الشهادة في سبيل الله تعالى، شهادة بأسلوب وأداء ينسجم مع المرحلة، ولا يمكن ان يكون اسلوباً لكل مرحلة، ولا يمكن أن يكون أداءً فارغاً من مضمون الظروف الموضوعية التي يجب ان نعيشها، نحن أيضاً عندما نعمل في حياتنا ونربي على الجهاد والشهادة، إنما نعتبر أن تربيتنا هي تربية إسلامية، بل لا يمكن أن يتربى الإنسان على الإسلام ولا يتربى على الصدق والأمانة والجهاد والتضحية"إن الله اشترى....).
يعني أن يكون كل واحد منا عنده استعداد أن يضحي بنفسه وماله قربة إلى الله تعالى، عندما يتطلب الأمر التضحية، فالله تعالى يتحدث عن الاستعداد لذلك، لكن قد لا يتطلب الأمر في مرحلة من المراحل أن تكون التضحية بالدماء فنصبر، وقد يتطلب الأمر في مرحلة أخرى أن تكون التضحية بالدماء فَنُقبِل. فالأمر مرتبط بالظروف الموضوعية التي نعيشها.
في منطقتنا إسرائيل احتلت الأرض وإذا لم يقم جماعة لقتال إسرائيل فإنها ستتوسع باحتلالها وستتمكن من خلال التوسع أن تأخذ فلسطين وأن تسيطر على المنطقة العربية من الفرات إلى النيل وأن تحكمها وأن تأخذ بترولها وأن تسيطر على مقدراتها السياسية والاجتماعية والجغرافية وتتحكم بمطقتنا بأسرها، فإسرائيل خطر كبير على كل المنطقة. فانطلق الشباب لمقاومة العدو الإسرائيلي لأن مقاومته في هذه المرحلة توقف امتداده وأخطاره وتجعل المراجعة موجودة عند العرب لإعادة النظر بالمخططات التي تُحاك ضدهم، أمَّا لو لم تكن هناك مقاومة فهذا يعني أن المحدلة الإسرائيلية الأمريكية ستشمل منطقتنا بأسرها فنصل إلى مرحلة من الزمن لا يعود لنا قدرة ان نتحرك أو أن نواجه هذا المشروع، فخير لنا ان نواجهه في هذه المرحلة لنسدد له ضربات تمنعه من الاستمرار، ولنحرر أرضنا التي هي حق لنا ثم تنمو قدرتنا بشكل طبيعي ومتوازن من أجل مواجهة الأخطار المستقبلية وهذا يعيننا على تغيير المعادلة وعلى إمكانية تحقيق شيء، وإلا لو لم يكن هناك مقاومة للعدو الإسرائيلي لرأينا مآسي كبيرة جداً في هذا العالم العربي وفي العالم الإسلامي، لو لم تكن هناك مقاومة مستمرة في الجنوب وانتفاضة فلسطينية قامت في فلسطين لرأينا أن حكام تل أبيب يحكمون مباشرة بدل الكثير من الحكام العرب في بلداننا العربية، لو لم تكن هذه المقاومة موجودة لوجدنا إسرائيل تأخذ الأموال والنفط وتتحكم بالبرامج الثقافية، وتغير العقلية وترسل المنظرين والمدرسين وتصنع جيلاً جديداً يكون أداة بيد إسرائيل، وهذا هو الخطر الكبير فالمقاومة والانتفاضة هي التي أوقفت هذا المشروع الخطر وهي التي وضعت له هذا الحد. وإلاَّ فالأمر لا يُقاس ببعض التصرفات وبعض مساحة جغرافيا موجودة على الأرض، الأمر ابعد بكثير من هذا، المشروع الإسرائيلي مشروع امتدادي توسعي، مشروع مبني على اقتلاع شعب والحلول مكانة، مشروع مبني على قاعدة اقتلاع أفكار ومبادئ وطاقات وقناعات لتبديلها بأفكار وطاقات وقناعات أخرى هو مشروع خطر، ليس مشروعاً مقتصراً على إطلاق قذيفة او إطلاق صاروخ هذا ابسط عنوان من عناوين المشروع الإسرائيلي، هو مبني على قاعدة ان يضع يده على كل مقدراتنا وإمكاناتنا، لذلك فالمرحلة تتطلب أن نكون مقاومة وأن نقاتل هذا المشروع وأن نختار الأساليب المناسبة وأن نستمر في الميدان وأن نبقى على جهوزيتنا وأن لا نخضع للضغوطات الدولية أو الإقليمية وأن لا نقبل بأن تُلغى المقاومة من لائحة العمل لتحل محلها الدبلوماسية والإدارة السياسية، لأن الدبلوماسية والإدارة السياسية في منطقتنا العربية لا تستطيع أن تكون مستقلة، ولا تملك إمكانية التغيير وستكون ملزمة أن تكون تبعاً للمشروع الإسرائيلي فحرامٌ علينا ان نزجها لتكون بديلاً لأنها يمكن ان توصلنا إلى الهاوية فالسبيل الحقيقي ان نكون مقاومة للاحتلال بما قدَّرنا الله تعالى وأملنا بالنصر الذي يأتي ولو بعد الحين فنحن لسنا مستعجلين على النصر، المهم أن نحقق الأهداف لنقوم بتكليفنا الشرعي سواءً قُتلنا ونحن نحقق أهدافنا او نصرنا الله تعالى في ساحة الميدان.
*في الليلة الثالثة من محرم الحرام لسنة 1425هـ في مدينة بيروت- المصيطبة