الموقف السياسي

لو استمرينا بوحدتنا وتعاوننا فلا إمكانية لداعش أن يفعل شيئًا / الليلة الثانية من عاشوراء في 27/10/2014

لو استمرينا بوحدتنا وتعاوننا فلا إمكانية لداعش أن يفعل شيئًا / الليلة الثانية من عاشوراء في 27/10/2014
داعش خطر ولا نستهين بهذا الخطر، إنما هو خطرُ قابل للانكسار والهزيمة


الكلمة التي ألقاها في الليلة الثالثة من ليالي عاشوراء 1436ه في قاعة شاهد - طريق المطار.

ومما جاء فيها:

يبدو أن الكثيرين لا يعرفون حقيقة تنظيم داعش وواقعه ، داعش هو اتجاه تكفيري لا يقبل أحدًا من المسلمين على الإطلاق سنة كانوا أو شيعة، ولا يقبل أحدًا من العالمين نصارى كانوا أو ملحدين، ولا يرى إلاَّ الدواعش لهم الحق في أن يحكموا، وكل الناس عبيد لهم وتحت إمرتهم، فإن لم يوافق الناس على قيادتهم يقتلونهم بقطع الرؤوس وبقر البطون حتى يوجِدوا الرعب في العالم، فمن بقي معهم بقي تحت إمرتهم خائفًا، ومن تخلى عنهم قُتل لأنهم لا يبقونه في ساحاتهم.
داعش تنظيم غير إسلامي، داعش تنظيم يحمل اسم الإسلام ولكنه يطعنه مرارًا وتكرارًا في كل يوم وفي كل فكرة، وهو نموذج من نماذج الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي(ع) تحت شعار إسلامي "لا حكم إلاَّ لله" وهم لا يعرفون الله لا من قريب ولا من بعيد، ولا يحكمون بما أنزل الله، بل من هم في زماننا ربما يكونون أسوأ ممن كانوا في ذاك الزمن، لأنهم أخذوا كل التجارب السلبية والسيئة وبنوا عليها وتفننوا في إعطاء نموذج جديد سلبي.
هل داعش خطر على المسلمين والعرب والعالم؟ نعم، هو خطر كبير، ولكنه خطر يمكن الانتصار عليه، فهو نتيجة تجمع من ثمانين دولة في العالم أتوا إلى سوريا والعراق، رعتهم أمريكا والدول الكبرى ودول عربية وإقليمية، وأعطوهم الأموال والسلاح والتسهيلات، ووفروا لهم الموقف السياسي، وكان من نتيجة كل هذا الاجتماع الدولي الإقليمي أن أصبح لدينا وحش منتفخ اسمه "داعش". هم ليسوا جماعة في بلد، وليسوا أغلبية في عاصمة، وإنما هم تجميع دولي من كل أنحاء العالم، وهذه أول نقطة ضعف، فهم كبروا بسبب هذا الدعم الكبير الذي توفَّر لهم.
هم يعتمدون على الإرهاب، وعلى التوحش من أجل إخافة الخصم، حتى أن عندهم كتابا اسمه "إدارة التوحش" يقولون فيه: إذا قطعنا الرؤوس وأرعبنا الناس وأخفناهم، فإنهم إذا ما انتظروا مجيئنا في بلدٍ ما يهربون ويسقطون أو يسلِّمون من دون أن قتال، فعندما يعرضون هذه الأفلام عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، إنما يعرضونها لحرب نفسية حتى يخيفوا الناس قبل أن يصلوا إليهم فيوفرون عليهم عملية المواجهة، وبالتالي يُشعرون الناس بأنهم استطاعوا تحقيق انجازات معينة، والحقيقة أنهم دخلوا إلى أماكن فارغة ولم يدخلوا إلى أماكن فيها من يقاتلهم ويواجههم.
احتل داعش مدينة الموصل في العراق خلال ساعات دون أن يُطلق عليهم طلقة نار واحدة، هناك من سلمهم الموصل، وهم لم يقاتلوا ، نعم هناك من تعاون معهم من أجل السيطرة ولكن بعد ذلك أخذت داعش كل شيء بعد أن فرغ الميدان ولم يكن أحد في مواجهتها.
داعش يحدث ضوضاء وإرهاب، ويستخدم التوحش والرعب ليسهل عليه أن يسيطر على خصومه، وحيث تمت مواجهة داعش كُسر هذا التنظيم، ورأينا إنجازات تتحقق في العراق وفي سوريا وفي لبنان، وبالتالي عندما يكون هناك رجال أشداء أصحاب موقف سيكسرون داعش في أي مكان تواجد فيه هذا التنظيم.
لا أحد يصوِّر لنا بأن داعش كبير ولا يمكن مواجهته، لا، داعش لديه إخفاقات كما لديه إنجازات، إنجازاته عندما هرب الآخرون من أمامه، ولكن عندما يتواجد من يواجهه بشكل موحد وشجاع وصاحب موقف نعم يُكسر هذا التنظيم.
لاحظوا اليوم في لبنان: عندما تحقق الإجماع السياسي، وأيدت الحكومة اللبنانية بكل مكوناتها مواجهة هذه الحركة التكفيرية، ووافقت أطرافٌ كانت سابقًا تميل إلى دعم داعش بشكل أو بآخر، لكن عدَّلوا الآن من موقفهم عندما شعروا أن داعش تشكل خطرًا عليهم قبل غيرهم، ماذا كانت النتيجة؟ ضُرب التكفيريون في كل أنحاء الشمال ضربة قاسية جدًا بسبب الإجماع السياسي حول الجيش اللبناني، وحول الموقف الموحّد ضد هذا الاتجاه الذي يريد أن يخرب لبنان كما يخرب سوريا والعراق ويريد تخريب العالم.
لو استمرينا بوحدتنا وتعاوننا فلا إمكانية لداعش أن يفعل شيئًا، نعم يمكنه أن يُحدث بعض الإزعاج وبعض الألم، ولكن هذا لا يُقاس أبدًا أمام إنجازاتنا عندما نكون موحدين، ونواجهه بكل صلابة وتصميم وعزيمة لنُسقط مشروعه، فمشروع داعش محاولة للسيطرة على الإمرة، ولتخريب هذه المنطقة من أولها إلى آخرها، فإذا كنا رجالًا في الميدان لا يستطيعون فعل شيء. لذا عندما نقول: أن داعش ضوضاء إنما نقصد أنها تركز على الإعلام وإحداث الرعب كي تختصر الاحتلال بهروب الآخرين من أمامها، ولكن داعش خطر ولا نستهين بهذا الخطر، إنما هو خطرُ قابل للانكسار والهزيمة، خطرٌ يمكن أن نتفاداه وأن نئده، خطرٌ يمكن أن نحطمه وأن نكسره بتعاوننا ووحدتنا، وقد أثبتت التجارب في عدد من الانتصارات التي حصلت في لبنان وسوريا والعراق، والحمد لله داعش اليوم لم يترك له صاحبًا في العالم لأنهم شعروا بخطره ويريدون مواجهته.
إذًا المستقبل للشرف والمقاومة والقرار الحر والأوطان المحررة ، علينا أن نتماسك وأن لا نخشى المواجهة، وإن شاء الله يكون النصر حليفنا في مواجهة خطر داعش وأخوته، على قاعدة أن هؤلاء التكفيريين لا محل لهم لا في نفوس العباد ولا في نشر ظلمهم الذي يأباه الله تعالى ولا بدَّ أن يسقط الظالمين.