الموقف السياسي

الشيخ نعيم قاسم: حزب الله هو مقاومة دفاعية وليس هجومية ولكن عند الاضطرار يكون هجوميًا

الشيخ نعيم قاسم: حزب الله هو مقاومة دفاعية وليس هجومية ولكن عند الاضطرار يكون هجوميًا
حزب الله هو مقاومة دفاعية وليس هجومية ولكن عند الاضطرار يكون هجوميًا

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في لقاء سياسي في مجمع السيدة خديجة في بيروت، بحضور من العلماء والفعاليات السياسية والاجتماعية، 24/8/2016م،
 ومما جاء فيها:


إن إسرائيل تحتل فلسطين ظلمًا وعدوانًا، وتحتل أجزاء من دول عربية محيطة لبنان وسوريا والأردن ومصر ولها أفكار توسعية تريد أن تتجاوز هذه الحدود لتحتل من الفرات إلى النيل وتثبت احتلالها بالاحتلال الثقافي والسياسي والاجتماعي والتربوي بحيث تسيطر على عقول وموارد الأجيال القادمة، مساكين أولئك الذين يعتقدون بأن إسرائيل تريد احتلال فلسطين وأرضها فقط إنما هي تريد الأولاد في أرحام النساء عبر المستقبل ليكونوا عبيدًا لها، وهذا خطرٌ كبير، وإسرائيل مدعومة على المستوى الدولي ولها أفكارها وقناعاتها وآراءها.

قررنا أن نواجه إسرائيل في وقت لم تكن المواجهة منطقية في نظر الكثيرين من المحللين، تبيَّن أن التصميم والعزيمة والإيمان والالتزام بقوله تعالى " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ " يمكن أن يوصل إلى نتيجة عظيمة جدًا لا نتوقعها، وبالفعل تحققت الانتصارات سنة 93 و 96 و2000 و2006، هذه كلها من إنجازات الإيمان والصبر والإعداد توكلًا على الله تعالى، وطبعًا هذا غيَّر بالمعادلة.

عندما تكون إسرائيل مرتاحة من دون أن يقاومها أحد فستتوقع أن تتوسع في الأرض وتثبت التوطين في لبنان، وستتوقع أن تأخذ مناطق من الجنوب اللبناني من أجل المستعمرات على طريقة الجليل في فلسطين، وستتوقع أن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية معيَّن من قبل إسرائيل...، هذا إذا ما كانت إسرائيل قادرة، ولكن مع المقاومة تراجعت إسرائيل تراجعات كبيرة جدًا وأصيبت بانتكاسات كبيرة جدًا ولم تستطع أن تشكل اليد الغربية الأمريكية التي تخترق من خلالها مشاريع المنطقة، وهذا كان ببركة الجهاد والمجاهدين الذين واجهوا إسرائيل.

المشهد اليوم: إسرائيل مردوعة منذ عشر سنوات وليس حزب الله كما يقولون، وحزب الله هو مقاومة دفاعية وليس هجومية ولكن عند الاضطرار يكون هجوميًا، والنقاش في داخل الكيان الإسرائيلي قائم على أساس هل يمكن لإسرائيل أن تغير من حالة الردع وأن تستعيد جزءًا من السيطرة والمبادرة أم لا؟ 
وأضاف: أما مقولة بعضهم بأن حزب الله يقود حربًا في سوريا وقواته مبعثرة فلماذا لا تخوض إسرائيل حرب على لبنان مستغلة هذا الظرف؟ لأنها تعلم بأن جهوزيتنا لها حاضرة وقائمة رغم الحرب الموجودة في سوريا، ولأنها غير مطمئنة بأنها ستنتصر في مثل هذه الحرب، معنى ذلك أن قدرة الردع التي وفّرها حزب الله كانت مهمة وأثرت في كسر شوكة إسرائيل في أن تكون متغطرسة وأن تأخذ قرارًا بالحرب متى شاءت، لأنها تقتل وتُقتل، تهجم ويُهجم عليها، تستطيع أن تدمر ونستطيع أن نُدمر عندها، تصل قذائفها إلى داخل مناطقنا وتصل قذائفنا إلى داخل بيوتهم وغرفهم، لذلك هناك حالة ردع موجودة عند إسرائيل.

وقال: بعضهم يقول ولكن استطعتم هزم إسرائيل وإخراجها وبقيت مزارع شبعا والأمر غير "محرز"، نقول لهم: لنفترض أن السلاح غير موجود والمقاومة غير موجودة،  من يضمن أن لا تدخل إسرائيل مجددًا إلى داخل العاصمة بيروت وترتكب المجازر وتحتل؟ مجلس الأمن والأمم المتحدة هم متواطئون مع إسرائيل، الجيش اللبناني ليس له قدرة لأنهم لا يعطونه سلاحًا ولا يسمحون له بالسلاح الذي يقاتل فيه، مع أنه مع قلة إمكاناته أعطى المساهمات الخيرة والعظيمة. لذلك لن نتهاون في هذا الأمر في أن تبقونا في العراء من دون قدرة ونترك إسرائيل لتتمكن منا وتحقق أهدافها، لا والله لن نسمح لإسرائيل حتى آخر طفل منّا لنقول دائمًا بأننا أصحاب الأرض وأصحاب الكرامة ومن رفع رأسه بدين والله وعزته لا يمكن أن يخفض رأسه لأحد مهما علا الصراخ وعلت الانتقادات. بناء عليه، تقديرنا بأن الظروف لن تسمح لإسرائيل أن تخوض حربًا في المرحلة الحالية، ومع ذلك نحن دائمًا في جهوزية واستعداد ولا يمر علينا يوم إلاَّ ونستعد ونزداد قوة.

