الموقف السياسي

لا زلنا ننتظر من جماعة 14 آذار أن تُدلي برأيها في الشبكات الإسرائيلية / الكلمة التي ألقاها في حفلٍ تأبيني في حسينية البرجاوي - بئر حسن في 14/5/2009

لا زلنا ننتظر من جماعة 14 آذار أن تُدلي برأيها في الشبكات الإسرائيلية

نحن اليوم في لبنان نرى التهاوي والانكشاف لشبكات أمنية اسرائيلية ممتدة على امتداد الأراضي اللبنانية، وفي قرى مختلفة ومدن مختلفة، والحمد لله من طوائف مختلفة، على قاعدة أن العمالة لإسرائيل لا تعرف لا ديناً ولا منطقة ولا مذهباً ولا أخلاقاً، ولكن لو أن الأحكام القضائية على العملاء السابقين كانت بالمستوى المطلوب، وكانت العقوبات مشدَّدة لما وجدنا هذا الانتشار الكبير للعملاء الذين لا يخشون من عمالتهم لأنهم يعلمون أن الأحكام هي أحكام عادية وبسيطة يمكن أن يشتريها الانسان بضميره وكرامته وبعض الأموال. نحن ندعو اليوم الأجهزة القضائية أن تعمل لتشديد العقوبات على المجرمين القتلة الذين تمَّ اعتقالهم، والحكم بالإعدام على بعضهم من أجل أن يتربى الآخرون، ومن أجل أن يعلموا أن أي عمالة لإسرائيل هي خيانة عظمى للوطن، والخيانة العظمى لا تساهل فيها لأنها تؤدي إلى إزهاق الأرواح وذهاب البلد، وتؤدي إلى مصائب كثيرة وتعقيدات كثيرة في بلدنا، فإذا قامت الأجهزة المختصة القضائية بهذا الإجراء فإننا نحصِّن ساحتنا بنسبة من النسب. أضف إلى ذلك أن ما يحصل اليوم من انكشاف لشبكات العملاء هي قضية كبيرة جداً تستحقُّ أن يجتمع مجلس الأمن، وأن يصرخ مسؤولوا الدول الكبرى لمحاكمة إسرائيل ومعاقبتها، مع ذلك نجدهم لا يتكلمون، أين الأمين العام للأمم المتحدة في حديثه عن استقلال الدول؟ هذا الذي ينتقد شبكة مقاومة ضد الاحتلال، لا ينتقد شبكات اعتداء وإجرام وعمالة لإسرائيل، لأنه يتصرف كأمين عام منحاز لإسرائيل ولا يتصرف كحيادي أو موضوعي أو عادل، ثم سمعت بعض الأصوات التي انتقدت الشبكات الإسرائيلية لأنها مخالفة للقرار 1701، في الواقع أن هذه الشبكات أقل ما فعلته هو مخالفة القرار 1701، والأعظم أنها شكَّلت عدواناً على الوطن والمواطنين، وهذا أمر كبير وعظيم جداً لا يُعتبر القرار 1701 أمامها بهذا الحجم الذي يصل إلى الإضرار بالناس وبالبلد ككل. على كل حال الشبكات الأمنية الإسرائيلية ليست ضد المقاومة فقط، هي ضد كل مواطن، هي ضد لبنان بأسره، هي ضد كل تنمية وكل بناء وكل استقلال، هذه الشبكات ليست مكلَّفة فقط برصد المقاومين، هي مكلفة أيضاً بكل أعمال التخريب لأنها تُعطي إحداثيات عن الجسور والبيوت والنسيج الاجتماعي والخلافات والآراء، أي أنها تُعطي إحصائية كاملة عن التلاوين الموجودة في مجتمعنا، وهذا يؤدي إلى أن تتصرَّف إسرائيل بما يُسبِّب الفتن والخراب والدمار. لا زلنا ننتظر من جماعة 14 آذار أن تُدلي برأيها في الشبكات الإسرائيلية، خاصة أنهم يتصدُّون لأشياء غير موجودة ويُعطون آراءهم فيها، الآن أمامنا عدد كبير من الشبكات الإسرائيلية وأودُّ أن أسمع مواقفهم المعترضة الرافضة التي تدعو إلى كتابة مذكرات إلى مجلس الأمن، والتي تُقيم عدداً من المؤتمرات والبيانات اعتراضاً على وجود الشبكات الإسرائيلية. هل يا ترى سنسمع اعتراض وانتقاد على هذه الشبكات؟ نحن ننتظر لأننا لم نسمع شيئاً حتى الآن.

