ومما جاء فيها:
إسرائيل المحتلة التي تعبث في الأرض وتزيد من احتلالها في القدس الشريف، وكذلك في منطقة الضفة الغربية، وتوسع مستوطناتها وتزيد الخناق على الفلسطينيين، وترتكب أبشع الأعمال ضد الفلسطينيين العزل، وقتلت الشهيد عرفات جرادات في سجنه، وتحاول أن تضيِّق على آلاف السجناء في الكيان الإسرائيلي الغاصب، والعالم المستكبر ينظر من دون شفقة ولا رحمة ولا أخلاقية ولا إنسانية.
إسرائيل اليوم هي المجرم الأول في العالم، وهي الإرهاب الأول في العالم، ولو كانت هناك جوائز توزع للإرهاب لنالت إسرائيل الجائزة الأولى، لأن كل أنواع البشاعة والظلم والقهر ترتكبه إسرائيل يومياً مع الشعب الفلسطيني صاحب الأرض المقدسة. مع ذلك نرى أن الدول الكبرى تراعي إسرائيل وتقدم لها الدعم والإمكانات وتحميها من أعمالها وارتكاباتها، وتحافظ على امتلاكها لـ 400 رأس نووي، وتعمل على أن تضيِّق مساحة عمل مجلس الأمن في كل ما يتعلق بإسرائيل، فلا تُدان إسرائيل على جرائمها، ولا تصدر كلمة واحدة تزعج خاطر إسرائيل، لتعطينا النموذج عن مجلس الأمن الأمريكي الإسرائيلي المنحاز الذي لا يراعي كرامة الإنسان وحقوقه.
إسرائيل هذه هي مشكلة البشرية في القرن الواحد والعشرين كما كانت في القرن العشرين، وإسرائيل هذه هي المرض الذي ينعكس على كل منطقتنا، وهي الألم الذي لا يغادر منطقتنا، وهي الفوضى والتخريب الذي يحل بمنطقتنا، وهي أكبر ضرر لمستقبل أجيالنا.
إسرائيل غدة سرطانية بكل ما للكلمة من معنى، ولكن للأسف بدل أن ينظر إليها العرب والمسلمون في العالم بأنه أولوية المواجهة هي لإسقاط إجرامها وعدوانها يتلهون بأمور جانبية، أو في الداخل بعيداً عن المواجهة معها، لتتفرج إسرائيل على كل المشاكل التي تحصل في مناطقنا وهي مرتاحة وآمنة ومطمئنة بسبب التخريب الذي يحصل في البلدان المختلفة.
كنت أود أن أسمع من أولئك المتحمسين لما يجري في سوريا، ويبذلون الدماء والمهج، ويطلقون التصريحات العنترية التي تتحدث عن كرامة وعزة، أن أرى صحيفة أعمالهم في مواجهة إسرائيل، هي صحيفة فارغة وليس فيها كلمة واحدة، بل ليس فيها حرفٌ واحد.
كنت أتمنى أن أسمع من تلك الدول التي تدعي أنها تعمل لحقوق الإنسان، ماذا فعلت لحقوق الإنسان في فلسطين، في الوقت الذي تخرب بلدانها باسم حقوق الإنسان، وتتدخل في بلداننا باسم حقوق الإنسان، ولكن النتيجة هي أن يريحوا إسرائيل ويُقلقوا شعوبنا ومنطقتنا.
ماذا تخسر أمريكا اليوم في المواجهات التي تجري في المنطقة العربية بشكل عام؟ أمريكا لا تخسر شيئاً، إنما تعد عدد الضحايا، وتطلق البيانات التي تعطي النصائح عن بعد، وتضغط لرسم سياسات تصب لمصلحة إسرائيل، وتبكي بكاء التماسيح، وفي نهاية المطاف لو دمرت سوريا، واليمن، ومصر، وليبيا، والبحرين، وسقطت الضحايا والخسائر بالمئات والآلاف فلا شيء يكلف أمريكا إلاَّ الضغط بما يحول الأمور نحو النتيجة التي تخدم المشروع الإسرائيلي.
