أمريكا فشلت في سوريا فشلًا ذريعًا ، ولم تستطع خلال كل هذه الفترة أن تحدد خيارها للمستقبل بسبب حجم الخسائر وعدم وجود أي ضوء لمكاسب فعلية تأخذها أمريكا أو حلفاؤها، هنا جاءت جولة "بومبيو" كمحاولة لتغطية هزيمة أمريكا في سوريا، وإعطاء شحنة معنوية لحلفاء أمريكا المحبطين، الذين يرون كيف تتخلى عنهم أمريكا في وسط الطريق، وهذا ما أعلنه بوضوح ترامب الذي أكد بأنه هُزم وأنه سينسحب وأنه لا يتحمل مسؤولية الحلفاء، وبالتالي جولة "بومبيو"لا جديد فيها إلاَّ محاولة تأثير أمريكا في ملفات المنطقة ولكن هذا لا يحجب الفشل والاضطراب في المواقف المختلفة.
أما "هيل" فهو يعلم تمامًا بأنه ليس في موقع الإملاء على لبنان ومسؤوليه، ومن لا يرى الخروقات الإسرائيلية المتكررة يوميًا على لبنان بأنها اعتداء عليه، ومن كان إلى جانب الإرهاب التكفيري ورعاه في كل المنطقة على امتدادها ليس مؤهلًا لنصائح المواطنة ومستقبل لبنان، وبالتالي فليعلم أن مستقبل لبنان وخياراته هو بيد أبنائه، وأن حصانة لبنان بيد ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، وأن مصلحة لبنان هي عدم الانسياق إلى الخطة الأمريكية الإسرائيلية الفاشلة التي خرَّبت المنطقة من جوانبها المختلفة.
على كل حال في تقديرنا جولة "هيل" هي برسم الأرشيف الإعلامي ومتاحف التاريخ، يمكنكم أن تحتفظوا بها عند كتابة مقال أو صياغة ملف ولكن لا أثر عملي لها.
بالنسبة للحكومة، مفتاح الحل الحكومي داخلي بامتياز، ومحل هذا المفتاح وطريقه معروف تمامًا لكل اللبنانيين، وعدم الاكتراث في البحث عن الحل يؤدي إلى أزمات جديدة تضاف إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والوضع المتدهور اقتصاديًا في لبنان، المطلوب هو إنجاز تشكيل الحكومة للانصراف إلى قضايا الناس، لا يجوز انتظار المجهول، ولا يجوز هذا التأخير الكبير الذي لا ثمرة منه إلاَّ تعقيد الدولة، نحن ندعو إلى الإسراع في إنجاز هذه الحكومة.
أما في المنطقة، يبدو أن البعض قد نسي أن إسرائيل هي المشكلة الكبرى في منطقتانا، لاحظوا كيف تتدخل إسرائيل في قضايا العالم وكيف تدخل في المنتديات الكبرى، وكيف تساعدها أمريكا وأوروبا من أجل التطبيع مع بعض الدول العربية، كل هذا لتصبح إسرائيل مألوفة في الجو الدولي وفي جو المنطقة، ليُقال أن المشكلة فيما تقوله إسرائيل بينما المشكلة هي إسرائيل نفسها لأن وجودها هو وجود خاطئ وعدواني كان على حساب الشعب الفلسطيني بتآمر دولي، يجب أن نسلط الضوء دائمًا بأن المشكلة هي إسرائيل، وجود إسرائيل مشكلة، عدوان إسرائيل مشكلة، مواقف إسرائيل مشكلة، الاعتداءات اليومية على الفلسطينية مشكلة، الاختراقات للأجواء اللبنانية مشكلة، إسرائيل هي المشكلة في المنطقة، وهي وراء الكثير من الأزمات الموجودة، علينا أن نسلط الضوء عليها وأن لا ندع مجالاَ لتبرأتها أو جعلها في موقع طبيعي في خيارات المنطقة، ستبقى هذه المنطقة تعاني من الأزمات المتتالية والمتراكمة ما دامت إسرائيل موجودة وتتصرف بهذه الطريقة العدوانية وبإشراف أمريكي دولي. علينا دائمًا أن نحذر بأن إسرائيل هي الخطر وأن على الدول العربية والإسلامية أن تتفاهم مع بعضها، ,وأن تجد السبل المناسبة للتعاون، ,أقول لتلك الدول الساعية إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي: اعلموا أن سلوككم هذا سيخرب بلدانكم بيد إسرائيل لأنها تحاول أن تأخذكم إلى خيارات لا تنسجم مع منطق شعوبكم وخياراتهم، ولا تلتزم مع منطق المنطقة بشكل عام، ولذلك احذروا فإن المسار مع إسرائيل كله خسائر، فاعملوا بشيء من الشرف والكرامة وحماية الاستقلال في بلدانكم في أن تكونوا ضد إسرائيل ولا تسهلوا لها.