الموقف السياسي

الشيخ نعيم قاسم: إسرائيل قُهرت، والمقاومة الفلسطينية نهضت، وشعوب المنطقة انتفضت، وأمريكا تقهقرت /حفل التكريم الذي أقامته جمعية التعليم الديني الإسلامي – مدارس المصطفى(ص) في 2015/8/10

الشيخ نعيم قاسم: إسرائيل قُهرت، والمقاومة الفلسطينية نهضت، وشعوب المنطقة انتفضت، وأمريكا تقهقرت /حفل التكريم الذي أقامته جمعية التعليم الديني الإسلامي – مدارس المصطفى(ص) في 2015/8/10
إسرائيل قُهرت، والمقاومة الفلسطينية نهضت، وشعوب المنطقة انتفضت، وأمريكا تقهقرت

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في حفل التكريم الذي أقامته جمعية التعليم الديني الإسلامي – مدارس المصطفى(ص) لـ 17 متفوقًا من الذين حازوا على مراتب من العشر الأوائل على صعيد لبنان والمحافظات في مجمع الساحة التراثي طريق المطار، بحضور مدير عام الجمعية الشيخ علي سنان والهيئة الإدارية، ومدراء الثانويات والطلاب المتفوقين مع أولياء أمورهم، وأبرز ما جاء في كلمة سماحته:

أولًا: الانتصار الإلهي الكبير الذي حصل في تموز 2006  ميزته ليست فقط التحرير والانتصار على العدوان وهزيمة إسرائيل، المهم أن الفئة التي أنجزت هذا الانتصار هي حزب الله الذي أعطى نموذج المقاومة الإسلامية والوطنية، وهذا نموذج فريد من نوعه، يمكن أن تجدوا أفرادًا يعملون لإعطاء نموذج له نكهة إسلامية فقط أو له نكهة وطنية فقط، وطبعًا لكل اتجاه آثار، ولكن حزب الله أعطى نموذج المقاومة الإسلامية الوطنية، التي تنطلق من العقيدة الإسلامية ورؤية الإسلام والإيمان بالإسلام وتحرير أرض الوطن والتعامل مع كل الفئات الموجودة على قاعدة الشراكة وليس على قاعدة الاستئثار.
جَمَعَ شباب حزب الله نُبل الجهاد وتحرير الأرض والإنسان، وكشف هذا الحزب زيف التكفيريين، وأعطى صورة الإسلام الرحماني التي يعكس أن الجهاد فعل إيمان وأخلاق بالتحرير والاستقلال. 
حزب الله حرَّر لبنان وحماه من إسرائيل ومن التكفيريين، هذه الحرب التي جرت في تموز 2006، هي منعطف استراتيجي لاستقلال شعوب المنطقة ودك لبنيان الكيان الإسرائيلي المحتل. بكل وضوح كل شيء تغير في لبنان وفي المنطقة بعد النصر الكبير في عدوان تموز 2006، وأتمنى ولو يقوم بعض الباحثين بمقارنة بين حال الأمة في لبنان وفي غير لبنان ما قبل 2006  وما بعد 2006 لنرى حجم المتغيرات.
أبرز ما يمكن أن نختصره: إسرائيل قُهرت، والمقاومة الفلسطينية نهضت، وشعوب المنطقة انتفضت، وأمريكا تقهقرت، والأنظمة المستبدة تزلزلت، والقاعدة وأخواتها انفضحت، والمقاومة الإسلامية تألقت بحمد الله تعالى.
ثانيًا: أزمة الكهرباء والمياه والنفايات وغيرها من الأزمات في لبنان هي أزمة بنيوية مرتبطة بنظام المحاصصة الطائفية، ومرتبطة بالحماية الطائفية للفساد والمفسدين، وتأمين منافع ومصالح رأس المال الطائفي، والاستثمار الضيق للمنافع الطائفية، ولو دققتم بكل أزمة من الأزمات ستتلمسون بشكل مباشر أن وراءها هذه العناوين الطائفية البغيضة. نظام الوكالات الحصرية التي ترفع الأسعار، وحماية أصحاب الصناعات الكبرى كالترابة مثلًا والجعالة الكبيرة التي عليها حتى لا يتم الاستيراد من الخارج كي لا تقل الأرباح للمتسلطين على هذه الصناعة وغيرها كثير من مآسي هذا النظام وهذه التركيبة البنيوية السيئة، انعدام الأمن الاجتماعي في التعديات سواء في البناء أو على شبكات المياه والكهرباء والهاتف، والكثير من الأعمال كلها ارتكابات للأسف تجد من خلال هذا النظام الطائفي مدخلًا للحماية ولعدم إيجاد الحلول الحقيقية.