أما بالنسبة للإنتخابات النيابية، لقد قرَّرنا أن نخوض هذه الانتخابات بشكل هادئ وتنافسي وشريف، وإذ بنا نسمع بين الحين والآخر عناوين وهمية لقضايا سياسية ليست موجودة بالأصل عند المعارضة، ثم يأتي فريق 14 آذار لينتقد هذه الأمور. أنا أتحدى كل جماعة 14 آذار أن يأتوني بتصريح واحد لأي ركن من أركان المعارضة طالب فيه بالمثالثة في لبنان، هذا غير موجود لا في الأدبيات ولا في المواقف السياسية ولا في التسريبات التي تحصل بين الحين والآخر في الجلسات المغلقة، ومع ذلك رأيناهم يشنُّون حملة واسعة على المعارضة لأنها طالبت بالمثالثة، أنا أقول لكم لماذا؟ لأنهم مفلسون وليس عندهم قضية يعترضون بها عليها، ماذا سيقولون للناس؟ يعترضون على المعارضة لأنها تؤمن بالمقاومة، يعترضون على المعارضة لأنها تريد التغيير نحو الأفضل بعد الفساد والانهيار الذي أصاب البلد بسبب إدارتهم، يعترضون على المعارضة بعد أن قدَّمت خطاباً هادئاً لائقاً وأوصلت الأمور إلى اتفاق الدوحة لانتخاب الرئيس التوافقي وحكومة الوحدة الوطنية وقانون للانتخابات يمنع التقسيم والفدرلة في البلد ويؤدي إلى أن نعبُر إلى انتخابات نيابية جديدة، على ماذا يعترضون على المعارضة؟ هل يعترضون عليها لأنها تنتقد الفساد والرشاوى والمحسوبيات والدين العام الذي تجاوز الخمسين مليار دولار؟ ليس عندهم شيء يعترضون عليه، إلا أن يخترعوا بعض القضايا ويرتِّبون عليها آثاراً ويحاولون الانتقال وهي قضايا غير مطروحة بالأصل. حتى موضوع رئاسة الجمهورية، من يتكلم عن تخفيض ولاية رئاسة الجمهورية؟ ومن يطرح تعديل الدستور في الأصل فيما يتعلق بهذا الأمر؟ هذا أمر غير مطروح، إذاًَ دعونا من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم حماة الرئاسة، فمن أراد أن يحمي الرئاسة يُبعدها عن التجاذبات، ويتركها تقوم بما عليها من جمع اللبنانيين دون أن تكون طرفاً من أجل أن نتجاوز الانتخابات النيابية، ونرى خيارات الناس ونعمل على أساسها في الحكومة وفي الأمور الأخرى إذا كنا نعتبر أننا في بلد حر يختار فيه الناس كما يشاؤون.

على كل حال نحن قرَّرنا أن لا ننجر إلى المهاترات التي يقوم بها البعض، وسنبقى ندعو الناس لينتخبوا على قاعدة قوة لبنان بمقاومته وجيشه وشعبه، والتنمية التي تؤسِّس لمعالجة الكثير من القضايا الاجتماعية الاقتصادية بحسب ما يتحمَّل لبنان، لإقفال هذه المرحلة القاتمة السابقة لمرحلة تغيير جديدة تحمل أملاً معيَّناً للبنانيين.