الموقف السياسي

الشيخ نعيم قاسم: لقد كشفت فلسطين محور التكفير الذي قام بكل ما يخدم إسرائيل / مؤتمر الانتفاضة الفلسطينية الذي أقيم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية طهران

الشيخ نعيم قاسم:  لقد كشفت فلسطين محور التكفير الذي قام بكل ما يخدم إسرائيل / مؤتمر الانتفاضة الفلسطينية الذي أقيم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية  طهران
لقد كشفت فلسطين محور التكفير الذي قام بكل ما يخدم إسرائيل

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في مؤتمر الانتفاضة الفلسطينية الذي أقيم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية  طهران، 21/2/2017م.

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص)  وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين.
السلام عليكم أيها الحفل الكريم ورحمة الله وبركاته.


لأن الوقت محدود سأتكلم بمجموعة من النقاط المعنونة:

أولًا: خيارات الحل الدولية قائمة على شرعنة الاحتلال، وإعطائه الفرصة، وتهيئة الظروف لتملي إسرائيل مطالبها وترسم حدودها، وقرارات مجلس الأمن ومدريد وأوسلو وكل عناوين التسوية هي محطات للتوسع الإسرائيلي وليس للحل. ولن يضيف ترامب أي جديد على عدوان أسلافه، فالخيارات واضحة: إما التسوية التي تكرس وجود إسرائيل، وإما المقاومة التي تحل قضية فلسطين.

ثانيًا: المقاومة هي الحل: في الشكل يكون الحل خارج التسوية ولا يمكن أن يكون من داخلها, وفي الزمن "قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ" أي النصر أو الشهادة, فالزمن بالنسبة لنا مرتبطٌ بما نؤديه والباقي على الله تعالى. وفي الواقع نحن ندعو إلى تحرير كل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر غير منقوص, وفي قاموسنا المقاوم لا وجود لأراضي48 وأراضي67, نحن لا نعرف إلَّا فلسطين واحدة موحدة وعاصمتها القدس.

لقد أعاقت المقاومة الاندفاعة التوسعية الإسرائيلية، ووفرت البيئة المجاهدة للأجيال الجديدة، ومدَّت الشعب الفلسطيني بأمل تحرير الأرض واستعادتها. وأنجزت في فلسطين ولبنان خلال 15 سنة, تحريرًا تاريخيًا سنة 2000م و4 انتصارات واحد في لبنان وثلاثة في غزة ما يعني أن المقاومة بإمكانها أن تراكم تحريرًا تلو الآخر وأن تحقق الهدف في تحرير كل فلسطين.

ثالثًا: أحيَت إيران القضية الفلسطينية في المنعطف الخطير الذي رسمه كامب ديفيد, وحملت عبء النصرة لها في كل المجالات وخاصة على المستويين العسكري والسياسي، وقد أثر هذا الدعم فأعاد القضية إلى موقع الصدارة، ولم تتوقف إيران في أصعب الظروف التي مرَّت بها, والضغوطات التي تعرَّضت لها, عن مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته وانتفاضته، وها نحن اليوم نسمع من إمام الأمة وقائدها الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه) رسمًا واضحًا لأولوية فلسطين..

لقد أسهمت في تأسيس وقيادة محور للمقاومة في المنطقة كلها، هذا المحور الذي يدافع ويتصدى وينتصر ويمنع الاستكبار من إعادة صياغة الشرق الأوسط من جديد على شاكلتهم, ليبقى شرقنا لنا ولأجيالنا، نوره إيران ودرته فلسطين وحماته المقاومون المجاهدون في كل مكان من أجله. بكل صراحة مهما فعلنا لن نوفي إيران حقها, أقول: شكرًا لإيران من الأرض إلى عنان السماء ولو كره الكافرون ولو كره المنافقون.

رابعًا: إسرائيل لا تستهدف فلسطين فقط: قال الإمام الخميني(قده): "إسرائيل هذه الجرثومة الفاسدة الفتَّاكة استعملها الاستعمار أداةً له لتخريب وتهديم صفوفنا، وكل يوم يمر علينا نراها تتوغل في بلادنا الإسلامية أكثر فأكثر، ويجب على الدول الإسلامية الكبرى وعلى المسلمين كافة الاتحاد والوفاق من أجل التصدي لهذا العدوان". إنَّ فلسطين في الموقع المقاوم تحقِّق هدفين كبيرين: الأول: الأمل بتحرير فلسطين، والثاني: إعاقة امتداد المشروع الإسرائيلي في المنطقة، وهي بذلك تدفع ثمنًا حقيقيًا سيؤدي إلى نتائج عظيمة لمصلحة مستقبلنا. 

قال الإمام الخامنئي(دام ظله): "القضيّة لفلسطينية بالنسبة لنا في الجمهورية الإسلامية ليست قضيّة تكتيك ولا هي حتّى إستراتيجية سياسية، إنّما هي قضيّة عقيدة قلبية وإيمانية"، ومن كانت فلسطين في عقيدته وإيمانه وقلبه لا يمكن إلا أن يبقى واقفًا شامخًا من أجل فلسطين هذه هي إيران. 

