الطرف الآخر أنه يريد لبنان ولاية سعودية ونحن نريد لبنان للبنانيين
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في ذكرى أسبوع فقيد الجهاد الدكتور وفيق محمد باجوق.
وأبرز ما جاء فيها:
أولاً: دائماً يتحدثون عن بناء الدولة، والاهتمام بالدولة اللبنانية بأن تكون قوية منتظمة تستطيع أن تسير بشكلٍ صحيح، ويرفعون شعارات كثيرة لكن لا نجد في الواقع الأعمال البناء ة التي تأيد فكرة دعوة البعض إلى الدولة وإقامة الدولة على أسُس ٍ سليمة. في إعتقادنا أن الدولة القوية القادرة العادلة ترتكز على أمورٍ ثلاثة لا بد من توفرها،ومن يعمل على هذه الطريق يكون من دعاة بناء الدولة:
1- لا بد أن نعمل على حماية بلدنا من الأعداء، وأن ندافع لنحرر أرضنا ونستعيد تراب وطننا ونبقى في حماية حدودنا بعيداً عن إي انتماء وارتباط سياسي يهيئ للعدو قدرته على أن يكرر احتلاله أو أن يحقق أهدافه، والحمدلله يسجل لحزب الله أنه حرّر وأنجز تحرير سنة 2000 واستطاع أيضاً أن يمنع تحقيق أهداف العدوان الإسرائيلي ويلحق به الهزيمة سنة 2006، ولا أعتقد أنه يوجد فريق في لبنان بشكل خاص ومركز أنجز ما أنجزه الحزب بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة خلال العقود الثلاثة الأخيرة أو الأربعة السابقة بل منذ الإستقلال حتى الأّن، وهذه علامة إيجابية للحزب في المواطنة.
2- لا بد أن يكون العمل تحت سقف القانون، يعني هناك قوانين مرعية الإجراء فينجح الإنسان بحسب القانون ويفشل الإنسان بحسب القانون ويأخذ حقه بحسب القانون ويؤدي واجباته بحسب القانون. نحن أكثر الناس الذين إلتزمنا بالقوانين المرعية الإجراء وقبلنا أن ندخل في الإنتخابات النيابية والبلدية مرة نربح ومرة نخسر ومرة نحقق إنجازات ومرة لا نحقق ما نرغب به ونحن قابلون بنتائج الإجراءات القانونية، والدولة تدخل إلى المناطقة المختلفة فتجني الضرائب وتأخذ ما لها وفي أحيان كثيرة لا تقوم بما عليها ومع ذلك نلتزم بالضوابط القانونية، وهذه علامة الثانية تعطى لنا.
3- تفعيل عمل المؤسسات مؤشر من مؤشرات الدولة، نحن ندعو إلى تفعيل عمل المؤسسات وعملنا بجهد لتنطلق الحكومة بعد التعقيدات التي منعتها من القيام بعملها لفترة من الزمن، ونحرص على إنجاز إنتخابات رئاسية، لكن لأننا نقدم مطالب موضوعية ومنطقية يؤخر الآخرون هذا الانتخاب الواضح في ثماره وفي نتائجه إذا تم اختيار المنهج الذي قبلنا به. وهنا أسأل لماذا لا تنعقد جلسات المجلس النيابي لإقرار المشاريع المختلفة التي لها علاقة بسلسلة الرتب والرواتب ومشاريع المياه والكهرباء والقوانين التي تحل مشاكل الناس والقوانين التي تشكل ضمانة لحسن عمل الحكومة وتحاسب عمل الحكومة؟ نحن ندعو كل نواب الأمة أن ينزلوا إلى المجلس النيابي ليفتحوا المجلس لإقرار كل القوانين من دون وضع حدود وضوابط تارةً تحت عنوان الإنعقاد من أجل أمور إستثنائية وتارةً الإنعقاد بمقدار الضرورة، هذه كلها لا وجود لها في الدستور لا من قريب ولا من بعيد، الموجود هو أن ينعقد المجلس النيابي لإقرار المشاريع والقوانين. البعض يقول لا نريد أن تنعقد جلسات إلا بعد انتخاب الرئيس، إذا إختلفنا على رئاسة الجمهورية لماذا نعطل مصالح الناس في البلد؟ ولماذا لا نقرر المشاريع الأخرى؟ يعني من حقكم أن تمنعوا وتعطلوا المجلس النيابي سنة ونصف كي لا يقوم بدوره التشريعي ويحل مشاكل الناس بهذه الحجة وتعيِّرون غيركم أنه لم ينزل إلى المجلس النيابي خوفاً من أن تأخذوا البلد غيلةً إلى مقامٍ لا يصح ولا ينفع ولا يحمي لبنان. نحن ندعو نواب الأمة وكل الحريصين أن يفتحوا المجلس النيابي ليشرِّع وأما الأمور الأخرى فلها وقتها ولها طريقة أدائها.
