الكلمة التي ألقاها في الاحتفال الذي أقامته الهيئات النسائية في حزب الله لمناسبة ذكرى ولادة السيدة الزهراء (ع) في قاعة الجنان.
ومما جاء فيها:
*الترشيح للرئاسة لا يُنظِّف سجلًا، فمن كان له مواصفات سجَّلها التاريخ وحفظتها ذاكرة الناس لا يمكن أن تُمحى بعملية استعراضية اسمها الترشح لرئاسة الجمهورية.
*الاتفاق يجب أن يكون على رئيس أولًا يملك حيثية وشعبية وسياسية وأخلاقية، ثانيًا لا يتحدى الآخرين وإنما يحاول أن يبحث عن حلول وقواسم مشتركة، ثالثًا يعمل للمشاركة الوطنية ليشترك الجميع في إدارة البلد، رابعًا يحمي لبنان وقوته ومقاومته.
*ما تصرفته المحكمة يدل مجددًا على ما قلناه مرارًا وتكرارًا: هذه المحكمة مسيَّسة وغير عادلة، ولا علاقة لها بالحقيقة.
*نحن أمام فرصة في لبنان، بما أن الجميع يعتبر أن الاستقرار في لبنان مطلب.
نحن اليوم أمام الاستحقاق الرئاسي لانتخاب رئيس جمهورية للبنان، ومعروف أن الجلسة الأولى للانتخابات قد مرت ولم يحصل فيها شيء، واليوم الجلسة الثانية والتي تتطلب نصابًا مقداره حضور الثلثين والتصويت بالنصف زائد واحد من أعضاء المجلس النيابي، إلتئام الجلسة الأولى للمجلس النيابي كان كافيًا لإعطاء صورة واضحة بعدم توفر المقومات الكافية لانتخاب رئيس للجمهورية، فقد كان واضحًا أن الجلسة الأولى مسرحية، بيَّنت أن الظروف ليست ظروف انتخاب رئيس، وهذا يعني أن لا فائدة من الجلسة الثانية أو الثالثة أو الرابعة إذا بقيت المعطيات على ما هي عليه، وسواء انعقدت الجلسة أو لم تنعقد فالنتيجة واضحة هي عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لذا نحن فضلنا أن لا تنعقد الجلسة بعدم إكمال النصاب كي لا يُدبر أمرٌ معين في الخفاء، ونُفاجأ بأمور لا تنسجم مع كيفية العمل لإنتاج رئيس جمهورية للبلد.
وكشف الجلسة الأولى أيضًا أن الترشيح للرئاسة لا يُنظِّف سجلًا، فمن كان له مواصفات سجَّلها التاريخ وحفظتها ذاكرة الناس لا يمكن أن تُمحى بعملية استعراضية اسمها الترشح لرئاسة الجمهورية، بل بالعكس هذا يذكر الناس بالمساوئ، ولو عمل البعض بالقول المشهور: وإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، لكان أفضل لأن النتيجة سلبية على من تصدى وهو غير مؤهل لذلك.
إنَّ مقومات البلد وتشكيل القوى السياسية فيه، وطبيعة الوضع الطائفي لا تسمح بانفراد جماعة لاختيار رئيس منها، خاصة أن التوازن السياسي كبير وحاد في آنٍ معًا، ولذا الأفضل لكي يتم انتخاب رئيس هو الوصول إلى اتفاق، وعادة ما ما تُرسم الاتفاقات بالاتصالات خارج إطار الجلسة وقبل انعقاد الجلسة من أجل الوصول إلى قواعد مشتركة، هذا الاتفاق يجب أن يكون على رئيس أولًا يملك حيثية وشعبية وسياسية وأخلاقية، ثانيًا لا يتحدى الآخرين وإنما يحاول أن يبحث عن حلول وقواسم مشتركة، ثالثًا يعمل للمشاركة الوطنية ليشترك الجميع في إدارة البلد، رابعًا يحمي لبنان وقوته ومقاومته من أجل أن نبقى في داخل مجتمعنا قادرين على أن ننقل البلد من حالة إلى حالة إيجابية أفضل.