على المستوى الداخلي نحن نعمل على ضرورة لم الصف اللبناني، لذلك شاركنا في الحكومة، نعمل دائمًا على أن نتحاور مع الأطراف الأخرى رغم الخلاف الشديد الذي يكون موجودًا وهذا ما حصل بيننا وبين حزب المستقبل لعلَّ هذا الحوار يقرب المسافات ويعطي بالحد الأدنى تخفيف الاحتقان المذهبي ونعتبر أننا نجحنا في تنفيس الاحتقان المذهبي وعدم الذهاب إلى الفتنة التي حاول الكثيرون أن يجرونا إليها مرارًا وتكرارًا.



اليوم لبنان بحاجة إلى انتخاب رئيس، نحن قلنا بإمكانكم أن تنتخبوا رئيسًا ممثلًا في دائرته وبين شعبيته حتى يكون قادرًا على أن يحكم ويلتزم وأن لا نُشعر أي طائفة في لبنان بأنها مغبونة أو أنها لم تأخذ حقها، وطرحنا أن يكون العماد عون الرئيس، ولسنا أول من طرح هذا الطرح، فالنائب سعد الحريري هو الذي عقد مجموعة من الاجتماعات في باريس وفي أماكن أخرى مع العماد عون ومع الوزير جبران باسيل وناقشوا إمكانية أن يكون العماد عون رئيسًا للجمهورية، وهذا في بدايات الحديث عن الرئاسة، لو لم يكونوا مقتنعين بأن هذا هو الحل لما كان هذا النقاش واللقاءات، ولكن فجأة توقف الأمر وعلمت الدنيا بأن الذي منع هذا الانتخاب هو وزير الخارجية السعودية الراحل سعود الفيصل، وتوقف الأمر من وقتها إلى الآن.

وبعد سنتين وثلاثة أشهر تقريبًا لم تصلوا إلى حل لرئاسة الجمهورية وفي الشهرين الأخيرين أيضًا بدأت تلوح في الأفق حوارات ونقاشات حول إمكانية أن يكون العماد عون رئيس للجمهورية من الجهة نفسها ومن الطرف نفسه، نحن نقول لهم أسرعوا لأن هذا لمصلحة لبنان وأن أي تأخير لا ينفع إلَّا في زيادة الفراغ والشغور الرئاسي، وأدعو دولة الرئيس سعد الحريري أن يتوقف عن التردد وأن لا يطيل أزمة الرئاسة، وأن يحسم خياراته، وأن يكون واضحًا ليصل إلى النتيجة المطلوبة. فقد عملنا كحزب الله على تقديم التسهيلات المناسبة لإخراج لائق يساعد على أن تكتمل رئاسة الجمهورية مع مجموعة من المتطلبات في المواقع الدستورية المختلفة إنقاذًا للبلد، إذً ما هي الحجة الموجودة للتأخير؟ أعتقد أن هناك ضغوطات من جهتين تعتبر ضغوطات صعبة ومعقدة، ضغوطات من السعودية التي ترفض، وضغوطات  من داخل حزب المستقبل التي ترفض أيضًا، ولكن في النهاية القائد مسؤول ويجب أن يحسم خياراته وكل التسهيلات موجودة إذًا لماذا التأخير؟ هل سيُخرج المستقبل الرئاسة من التجاذبات التي منعت من إنجازها حتى الآن، هذه مسؤولية سعد الحريري وحزب المستقبل. 

وأضاف: ما يحصل في سوريا هو حرب عالمية من أجل تدمير سوريا المقاومة، اليوم أصبح واضحًا لجميع العالم بأن هناك قرارًا لتدمير سوريا المقاومة لمصلحة الشرق الأوسط الجديد الأمريكي الإسرائيلي السعودي التكفيري، هم يريدون هذا الاتجاه، نحن أدركنا كحزب الله من البداية أن الخطر في سوريا لا يقتصر على سوريا سيمتد من سوريا إلى لبنان إلى العراق إلى إيران إلى فلسطين إلى كل محور المقاومة، وبالتالي هذا المحور أي فريق منه يتضرر أو يخسر ينعكس هذا الضرر على كل المحور، اليوم عندما ربح حزب الله في لبنان ربحت المقاومة في فلسطين، وربحت سوريا المقاومة، وربحت إيران المقاومة، وربح كل عربي ومسلم وإنسان في العالم يحب المقاومة والتحرير، وعندما ذهبنا إلى سوريا أردنا أن نساند محور المقاومة وفي آنٍ معًا هذه المساندة ستنعكس علينا بشكل كبير في لبنان.