الكلمة التي ألقاها في ذكرى مرور اسبوع على استشهاد الأخ المجاهد أحمد حرب في بلدة الحلوسية ومما جاء فيها:
أولاً: إن تنظيم القاعدة ومتفرعاته من داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات هم مشروع تدميري وإلغائي في هذه المنطقة، بدليل ما فعلوه من تخريب وقتل ودمار، وقلب لحياة الناس بشكل غير عادي، والقلق الكبير الذي تعيشه المنطقة بسببهم، فتنظيم القاعدة لا يقبل إلاّ من كان على شاكلته أو يقتلونه، ولا يوجد أفكار أو آراء أخرى أو حضور إنساني خارج عن دائرة قناعاتهم، وهم لا يقبلون من يخالفهم، بل يتصرفون معه على قاعدة أنه مخالف لهم، فإمّا أن تكون الناس معهم 100% أو لا وجود لهم، ونحن إذا لم نقل إن القاعدة أسوأ من إسرائيل، لقلنا إنها تساويها في كل شيء، ونلاحظ هذا التصادف الكبير بين القاعدة وإسرائيل نشأة وسلوكا، فإسرائيل نشأت بفعل تجميع اليهود من كافة أقطار العالم ليأتوا إلى فلسطين ويطردوا أهلها ويجلسوا مكانهم ويفرضوا قناعاتهم، والقاعدة وأخواتها جاؤوا من مختلف أقطار العالم وتجمّعوا في سوريا والعراق، وهم يحاولون إنشاء دولتهم تماماً كما أنشات إسرائيل دولتها، وهنا أوجه التشابه بين الطرفين، وأمّا فيما يتعلّق بالسلوك، فيوجد تنافس بينهما، حيث أن إسرائيل ارتكبت المجازر بحق أهل فلسطين ودمّرت بطائراتها ودباباتها البشر والحجر، وكذلك القاعدة فإنها ارتكبت المجازر بحق السوريين والعراقيين وكل الأماكن التي تواجدت فيها من خلال السيارات المفخخة أو الإنتحاريين أو القتل العشوائي الذي طال الأطفال والنساء من دون أي شفقة أو رحمة، ودمّرت بقذائفها وسيوفها البشر والحجر على حد سواء، وأضف إلى ذلك أن إسرائيل أنشأت برعاية دولية، والقاعدة أنشأت في أفغانستان وسهّل لها أن تكون في سوريا والعراق برعاية دولية، وهذا يعني أن المشكلة في هذا العالم هي أن هناك من يرعى الإرهاب المنظم من أجل أن يفرض قناعاته وبرامجه علينا.
إن الإرهابيين التكفيريين لا يستمعون لأحد، ولا عهود لهم أمام أحد، بدليل ما فعلوه مؤخراً بالموحدين الدروز، حيث إنهم قتلوهم ذبحاً على الرغم من العهود التي أعطيت ليبقوا في أماكنهم، وقبل قتل الدروز قتلوا من المسيحيين والإيزيديين، ومن السنة قبل الشيعة، حيث أن الأعداد التي قتلت من أهل السنة على يد داعش تفوق مرات ومرات ما قتل من كل الطوائف والمذاهب الأخرى، وهذا ما يؤكد أن هؤلاء قتلة مجرمون لا يريدون أحدا، والحل الوحيد معهم هو قتالهم واقتلاعهم من أرضنا ومن أي موقعة نستطيع من خلالها أن نقضي على هذه الجرثومة السرطانية التي تشابه جرثومة إسرائيل، فلا يوجد حل آخر، وأن أي حل يطرحه بعض المساكين غير قتال التكفيريين، فإننا نقول لهم أين أنتم وفي أي قرن تطرحون هذا الحل، فهؤلاء لا يمكن التفاهم معهم، ولا يقبلون أحداً، ومشروعهم تدميري، والحل معهم لا يكون إلاّ بقتلهم.
ثانياً: إن مجاهدي المقاومة الإسلامية أنجزوا إنجازاً تاريخياً عظيماً في جرود عرسال والقلمون بالتعاون مع الجيش العربي السوري، وهذا الإنجاز المقاوم هو إنجاز للحاضر والمستقبل، وهو تاريخي ومؤثر، وسيكتشف الجميع لاحقاً أنه سيؤثر على المعادلات السياسية في هذه المنطقة، وسيسجل في يوم من الأيام أن الساحة تغيّرت بعد هزيمة الإرهاب التكفيري في منطقة القلمون وجرود عرسال كما سجل ورسم في عدوان تموز عام 2006 أن الساحة تغيّرت بعد هزيمة إسرائيل، بالرغم من أن البعض كان يهوّل علينا بأن هؤلاء التكفيريين هم جزّارين وبطّاشين، فهم بالأصل يعتمدون هذا الأسلوب لإخافة الآخرين حتى يدخلوا إلى البلدان بسهولة، ونحن نقول إن هؤلاء يهوّلون على الضعفاء والجبناء وعلى أمثالهم، ولكن لا يهوّلون على المقاومين والمجاهدين الشرفاء، فانتهى زمن التهويل والإمارة في لبنان، ونحن الآن في زمن التثبيت والتنظيف في آن معاً كي لا يبقى للبعض صوت قادر على أن يصنع مستقبلاً لهذا الإرهاب التكفيري، وسيرى الجميع هذا في الأيام القادمة إنشاء الله تعالى.
