ومما جاء فيها:
كل التوترات التي نجدها في منطقتنا اليوم هي بسبب الوجود الاسرائيلي، نحن نعيش لمدة ستين سنة من المعاناة في كل المنطقة، ومن الواقع المتوتر ومن الآلام والمرارات والخسائر والفوضى والتراجع، كل هذا من أجل تثبيت اسرائيل الغاصبة وبرعاية دولية ومن مجلس الأمن ومن يسيطر عليه خاصة أمريكا. هل أن منهج الاستسلام الذي دعا البعض إليه أدى إلى نتيجة. في لبنان عندما دعونا إلى المقاومة إبان الاجتياح الاسرائيلي سنة 1982 كانوا يقولون لنا لا فائدة من مقاومتكم، لأنكم ستُقتلون والبلد سيُدمر، ولأن اسرائيل لا بدَّ أن تقتنع هي بالخروج من لبنان وأن علينا أن نأخذ التزامات دولية لإخراج اسرائيل من البلد، فتبيَّن أن حارس لبنان هم سرَّاق العالم، تصوَّروا أن يعتمد لبنان على مجلس الأمن وأمريكا من أجل إخراج اسرائيل من لبنان وهؤلاء هم الذين أحضروا اليهود من كل أقطار العالم ليتواجدوا في فلسطين، وغطُّوا اسرائيل من أجل أن تحتل أجزاء من لبنان وسوريا والأردن ومصر ومن أجل أن تهدد المنطقة بأسرها. إذاً أنتم لا تريدون قتال اسرائيل لأنكم تخافون منها، ولا تريدون القوة التي تدافعون بها عن أنفسكم لأنكم تعتمدون على نصرة الدول الكبرى ومجلس الأمن، يعني بمعنى آخر تريدون تنظيم الهزيمة وتشريعها من أجل أن نصبح في هذه المنطقة خدماً لإسرائيل بدل أن نكون أصحاب أرض وأصحاب حق وكرامة، فجاءت المقاومة لتقول لا نحن نرفض، المقاومة تريد استعادة الأرض والأهم من الأرض، المقاومة تريد استعادة المعنويات والكرامة والاستقلال، تريد أن تمتلك إرادة أن تقول لا للمخططات الاستكبارية، وتريد أن تمتلك قدرة تربية الأجيال على رفض الاستكبار والاحتلال والظلم، فلو استطاعت المقاومة أن تحقق هذا الحدِّ الأدنى لكفى بصرف النظر عن النتائج الميدانية وعن التحرير، فكيف إذا خضنا تجربة تبيَّن معها أن إسرائيل خرجت من لبنان مذعورة مأزومة، وغصباً عنها بضربات المقاومة ومواجهة هذا الشعب الطاهر مع جيشه وكل القوى الشريفة التي أرادت أن تُخرج هذا الاحتلال، القرار 425 بقيَ 22 سنة وهو يقول لإسرائيل اخرجي من لبنان وهي لم تعره اهتماماً، ليس لأنها أقوى من العالم ولكن لأن الذين كتبوه في مجلس الأمن أرادوا له أن يكون قراراً بدون تنفيذ لأنه ليس لمصلحة إسرائيل، وجاءت المقاومة وطردت إسرائيل من لبنان سنة 2000 وحصل التحرير، لكن إسرائيل لم تتحمَّل فهي تريد أن تُسيطر وكانت تعترض دائماً أن المقاومة في لبنان قوية، وما هو الاشكال أن تكون المقاومة في لبنان قوية؟ بل يجب أن تكون المقاومة أقوى مما هي عليه اليوم مرات ومرات وأن يسعى الشعب اللبناني وكل المسؤولين والمعنيين لأن يكون لبنان عصياًّ بشكل كامل على إسرائيل، لقد أصبحت المشكلة عند البعض أننا أقوياء وأننا أصبحنا نقول لا لإسرائيل. حاولت إسرائيل أن تقضي علينا فخاضت حرباً شعواء على لبنان سنة 2006، فكانت النتيجة أن صمدت المقاومة وشعب لبنان وجيش لبنان، وخرجت إسرائيل مهزومة مدحورة لا تستطيع أن ترفع رأسها أمام العالم، وقد ثبت بما لا يقبل الشك من تجربة لبنان أن شعوب منطقتنا إذا قالت لا للاستكبار ولا لإسرائيل فباستطاعتها أن تحرِّر أرضها وأن تصنع مستقبلها وسيادتها، وهذا ما ثبت بالدليل العملي، هذا هو الوضع الذي لا تستطيع معه أمريكا أن تفرض علينا شروطها، لم تقبل أمريكا أن نتوحد فرفضنا وتوحَّدنا، وأتينا برئيس توافقي وحكومة وحدة وطنية، لم ترضَ أمريكا أن يكون لبنان مستقراًّ على المستوى الداخلي، فرفضنا وقاومنا وإذ بنا اليوم نعيش وضعاً مقبولاً ومعقولاً ويمكن أن نصل إلى الأفضل أيضاً، إذاً كانت نتائج المقاومة نتائج مهمة وعظيمة. نحن لا نقبل أن نكون أزلاماً عند إسرائيل وأمريكا، أما الذين يقبلون نقول لهم كما يقولون لنا: ليس بإمكانكم أن تتفرَّدوا بقرار تأخذون به البلد إلى حيث تريدون، نحن نحتكم إلى الشعب والشعب يريد العزة والكرامة.
نحن اليوم نرى غزة وما يحصل فيها، وغزة اليوم تقاتل عن العالم العربي والعالم الاسلامي بأكمله، لأن غزة اليوم تمثِّل الرمز المقاوم، هم يريدون إسقاط المقاومة وروح المقاومة في غزة لتسقط المقاومة وروح المقاومة في البلاد العربية والاسلامية، هم يعتقدون أن روح المقاومة إذا سقطت في غزة، فهذا يعني أن مناخ المنطقة سيكون بيد أمريكا وإسرائيل. نحن مع المقاومة مرفوعوا الرأس، مع المقاومة نستطيع أن نعمل في بلداننا ما نريد، ولذا اليوم غزة هي قلب المقاومة فيريدون إسقاط المقاومة فيها، هي ليست مسألة في مواجهة حماس وفي مواجهة الفصائل الفلسطينية، هي ليست مسألة إطلاق صواريخ أنتم تعلمون أنها ردة فعل على الحصار الاسرائيلي والقتل في غزة، هي حرب لإلغاء المقاومة، وإلغاء المقاومة يعني إلغاء المقاومة الفلسطينية بأكملها، لا وجود لقضية فلسطينية من دون المقاومة، لأن القضية الفلسطينية إذا لم تحميها المقاومة ولم تدعو إليها المقاومة مع هذا التآمر الدولي الذي يريد أن يُعطي فلسطين للإسرائيليين ويريد أن يوطِّن الفلسطينيين في البلاد العربية، وأن يُلغي حق العودة ويُلغي وجود القدس كعاصمة للفلسطينيين، لذا المقاومة أساس يجب أن نكون معها، وأنتم تلاحظون أن في فلسطين شعب معطاء أعطى لعشرات السنين ولا زال يُعطي، الفلسطينيون لا يحتاجون إلى دروس من أحد خارج إطار المقاومة تقول لهم كيف يصنعون وكيف يتصرَّفون، نحن مع المقاومة في غزة في أي قرار تتَّخذه، سواء اتَّخذت قرار المقاومة أو وافقت على بعض الاقتراحات أو قرَّرت بعض الخطوات، هم أدرى بمصلحتهم من الموقع المقاوم لمصلحة عزة الفلسطينيين وعزة المنطقة، أما بعض النصائح التي تأتيهم