ومما جاء فيها:
المسيرات التي أقامها الشعب الفلسطيني في لبنان وسوريا ومصر والأردن في يوم العودة عبَّرت عن لهفة عظيمة للعودة إلى الأرض ولاستعادة فلسطين، وأكثر أولئك الذين وقفوا على الشريط الشائك أو اخترقوه في بعض الأحيان إنما هم من أجيال لم تعرف فلسطين مباشرة، وإنما كانت فلسطين في العقل والقلب والروح، فإذا كانت الاحتلالات الاسرائيلية المتنقلة في داخل فلسطين قد أدت إلى تهجير ما يقارب ستة ملايين فلسطيني في مختلف أنحاء العالم، ظنًّا من إسرائيل أن بإمكانها أن تسيطر على الباقي وأن تفرض احتلالها، فإن مشهد حق العودة يُعيدنا 63 سنة إلى الوراء، ليقول بأن هؤلاء الشباب لن يتركوا فلسطين للصهاينة وسيستعيدوها إن شاء الله ولو بعد حين. هذا المشهد أوجد لدينا أسئلة كثيرة على رأسها: أين هو مجلس الأمن من الاعتداء المباشر الذي أدى إلى استشهاد أكثر من عشرة أشخاص وجرح المئات؟ ألا يستحق هذا الأمر أن ينعقد مجلس الأمن وأن تُعاقب إسرائيل؟ وهم يدَّعون أنهم مع حق التظاهر ولقد كنا أمام مظاهرة سلمية، وهم يدَّعون أنهم يرفضون إطلاق النار على المتظاهرين، فقد كنا أمام قتل ممنهج ومنظَّم من قبل الصهاينة، ومع ذلك وجدنا أن الدول الكبرى ومجلس الأمن تغطي الأعمال الشنيعة لإسرائيل. كفانا دروساً من مجلس الأمن حول الثورات العربية، وكفانا دروساً من أمريكا حول حقوق الإنسان والتظاهر، لأننا رأينا ازدواجية المعايير وخاصة في تبني المشروع الإسرائيلي، ما يُظهر المستكبرين بأنهم ظلمة يقتلون الناس من دون شفقة،ولا يراعون حق الإنسان لا في الحياة ولا في التظاهر ولا في التعبير، هذا كله لن يكون في مصلحتهم، وإذا أرادت أمريكا أن تطَّلع جيداً لترَ اليوم استطلاع الرأي الذي نُشر من قبل مؤسسة دولية في عدد من البلدان العربية والإسلامية، حيث تبيَّن أن مستوى كراهية أمريكا تزداد يوماً بعد يوم في كل منطقتنا العربية والإسلامية، بعض الدول يكرهون أمريكا بنسبة 89 و90 بالمئة، وهذا لأن أفعالها أفعال ظلم، وبالتالي علينا أن نُدرك تماماً أننا إذا لم نأخذ حقوقنا بأيدينا وببنادقنا فلن يُعطينا إياها هذا العدو الإسرائيلي، ولذا عندما صممنا على المقاومة واستمرارية المقاومة وجهوزية المقاومة، إنما كنا ننظر دائماً أن العدو لن يوقف مشروعه التوسعي إلا بالمقاومة، ولن يسقط الاحتلال إلا بالمقاومة، ولن يعود الفلسطينيون إلى أرضهم إلا بالمقاومة، هذا ما تعلمناه وهذا ما رأيناه بشكل مباشر.
أولئك الذين يستخدمون لبنان منصة للإضرار بسوريا في محنتها وفي واقعها الحالي، وهم يعتقدون أنهم بذلك يتقوون ويساهمون في مشروع الشرق الأوسط الجديد سيخيب أملهم، لأن المشروع الأمريكي في المنطقة بأسرها مشروع فاشل متراجع، فيه سقطات كثيرة، صحيح أن الحضور الأمريكي مكثف وأنهم يحاولون استيعاب نتائج الثورات العربية، لكن قولوا لي أين نجحت أمريكا في نهاية المطاف. نعم هي نجحت بالتخريب والفوضى، لكن لم تنجح في الإمساك بزمام الأمور. حرام على البعض أن يورِّط لبنان بما لا يتحمله، كفانا استخدام لبنان كمنصة أمنية ضد سوريا، علينا أن ندرك أن لبنان يحتاج إلى علاقة إيجابية وممتازة مع سوريا، وليعالجوا هم شؤونهم بطريقة يتفاهم فيها النظام مع شعبه، ويقوم بالإصلاحات اللازمة بالطريقة التي يتفاهم عليها الناس مع النظام هناك.
لسنا مرتاحين لهذا التأخير في تأليف الحكومة، ونبذل جهداً كبيراً لإيصالها إلى بر الأمان من أجل مصحلة الناس، وأسباب التأخير ليست خافية على أحد، باستطاعتكم أن تقرأوا التسريبات الإعلامية المتكررة من كل الأطراف، ممن هم معنيُّون بالتشكيل وممَّن هم ضد الحكومة في الأساس، فستعرفون تماماً أسباب العوائق المختلفة التي توضع في طريق الحكومة، والأفضل لمن يشكِّلونها أن يتجاوزا هذه الأسباب بحلول متوفرة ومعقولة، وبتدوير للزوايا المختلفة، وبالتالي ستكون النتائج مناسبة للجميع. علينا أن لا نسمع للشروط الأمريكية الإعلامية التي قالتها كونيلي أو يمكن أن يقولها فيلتمان أو غيرهما، لأن أي شرط أمريكي يوضع في طريق الحكومة هو لإسقاط لبنان وليس لمصلحة لبنان، وإن الرشد في خلافهم، وبالتالي يجب أن نلتفت أننا معنيون بأن نعمل لما فيه مصلحتنا ومصلحة بلدنا، وأن لا نعمل لأي توجيهات أمريكية يمكن أن تقال. هنا ألفت النظر أن الحكومة هي خطوة على طريق الإصلاح، وليست كل شيء فالطريق طويل جداً لإصلاحات في مجالات مختلفة، وبالتالي إذا نجح البعض في زاوية وفشل في زاوية أخرى أثناء تشكيل الحكومة فهي ليست نهاية المطاف ولا كل الربح ولا كل الخسارة، أمامنا الكثير لنعمله لنربح ويربح الناس.