بالله عليكم، ألا يفترض أن تعيدوا اتجاه البوصلة نحو إسرائيل؟ لماذا لا تذكِّروا العالم بخطر إسرائيل؟ بتنا نسمع من إسرائيل حرصاً على الإنسان العربي في بلده، وأنها تراقب عن كثب ما الذي يجري في سوريا وفي غيرها من البلدان لترى إذا كانت شعوب المنطقة تحصل على حقوقها أم لا، هذه مهزلة العصر الحديث بأن تصبح إسرائيل شهادة الأخلاق، وهي الأسفل أخلاقاًً، وهي التي لا تملك لا ضميراً ولا إنسانية ولا استقامة.
نحن نؤكد بأن توجيه الأنظار دائماً إلى إسرائيل هو الحل، لأن كل مصائبنا في المنطقة من إسرائيل، كل الاحتلالات التي حصلت في منطقتنا من تداعيات الوجود الإسرائيلي، كل التخريب في اقتصادنا بسبب إسرائيل، كل الفتن التي تحصل فتشوا عنها فستجدون أن إسرائيل وراءها، كل الأزمات السياسية التي نعاني منها هي أزمات بين من يؤيد مشروع إسرائيل وبين من يرفض مشروع إسرائيل، صحيح أن من يؤيد مشروع إسرائيل لا يجاهر لأنه يخشى من هذه اللعنة، ولكن سلوكه بالكامل بتصريحاته ومواقفه وأدائه كلها إسرائيلية بالكامل وإن لم ينطق بكلمة إسرائيل.
ما هو الصراع الموجود اليوم في المنطقة؟ هو صراع بين مشروع المقاومة وبين مشروع أمريكا وإسرائيل، هذا هو العنوان العريض، وكل المسائل الأخرى تفاصيل، راقبوا أي تفصيل من التفاصيل ستجدون أنه يصل في نهاية المطاف إما إلى خدمة مشروع المقاومة وإما خدمة مشروع إسرائيل. مساكين أولئك الأدوات الذين يعتقدون أن لهم مشروعاً مستقلاً قائماً بذاته، هم أدوات بلا مشروع، وهم أدوات تسقط عندما ينوء المشروع بهم عبئاً كما حصل مع "حسني مبارك" الذي هو جزء من المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وعندما وجدوا أنه يشكل عقبة ضحوا به لمصلحة استمرار مشروعهم، وهذا ما فعلوه في تونس مع "زين العابدين"، وهذا ما يفعلوه في كل أنشطتهم وأعمالهم ومواجهاتهم.
نحن ندعو إلى أن نفهم الأولوية وهي مواجهة إسرائيل، وقد بنينا مشروعنا في حزب الله على هذه الأولوية، وضحينا من أجلها بالكثير الكثير في لحظات وأوقات كان للتضحية المعنى الكبير في أننا أخذنا الاتجاه الصحيح لمستقبل أجيالنا، والحمد لله حصدنا الثمار، خرجت إسرائيل من لبنان سنة 2000 خائبة وهو نصرٌ للمقاومة، وهزمت إسرائيل سنة 2006 بالحديد والنار والإرادة والطاعة لله والتضحية والجهاد والشهادة، وهذا إنجازٌ للمقاومة، واليوم رؤوسنا مرفوعة أمام كل العالم ببركة المقاومة، ولا يستطيعون تحويل مسار لبنان ليكون ساحة لهم كما يريدون ببركة المقاومة، المقاومة عز وشرف، وهذا من نتائج تحديد الأولوية باتجاه إسرائيل. لذا ليس غريباً أن يكون العالم المستكبر مغتاظاً من المقاومة، نعم، أمريكا لا تطيق المقاومة ولا اسمها ولا رسمها ولا رجالاتها، إسرائيل تعيش حالة قلق ورعب من المقاومة، التي تفضحها وتكشفها وتسقطها وتكشف إرتكاباتها، لذلك من الطبيعي أن ينعتونا بالإرهاب وأن يحاولوا إيجاد رأي عام دولي ضدنا، وأن يسخِّروا وسائل الإعلام ضدنا، وأن يشنوا حملة على سلاحنا وعلى وجودنا وعلى مقاومتنا بعناوين مختلفة، هذا هو المشروع الأمريكي الإسرائيلي. لذلك من يفكر في الداخل أنه يتشاطر علينا أو على الناس فيستخدم ألفاظاً مختلفة في الظاهر ومنسجمة بالمضمون مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي، نقول لهم: انتبهوا لأنكم عندما تعملون كجزء من المشروع الأمريكي الإسرائيلي تخسرون أنتم أولاً، ولا تراهنوا أن المشروع المقاوم سيخسر على أيديكم أو على أيدي غيركم، إذ عندما واجهنا إسرائيل أسقطنا مشروعها، فكيف يمكن لأدوات صغيرة أن تحقق المشروع الإسرائيلي، والمقاومة جاهزة وحاضرة ومستعدة.
