الكلمة التي ألقاها في حفل تأبين الفقيد المجاهد حسن بشير في مجمع الكاظم (ع).
ومما جاء فيها:
نحن اليوم في لبنان من خلال الاتجاه الإيماني رفعنا شعارات اعتبرناها أهدافًا بالنسبة إلينا ونحن نعمل لتحقيقها، وهناك عنوانان: عنوان للحماية وعنوان لمصلحة مسار الدولة. أما عنوان الحماية فيجب أن تستمر جهوزيتنا الكاملة في مواجهة عدوين أساسيين في منطقتنا هما إسرائيل والقاعدة بتسمياتها المختلفة( داعش والنصرة وما شابه ذلك)، لأن هذين العدوين هما عدوا الإنسانية وليسا عدوين لنا فقط، إسرائيل لا تترك حجرًا ولا بشرًا وتحتل الأرض، وجماعة القاعدة يقتلون كل ما عداهم من دون استثناء ولا يريدون أحدًا على هذه البسيطة إلاَّ هم، علينا أن نستمر بجهوزيتنا لمواجهة هذين التحديين.
أما إسرائيل فلم تتغير نظرتنا إليها بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، لأنه سواء كان نتنياهو أو ليفني أو الآخرين كلهم أوجه لنمط واحد هو الاحتلال والعدوان، وبالتالي لم نتأثر ولم نعتبر أن تغييرًا حصل في إسرائيل، نعم بعض العرب من المشوشين ذهنيًا ومن التابعين أمريكيًا، ومن الذين لا يريدون أرضًا ولا كرامة بل يريدون عروشهم ومصالحهم اعتبروا أنهم خسروا فرصة من أجل أن يتعايشوا مع إسرائيل، ولكن في الواقع بالنسبة إلينا كلهم سواء مهما كانت النتائج في الواقع الإسرائيلي. وبالتالي بما أنه لا تغيير في المعادلة أيضًا لا تغيير في مواقفنا في مواجهة هذا العدو الذي لا يرتدع إلاَّ بالمقاومة، ومن كان يراهن على التسويات السياسية هو يراهن على وهم، ولذا مقاومتنا جاهزة ومستمرة إن شاء الله تعالى.
أما بالنسبة للقاعدة ومن معها، القاعدة اليوم تخرِّب في كل المنطقة ابتداءً ومن دون أي مبرر سواء في اليمن أو تونس أو ليبيا أو سوريا أو لبنان أو العراق أو في البلدان المختلفة بل في بعض دول العالم عندما تسنح له الفرصة، القاعدة وباء علينا ويجب أن نتخلص منه، هو كالغدة السرطانية التي لا تصلح إلاَّ بالاجتثاث، ونحن نعتبر أن مواقفنا في مواجهة هذا الاتجاه التكفيري هي المواقف الصحيحة التي يجب أن يتخذها الجميع، ومن كان يفكر بالاستثمار في القاعدة وجد في نهاية المطاف أنه انقلب ضده. بعض الدول الإقليمية والعربية دعمت القاعدة دعمًا منقطع النظير، ولكن الآن بدأوا يشعرون بالخطر لأن هؤلاء لم يردوا عليهم، هم معهم في الفوضى ولكن ليسوا معهم في مصالحهم، هم معهم في تخريب البلاد والعباد ولكن ليسوا معهم في مسح جيوبهم، هم مختلفون لأن كل واحد منهم عنده مشروع يختلف عن الآخر.