لا تكفي المطالبة، ولا يكفي أن تحمل بعض القوى السياسية الرؤية الصحيحة وتطرح الحلول والمشاريع، لأنه إذا لم يجتمع ويتفق الجميع بحسب تركيبتنا في لبنان لا يمكن أن تسير هذه السفينة.
للعلم مجلس الوزراء في سنة 2010 اتخذ قرارًا مهمًا بإنشاء محارق للنفايات وفق المواصفات العالمية التي تعني سلامة أداء مثل هذه المحارق، ولكن لم تجرِ المناقصات لا بدفتر الشروط ولا بالتلزيم ولا بالحديث عن الموضوع، من أجل التغطية على من يسيطرون على هذا المرفق، إلى أن وقعت الأزمة اليوم! منذ عشرين سنة لم تطرح مناقصات من أجل التنافس بين شركات مختلفة لاختيار الأفضل بينها، والآن فقط طرحت المناقصات التي ستُفتح قريبًا، وآمل أن نتخلص من هذه الذهنية ونذهب إلى المعالجة الجدية.
من قال بأن المؤسسات الدستورية هي منح طائفية للطوائف، بمعنى أن كل مؤسسة دستورية محسوبة على طائفة، بحيث أنه إذا تعطلت مؤسسة يعمل بعض المسؤولين من أجل تعطيل المؤسسات الأخرى حتى لا يحسب بأن طوائف لها مؤسسات تعمل وأخرى لها مؤسسات لا تعمل، ما هذه العقلية؟! صحيح أن المتربع على رأس هذه المؤسسة من طائفة معينة ولكن المؤسسة للبنان، مؤسسة رئاسة الجمهورية، ومجلس النواب ومجلس الوزراء، والقضاء، كلها  مؤسسات للبنان ولا يفترض أن تكون لطوائف. ولكن للأسف هذه العقلية تُعطل ويجب أن نخرج منها. 
اليوم إذا كان هناك صعوبات معينة في انتخاب رئيس للجمهورية لماذا يُعطَّل المجلس النيابي وتعطَّل مصالح الناس؟ إذا كان هناك أزمة معينة تحتاج إلى وقت لمعالجة مشكلة المجلس النيابي، لماذا يبدأ العمل لدك حصون الحكومة من أجل أن تسقط؟ من قال أن طرح الآلية اليوم هو عمل إيجابي أو سليم؟ طالما أنه حصل اتفاق سابقًا على كيفية اتخاذ القرارات في الحكومة لا داعي لأن نعيد طرح الآلية مجددًا ونسبب مشكلة في ذلك، إلاَّ إذا كان البعض  يعتبر أن عليه أن يستغل فرصة وجوده في مجلس الوزراء ليفرض القرارات التي يريدها على الآخرين، وإلاَّ فالذي يحمي القرار الجماعي والقرار المتفق عليه هو الآلية التي كانت معتمدة ويجب أن تكون. نحن ندعو إلى عدم تعطيل مجلس الوزراء، وعدم إسقاطه بالعمل الدؤوب من أجل يتخذ القرارات اللازمة لتسيير البلد ومصالح البلد وعلى رأسها التعيينات، كما ندعو إلى انعقاد المجلس النيابي تحت عنوان تشريع الضرورة وتحت عنوان كل التشريعات ونحن بكل صراحة مع أن ينعقد المجلس النيابي ليشرع في كل شيء، لأن هذه مسؤوليته وهذا تكليفه.
