الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في حفل تأبين السيد أحمد بدر الدين في مجمع شمس الدين – شاتيلا في 10/12/2011

ليس لدينا نقاش اسمه المقاومة ومستقبل المقاومةلأن المقاومة اليوم هي الحاضر والمستقبل

ومما جاء فيها:

في واقعنا في لبنان، لدينا مجموعة من الملفات الحساسة التي نتابعها، وأهمها وأبرزها ملف المخابرات الأمريكية، بالأمس كشف الأخ النائب السيد حسن فضل الله بعض المعطيات حول عمل المخابرات الأمريكية، وأقول لكم بوضوح أن ما كُشف حتى الآن عن معلوماتنا كحزب الله عن المخابرات الأمريكية هو جزء من كل، وهو بعض ما لدينا من معطيات. هيكلية المخابرات الأمريكية مكشوفة والمشغِّلون معروفون، وبالتالي هناك تفاصيل كثيرة تجري مع هؤلاء ومن معهم من عملاء وهي محل رصد واهتمام، وأيضاً أخبركم أن دخولنا على هذا الملف هو من بوابة الملف الإسرائيلي، لأن اهتمام المقاومة الأساسي هو العمل الإسرائيلي والعملاء والنشاطات الإسرائيلية ومخابراتها، ولأنه حصل تقاطع في خدمة المخابرات الأمريكية للمخابرات الإسرائيلية في مواطن مختلفة ومنها أثناء الحرب على لبنان أثناء الحرب في تموز 2006، كان لا بد من التعمق أكثر في كشف حركة ونشاط المخابرات الأمريكية، ولا أعلم إذا كانوا يدركون أن بعض من يشتغل معهم يشتغل مع غيرهم، وبما أن بعض الضباط لديهم معروفون بالفساد المالي، فهذا يعني أنه يمكن شراؤهم أيضاً، فلا توجد صعوبات معقدة جداً لكشف بعض التفاصيل والاطلاع على بعض المعطيات، وعلى الذين يعملون أو يودون أن يعملوا مع المخابرات الأمريكية أن يحسبوا حساباً بأن صورتهم ومعلوماتهم مكشوفة إن شاء الله في حرب الأدمغة التي يقوم بها حزب الله في مواجهة المخابرات الإسرائيلية، وهنا بالتبعية المخابرات الأمريكية.
نحن نعتبر أن أمريكا بهذا العمل تعتدي كما تعتدي إسرائيل، وبالتالي سنتابع هذا الملف ومعطيات هذا الملف، كما نتابع ملف المخابرات الإسرائيلية والعمالة الإسرائيلية، فإنه تحت الكاشفات الضوئية للمقاومة الإسلامية، وهذا يعني أننا نمتلك المعلومات المناسبة، فإذا ظنوا أنهم يسيرون في الخفاء فهم مخطئون.
بعد حرب تموز ثبتت المعادلة الذهبية الرائدة، معادلة ثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة، وهذه المعادلة أصبحت راسخة رسوخ لبنان، وقد تجاوزنا شرعية سلاح المقاومة، فهو شرعي وقانوي مئة بالمئة، والآن انتقلنا إلى مرحلة أخرى تتعلق بمساءلة أولئك الذين لا يقدِّمون الدعم للمقاومة، ولا يقومون بواجبهم من أجل تحرير لبنان، ولا يعملون من أجل طرد إسرائيل، ولا يُصدرون المواقف التي تنتقد العمل الإسرائيلي والاختراقات الإسرائيلية، فهم يتحملون مسؤولية السكوت عن الاعتداء على لبنان، ولسنا نحن الذين نتحمل مسؤولية أننا ندافع أو نقاتل أو نستعد. من هنا نحن نسأل: إلى متى سيبقى البعض ساكتاً عن اعتداءات إسرائيل وخروقاتها البرية والجوية؟ إلى متى ستبقى خطوات هذا البعض جزءاً لا يتجزأ من المشروع الأمريكي الإسرائيلي المضر بلبنان؟ وإلى متى سيبقى هؤلاء بوابة لتسهيل العدوان على سوريا بطرق مختلفة، سياسياً وبتمويل الجماعات التي تقاتل وتقتل؟ نحن نعتبر أن مسؤولية هؤلاء نصرة الشعب وتأييد الجيش ودعم المقاومة، وفي الثلاثة لديهم التقصير الكبير.
