يسرني أن أمثل الأحزاب والقوى اللبنانية في مؤتمر الكتائب لنرسل تحية أخوية عطرة لهذا الحزب الذي قدَّم وعمل وأراد أن يكون في الصف الأول في خدمة لبنان.
جئنا في هذا المؤتمر لنحيي حزب الكتائب بتحيتنا للدور والاتجاه، فالأسماء والعناوين لم تكن يوماً هدفاً لذاتها، وإنما تزينها وترفع شأنها المواقف الوطنية والشريفة، فهنيئاً لحزب الكتائب في موقعه وأدائه الوطني، وهنيئاً لنا به في القوى الفاعلة لحماية لبنان الحرية والتحرير.
لقد سَئِم اللبنانيون من الشعارات التي تُطلق من أفراد أو جهات وقفوا عند حدود شعاراتهم لأنها لا تكلفهم شيئاً، ونقول بكل وضوح أننا بحاجة إلى العمل، فالوطنية سلوكاً وليست أغنية، ومستقبل الأجيال تعاون ومؤآزرة وليس بياناً إعلامياً، ودولة القانون إنصاف وعدل بين جميع المواطنين وليست مزرعة لأحد، ووحدة اللبنانيين تتعزز بمصلحة المجتمع وليست في تقديم المصالح الفئوية على حساب الوطن، وللناس أعين ترى بها وتعرف الحقائق جيداً، وتميز بين الخبيث والطيب، فإلى المزيد من التعاون مع الطيبين أيها الطيبون في وطن لنحميه من الشاردين والجشعين ولنردهم إلى حضيرة الوطن، إذ لا يملك أحد صلاحية الحكم على احد بالإلغاء، وبوركت كل يد تمتد لتعزز تماسك لبنان وتجمع الجميع حوله.
إننا ندعو إلى النظر برؤية الحاضر والمستقبل، دون ان نستحضر الماضي مآسي تقض مضاجعنا، لا نريد أن تكون المحاكمات والمحاسبات مقدمة لبناء قوى جديدة تقف على أنقاض قوى قديمة، إنما نريد أعملاً تثبت حضورها وثباتها في المستقبل، وتستطيع أن تقوم المسار في كل المواقع، نحن ندعو إلى تبني اللاءات الوطنية الثلاث:
لا للإحتلال - لا للفتنة -لا للاستفراد.
في الأمر الأول: لا للاحتلال: فنحن ندعو إلى الاستمرار في العمل من اجل تحرير مزارع شبعا، لا لأن المزارع تمثل مساحة كبرى، إذ لطالما ناقشنا البعض من الدبلوماسيين الغربيين بأننا نتعب أمورنا وشؤوننا بالبحث عن امتارقليلة موجودة في هذا البلد، نحن نريد تحرير مزارع شبعا لأننا نريد تحرير لبنان من سياسة الإحتلال الإسرائيلي، ولأننا نريد تحرير الموقف السياسي كي لا يكون رهينة التسوية الفاشلة، نريد تحرير كل حبة من التراب لنقول بأن لبنان ليس مزرعة لأحد، لبنان للبنانيين وهم يريدونه حراً وسيداً ومستقلاً. لا للاحتلال لأننا نرفض فرض الشروط السياسية، وجعل لبنان محطة لسياسات إسرائيلية مستقبلية، لا نقبل بتحديد مساحة لبنان ولا بتحديد قوة لبنان، ولا باستخدام لبنان لمفاعيل التوطين، نحن ندعو إلى كل موقف يعزز الاتجاه المقاوم من أجل أن نكون معاً في مواجهة الاحتلال، وفي هذا الاتجاه نرفض وثيقة جنيف لأننا نراها وثيقة متناغمة مع مشاريع التوطين الأمريكية والأوروبية ومع الرغبات الإسرائيلية لفرض واقع جديد على لبنان، لا للتوطين في لبنان، لا للجدار الذي يفصل في فلسطين، لا لوثيقة جنيف التي تُسقِّف بشكل متدني كل المطالب الفلسطينية، نعم للتحرير بالانتفاضة والتكاتف والتعاون من اجل استعادة الحق، فبكل صراحة لم يعد لنا أمل أن يعطينا أحد في الأمم المتحدة ولا في الواقع الدولي حقوقنا، لقد علمتنا المقاومة في لبنان كيف تحرر الأرض بسواعد المجاهدين وتكاتف اللبنانيين وتعاون الجيش والرسميين وكل القوى، فسنستمر في هذا المنهج من اجل ان نحقق التحرير الحقيقي في مواجهة الاحتلال مهما كانت النتائج والأثمان.