الجدل اليوم قائمٌ حول قانون الانتخابات، والفريق الذي يريد قانون الستين أو ما يعادله هو فريق اعتاد على الهيمنة وعلى الاستحواذ على المقاعد بغير وجه حق، وإلاَّ تعالوا إلى قانون عادل والقانون العادل يتصف بصفتين، الأولى أن تشعر الطوائف المختلفة بأنها ممثلة وغير مغبونة، والثاني أن يكون التمثيل منسجماً مع الحجم الشعبي الذي تملكه كل فئة أو كل جهة أو كل شخص، لكنهم لا يريدون القانون العادل، وسأكون صريحاً: كل القوانين العادلة تجعلنا أكثرية، ويبدو أن هذه مشكلة لأنهم لا يريدون لنا أن نكون أكثرية، لذا يبحثون عن قوانين غير عادلة للمحافظة على مكتسبات تاريخية غير منصفة وغير عادلة ولا تمثل الواقع المعاش، إذا أردتم أن يكون النائب ممثلاً للناس فليمثل حسب تأييد الناس له، هذا هو العدل والمقياس، لكن أن لا تقبلوا ذلك بحجج مختلفة فهذا أمر مرفوض.
يقولون الآن أن قانون الستين موجود، وأقول لكم أن قانون الستين غير موجود لا قانوناً ولا سياسة، على المستوى القانوني عندما أرسلت الحكومة استشارة لهيئة التشريع والاستشارات تسألها عن التشكيل الهيئة العليا للإشراف على الانتخابات هل لها مدة زمنية أم لا؟ أجابت هيئة التشريع والقضايا منذ ثلاثة أسابيع بأن الهيئة العليا للإشراف على الانتخابات قُيِّدت بزمان تشكيلها، وكذلك حُدد لها زمان انتهاء بعد مرور ستة أشهر على إجراء الانتخابات، ولم يذكر القانون تشكيلاً جديداً لهذه الهيئة أو طريقة جديدة لتشكيل هذه الهيئة، ما يعني أن القانون هو لمرة واحدة بحسب ما أراد المشرع بدليل أنه لم يضع آليات للتكرار لمرة ثانية، وبالتالي قانون الستين ساقط قانوناً. وأما سياسياً كل القوى السياسية تقول أنها لا تريد قانون الستين، إذاً كيف يمكن أن ننفذ قانوناً في البلد لا يريده كل الناس وكل القوى؟ لم أجد قوى سياسية إلى الآن دافعت عن قانون الستين، البعض بطريقة خجلة مرره ولكن الأغلبية الساحقة من القوى رفضته، وعندما ذهبنا إلى الحكومة قررت الحكومة قانون انتخابات 13 دائرة على أساس النسبية، ونجح هذا القانون بالحكومة بأغلبية ساحقة، ولكن للأسف هناك قوى لا تريد أن تمرر قانون الحكومة، وبالتالي ليس له غلبة في المجلس النيابي يعني لا يوجد له أكثرية في المجلس النيابي، ماذا نفعل؟ فتشنا عن قانونٍ آخر، وجرى التداول وتبيَّن أن قانون اللقاء الأرثوذكسي له أرجحية، فقبلنا لأنه يحقق هدفَي العدالة: هدف طمأنة الطوائف، وهدف التمثيل النسبي الذي يعطي كل ذي حقٍ حقه، ولكن للأسف وجدنا حملة سياسية إعلامية ترفض المسار القانوني، وتحاول أن تضع عراقيل ضاغطة محلياً وإقليمياً ودولياً كي لا يمر هذا المشروع. قلنا فتشوا عن مشروعٍ آخر ونحن حاضرون أن نناقش أي مشروع يمكن أن يحقق العدالة، وإذ بنا نُفاجأ بالأمر الأمريكي الذي أتى إلى لبنان بضرورة إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين! وهذه مهزلة، وهذه إهانة كبيرة للبنان أن يرسم مساره القانوني بتوجيهات من السفيرة الأمريكية، كان يجب أن ننظر إلى الوطن بطريقة مختلفة، وأن نراعي العمل المشترك والموحد بشكل أفضل وأليَّق، لم يكن مناسباً أن تعطي الأمر "كونيللي" ثم يُنفذ وتبدأ بعض الخطوات، هذه إهانة للدولة اللبنانية مهما كانت المبررات، كل الناس تقرأ وتسمع وكل الناس تحلل، ليس مهماً أن يحلل الإنسان لنفسه إنما المهم ما هو الانطباع الذي يتشكل عند الناس.
وعلى كل حال نحن لا نعتبر أن مسار الستين بدأ، إذا كان هناك مسار للستين فهو مسار الدفن وليس مسار الإحياء أو الإنجاز. بالنسبة إلينا لا يوجد قانون الستين في لبنان، ونحن على أبواب الانتخابات ندعو إلى الإسراع لإقرار قانون انتخابات لتجري الانتخابات في موعدها على أساس قانون جديد، لأن قانون الستين غير صالح ومنتهي الصلاحية ولا نعتبر أنه القانون المنتظر الذي يمكن أن تجري الاستحقاقات على أساسه.
نحن اليوم ندعو شركاءنا في الوطن إلى التعاون ومد اليد للخروج من الآثار التي تأتينا من المحيط، ندعو شركاءنا في الوطن أن يلتفتوا بأن حماية الفتنة ورعايتها والسكوت عنها مشاركة حقيقة ستؤذي أصحابها أولاً، وليس هناك مصلحة في أن يكون هناك فتنة في لبنان، ونحن نعلم أنه يوجد عقلاء من كل الأطراف يعملون ليل نهار لمنعها، ونحن نمد اليد إلى كل مانعي الفتنة ومواجهيها لينكشف صناعها ويوضع لهم الحد، والأمر لا يحتاج إلى تحليلات كثيرة في لبنان، اليوم لو أجرينا مسابقة: اذكروا أسماء خمسة أشخاص من رواد ورؤوس الفتنة في لبنان؟ فأنا أكيد أننا سنوزع الجوائز عليكم كلكم، لأن الأسماء معروفة، ولا يحتاج إلى نقاش من الذي يدعو إلى الفتنة ومن الذي لا يدعو إليها، وأقول أكثر من هذا ألا تكفي السنتان من الأزمة السورية ليكتشف البعض أن الشهرين تلو الشهرين لا يوصلان إلى نتيجة ولن يوصلا إلى نتيجة، حيث أن المراهنة أن الأزمة السورية ستغير الواقع في سوريا وفي المنطقة خلال شهرين، واليوم مضى على الأزمة السورية سنتان وليس شهران وأصبحت عصية على كل المؤامرات التي يحيكونها ضد سوريا وشعبها، لذلك من يراهن أن تغيير الأوضاع في سوريا يحسن من شروطه في لبنان وفي موقعه السياسي فهو يبحث عن سراب، فالأفضل أن نعود إلى وطننا وأن نعمل معاً ونعترف بوجود بعضنا وبحقوق بعضنا، وبضرورة تنمية بلدنا بعيداً عن التلاعب الذي يقوم به أولئك الذين لا يرحمون إنساناً ولا أرضاً ولا شعباً.