الشرق الأوسط الجديد فيمنعها المقاومون، وتأتي إسرائيل وتحتل بلداننا فيخرجها المجاهدون، ويأتي العالم ليُناصر إسرائيل في مقابل حقوقنا فننتصر بحقوقنا ونمنع العالم من أن يسلبنا حقنا أو أن يأخذ من كرامتنا شيء. بعد الانتصار أصبحنا في وضع نستطيع معه أن نقول بأن المتغيرات ستكون لمصلحة الاستقلال والحرية والكرامة والتحرير والمواجهة مع الأعداء.
ما أحدثته المقاومة أمر جذري غيَّر المعادلات، ولذا عندما ترَون المحاولات الأجنبية وخاصة الأمريكية للسيطرة مجدداً على منطقتنا، إعلموا أن صمودنا وثباتنا سيمنع الوصاية الأمريكية من أن تعود إلى لبنان، نحن نعلم أن تكثيف الحضور الأمريكي في الآونة الأخيرة، وخاصة بزيارة نائب الرئيس الأمريكي إنما يستهدف أن يعوِّض الخسائر السابقة ويحاول أن يبحث عن أساليب جديدة للدخول بالوصاية الأمريكية من بوابة لبنان ولكن بطرق مستحدثة، وكذلك اعتقد بايدن أن بإمكانه أن يصدر أمر العمليات الانتخابية لجماعة 14 آذار ليقوِّي من عصبهم، وأعطاهم نصائح في كيفية التنافس الانتخابي، لكن ليعلم نائب الرئيس الأمريكي وغيره أن لبنان لا يقبل الوصاية الأمريكية من جديد، لا يقبلها لا أن تدخل من الباب ولا أن تحتال للدخول من الشباك، ولتعلم أمريكا أنه بعد 7 حزيران ستكون هناك دولة لبنانية لها مكانتها ومواقفها، وستتعامل بنديَّة مع أمريكا ومع غيرها، ولن تكون تحت الوصاية بأي شكل من الأشكال بعد 7 حزيران، نحن مع لبنان الدولة ولسنا مع لبنان المزرعة ولا لبنان الوصاية، بعد 7 حزيران نحن حاضرون أن نتعامل مع كل دول العالم من دون استثناء على قاعدة حقوقنا وحريتنا وعزتنا وتحرير أرضنا، بعد 7 حزيران لن يكون هناك محل لأي بيع للكرامة والأمجاد، ستُثبت المقاومة والمعارضة والأحرار في لبنان أن لبنان المستقل هو لبنان الذي يحافظ على كرامته وحقوقه ولن يقبل بأي وصاية أجنبية مهما كانت.
أما بخصوص الشبكات الأمنية، فحجم تلك الشبكات يبيِّن حجم الخطر الإسرائيلي على لبنان، كنا نقول دائماً أن إسرائيل خطر سواء كانت محتلة أو لم تكن للبنان، وسواء كان عندها مزارع شبعا أو لم تكن، وكان البعض يعتقد أن التحرير الذي حصل في عام 2000 أنهى الخطر الإسرائيلي، ها نحن نرى الخطر الإسرائيلي في كل منطقة في لبنان، ونرى الشبكات تتداعى الواحدة تلو الأخرى وما بقيَ أعظم، والشبكات التي ستُكتشف هي بالعشرات، وهذا يعني أننا أمام خطر حقيقي، وهذا الخطر ليس على لبنان فقط بل على كل المنطقة العربية وعلى فلسطين، ولكن عندما لا نرى نتائج مباشرة لخطرها في الدول العربية، فلأنهم مطمئنون لبعض المواقف السياسية التي يأخذون منها كل شيء، لكن بالتأكيد هم يهددون الحكام، والحكام يعلمون تماماً أن الخطر الذي حصل على لبنان يمكن أن يحصل على ِأي دولة عربية فيخيفونهم بهذا الخطر، لكن أقول لهم أخيفوهم بالمقاومة وبسواعد المجاهدين، واثبتوا واعلموا أنكم منتصرون إن شاء الله تعالى إذا كنتم واثقين أن الحق معكم والله معكم. هنا أريد أن أسأل جماعة 14 آذار لماذا لا تصرِّحون حول مواقفكم من هذه الشبكات الأمنية؟ كنا نسمع تصريحات تُشيد بالقوى الأمنية، لكن لم نسمع تصريحات تنتقد الشبكات وترفع الصوت عالياً، وتطالب مجلس الأمن وأمريكا والدول الأوروبية، ولم نسمع المعزوفة اليومية ضد إسرائيل كما نسمع المعزوفة اليومية على أمور تافهة، وأحياناً لا يكون لها وجود فيخترعونها وينتقدونها ويكررون الحديث عنها، بينما الشبكات الإسرائيلية أمامهم، فلماذا لا يصرخون كل يوم ضد هذه الشبكات؟ وهنا أسألهم: ما هي خطتكم لمواجهة هذه الشبكات؟ ما هو مشروعكم لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي؟ ما هي خطواتكم لتحموا لبنان؟ ما هي أعمالكم للمحافظة على السيادة والحرية والاستقلال؟ هل يمكن المحافظة على السيادة والحرية والاستقلال من خلال بعض التصريحات التي تورد الكلمات الثلاث من دون مضمون عملي؟ صدقوا أنه إذا لم يكن هناك سواعد للمجاهدين ووقوف للمجاهدات في خط التحدي لإسرائيل، لا يمكن للبنان أن يكون حراًًّ، أثبتت التجربة ذلك وسنحافظ على حرية وكرامة لبنان، شاء من شاء وأبى من أبى.
من الآن أقول لكم أن نتائج الانتخابات النيابية محسومة، لسنا قلقين ولسنا منشغلين بالحسابات، وبالتالي كل ما في الأمر أننا ننتظر يوم 8 حزيران لإعلان النتائج، والحمد لله نعمل باطمئنان، ولسنا متوترين ولن نرد على الشتائم ولن ننجر إلى المهاترات الإعلامية، ونعتبر أن كل الإثارات التي تحصل بين الحين والآخر بدون معنى ستذهب هباءً منثوراً، وأن مجيء بايدن إلى لبنان لن يُكسبهم صوتاً واحداً، لأن الأصوات توزَّعت والاصطفافات حصلت والناس اختارت، ومن باع ضميره أصبح معروفاً، ومن كان حرَّ الضمير أصبح معروفاً، ونحن يكفينا أن يُعطينا أحرار الضمائر ولا نريد أولئك الذين يُباعون ويُشترون، ونتمنى أن يكون التنافس في إعطاء الأصوات بناءً على القناعات هنا وهناك، لكن للأسف هناك حالة في لبنان سيئة من شراء الضمائر، مع ذلك إن شاء الله تعالى سنعمِّر لبنان بالمقاومة والإنماء المتوازن في التنمية والإعمار، وبالتالي كل الأحاديث التي تروِّج لصعوبات يمكن أن نواجهها، أقول لكم من الآن إن شاء الله ستكون تجربة المعارضة في نجاحها تجربة رائدة نعلِّم من خلالها الآخرين.