الكلمة التي ألقاها في اللقاء التضامني مع المسجد الأقصى الذي دعى إليه تجمع العلماء المسلمين في لبنان في مطعم الساحة - طريق المطار بحضور حشد كبير من العلماء.
ومما جاء فيها:
نلتقي اليوم دعما للأقصى وفلسطين، ونحمل همًا كبيرًا طال حمله وقلَّ حاملوه، نجتمع اليوم من أجل أن نؤكد أننا موحدون سنة وشيعة وكل من الأحزاب والقوى التي تؤمن بمشروعية المقاومة من أجل مواجهة الكيان الإسرائيلي على قاعدة التحرير الكامل لفلسطين من البحر إلى النهر، بعيدًا عن التسميات، وبعيدًا عن تنقيص معاني المقاومة لتنحرف عن مساراتها، وتأكيدًا على المقاومة المسلحة الشعبية والفصائلية التي تتمكن بدعمٍ ورعاية وحماية من الشعب الفلسطيني المجاهد وأن تغير المعادلة وأن تنتقل نحو الأفضل.
أصبح واضحًا لجميع الناس أن قوة إسرائيل هي داخل جدران الحديد والخوف والآليات العسكرية والأسلحة بعيدًا عن المواجهة المباشرة، أما قوة فلسطين ففي القلب والجوارح وفي كل حبة تراب ومع كل طفل يولد بعد حين، الصهاينة جبناء يختبؤون وراء احتلالهم والفلسطينيون مجاهدون شرفاء يبرزون في الميدان مقاتلين من أجل قضيتهم، ومجاهدين مكافحين لنصرة الحق.
لقد أرشدنا تعالى إلى طبيعة من نواجه ومن نقاتل، قال تعالى :"لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ * لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ"، إذاً هذه المواجهة هي مواجهة خاسرة للصهاينة ورابحة لمشروع المقاومة، عندما ندعمها ونؤكد عليها، ونثبت مسارها ونكون خلفها، ونوجه البوصلة نحو فلسطين والقدس.
إن انتهاك حرمة المسجد الأقصى تمس مليار ونصف مليار مسلم على امتداد العالم الإسلامي، وليس الأمر مقتصرًا على انتهاك خصوصية وحرمة الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني أو مقدس من المقدسات المحدودة، بل هذا الانتهاك هو انتهاك لمليار ونصف مليار مسلم.
لقد حاولت إسرائيل استغلال الانشغال عنها بفتن داخلية متنقلة في بلداننا العربية والإسلامية، واستفادت من حجم الدعم والتأييد الاستكباري الظالم الذي ترعاه أمريكا وأوروبا من أجل تثبيت هذا الكيان الإسرائيلي الغاصب، ولكن أملنا بالله تعالى كبير، وأملنا بطلائع الانتفاضة الثالثة التي هي جزءٌ لا يتجزأ من مسار المقاومة اليومي، هي انتفاضة الالتحام المباشر، هي انتفاضة الدهس والطعن، هي انتفاضة الشعب الأعزل والمظلوم في إطار تعزيز خطوات المقاومة المسلحة التي تواجه العدو الإسرائيلي.
إن احتلال 66 عامًا أثبت أن الشعب الفلسطيني هو قنبلة موقوتة من أجل التحرير، تتراكم تضحياته وينتهز الفرص تلو الفرص، ولكن هدفه واضح هو يريد أن يستعيد كامل الأرض والمقدسات، ونحن نقول لهذا الصهيوني الغاشم: أليس الصبح بقريب.
نحن نؤيد وندعم ونبارك كل أشكال تضحيات الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه، نحن معه بالقنبلة والبندقية والصاروخ والسكين والجسد العاري في المواجهة، نحن معه أن يقتل حيث استطاع وأن يواجه في كل مكان، وأن يكون علمًا للتحرير في كل حبة تراب وعلى كل حبة تراب من تراب فلسطين.
وكل التحايا للمجاهدين الذي يستخدمون الإمكانات المناسبة والمتوفرة لقتل المحتلين، على قاعدة أن حق الشعب الفلسطيني يتيح له بأن يستخدم كل هذه الوسائل المشروعة لمواجهة الغاصبين المحتلين.
إن حلم إسرائيل بالقضاء على الشعب الفلسطيني، يواجهه حلم الفلسطينيين لتحرير فلسطين، وفي قناعتنا سيكسر الحلم الفلسطيني الحلم الإسرائيلي إن شاء الله تعالى ببركة هذا الشعب المعطاء الأبي.
وبدأنا نرى أن تباشير الانتصار الفلسطيني بسبب اعتمادهم على أنفسهم أولًا بعد التوكل على الله تعالى هي تباشير حقيقية، يكفي أن يمر كل هذا الوقت منذ الاحتلال الرسمي لفلسطين سنة 1948، ونعيش اليوم مع حركة الشعب الفلسطيني ومقاومته مواجهات أقسى وأعظم وأكبر وأشد من كل ما مرّ في الفترات السابقة، ما يعني أن هؤلاء الشباب والشيوخ والنساء والأطفال يحملون حب فلسطين عشقًا يتحول إلى دمٍ يتفجر من أجل التحرير، ونحن نؤمن أن الدم الفلسطيني سينتصر على السيف الإسرائيلي إن شاء الله تعالى.
يصادف هذا اليوم يوم شهيد حزب الله، يوم فجّر الشهيد المركز الإسرائيلي وغيَّر المعادلة وقلبها لمصلحة الحق، الحق أقوى من الاحتلال دائمًا وأبدًا، والشعب الفلسطيني أقوى من الآلة الإسرائيلية دائمًا وأبدًا، وفي قناعتنا أن تلاحم مواقع المجاهدين في لبنان وفلسطين خاصة في مواجهة العدو الإسرائيلي سينتج إن شاء الله تحريرًا ونصرًا وقوة، ونحن لا زلنا حتى هذه اللحظة وسنستمر كحزب الله إن شاء الله باستمرار الإعداد والجهوزية، وتوفير كل المقومات باتجاه الهدف المركزي وهو تحقيق التحرير الكامل إن شاء الله تعالى، بالتعاون والمناصرة مع الشعب الفلسطيني المجاهد على أرضه ومن أجل أرضه ومن أجل المقدسات.
نحن نقول اليوم: علينا إعادة البوصلة إلى فلسطين وأي أولوية تُعطى لأي قضية في المنطقة باطلة في مقابل أولوية تحرير فلسطين، وكل الأولويات الأخرى ثبت أنها فاشلة ومنحرفة وتضيع الطريق وتنتج الفتن وتخرب البلاد والعباد، أما أولوية تحرير فلسطين فهي التي تجمع القلوب والعقول والإمكانات والمسلمين والعرب وتحقق إنجازات عظيمة.
يتحمل العرب والمسلمون مسؤولية نصرة فلسطين، وأما صمتهم إدانة لهم، ولو اجتمعوا وقدم كلٌ منهم الحد الأدنى من الدعم لتزلزلت إسرائيل وقُصرت مدة احتلالها.
لو كان عُشر الأموال والخطط التي صُرفت لتدمير سوريا توجهت ضد إسرائيل لتغير وجه المنطقة، لكن للأسف هناك من يريد أن يقدم الخدمات المجانية لإسرائيل لتستمر. ولكنها لن تستمر مع المقاومة، وها هي إسرائيل تترنح وتعيش الإرباك تلو الإرباك، ومهما كانت قوتها وقدراتها ومهما كان الدعم الدولي لها ستسقط إسرائيل إن شاء الله تعالى بسواعد الفلسطينيين أولًا وبنصرة المقاومين وشعوب المنطقة الأبية الباسلة إن شاء الله تعالى.
نحن ندعو الشعوب العربية والإسلامية أن تتحرك وتتظاهر وتدعم حق الشعب الفلسطيني في أرضه بكل أشكال التحرك والتظاهر.
وندعو القيادات السياسية والدينية إلى أن تشرح وتبين وتعبئ باتجاه القضية الفلسطينية ليتعرف الناس على حقيقة المواقف، ولتتوجه إراداتهم باتجاه دعم الشعب الفلسطيني.
كما ندعو الأنظمة العربية والإسلامية إلى الحد الأدنى من الشجب لإسرائيل والتأييد لحق الشعب الفلسطيني، وإلاَّ فإنكم ستكونون عندها في محل الموآخذة والإدعاء بأنكم تخدمون المشروع الإسرائيلي، أمامكم فرصة في أن تبرؤوا أنفسكم من هذه التهمة، وأن تقدموا الحد الأدنى الذي يمكن أن يحقق إنجازًا مساعدًا في إطار هذه المسيرة.
وعلى كل حال وليكن معلومًا: مسيرة المقاومة انطلقت وتقدمت وأنجزت وضحت ولا عودة إلى الوراء، المقاومة خيارٌ لم يعد محل نقاش وإنما هو الخيار الذي سيقلب المعادلة إن شاء الله، وصبرنا طويل وانتظارنا متكلين على الله تعالى لتتحقق الوعود الإلهية في نصرة المؤمنين "إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ".
نحن ندعو إلى البحث عن كل السبل الآيلة لتضج إسرائيل من حجم التضامن العالمي مع فلسطين، فلنعمل لتنطلق الصرخات من كل بلدان العالم بالتظاهرات والإعلام ووسائل الاتصال، وليكن الحديث دائمًا عن فلسطين السليبة وعن إسرائيل الغاصبة وعن دعم المقاومة الشريفة، فإن هذه الأصوات إذا ارتفعت من كل مكان فإنها بضجيجها تؤثر على إسرائيل، ثم يأتي المجاهد الفلسطيني البطل من أبناء هذا الشعب الأبي ليضرب الضربة النهائية فتسقط إسرائيل تدريجيًا بإذن الله تعالى.
كل التحايا للشهداء والأسرى والمجاهدين والصابرين المعطائين، ونحن إن شاء الله تعالى في حالة تضامن عملي وموضوعي وعلى الرغم من كل محاولات التخريب على أولوية فلسطين، سنبقى حاملين كحزب الله لهذه البوصلة متمسكين بها بكل قوة ولو كره الكافرون ولو كره المنافقون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.