علينا أن ندرك بعد هذه التجربة الطويلة بأن ساحاتنا مترابطة، ومشاكلها متشابهة، وكبرى الأزمات وأخطرها هو الاحتلال الإسرائيلي، إن لم ندرك سبب العلة والمرض، وسبب الأزمات بأنها إسرائيل لا يمكن أن تنجح أي خطوة من خطواتنا، وإذا أدركنا أن إسرائيل هي سبب البلاء وأن منطقتنا غارقة في الاضطراب والحروب وعدم الاستقرار منذ سبعين سنة بسبب الكيان الإسرائيلي إن لم ندرك هذا فهذا يعني أننا لن نتقدم وإذا أدركنا فنحن على همة أن نتقدم دائمًا بحمد الله كما يحصل مع المقاومة وجبهة المقاومة.
ساحاتنا مترابطة وكل ما يحصل في أي ساحة تتأثر بها الساحات الأخرى بشكل كبير، إسرائيل تتمسكن وتظهر مظلوميتها أمام العالم، فتنشر خبر مقاوم شاب جرح إسرائيليًا في شارع من شوارع فلسطين، ليقولوا أمام العالم بأنهم في خطر من شاب يستعيد أرضه وبيته وكرامته وعرضه وشأنه، وهذا كأسلوب من أساليب التعمية على الناس.
تتمسكن إسرائيل عندما تعرض مستوى التفاف الشعب الفلسطيني حول مقاومته والشعب اللبناني حول مقاومته، وشعوب المنطقة حول المقاومة، وأن المقاومة هي جبهة خطيرة على إسرائيل ولكن ألا ترون أن إسرائيل تأخذ أسلحتها من أمريكا من خزائن مفتوحة من دون حساب، تتآمر مع الدول الكبرى لتكريس الاحتلال، وتعيث في الأرض فسادًا على مستوى العالم من دون حسب ورقيب، ثم تأتي إسرائيل لتتمسكن وتعتبر أنها مظلومة.
إن أمريكا وإسرائيل متواطئون مع الاحتلال والعدوان، ويمارسون كل أنواع القهر والضغط على منطقتنا لشرعنة وجود الكيان الغاصب ومده بأسباب القوة والسيطرة، في المقابل محور المقاومة يعمل لتحرير الأرض، يعمل لتحرير فلسطين، يعمل لاستعادة المكانة والكرامة والعزة، يعمل لأخذ حقه وحق شعبه في الحياة، وهذا المحور الذي يعمل ليل نهار استطاع أن يحقق إنجازات وانتصارات عظيمة، ونحن نعلم بأن تحرير فلسطين هو تحرير لكل المنطقة إلى مئات السنين، وإن شاء الله ستتحرر فلسطين على أيدي المجاهدين المقاومين.
أدعو إلى عدم الهلع عندما يتهموننا بأننا انتصرنا بغيرنا، يقولون لإيران أنت تنتصرين لأن حزب الله ينتصر وحزب الله يعمل من أجل أن يعطي إيران ما لم تتمكن أخذه بشكل مباشر، هذه سخافة، كل ما عملناه في لبنان ربحناه أولًا، ولكن إيران تحبنا وتحب مقاومتنا، هي كالأم التي تفرح لولدها عندما يمشي ويجتاز الصعوبات ويتمكن من إزالة المخاوف وتحقيق الأهداف ، إيران أم المقاومة بالقلب والروح تعطي ولا تأخذ، ونحن نأخذ ونعطي بمقدار ما يستحق ويكسب شعبنا، فإذا اكتسبنا اكتسبت إيران، هنيئًا لإيران المقاومة في لبنان وفلسطين، وهنيئًا لفلسطين ربح المقاومة في لبنان، ونحن سعداء في أي مكان في العالم تربح المقاومة، لن نخاف فلا تضغطوا علينا نحن سعداء لأن الدماء تنتشر بالنور والسعادة بحمد الله تعالى.
كل محور المقاومة يستفيد من أي إنجاز في أي موقع، لأن العدو واحد بأشكال عدوانية، العدو واحد في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن ومصر، وفي كل موقع العدو هو إسرائيل، تارة تعتدي مباشرة، وأخرى من خلال أدواتها التكفيرية، وثالثة بالتدخل الأمريكي والغربي لحمايتها، ولكنها في كل حضورها وحالاتها عدوانية، ونحن في كل حالاتنا مقاومة ندافع عن حقوقنا، لقد نجح لبنان بالثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، التي حصَّنت انتصاراته وطوقت نيران الأزمة من حوله، وهذا إنجاز كبير بحمد الله.
تعمل أمريكا علنًا لكسر إرادة اللبنانيين ووحدتهم، تتحدث عن أموال وعقوبات وتآمر وتسلط وتحريض بشكل مباشر وبشكل غير مباشر، ولكن على أمريكا أن تعلم بأن الأمر في لبنان لم يعد سهلًا، فبنيان لبنان اليوم قائمٌ على دعامتي المقاومة والدولة، بتماه لا يمكن تفكيكه، فلا لبنان من دون مقاومة ودولة، ولأن شعب لبنان مصمم على بقاء هذا البلد عزيزًا عظيمًا فسنجد دائمًا أن المقاومة والدولة صنوان لا ينفصلان لاستمرار لبنان وعزته.
علينا أن نعمل دائمًا لتحصين وحدتنا ومنع اتخاذ لبنان منصة لمشاريع الأجانب وإرادتهم، هم يعملون للإضرار بلبنان ترغيبًا وترهيبًا، ولكننا لهم بالمرصاد، والشعب اللبناني يقظ، ولبنان القوي المنتصر يختلف عن لبنان الضعيف، لبنان القوي ليس معبرًا ولا ممرًا بل دولة لها استقلالها يحميها أبناؤها وجيشها ومقاومتها، وهذا ما ستثبته الأيام كما أثبتته في السابق، ونحن نعمل بإذن الله تعالى لنصل إلى مبتغانا في أن نكون أحرارًا في بلدنا، وأحرارًا في منطقتنا من أجل أجيالنا ومن أجل مستقبلنا.