يجب أن تتكاتف كل الجهود من أجل مواجهة الخطر التكفيري، وهذا مسؤولية الجميع، ونكرر أننا لو لم نواجه التكفيريين مسبقاً لدخلوا إلى بيوتنا في كل بقعة ومنطقة في لبنان، وخير لنا أننا واجهناهم بعيداً عن بيوتنا، وضربنا مشروعهم وكسرناه عند حدودنا اللبنانية قبل أن يدخلوا إلى عمق مناطقنا، وإلاّ لكانت الأثمان ستكون باهظة أكثر.
إن البعض يقول "إنكم مقاومة ضد إسرائيل، وقد اعترفنا لكم بذلك، ولكن لا نقبل بكم بعدما أصبحتم مقاومة متشعبة الأهداف والأبعاد"، ونحن نقول لهؤلاء الذين يتفلسفون إنهم لم يقبلوننا مقاومة في البداية، وكانوا يقولون العين لا تقاوم المخرز، ولكن عندما أصبحت المقاومة قوية وانتصرت وطردت إسرائيل وقهرت جيشها الذي لا يهزم ولا يقهر، حينها اعترفوا أننا مقاومة ولكن إلى العام 2000، ونسأل هؤلاء لو لم نكن حاضرين كمقاومة في العام 2006 من كان سيواجه هذا العدوان، ومن كان سيسحق هؤلاء الإسرائيليين ويوقفهم عند حدهم، ولكن البعض وللأسف لا يريدون ذلك، لأنه يعطّل على المشروع الإسرائيلي، أما نحن فقد قاومنا إسرائيل لأنها عدوة ومحتلّة، وإننا سنواجه أي إفراز من إفرازات إسرائيل كما واجهنا إسرائيل من قبل، والقاعدة هي واحدة من إفرازات إسرائيل، وعندما نقاوم القاعدة فإننا نقاومها من موقعنا كمقاومة لإسرائيل، ولذا نحن نقاوم إسرائيل والقاعدة والمشروع التكفيري وكل الأذناب الذين يحاولون تثبيت هذا المشروع بما يستلزم من أجل أن نحرّر أرضنا وشعبنا في هذه المنطقة، فالمقاومة هي مقاومة تحرير، ونحن لا نقاوم مقاومة من أجل أن نلعب بالتوازنات القائمة في المنطقة، ولذلك فإن كل فرد من أفرادنا قاتل الإرهاب التكفيري أو العدو الإسرائيلي فهو في موقع المقاومة في أي مكان وموقع كان، والمقاومة لم تعد فكرة ولا مشروعاً للنقاش، بل أصبحت خياراً ثابتاً للحاضر والمستقبل، وسنفديها بأرواحنا وسننتصر إنشاء الله تعالى، ولقد أثبت أبطالها أن التكفيريين فزاعة قابلة للهزيمة، فكما قهروا الجيش الذي لا يقهر سيقهرون هذا الإرهاب المتوحش مهما كانت الصعوبات والعقبات.
ثالثاً: هناك من يغطي الإرهاب التكفيري في لبنان والمنطقة ويبرر أعمالهم، فتارة يقولون إننا نحن السبب في مجيئه إلى لبنان، وطوراً يقولون لو لم نقاتلهم ما كانوا ليقاتلوننا، وهنا نسأل هل نحن السبب في مجيء الإرهاب التكفيري إلى الصومال وأفغانستان ونيجيريا وسيناء وليبيا وغيرهم من البلدان، وهل الصورة التي نراها اليوم في العراق وسوريا تظهر أن من لا يقاتلهم يكفّون عنه، على العكس تماماً، فهم يريدون أن لا يقاتلهم الطرف الآخر حتى يدخلوا إلى القرى والبلدات من دون قتال، ومن ثم يفرضوا على الجميع رؤيتهم أو يقتلونهم، وعندها تصبح المنطقة لهم بشكل كامل، ولكن وللأسف فإن من يغطي هذا الإرهاب التكفيري يبرر له ويقبل به ويرضى أن يكون ذليلاً معه، بينما لا يقبل بالمقاومة ولا يرضى أن يكون عزيزاً معها، فهؤلاء الجماعة يعانون من مرض نفسي، وعقولهم باتت معطّلة، لأن المقاومة انتصرت في كل موقع، وعمّمت النصر على كل الأخيار والأحرار وأصحاب الأرض، ولم تمسّ أي عقيدة أو رأي أو موقف أو ملك لأي إنسان، بينما هؤلاء لم يتركوا حجراً ولا بشرا.
