لبنان اليوم غارق في قانون الانتخاب، وطُرحت أفكار كثيرة حول قوانين تبدأ ولا تنتهي، وإذا أراد البعض أن يؤلف كتبًا عن قوانين الانتخابات فأفترض أنه سينتج مجلدات، ولكن أغلب هذه القوانين هي قوانين عشوائية لا تعتمد على معايير، وبعض القوانين نعم فيها معايير محددة يمكن الاستناد إليها.
اليوم وبعد نقاشات طويلة وصلنا إلى مكان محشور، فالوقت ضيق وعلينا أن ننتج قانونًا للانتخابات يتم التوافق عليه بين اللبنانيين لخصوصية لبنان في ضرورة التوافق بين قواه ومذاهبه وطوائفه والمسؤولين الموجودين.
ليكن معلومًا، إنجاز القانون هو ربحٌ للجميع من دون استثناء، وعلينا أن نشد الهمم من أجل أن نصل إلى إنجاز قانون جديد، فإذا لم يتم إنجاز قانون جديد لا سمح الله، فلا يوجد رابح على الإطلاق والجميع سيكون خاسرًا من عدم وجود قانون انتخابات جديد، خاصة أن الخيارات الثلاثة الماثلة أمامنا لُعِنت من الجميع: التمديد وقانون الستين والفراغ، معنى ذلك أن أي أداء يوصلنا مجددًا إلى واحد من هذه الخيارات الثلاثة السيئة لن يكون نتيجة صحيحة ولا سليمة، بل سيؤدي إلى تداعيات سيئة على الجميع.
لا مفاضلة بين هذه الخيارات الثلاثة السيئة، فلكل واحد منها مشكلته، وأحد هذه الخيارات السيئة هو الفراغ، لأن الفراغ فيما يعنيه انعدام المؤسسات، وهز الاستقرار، وتعطيل الثقة بلبنان، وتراجع الاقتصاد، وتفاقم الأزمة الاجتماعية، إلى حين يحصل حل لا أعلم كيف سيكون، الأفضل لنا جميعًا أن نبحث عن قانون جديد، ومهما كانت سلبيات القانون الجديد في نظر أي جهة من الجهات فهي بالتأكيد أقل من سلبيات الخيارات الثلاثة السيئة.
إذًا نحن بحاجة إلى أن يحصل تنازلات متبادلة موضوعية ومنطقية، وفي رأينا أن النسبية هي الحل الأمثل والأفضل، خاصة أن النسبية لها مراتب مختلفة وأشكال مختلفة، وتصميمات مختلفة، وهل عجزنا أن لنختر تصميمًا من تصميمات النسبية التي يمكن أن تبلغ عشر احتمالات أو عشرين احتمال؟ لنختار واحدًا منمقًا يمكن أن يراعي المطالب المختلفة، فنصل إلى قانون أقرب إلى أن يكون مقبولًا من الجميع، وعندما نقول كذلك هذا يعني أن المطلوب أن لا نطلب كجهات من القانون كل شيء أو لا شيء، علينا أن نقبل ببعض المكتسبات، وأن نقبل ببعض ما نعتبره خسائر في داخل قانون عادل فننقذ لبنان ونصل إلى الحل الموضوعي والمنطقي.
أتمنى أن نتمكن خلال هذه الفترة المتبقية أن ننجز القانون الجديد، لأن أي خيار من الخيارات الثلاثة هو خيار سيء له مشاكله وتداعياته، وإذا كنا لا نستطيع أن نصل بعد نقاش ثماني سنوات إلى قانون، فلا أعلم كيف يمكن أن يُدار البلد بالطريقة الصحيحة.
وهنا أقترح، إذا وجدتم أن الأمر معقدًا إلى هذه الدرجة ولا أجده كذلك، فلنختر قانونًا نسبيًا نناقشه ونفصله بالطريقة المناسبة للأطراف، ويكون هذا القانون لدورة واحدة، يعطينا فرصة إضافية لمدة أربع سنوات إضافة إلى الثماني السنوات، علَّنا نستطيع أن نثبت شيئًا إذا وجدنا أننا عاجزون، ولكن الانتقال إلى هذه المرحلة الانتقالية أفضل بكثير من أن لا يكون لدينا قانون جديد.
لا بدَّ في هذا اللقاء من أن نحيي الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية لأنهم في الحقيقة أضواء هذه الأمة في مواجهة السجان وسجنِّه بموقفهم النبيل في استمرار حمل القضية الفلسطينية من أجل التحرير ومن أجل تغيير هذا الواقع الدولي الآثم الذي يتواطأ مع العدو ضد صاحب الأرض، صوت الأسرى هو صوت المقاومة، وصوت الأسرى هو الموقف الذي يفضح المتواطئين من العرب والمجتمع الدولي الذي لا يقف مع الحق.
وعلى كل حال كنا نقول ونكرر: يجب أن نبقى في الساحة أقوياء ونقاوم ومعنا حقنا لننجح ونصل، حقٌ بلا قوة لا يمكن استرداده في غابة الوحوش الإقليمية والدولية، بينما حقٌ مع قوة المقاومة يعطينا أملًا كبيرًا بالنصر، ونحن موعودون به " وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ".