الكلمة التي ألقاها في الحفل التكريمي لشهداء الدفاع المقدس من الطلاب في المعاهد والثانويات والذي أقامته التعبئة التربوية في حزب الله في مجمع القائم (عج)، بحضور فعاليات تربوية وعوائل الشهداء وأصدقائهم.
ومما جاء فيها:
المآسي التي حصلت في منطقتنا هي نتيجة السياسة الأمريكية في الهيمنة ومحاولة فرض الشرق الأوسط الجديد، والعالم وكذلك المنطقة منشغلان وفي حالة إرباك ولا يعرفون ماذا يصنعون، ولذا تجد المنطقة اليوم في حالة مراوحة، ولا حلول مطروحة، والأمر بحسب الظاهر سيطول لسنوات وسنوات فلا حلول لا في العراق ولا في سوريا ولا في المنطقة. أما في فلسطين فإسرائيل تعبث بالقدس والمقدسات وأراضي فلسطين، والتسوية بعيدة جداً جداً، بل نكاد نقول بأن لا تسوية لا الآن ولا في المستقبل، ولا حل مع إسرائيل إلا بالمقاومة والمواجهة. إذاً ماذا نفعل في ظل هذه الظروف التي تحيط بنا من كل جانب، كان يمكن للبنان أن يتحمل وزر أزمات المنطقة بشكل أكبر مما حصل لولا قوى وازنة وأدت الفتنة وعملت على إبقاء الصف موحداً ومدَّت أيديها للتلاقي، وفي وقت تلمَّس الجميع خسائر زج لبنان في معارك الآخرين، والحمد لله تبيَّن أن الدول الكبرى والإقليمية تخشى أن يسقط لبنان في فخ أزمات المنطقة فساعد هذا الأمر على تحييد نسبي للبنان. هنا دخلت داعش إلى الديار ولولا أن استدرك البعض ورفع الغطاء عنها بعد أن كان مساعداً لانتشارها، ولولا تحقيق الإجماع الوطني ودعم الجيش اللبناني وأداء الجيش والقوى الأمنية لكنا اليوم أمام فوضى كبيرة وتخريب للسلم الأهلي، إذاً هذا هو المشهد في لبنان، فلبنان أمام فرصة إما أن تُهدر وإما أن تُستثمر، ونحن ندعو لاستثمارها، وقد ثبت أن أداءنا السياسي كحزب في الميدان وفي الموقف السياسي حمى لبنان جنوباً وشرقاً، والمطلوب أن تُراجع بعض المواقف لدى بعض الأطراف والتي اتُّخذت في المرحلة السابقة وأن يُعاد النظر بالحسابات ليرَوا الصواب من الخطأ.
منذ يومين توفقنا بحمد الله تعالى لإطلاق الأسير عماد عياد، هذا الأسير الذي اعتقل أثناء معركة في منطقة عسال الورد في القلمون، واعتقله وقتها ما يسمى بالجيش السوري الحر، وبدأنا بعد فترة مفاوضات سرية وعسيرة ومعقدة وطويلة، إلى أن وصلت إلى خواتيمها بالإفراج عن الأسير مقابل اثنين من ضباطهم، لكننا نؤكد أن فرحتنا لم تكتمل ولن تكتمل إلا عندما يُفرج عن كل المخطوفين والمعتقلين من الجيش اللبناني عند جماعة داعش والنصرة، وهنا أستغرب كيف أن البعض يقول عنا في ملف المخطوفين عند التكفيريين ما لم نقله ولم نفعله، وللعلم فمنذ اللحظة الأولى التي تمَّ فيها النقاش في مسألة العسكريين المخطوفين في مجلس الوزراء كان حزب الله إيجابياً بالكامل، وطرح وجهة نظره، وعلى أساس نقاش مجلس الوزراء تشكلت لجنة وزارية للأزمة يرأسها رئيس الحكومة وأُعطيت صلاحيات واضحة، ومن اللحظة الأولى أيَّد حزب الله التفاوض للوصول إلى النتيجة الإيجابية في الإفراج عن المخطوفين، واللجنة تقوم بعملها، تتعقَّد معها الأمور أحياناً وتتسهَّل أحياناً أخرى، وهي معنية بأن تُعلن للرأي العام في اللحظة المناسبة ماذا فعلت وإلى أين وصلت، وكل الكلام الذي يُنسب لحزب الله في هذا الشأن هو تجنٍّ غير أخلاقي ويجافي الحقيقة تماماً، ويحاول أن يتلاعب بمشاعر أهالي العسكريين لأغراض سياسية، وعندما يكون لنا دور ومساهمة معينة في هذا الملف فإن مساره الطبيعي من خلال اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة، والذين يتبجَّحون بأفكار ونقاشات فليتفضلوا وليقدموا ما عندهم لمصلحة هذا الملف، ما هكذا تُتابع الأمور! وليس بهذه الطريقة يمكن أن ننصف هؤلاء المخطوفين! نحن ملتزمون بمتابعة اللجنة الوزارية لهذا الملف وحاضرون لكل مساهمة تساعد في إنجازه بالشكل الصحيح بحسب إمكاناتنا وقدراتنا وما يُطلب منا في هذا الشأن.
أما فيما يتعلق بقضايانا المختلفة والتي تؤثر على واقعنا في لبنان، للأسف هناك طرق في المعالجة لا تمت إلى الواقع العملي بصلة. لدينا في لبنان أزمة نازحين وأزمة مخطوفين ولدينا ملفات مشتركة مع سوريا، فلماذا لا يتمُّ التواصل بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية لتنسيق بعض الملفات بما يعود بالخير للبنان، وبما يتناسب مع مصالح ومطالب الدولة اللبنانية، وإلا فبعض الملفات لا يمكن معالجتها بالطريقة التي تُعالج بها الآن، ونحن لم نقول يوماً كحكومة إلا بسياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، إذاً ما معنى المعاداة ومنع الاتصال، لمصلحة من ومن المعني بهذا الموقف؟
لقد نجحت إيران في المحافظة على حقوقها النووية وأثبتت حضورها ووجودها في مواجهة الدول الكبرى، وها هي تعود شامخة أمام العالم في التمديد الذي حصل للمفاوضات، وهي تتابع بحرص شديد حفظ حقوق إيران النووية واستقرار إيران، كل ذلك بفضل القيادة الحكيمة للإمام الخامنئي حفظه الله ورعاه، والذي أكد على عدم التبعية واستقلال إيران ووجود خيار الاقتصاد المقاوم لمواجهة أي انتكاسة في الملف النووي، لكن لا خضوع لإيران أمام مطالب الدول الكبرى المجحفة. والذين يعرقلون العلاقة مع إيران عربياً أو إقليمياً أو دولياً يخسرون وتخسر المنطقة، فإيران اليوم دولة كبرى ومؤثرة ولها دور فاعل في الكثير من القضايا، وسيعودون في نهاية المطاف للعلاقة معها، وسجِّلوا عليَّ أنه في يوم من الأيام ستعود بعض هذه الدول التي تدَّعي عداءً لإيران وتطلب ودَّها والعلاقة معها والتنسيق معها، لأنه لا يمكن لأحد أن يتجاوز في المنطقة قدرة وتأثير إيران. وأنا أقول بكل صراحة وأمام الملأ: لنا كل الفخر أن تكون لنا علاقة بإيران ونتعاون معها، فمواقفها مشرِّفة، وهي قمة الهرم في مواجهة العدو الإسرائيلي وفي دعم حركات المقاومة في المنطقة، وهذا ما لا تفعله أي دولة في العالم، واتهامنا بالعلاقة معها ليس في محله لأننا فعلاً في علاقة ممتازة مع إيران ولنا كل الفخر في ذلك.