من هنا وهناك هي نصائح تريد ذبح المقاومة سياسياً مع عجز إسرائيل عن هذا الأمر عسكرياً، أتمنى أن يكف بعض العرب عن بعض الاقتراحات والتدخلات التي تُسيء إلى حق الفلسطينيين، واعلموا أنه لو وقف العرب وقفة واحدة ولمرة واحدة لأمرين أساسيين: الأول وقف اطلاق النار تحت أي عنوان من العناوين، والثاني فتح كل المعابر لغزة، وأصرُّوا على هذا الموقف وبلَّغوا الدول الكبرى بموقفهم هذا، لخضعت إسرائيل وخضعت الدول الكبرى، لكن عندما تقول "ليفني" أن بعض العرب يرجونها بأن لا تتوقف قبل القضاء على حماس، لأنهم يريدون تغيير المعادلة في فلسطين، وهم يقبلون بأي حل وإن كان يُلغي القضية الفلسطينية، لكن فليعلموا أن كل المصالح العربية ستتأثر بالحلول الفلسطينية، فإذا بقيت المقاومة قوية وانتصرت فالعرب سيربحون، وإذا خسرت لا سمح الله فكل العرب سيخسرون. أما القرار الدولي 1860 الذي فرح البعض بأنه شارك فيه، فقد رأيتم بما لا يقبل التفسير أن هذا القرار هو رفع عتب وتهرُّب من المسؤولية وإعطاء الفرصة لإسرائيل لمزيد من الاعتداء على الفلسطينيين، لذا ما هذا القرار الذي لا آلية فيه ولا إلزام لإسرائيل للضغط عليها، وهو مجرد بيان إنشائي يدعو لوقف فوري لإطلاق النار، بل أسوء من هذا، في هذا القرار مجموعة من المطالب إذا ارتبطت مع وقف إطلاق النار ستؤدي في النهاية إلى إعطاء إسرائيل كل ما تريد، هذا هذا إنصاف للفلسطينيين. ليكن واضحاً أن أمريكا التي ترعى اليوم الارهاب الدولي المنظَّم لا يمكن أن تكون أمينة على أي حل، وهذا ما لاحظناه خلال كل الفترة الماضية، أمريكا اليوم بتدخُّلها تزيد الأمور تعقيداً وتعمل لحساباتها، وإسرائيل تعمل لحسابات انتخابية داخلية معتقدة أنها تستطيع أن تصل إلى شيء من خلال ما تفعل، ولكن الحمد لله أن صمود أهل غزة والمقاومة والشعب الفلسطيني الطيب سيُعطي نتائج معاكسة، والآن إسرائيل في حيرة فقد كانت تعتقد أن المقاومة ستسقط خلال أيام ولكن تبيَّن لها أن الأمر أكثر تعقيداً مما تظنّ. أمريكا فشلت في لبنان وستفشل في غزة.
أما بالنسبة للبنان، فليكن معلوماً أن لبنان لم يعد ساحة للمشروع الاسرائيلي، وقد أصبح عصياًّ على الإدارة الأمريكية وعلى المخططات التآمرية، والمقاومة أصبحت أقوى بنفسها وشعبها وجيشها الوطني، وهذه القوة مطلوبة، بل مطلوب أن تستمر وأن تزداد لمواجهة التحديات، ولن نخشى أن نُعلن أمام الملأ أن المقاومة قوية ومستمرة، بل يجب أن تتقوى أكثر فأكثر لأن لبنان لن يكون مرفوع الرأس بدون مقاومة.
نحن إلى جانب ما تختاره غزة وإلى جانب ما يريده المقاومون في فلسطين، نعم نحن منحازون إلى المقاومة مهما أرادت ولن نقبل بالمشروع الاسرائيلي أو الأمريكي، ولا بالمشروع الذي يُسمَّى أحياناً مشروعاً عربياً وهو ضمناً أمريكي اسرائيلي.