خامسًا: يجب أن تكون فلسطين أولوية، ما يعني أن تُصاغ العلاقات والاتفاقات والسياسة في المنطقة على أساس تأثيرها على فلسطين، وأن تبقى على رأس الاهتمامات شعلةً مقاومةً حيَّة ومؤثرة. 

حزب الله نموذج في كيفية جعل المقاومة أولوية، فمن أجلها ضحى شبابه ومجاهدوه، ولم يغرقوا في مكتسبات المواقع السياسية، وتحملوا التآمر الدولي...، ولكنه المسار الصحيح، لذا انتصر وقويَ وأصبح ذراعًا مؤثرة في حماية أهلنا وأمتنا لا في لبنان فقط بل على مستوى المنطقة لأن فلسطين كانت الراية استطعنا أن نصل إلى هذا المقام.
نحن ندعو إلى المقاومة التي لا تنتظر أحدًا ولو بقيت وحدها، نحن ندعو إلى رفع راية فلسطين ولو كان حاملوها قلة، نحن جاهزون في الميدان ليل نهار, ولا نخشى تهديدات إسرائيل ولا غيرها "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ".

سادسًا: ليس مطلوبًا أن يكون الفلسطينيون مع أحد، ولا أن يكونوا جزءًا من محور، بل هم المحور الذي يُحدَّد على أساسه أنصار فلسطين, عندها يمكننا أن نميز بين جماعة فلسطين وجماعة إسرائيل، من هو من فلسطين يعطيها ولا يأخذ منها، ومن هو مع إسرائيل لا يعطي فلسطين ويسلبها مكانتها وحقوقها.

الفلسطينيون هم الأصل والأساس ورأس الحربة، ومن عندهم يبدأ كل شيء، اعلموا أيها الفلسطينيون الشجعان، أيها الشعب الأبي المجاهد، أنتم رأس الحربة ونحن من خلفكم، أنتم تستطيعون إدامة هذه المسيرة ونحن معكم، كلنا ثقة أنكم ستبقون كذلك، السؤال المطروح: من يدعم فلسطين, وكيف؟ لا من تدعمه فلسطين، لا يُطلب من فلسطين الدعم والموقف للقضايا المختلفة, بل المطلوب أن نلتف جميعًا حولها لتكون ونكون، وإلا لا تكون ولا نكون.

وإذا أردنا أن نحدد الخيار السياسي الصحيح لأي دولة أو جهة أو فرد يجب أن نسأله: أين فلسطين من قضاياك؟ وأين فلسطين في دولتك؟ لا تنفع كلمات الإشادة والتغني، ففلسطين تحتاج إلى المال والسلاح والجهاد والمساندة ولا تحتاج إلى بيانات خاوية من المحتوى يلقيها بعضهم على المنابر المختلفة في العالم، قولوا لنا: أين سلاحكم في فلسطين،وأين أموالكم في فلسطين، عندها تكونون مع فلسطين، وإلا لستم كذلك.

سابعًا: لقد كشفت فلسطين العرب الذين تبعوا الاستكبار ولهثوا وراء مناصبهم، بعض البلاد العربية خيارها إسرائيل، ولذا عادت القضية الفلسطينية، ولذا تتآمر باتجاه المصافحة والاعتراف بل والمخططات التي تنهي المقاومة، أقول لهؤلاء الحكام: يا جماعة: لو كنتم كذلك قبل 20 و 30 سنة كان يمكن أن تأخذوا شيئًا، أما الآن وفلسطين تتحرر شيئًا فشيئًا على يدي المجاهدين الشرفاء، ومؤامرات المستكبرين تسقط في بلداننا واحدة تلو الآخر، ومحور المقاومة يرتفع ويعلو، أين أنتم؟ ستكونون في الحضيض إن لم تكونوا مع محور المقاومة.

لقد كشفت فلسطين محور التكفير الذي قام بكل ما يخدم إسرائيل، هذه الجماعة الإرهابية التي لم تطلق طلقة واحدة ضد إسرائيل, أساءت إلى الإسلام والمسلمين, وقتلت العرب والمسلمين, وقتلت الأطفال ودمرت المساجد، هؤلاء يعملون لمصلحة إسرائيل، بكل وضوح قاتلناهم في سوريا ولبنان لنكسر ذراع إسرائيل تمهيدًا لقتال إسرائيل.

تحية إلى الشعب الإيراني العظيم والمجاهد، تحية إلى القيادة الرائدة الإمام الخميني(قده) والإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه)، وإلى كل القيادات العاملة، شكرًا لدولة رئيس مجلس الشورى الأستاذ علي لاريجاني على رعاية هذا المؤتمر، وشكرًا لكم،  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..