ليس لدينا نقاش اسمه المقاومة ومستقبل المقاومة، انتهينا من هذه النغمة منذ زمن بعيد،لأن المقاومة اليوم هي الحاضر والمستقبل، والسؤال يوجَّه إلى غيرها، لأننا أمام تحديات وهذه التحديات يجب أن تُواجه بكل صلابة وجرأة وموضوعية، لبنان وطن وليس مزرعة، لبنان مسؤولية وليس فوضى، لبنان بناء للدولة وليس وضعاً للعراقيل أمام الخطوات المختلفة، ومن يدعي أنه يبني لبنان ليُقدِّم حسابه أمام الناس لنرى أين بنى وأين هدَّم. الحمد لله هذه المقاومة تشرِّف في لبنان والمنطقة أنها أعطت للبنان معنى جديداً، فلبنان القوي هو في الطليعة بينما كان لبنان الضعيف محل تصرُّف وإيذاء من قبل الدول المختلفة.
اطَّلعنا في هذين اليومين على عمل أحد القضاة اللبنانيين، الذين تصل إليهم التمييز بأحكام العملاء، وبعضهم من تجاوزت أحكامه الإبتدائية أو الاستئنافية عشر سنوات أو خمسة عشر عاماً، وإذ بهذا القاضي يُطلق عدداً من العملاء بالتمييز، من دون أن يأخذ بعين الاعتبار ملفه المليء بالعمالة والذي يتطلب حكماً. نحن سنتابع هذا الأمر بالقنوات العادية، ولكن القضاء يتحمل مسؤولية عدم التهاون مع العملاء بالضوابط التي يعتمدها القضاء اللبناني، وهي ضوابط سهلة، لكن أن تصل إلى حد البراءة لمن لا يستحق البراءة، أو إطلاق السراح لاعتبارات سياسية وخدمات مناطقية، هذا أمر مرفوض لأنكم تعلمون أن ساحتنا مليئة بمحاولات استخبارية أمريكية وإسرائيلية للعبث بواقعنا في لبنان، وعلينا أن نضع حدوداً في مواقع مختلفة، منها أن يُحاكم العميل محاكمة عادلة ومعقولة من أجل أن لا تكون العمالة سهلة ومتاحة لأي كان.
لا أخفيكم بسعادتي الكبيرة أني لأول مرة أرى فيلتمان يأتي إلى لبنان ويخرج بائساً يائساً، في كل مرة كان يأتي إلى لبنان ويأمر وينهى ويطلب وتُرفع له التقارير، هذه المرة جاء يُناقش ويتمنى، ولكن كانت الردود التي سمعها ردوداً تقطع الطريق على تلك الأوامر السابقة، فلا استخدام لبنان منصة ضد سوريا ممكن في ظل هذا الواقع الذي نعيشه، ولا بعض المواقف الشجاعة التي دعمت المقاومة وأيَّدتها سترد على فيلتمان تحت أي عنوان من العناوين، وهو يعمل أن أمريكا اليوم تحصد عدداً من الهزائم في أماكن مختلفة، ومن الطبيعي أن تكون الهزيمة في لبنان أول وأهم هزيمة، من خلال تحطيم القدرة الإسرائيلية في عدوان تموز 2006، ومن خلال كشف محطة العمالة الأمريكية في لبنان.
إسرائيل تعتدي على غزة، تقتل المجاهدين في داخل شوارع غزة وبين المدنيين، وقرب المحلات والبيوت السكنية، ولا نسمع لا موقفاً من مجلس الأمن ولا من الجامعة العربية ولا من منظمة المؤتمر الإسلامي، وكأن شيئاً لم يحصل في الوقت الذي يُعتبر فيه أمراً خطيرا ًجداً، يجب أن تُواجَه إسرائيل بهذا الموقف الخطر، وأن يرى الفلسطينيون سنداً ودعماً، وهذه لحظات الاختبار التي تُبرز من مع فلسطين ومن يدَّعي زوراً أنه مع فلسطين.