مما يخيفوننا؟ يخيفوننا من قوة يمتلوكنها، نحن نعرف قوتهم لكنهم لا يعرفون قوتنا، يهددوننا بضغط علينا نحن تعودنا على ضغوطاتهم لكننا نعلم جيداً أنهم لا يتحملون ضغوطاتنا، إذ كانوا يئنون من القتل فمن حقهم ذلك لأنهم محتلون، ولكننا نعيش السعادة في القتل عندما نعمل لنحرر الأرض والإنسان، نحن أشرف بحقوقنا فلنرفعها عالياً، لا نطالب المقاومة لماذا تقاوم بل نطالب الاحتلال لماذا يحتل، فالمقاومة في مواجهة الاحتلال.
اللاء الثانية لا للفتنة: لا لأية إثارة مذهبية أو طائفية تحت أي شعار أو تحت أي عنوان، فسُرَّاق المال العام في لبنان لا طائفة لهم، وأؤلئك الذين يحمون بعض اللصوص بعنوان حماية الطائفة الطائفة لا تعترف بهم، لأن من أراد حماية طائفته عليه أن يحمي الأخلاق والإنسانية والنبل والشرف والوطنية وأن يحمي استقلال لبنان، أي عبثٍ في الأمن الداخلي مرفوض مهما كان عنوانه ومهما كانت مبرراته، فها هو المجال السياسي مفتوح أمام الجميع، فليقل كل منَّا رأياً يناسبة ويعجبه، لا لإستغلال البندقية في أي موقع في الفتنة الداخلية، ولا للقيام بأعمال تؤدي إلى إثارة الفتن، ونعم لكل رأي حر يطلق في أي مجال أعجب الآخرين أم لم يعجبهم، وهنا أنبه فلننظر دائماً إلى مواقفنا مَن تخدم ليس هناك أتقياء يتحركون بمعزل عن الساحة، انظروا إلى مواقفكم، مَنْ كانت مواقفه تخدم الأجنبي والاحتلال فليقلع عنها ليتنظر فرصة أخرى فالحركة في بلدنا لا تنفصل عما يحيط بنا، فلتكن المواقف هي التي تصب في تآزرنا وفي مواجهة الأجنبي والاحتلال.
أمَّا اللاء الثالثة فلا للاستفراد: لا لجعل لبنان موقفاً منفرداً معزولاً عن محيطه العربي، لا لجعل لبنان يعيش حالة عُزلة عن هذا المحيط وعن هذه القوة، نحن نريد لبنان قوياً بأشقائه، ونريد الأشقاء أقوياء بلبنان، نحن لا نقول بأن لبنان بحاجة إلى الآخرين من دون حاجة الآخرين إلى لبنان، لكننا نؤمن بالتبادلية بيننا وبين الآخرين لنعطيهم ويعطونا، نعطيهم القوة والمساندة ويعطونا القوة والمساندة لنتكامل مع بعضنا البعض، وعلى هذا الأساس نحن نؤكد على ثبات العلاقة مع سوريا الأسد وضرورة استمرارها لمصلحة لبنان ومصلحة سوريا في آنٍ معاً، ولسنا مع عزل لبنان عن أطره القومية والسياسية العامة بصرف النظر عن الحسابات الداخلية التي يمكن ان يعيشها البعض بشكل ضيق، علينا ان نحافظ على قوتنا وجهوزيتنا لنواجه الأخطار، لأن لا أحد يرفع عنَّا الخطر إذا كنا ضعفاء.
وهنا أقول لكم: حزب الله ليس حزباً لطائفة، حزب الله حزب المبدأ والقناعات والوطن والتحرير، هو حزب لبنان بجهاده ودماء أبنائه لا بأقواله وشعاراته وسيبقى كذلك مع حزب الكتائب ومع الأحزاب الوطنية ومع كل الشرفاء الذين يريدون هذا الوطن.
وليعلم الجميع أن حياة لبنان بقوته ومقاومته ولا حياة للبنان إذا كان ضعيفاً تٌُنتهك حرمته من قبل الآخرين، لقد ولى الزمن الذي يستجدي لبنان فيه من الآخرين وأتى الزمن الذي يكون فيه لبنان قبلة للأحرار وقبلة للعالم لا بدَّ أن يُؤخد رأيه قبل أي موقف، فلنا رأي يجب ان يُحترم من قبل العالم ولسنا جزءاً من منظومتهم.
أيها الأعزاء إنَّ قوة أي حزب أو جهة في لبنان تسقط عندما تستخدم الوطن مطية لها، وتكون نعمة كبرى عندما تكون مدماكاً لبناء وتحرير الوطن، فنحن ندعو إلى المزيد من العمل لمصلحة الوطن لا لمصلحة الفئة، فلتتشابك أيدينا لبناء لبنان الوحدة والقوة والتحرير وسنسير معاً إلى نهاية المطاف، والنصر من عند الله.