إن هؤلاء الذين يبررون للإرهاب التكفيري يتوقعون أن يغيّروا المعادلة في لبنان والمنطقة بالأجرة، ويعتقدون أن التكفيريين يسدون خدمة لهم بضرب المقاومة ومشروعها لكي يتسلموا بعد ذلك كل شيء في لبنان، إلا أن هؤلاء واهمون، لأن التكفيريين سيسحقونهم قبلنا، وإن عجزهم عن مواجهتنا الآن سيؤدي إلى التطاول عليهم لأنهم لقمة سائغة، ونحن نرى أن الخسائر التي تقع اليوم في المشروع المؤيد للتكفيريين هي أكبر بكثير من الخسائر التي تقع في المشروع المقاوم، ولن يجد هؤلاء إلاّ الخيبة، لأن المقاومة حق، وأن رجالها يقدّمون التضحيات والجهاد في سبيل الله تعالى، وهم منصورون إنشاء الله تعالى، وأما المراهنون على الإرهاب التكفيري فسيخسرون، كما هم خاسرون سلفاً.
إن جماعة فريق 14 آذار ينتظرون خطاباتنا للشتم والرقص على الفتنة، ولن يعجبهم أي موقف نتّخذه حتى ولو كان أشرف موقف في العالم، ولذلك سيقولون الأبيض أسود والأسود أبيض، لأننا نحن أصحاب الموقف، ونحن أصبحنا معتادين على ذلك، فعندما يخطب أي مسؤول من مسؤولي حزب الله بدءاً من سماحة الأمين العام حفظه الله وصولاً إلى الآخرين، نجد في اليوم التالي الصحف مملوءة بردود على بعض الكلمات الموجودة في خطاباتنا، لدرجة أننا لا ندري ماذا يناقشون وعلى ماذا يجاوبون ويردون، فلا نفهم مما يقولون سوى أنهم يصرخون، ولذلك نحن لا نردّ عليهم لأنهم جماعة مساكين ولا يرون الحق، فهم يصرخون ونحن نعمل، وينتظرون وينظّرون ونحن نحرر، والنتيجة لمن يعمل ويحرر، وليس لمن يصرخ وينظّر، وسنقولها بالفم الملآن: إننا لن نقبل الإرهاب ولا الاحتلال ولا الهيمنة حتى لو ملأوا الدنيا صراخاً وبحّت أصواتهم.
اليوم إذا نظرنا إلى البلد نرى أن جماعة فريق 14 آذار دائماً يقولون إنهم يريدون الدولة، ولكن في الحقيقة إذا أردنا أن نعطي جائزة نوبل للتعطيل فإنهم أكثر من يستحقها، لأنهم عطّلوا الدولة في كل مراحلها، وبدأوا بالأصل بتعطيل المجلس النيابي من خلال امتناعهم عن حضور جلساته خاصة عندما كان يناقش مشروع سلسلة الرتب والرواتب الذي هو لمصلحة العمال والموظفين والإداريين والجيش وقوى الأمن الداخلي، مما اضطر الرئيس نبيه بري لتأجيل الجلسة تحت عنوان أن مكوناً ميثاقياً لم يحضر الجلسة وهو جماعة حزب المستقبل ومعه جماعة من فريق 14 آذار، فتعطّلت جلسات المجلس النيابي، ولهذا فإن هؤلاء هم روّاد التعطيل للمؤسسات في لبنان.
يجب أن يفهم جماعة فريق 14 آذار شيئاً أننا شركاء في لبنان، ونحن لن نقبل أن يكون هذا الوطن حكراً عليهم، فطالما فشلوا في بناء الدولة بعدما استأثروا بها لفترة من الزمن، فإن الحل يكمن في أن نتعاون معاً، ونحن نمد أيدينا على قاعدة عدم الإستئثار، وإذا كانوا ينتظرون المتغيرات الدولية والإقليمية، فهي لن تكون لمصلحتهم، فهم انتظروا سوريا ثلاثة أشهر ومن ثم ثلاثة أشهر أخرى حتى مضى أربعة أعوام ونيف، ولم يتغيّر الوضع فيها كما يرغبون، بل ازداد سوءً عليهم، وإذا كانوا يراهنون على أن هذا الانتظار سوف يتعبنا، فإننا نقول لهم لا تنتظروا تعبنا، فنحن نتجلّى بالتضحيات ونقوى أكثر فأكثر، واليوم نحن أقوى من أي وقت مضى، ولن تستطيعوا اللحاق بنا، فخير لكم أن تقبلوا أيدينا الممدودة لنسير معاً، وإلاّ تخلّفتم عن الركب.