الموقف السياسي

أية مخالفة للأحوال الشخصية الشرعية هي ارتكاب لحرام بالنسبة إلينا/ الكلمة التي ألقاها في المؤتمر الذي أقامه معهد المعارف الحكمية بالتعاون مع المستشارية الثقافية الإيرانية تحت عنوان المرأة في فكر الإمام الخامنئي في مطعم الساحة في 23/5/2011.

أية مخالفة للأحوال الشخصية الشرعية هي ارتكاب لحرام بالنسبة إلينا

بحضور السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن آبادي والمستشار الثقافي الإيراني السيد محمد حسين رئيس زاده.
 ومما جاء فيها:
 سأدخل إلى واقع لبناني يعتبر مفصلاً ومحطة خاصة تستوجب منا أن نقف بجرأة، وأن نقول آراءنا حول المرأة، كي لا يأخذنا الحياء تحت عنوان شعارات تقدمية أو مدنية أو ما شابه ذلك من هنا ومن هناك.
 نحن نحترم وجهات نظر الآخرين وعليهم أن يحترموا وجهات نظرنا، ليعلم الجميع: أن الأحوال الشخصية في لبنان لكل طائفة من الطوائف، وبالأخص الأحوال الشخصية الإسلامية ليست بدعة أو رأياً إنسانياً مادياً بعيداً عن الله تعالى، وإنما الأحوال الشخصية عندنا جزء من الإيمان والاعتقاد والدين والالتزام، بمعنى آخر: أية مخالفة لهذه الأحوال الشخصية الشرعية هي ارتكاب لحرام بالنسبة إلينا، وأي التزام بضوابط الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق والإرث وكل العلاقات المبنية في الأولاد والوفايا وما شابه كلها بالنسبة إلينا مواقف شرعية، ولسنا في مجال المساومة أن نتنازل عن بعض الأحوال الشخصية في علاقاتنا مع الآخرين لنوجد أحوالاً مشتركة لأن ما نؤمن به هو إيمان ودين والتزام وجزء من المنظومة الإسلامية، وليس كتابة من بعض العلماء أو من بعض المفكرين لدينا.
 وباب الاجتهاد مفتوح، إذا وجدنا أن هناك ثغرات في بعض التطبيقات العملية، أو في بعض الفهم الخاطئ، فإن بإمكاننا أن نعود إلى مجتهدينا الأعزاء الأحياء منهم وأيضاً الأموات لنأخذ منهم ونستفيد من التعاليم التي تبيِّن معالجة نقاط وثغرات التطبيق.
 اليوم في إيران على سبيل المثال: لديهم خطوة جبارة مهمة ليتها تحصل في لبنان ولكن أشعر أنه لا يوجد جرأة عند المسؤولين الدينيين في لبنان، لقد وضعوا ورقة مع عقد الزواج فيها حوالي 15 شرطاً على كل من الزوجين أن يجيب على كل شرطٍ من الشروط إذا كانا يريدان هذا الشرط أم لا من باب التثقيف والتوعية، يدخل الشاب والفتاة إلى أحد العلماء أو أحد الأشخاص فيقرأ لهم الشروط الـ 15، ويسألهم عن كل واحد بعد أن يفكر ما معناه، وبعد التوقيع على الشروط سلباً أو إيجاباً، يختار منها البعض أو لا يختار البعض الآخر كل واحد منهما، فما اتفقا عليه يصبح جزءً من عقد الزواج، عندها يعقد العالم المعنى بعقد الزواج عقد الزواج استناداً إلى الشروط المرفقة التي تعالج قضايا كثيرة منها: قضية الطلاق، والخلافات النفسية والمعنوية في داخل الأسرة، ومنها الإيذاء، ومنها الأولاد، ومنها المهر وكيفية التصرف في حالة الطلاق بالأموال وما شابه، كل هذه العناوين لها حلول. إذاً لدينا متسع أن نعالج إذا كان ادعاء البعض أنه توجد مشاكل في هذا الأمر، وهذا الأمر ينسحب على الوصية وعلى أمور كثيرة نستطيع أن نتصرف من خلالها بمساحة واسعة، ولكن ضمن القواعد الأساسية المثبتة في الشرع.
 على هذا الأساس أقول بكل صراحة وبكل وضوح:
أولاً: لسنا مع قانون مدني للأحوال الشخصية في لبنان، لأنه يخالف الشرع المقدس مخالفة تامة، ففي الشرع حقوق وواجبات، والزواج ليس مجرد عقد بين شاب وفتاة، وإنما هو مجموعة من الحقوق والواجبات رأينا بعض الأنظمة المدنية المطروحة أنها تخالف تماماً روح الشرع المقدس وتقلب الموازين رأساً على عقب. وبالتالي نحن نعتبر أن القانون المدني للأحوال الشخصية يخالف قانون الأحوال الشخصية الشرعي ولا نوافق عليه ولنا نقاش في كثير من التفاصيل الواردة التي تغيِّر في طبقات الإرث، وفي حقوق وواجبات الزوج والزوجة، وفي طبيعة التعامل مع الولد المتبنى ليكون ولداً كامل الصلاحيات بكل الحقوق والواجبات خلافاً لطبيعة الشرع ونظرته إلى الولد، وهكذا.
ثانياً: لسنا مع التعديلات القانونية التي قدمها بعض النواب في دورة المجلس النيابي الحالي، ويتعلق بتعديلات في قانون العقوبات الذي يتدخل في ما بين الزوج والزوجة ليجري عقوبة على الزوج أو الزوجة إذا ألزم أحدهما الآخر بالمعاشرة الزوجية بما يعادل الاغتصاب من داخل الحياة الزوجية فيسجن الزوج أو تسجن الزوجة إذا ثبت أن أحدهما ألزم الآخر على هذه المعاشرة في حالة نفسية لا يريدها أو لا يطيقها، ويعود التقدير في ذلك إلى الحاكم الشرعي. هذا أمرٌ خطير، فيه ضرب للحياة الزوجية، وإذا كان هناك من معالجة مطلوبة فالمعالجة من ضمن القضاء الشرعي والتفاصيل الشرعية، لكن أن نأخذ جزء من حياة الأسرة إلى القوانين اللبنانية وندخل إلى تفاصيل العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، فهذا يمكن أن يودي بالحياة الأسرية، ويجعلنا أمام نقيضين في مكان واحد.
الأمر الثالث: نحن ندعو السلطات اللبنانية ومجلس النواب ومجلس الوزراء أن يتخذوا إجراءات ويشرعوا قوانين، ويقوموا بتنفيذ تعاليم تمنع استغلال المرأة وجعلها سلعة سواء بالإعلانات على القنوات التي تكشف المرأة عارية أمام الناس، أو من خلال الأفلام الخلاعية أو الإباحية والتي لا تراعي مكانة المرأة، لأننا إذا أردنا أن البدء باحترام المرأة، نحترمها أولاً بعفافها ثم بعد ذلك يكون كل شيء، أمَّا إذا كان التعامل معها على أساس أنها سلعة للإغواء وللتجارة وللمكاسب المادية في الشوارع والطرقات وفي المواقع المختلفة فهذا يعني أننا أمام انحراف وانحدار كبير. مسؤولية الدولة اللبنانية ومسؤوليتنا أن نحمي الأجيال من الفساد، وأن نقف أمام هذا التصرف وهذا السلوك الشائن مع المرأة، نحن ندعو إلى احترام المرأة كإنسانة شابة أو زوجة أو أم أو في أي موقعة، ومن يتحدث عن معالجة الأمراض النفسية والاجتماعية فليبدأ من الأساس، ما هذه البدعة، يقولون هذا الفيلم الخلاعي مسموح لمن هم فوقـ 18 سنة! لماذا؟ لأن من هم تحت 18 سنة هذا سيء على المستوى التربوي، فكل الذين يحضرون هذه الأفلام تحت الـ 18 سنة! من هو الذي يجعل هذا الضامن؟ ومن الذي يستطيع أن يقف؟ لولا أنكم تدركون تماماً خطر هذا الأمر لما حددتم هذا الفرق في العمر، وأقول أكثر من هذا: فهذا الأمر خطر على الذين هم أكثر من 18 سنة، لأن الإنسان التي يتفاعل مع الإغواء سيعيش عقد ومشاكل وتعقيدات، وله متطلبات لن تجعل الأسرة قادرة أن تقوم بهذا العبء، وبالتالي سنكون أمام خيانات وانحرافات وتصرفات كثيرة في هذا المجتمع.