من هنا نقول بكل وضوح: أن نجاح حزب الله في سوريا مع القوى الشريفة التي واجهت داعش والنصرة والقاعدة كان مؤشرًا إيجابيًا ومهمًا لحماية لبنان، فتصوروا لو أن القلمون مع داعش ، والقصير مع جبهة النصرة، وعشرون ألف مقاتل تقريبًا ينتشرون في تلك المنطقة في مقابل لبنان، مع المعبر الموجود في جرود عرسال، ومع الاختراق الذي حصل من خلال هذه المدينة، كيف يمكن أن تكون الصورة؟ ستكون سيارات مفخخة وانتحاريون في كل لبنان، عندما كان لهم بعض الوجود هناك وخاصة في منطقة القلمون مرّت 15 سيارة مفخخة، ولم تتوقف السيارات إلاَّ عندما دخل المجاهدون إلى يبرود ورنكوس والجبة وفليطة وضبطوا مراكز تصنيع هذه السيارات، وعندها ضُبط الأمر من مركزه الأساسي، ولذا خفّت الأمور كثيرًا عما كانت عليه في السابق وبتنا نعيش شيئًا أو بعضًا من الأمان.
إذًا نجحنا في سوريا في مواجهة خطر القاعدة، ونجح الجيش اللبناني في مواجهة التكفيريين في منطقة البقاع في جوار عرسال والقرى اللبنانية الأخرى، وهذا أمر يُسجل ويفترض على الجميع أن يعززوا هذا الإجماع حول مواجهة التفكيريين، لأن المسألة لا تطال فريقًا دون آخر إنما تطال الجميع، وعلى كل حال هناك من استدرك ولو بعد مدة طويلة ونأمل أن يتحول هذا الاستدراك إلى عمل لا إلى محاولة تبرئة أو تبرير أعمال داعش بأنها ردة فعل. من يبرر للقاعدة وداعش يشاركهم في تهيئة بيئة ملائمة ليتحركوا من خلالها، علينا أن نلتفت بأن نجتمع حول الجيش وأن نكون جميعًا يدًا واحدة في مواجهة هؤلاء التكفيريين الذين يشكلون خطرًا على الجميع.
أما في مسألة الرئاسة، نحن كحزب الله مع المؤسسات الدستورية، ومع انتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت، ومع أن ينعقد المجلس النيابي ويُشرّع، ومع أن تعمل الحكومة ولا تتوقف، ونعتبر أن تسرية التعطيل من مؤسسة الرئاسة إلى مجلس النيابي ومن ثم بعض الذين يحاولون تعطيل الحكومة لن يؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، تسرية التعطيل ليست الطريقة من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، الكل يعلم كيف يمكن أن يُنتخب، والكل يعلم أن التوافق مطلوب لاختيار رئيس قادر، والكل يعلم أن المراهنات التي استمرت لعشرة أشهر حتى الآن على تطورات الخارج لم تنفع، ولن تؤدي إلى نتيجة، ومن سينتظر سينتظر عشرة أشهر إضافية وأكثر ولن يجد حلًا إذا لم يتحرك، الحل من الداخل اللبناني باتفاق الأطراف لإنهاء هذا الأمر من دون تسرية التعطيل من الرئاسة إلى غيرها، بل بمحاولة البحث عن المخارج الملائمة للوصول إلى نتيجة.
وأؤكد على نقطة أخيرة مهمة جدًا، لم نعد نقبل بلبنان الضعيف، هذه أغنية أصبحت ممجوجة بالنسبة إلينا منذ حقَّقت المقاومة مع الجيش والشعب انتصارات وقوة للبنان في مواجهة إسرائيل وفي مواجهة التبعية، ولذا نحن نؤمن بالدولة اللبنانية القوية ودعامتها المقاومة والجيش والشعب، ومن كان يقبل بأي دولة ولو كانت مسحوقة شرط أن لا يكون فيها المقاومة القوية نقول له: أنت تحلم، ولا عودة إلى الوراء، كيف تقبل بدولة لا قدرة لها نكاية بقوة حزب الله ووجوده؟ هذا أمر تخطيناه، من الآن وصاعدًا لا نقبل أن يكون لبنان ضعيفًا بل نريده قويًا، ولا قوة للبنان إلاَّ بالجيش والشعب والمقاومة، وسنحرص عليهم جميعًا وسيبقى لبنان مرفوع الرأس ولو كره الكارهون.