ومما جاء فيها:
نحن نؤمن بأن 25 أيار أسس لزوال الاحتلال من البحر إلى النهر، والآن إسرائيل عاجزة عن تأمين استقرارها وتوسعها، وهي بعد 63 سنة تعيش حالة إرباك لم تشهدها قبل ذلك، واتسعت مساحة المقاومة وشعبية المقاومة، فإذا كانت مصر عصيَّة على التطبيع مع كامب دايفيد فكيف سيكون حالها مع سقوط حسني مبارك، وإذا كان الانقسام الفلسطيني معبراً لقضم فلسطين فماذا بعد المصالحة التي أذهلت إسرائيل بصرف النظر عن مساحتها وحدودها، وإذا كان التحرير سنة 2000 مدوياً ومؤثراً فكيف كانت الهزيمة التي نالتها إسرائيل في عدوان تموز 2006، والتي ألحقت بها ضرراً مباشراً داخل الكيان، وفي قدرة الردع الإسرائيلي، أي في عمق وأصل وجود وقوة إسرائيل. نحن أمام واقع مختلف وظروف مختلفة، نعم التغيير يحتاج إلى وقت ولكننا قادرين على صنعه.
في رأينا لن ترتاح المنطقة طالما أن إسرائيل موجودة، فما دامت موجودة فهذا يعني أنها تبحث عن عوامل استمراريتها، وعوامل استمرارية إسرائيل هي عوامل تحطيم دول المنطقة، وعوامل وجود دول المنطقة هي عوامل تحطيم إسرائيل، ولذلك لن ترتاح المنطقة بوجود إسرائيل، فهي ستصنع الفتن وستتدخل وستتدرج الواقع الدولي ضد منطقتنا لمصلحتها، وبالتالي كل المشاريع والمخططات الاستكبارية هي في الواقع في خدمة المشروع الإسرائيلي التي تريد تهيئة الظروف المناسبة لهيمنة إسرائيل، وبناء شرق أوسط تديره إسرائيل، نحن أمام هذا المشروع.
أمريكا تريد بوضوح ما قاله أوباما بالأمس: الولايات المتحدة الأمريكية اهتمامها الأساسي في المنطقة مواجهة الإرهاب ووقف انتشار السلاح النووي ودعم أمن إسرائيل في عملية السلام، وهذه الأمور الثلاثة تعني: مواجهة الارهاب، إطلاق يد أمريكا لتقتل وتغيِّر وتُسقط أنظمة وتفعل ما تشاء تحت عنوان محاربة الإرهاب، فإذا هيمنة استكبارية. وقف انتشار السلاح النووي هو عنوان لإبطال القدرة، بصرف النظر عن إيران وغير إيران، لكن هو يريد أن يقول أنه ممنوع أن تكون عند شعوب هذه المنطقة قدرة على المقاومة والممانعة والمواجهة، والأمر الثالث دعم أمن إسرائيل، وهذا يعني أن تأخذ إسرائيل ما تريد. على هذا الأساس نحن نعتبر أن خطاب أوباما هو خطاب استعماري، يؤكد ثوابت أمريكا في معادلة الشرق الأوسط الجديد، ومحاولات أمريكا في تثبيت الكيان الإسرائيلي رغماً عن شعوب المنطقة، ولا حل إلا بمواجهة المشروع الإسرائيلي، لأن إسقاطه هو إسقاط كل خلفياته وكل الداعمين له. مع وجود المقاومة وجهوزيتها الآمال كبيرة بحماية لبنان وتحرير فلسطين وإراحة المنطقة، وهذه مسؤولية الجميع، كلٌّ من موقعه، وبحسب خصوصياته وظروفه على قاعدة التضحيات. وهنا أقول لكم أن كثيرين كانوا يقولون: لماذا لبنان وحده يقاوم؟ هذا خطأ، لأن لبنان يقاوم من أجله لا من أجل غيره، فأرضنا هي المحتلة ونحن نحررها، ألم تتحرر أرض لبنان بالمقاومة؟ ماذا فعلنا لمصلحة الآخرين، وإذا استفاد الآخرون من تحريرنا لأرضنا فهذا طبيعي، لأن الأصدقاء سيستفيدون من ربحنا والأعداء سيتأذون من خسارتنا.
اليوم لبنان والمنطقة أمام مشروعين: مشروع أمريكي إسرائيلي ومشروع المقاومة والاستقلال. بكل وضوح، جماعة 14 آذار جزء من المشروع الأمريكي الإسرائيلي، فمواجهتهم ليست ضد العدو الإسرائيلي، وحساباتهم ضد المقاومة، وتصويبهم على سوريا، ومحاولة استئثارهم بالبلد جزء من أهدافهم، وكانوا يتمنون إنهاء حزب الله باليد الإسرائيلية، وويكيليكس شاهدة على ذلك في حرب تموز، واستُخدموا في إطار المحكمة الخاصة وشهود الزور كجزء من محاولة ضرب المشروع الآخر المتمثل بالمقاومة والممانعة، لذا لا تستغربوا ما يفعلونه، فتصريحات جماعة 14 آذار هي نفسها التصريحات الأمريكية والإسرائيلية، هذا مشروع واحد. نحن لا نُطلق الآن صفات على أحد، ولكننا نقول: إذا كنتم مخالفين لهذا المشروع فخذوا المواقف التي تخالف هذا المشروع، في المقابل مشروع المقاومة هو مشروع مواجهة، وإعادة الإعتبار إلى استقلال البلد، والتأسيس لنكون أحراراً نأخذ قراراتنا من دون ضغط من أحد ومن دون سلطة علينا من أحد. نحن نريد أن نكون في بلدنا أعزة من دون وصاية أجنبية مهما كانت هذه الوصاية، وأن نقرر ما نريد وأن لا نكون مسرحاً لا لمشروع إسرائيل ولا لمشروع أمريكا والشرق الأوسط الجديد. مسؤوليتنا أن نُنجز تشكيل الحكومة من ضمن رؤية سياسية ترى إسرائيل عدواً والمقاومة مطلباً، وبناء العلاقات الجيدة مع سوريا، والمحافظة على الاستقلال وعدم الاستئثار. الوقت المتاح للحكومة ليس مفتوحاً، ولا تتحمل الحكومة تحقيق كل المكتسبات والمغانم لمكوناتها، فلا بدَّ من بعض التضحيات لأن تشكيلها مصلحة للجميع.