اطلعنا على موقف المحكمة الخاصة بلبنان، والتي اتهمت إعلاميين في صحيفة الأخبار وتلفزيون الجديد بتسريب معلومات عن شهود داخل المحكمة، واعتبرت أن هذا العمل هو معارض لقانون المحكمة، وهنا انكشفت الفضيحة الكبرى في المحكمة، حصلت تسريبات سابقة من مؤسسات أجنبية مختلفة في ألمانيا وفرنسا ودول أخرى، ولم يحصل أي استدعاء من قبل المحكمة لهؤلاء، وبدل أن يكون المسؤول هو المسرب يريدون تحميل المسؤولية للناقل، وبدل أن يكون المسؤول هو شاهد الزور يحملون المسؤولية للمدعي عليه زورًا، ما تصرفته المحكمة يدل مجددًا على ما قلناه مرارًا وتكرارًا: هذه المحكمة مسيَّسة وغير عادلة، ولا علاقة لها بالحقيقة، وهم يريدونها سيفًا مسلطًا على جميع من يخالف الخيارات السياسية المرتبطة بأمريكا وإسرائيل، وهي تحاول أن تلعب دور الوصاية والضغط والتحكم بالشعب اللبناني في الوقت الذي يملك الشعب اللبناني كل حريته ليتصرف كما يشاء، وهناك قانون وإدارة وقضاء وكل هذه الأمور يجب أن تجري في داخل لبنان. هذه محكمة لِكَمْ الأفواه، وهي محكمة من أجل الضغط السياسي وتشكيل الخيارات السياسية في لبنان، ولكن لن تنجح في خطواتها ولا نقبل هذا الاعتداء على حرية الصحافة وعلى اللبنانيين.
تسمعون الأخبار التي تأتي من سوريا والتي تتحدث كل يوم عن مئات الشهداء المدنيين، وهؤلاء إنما يُقتلون من خلال القذائف التي تطلق على المدن والقرى الآمنة والسيارات المفخخة التي تنشر في كل مكان، هل هذا هو الحل لسوريا؟ أن يتم قتل المدنيين بالمئات من أجل مشروع سياسي معادٍ.
بكل صراحة المنطقة اليوم متروكة لمصيرها، والمشاريع التي قررتها أمريكا لتغيير الموقع السياسي لسوريا، إجراء تعديلات الشرق الأوسط الجديد قد فشلت، ومع هذا الفشل هم واجهوا حقيقة ميدانية لا يستطيعون تخطيها، أن النظام في سوريا والشعب السوري والقوى الحيوية في المنطقة لا ترضخ ولن ترضخ لمشاريعهم، إذا وصلوا إلى قناعة أن يتفرجوا على الاستنزاف الحاصل في منطقتنا ولذا الأزمة في سوريا قد تكون طويلة. بناء على هذا لا يوجد تغييرات جذرية في المنطقة ولا يوجد حلول، ويبدو أنه يوجد إفلاس وحيرة عند المستكبرين والإقليميين الذين معهم بعد فشل مشاريعهم.
نحن أمام فرصة في لبنان، بما أن الجميع يعتبر أن الاستقرار في لبنان مطلب، وأقصد بالجميع محليًا وإقليميًا ودوليًا ولكن كل جهة لسبب تريد الاستقرار فعلينا أن نستفيد من هذه الفرصة، وقد دلت التجربة أن اتفاقنا بالاستفادة من الظروف الإقليمية والدولية على تشكيل الحكومة قد غيَّر بسحر ساحر الوضع الأمني والسياسي إلى الاستقرار الأمني والسياسي المعقول في لبنان، فلنتخذ من هذه الفرصة ولنعمل إلى المزيد ليكون الاهتمام لبناء البلد وانعاش الاقتصاد وتقديم الحلول الاجتماعية للفئات المستضعفة.