ثانياً: لطالما قلنا بأننا نريد لبنان مستقلاً وكل الناس يعرفون أنه لا يوجد طائفة ولا حزب في هذا البلد إلا وله علاقات خارجية وعلاقات سياسية وعلاقات مالية وعلاقات دولية ومن لم يكن كذلك فليقف ويقل ذلك لنرمه بالحجر. كل العالم لديها علاقات وارتباطات خارجية ولديها إنتماءات سياسية مختلفة، ونحن نعتبر أن هذا الأمر طبيعي ومشروع ولا يوجد مشكلة، فكل إنسان لديه علاقات، بل نحن ندعو أن يكون للبنان علاقات عربية وإسلامية ودولية مع كل الدول التي تدعم حقوقنا ومتطلباتنا سواء قدمت ذلك من خلال الموقف السياسي أو المالي أو الإعلاني أو ما شابه ذلك لكن على أن تدعمنا بما نريد، أما أن يستخدموا لبنان مسرحاً لهم فهذا الأمر مرفوض. كل مشكلتنا مع الطرف الآخر أنه يريد لبنان ولاية سعودية ونحن نريد لبنان للبنانيين، وهذه المشكلة. الكل يعلم أن الانتخابات الرئاسية كانت عقدة في مرحلة من المراحل لأن وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل وقتها قال لا لرئيس الجمهورية، وكل الناس تعرف أنه كانت لدى السيد سعد الحريري نية بنسبة ما أن يعالج المسألة لكن الأوامر الملكية منعته من ذلك،هل هذه وطنية؟! هل من الوطنية أن تكون الأوامر من الخارج وأن تكون مرتبطة بالمصالح السعودية؟! بينما لن يسجَّل علينا وعلى الكثيرين أننا استمعنا إلى أوامر ونفذنا بما يخالف مصلحة لبنان، بل كنا دائماً نقول رأينا في الوقت المناسب ونتحدى أن يسجِّل أحد أننا نلبي أغراض الآخرين وأهدافهم.
ثالثاً: القوى السياسية اليوم في لبنان منقسمة إلى مشروعين: مشروع منسجم مع مشروع المقاومة الذي يمر عبر سوريا ويصل إلى إيران ويمتد إلى كل مقاومة في المنطقة، ومشروع آخر يمر عبر السعودية ويصل إلى أمريكا ويتناغم مع داعش ويعجب إسرائيل بالحد الأدنى، هذا هو الخلاف بين المشروعين ولكل مشروع مبررات، قالوا لنا لا تتدخلوا في سوريا، لكن هل نحن وحدنا من تدخل في سوريا؟ كلِا المشروعين تدخل في سوريا، ولكن ماذا نفعل إذا كان المشروع الأمريكي هو من تدخل في سوريا أولاً وفشل، وجماعته كانوا يبنون على النجاح ليعدِّلوا الكفة ويغيّروا المعادلة في لبنان، ونشكر الله تعالى أن مشروعنا نجح في سوريا وتمكنا من تحقيق إنجازات لنصبح أقوى ومنتصرين وموفقين وهذا إنعكس إيجاباً على لبنان. ماذا نفعل إذا جاءنا التوفيق من الله لمشروعنا ولم يأتِ لمشروعهم، عندما يقولون لنا أنكم تتدخلون في سوريا ونحن لم نكن وقتها نتدخل، ولكن الحفاضات وعلب الحليب من كان يرسلها إلى سوريا؟ هذا بالحد الأدنى، عدا الموقف السياسي، عدا دعم داعش والنصرة، عدا حماية التكفيريين عدا "لطفالله واحد" و"لطفالله الثاني" في ميناء طرابلس، عدا الأموال التي كانت تذهب، عدا وجود النائب في المجلس النيابي الممثل لهذا المشروع في تركيا والذي كان يدفع الأموال لهذه القوى الموجودة هناك، كل هذا لا يسمى دعماً؟!! هذا دعم عسكري لا دعم سياسي ولا دعم ثقافي وإجتماعي، ونحن على رأس السطح قلنا أننا ذاهبون إلى سوريا من أجل أن نحمي المشروع الذي يحمي لبنان، وبالفعل نجحنا في حماية هذا المشروع بدليل أنهم لطالما قالوا: تدخلكم في سوريا سيلهب لبنان وتبيَّن أن تدخلنا في سوريا حمى لبنان، لماذا لم يلتهب لبنان خلال خمس سنوات؟ لا يعتقدنَّ أحد أن هذا من كرم أخلاق جماعة التكفيريين بل لأنه قد قطعت أيديهم عن الاقتراب من لبنان، فأصبح لبنان بمنأى عن تأثيراتهم فحُميَ لبنان ببركة هذا القرار الشجاع الذي جمع المقاومة والجيش والشعب، ولأن إرادتنا أن يكون لبنان مستقراً، ولأن إرادتهم كانت أن يخربوا لبنان من البوابة السورية وبدأوا يهددوننا على الحدود، ولكن خسروا هناك ولم يتوفقوا ولم يصلوا إلى لبنان فقد كان محميًّا ببركة قتالنا في سوريا.إذا عرضنا الأمور بالأرقام والأدلة سيتبين تماماً أننا نعمل للحق وسنستمر إن شاء الله بما يرفع شأن أمتنا وبما يحمي لبنان من أعدائه.