نحن نريد رئيسًا للجمهورية، والبعض يعتبر عدم النزول إلى المجلس النيابي مخالف للدستور، أبدًا، الدستور ينص على كيفية الانتخاب عندما يجتمع النواب بضرورة وجود الثلثين في داخل قاعة المجلس النيابي من أجل انتخاب الرئيس، ولكنه يعطي الحق للأفراد أن يحضروا أو أن لا يحضروا، فمن يحضر يمارس حقه الدستوري ومن لا يحضر يمارس حقه الدستوري. كيف نحل المشكلة إذا وصلنا إلى طريق مسدود؟ نلجأ إلى الحل السياسي الذي يدعم الدستور، والحل السياسي أن نرى ما هو الأصلح، الأصلح هو أن نختار رئيسًا يمثل شرائح كبرى في هذا المجتمع بحيث يقدر أن يعقد اتفاقات وأن يلتزم بمواقفه، وأن ينقل لبنان إلى الموقع الصلب والصحيح. أمّا أن يُقال تعالوا إلى رئيس توافقي، (بالعربي المشبرح) لا يوجد رئيس توافقي، الرئيس التوافقي هو الرئيس الذي يرضى عنه الجميع ولكن ميله إلى فئة دون أخرى، ثم تأتي بعد الرئاسة الضغوطات فتجعله في حضنٍ آخر، وفي النهاية لكل واحد حساباته، خيرٌ لنا أن نختار رئيسًا نعرفه من اللحظة الأولى ونتفق معه على كل شيء من أن يأتي شخصٌ يميل يمنة ويُسرة بحسب الريح ثم نُفاجأ أنه في مكانٍ آخر وهذه مسؤوليتنا جميعًا.
الأمر الثالث والأخير: فتح الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى مرحلة الحلول السياسية في المنطقة، وجعلها أولوية في مقابل الحروب، ولكن على دول المنطقة أن تدرك بأن مصلحتها هي في أن تتفق مع إيران، وأن تتخلص من عُقد السيطرة والرفض ووضع العراقيل لأن هذا لا ينفع أحد، التفاهمات في المنطقة هي التي تحمي الأمن السياسي لدولها والجميع مستفيد من هذا الاتفاق، وعلى كل حال تاريخ إيران يشهد منذ انتصار الثورة الإسلامية المباركة حتى الآن بأنها كانت منصفة وعادلة بعلاقاتها مع كل دول المنطقة ولم تعتدِ  على أحد، اعتدي عليها ولم تعتدِ على أحد، قام العراق مع صدام بحربٍ دامت ثمانِ سنوات ودعمته دول من المنطقة ومدته بالمال والسلاح وكل الإمكانات من أجل ضرب إيران وإسقاطها، ولكن إيران صمدت ونجحت وتوفقت بحمد الله تعالى، ولم تقم بردة فعل على ما فعلوه معها، بل هي دائمًا تقول: نحن نمد اليد إلى دول الخليج وإلى غيرها من أجل بناء علاقات متوازنة. لا يستطيع أحد أن يُخبئ رأسه ولا يعترف بأن إيران قوة إقليمية كبرى محترمة لا يمكن تجاوزها في المنطقة، فخيرٌ لكم أن تتعاملوا معها من أن تكونوا على الهامش، لأن الدول الكبرى بدأت تتعامل معها وتركتكم على الهامش لطريقتكم في التفكير وفي محاولاتكم الابتعاد عن المسؤولية.
لبنان متأخر جدًا في سلم أولويات المنطقة، فمن كان يتوقع أن الاتفاق النووي سينعكس حلولًا على لبنان سينتظر طويلًا لأن اللائحة طويلة قبل لبنان، قبل لبنان يوجد اليمن وسوريا ودول أخرى في المنطقة، فإذا لم نبادر داخليًا في لبنان لنحل مشاكلنا فالأزمة طويلة، والسبب بكل وضوح: كل العالم مرتاح للتجربة الفريدة اللبنانية التي أمَّنت أمنًا سياسيًا، واستقرارًا سياسيًا عجيبًا غريبًا وهم راضون عن أن لبنان لا يشكل بؤرة تزعجهم، ولم يعد لبنان منصة تخدمهم، فهم يكتفون بأن لا يكون بؤرة تزعجهم ولذلك سواء انتخب رئيس أو لم ينتخب رئيس، اجتمع المجلس النيابي أو لم يجتمع، لا يهمهم هذا الأمر طالما أن الاستقرار السياسي في لبنان يعطيهم ما يريدون في أن لبنان على هامش كل مشاكل المنطقة. إذًا لنهتم بمصالحنا الاقتصادية والاجتماعية وأزمات الناس والوضع المعيشي وما شابه ذلك، أما الآخرون فلا يهمهم إلاَّ أن يكون لبنان خارج الدائرة، أما نحن دائرتنا هي لبنان وعلينا أن نهتم بها.