الموقف السياسي

تصريح لنائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم 8/11/2006

جربت الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة السنيورة حظها لمدة خمسة عشر شهراً ولم تفلح في توفير الاستقرار السياسي

جربت الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة السنيورة حظها لمدة خمسة عشر شهراً ولم تفلح في توفير الاستقرار السياسي ، ولا في معالجة المشكلات المستعصية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ، وبرز تباين واضح في الساحة بين أكثرية نيابية مؤلفة من 71 نائباً تمثل 55 % من المجلس النيابي هي في الوقت نفسه تمثل 40 % من الواقع الشعبي، ومعارضة نيابية مؤلفة من 45 % من المجلس النيابي تمثل 60% من الواقع الشعبي، هذا التباين له طابع سياسي جلي ، وليس مجرد اصطفافات طائفية عابرة . وبعد تراكم المشاكل وحصول العدوان الإسرائيلي الأخير ، والهواجس المشتركة بين الافرقاء ، والتدخل الأجنبي الأمريكي في شؤون البلد ، وصلنا إلى حالة من انسداد الأفق فيما لو بقيت الأمور على حالها ، وهذا ما يستدعي المعالجة العاجلة بحلول تُخرج البلد من المأزق ، بحيث لم تعد تنفع التحليلات والخطب الرنانة والكلمات المعسولة وتخبئة الرأس في الجسد كما تفعل النعامة ، فالبلد في مأزق ، والجميع في المأزق ، ولا بدَّ من حل.

إنَّ أقل الحلول كلفة ، وأقدرها على إيجاد تقاطع بين السلطة والمعارضة هو حكومة الوحدة الوطنية ، وهي ليست مكافئة لأحد ، ولا محاصصة بين الأطراف ، بل يجب أن تكون مشروع نهوض وطني يتحمل مسؤوليته جميع الأطراف ، لإنقاذ البلد من التدخل الخارجي والتجاذبات السياسية ووضعه على سكة الحل الاستقلالي السياسي والاقتصادي ، بحيث تحل المشاركة مكان الاستئثار ، والتفاهم مقابل التوتر ، والبناء معاً من أجل لبنان ، وهكذا يكون الحوار والقرار في موقع واحد .

إنَّ خفافيش الليل الذين يستخدمون مفرقعاتهم لإيجاد بلبلة أمنية ، مكشوفون بأهدافهم السياسية التي تريد المزيد من الخراب في لبنان ، لكنهم لن يتمكنوا من حرف الحقيقة في مسؤولية القرار الجريء بأن ننقذ لبنان معاً ، ونحن مصرون في سعينا في هذا الاتجاه .

كما أن المعلومات المزيفة التي أطلقها العميل الأمريكي الإسرائيلي لارسن عن إدخال السلاح إلى لبنان والتي فضحت زيفها الحكومة اللبنانية لن تساهم في تعديل المعادلة الداخلية , ولا في إعطاء المبررات لإسرائيل المفضوحة بعدوانها المتكرر على لبنان براً وبحراً وجواً , وستبقى هذه الاعتداءات وصمة عارٍ برسم المجتمع الدولي في ادعائه بحفظ الأمن والسلام .

إن موافقة الأكثرية النيابية على حكومة الوحدة الوطنية مكرمة لها ونقطة ٌ ايجابية في مسار بناء الثقة من جديد بين أطياف الشعب اللبناني , ولا تكفي إضافة بعض الوزراء بل لا بدَّ من تحقيق المشاركة الفعلية في القرارات المصيرية , وهذا ما لا يتحقق إلاَّ بالثلث المشارك في كامل العملية السياسية في لبنان .

وإذا كان البعض يتعهد بأن لا تُتخذ القرارات المصيرية إلاَّ بالتوافق من دون إعطاء الثلث المشارك , إذاً ما الخوف أن تكون المشاركة مقنَّنة بهذا الثلث طالما أن نواياهم حسنة وبذلك يترجمونها بالدليل الحكومي .

نتمنى عدم تفويت فرصة التفاهم السياسي , وهي مسؤولية الأكثرية النيابية , لأن المقابل هو التفاهم السياسي أيضاً لكن بعد القيام بأنشطة واعتراضات وتظاهرات تحاول أن تفتح كوة في الأفق المسدود , ولا معنى للتهديد بشارع مقابل لو التفت القوم , لأن أي شارع يتحرك يؤدي مساهمة مشكورة في الأنشطة التي تنشد التغيير , فأهلاً وسهلاً بكل تعبير حضاري سلمي يشارك في وضع الحكومة الحالية أمام مسؤوليتها .

ستزعج وحدتنا أميركا وإسرائيل وخفافيش الليل , وسنكون معاً أقوى , فتعالوا نتعالى على الحسابات الطائفية والفئوية الضيقة , اللهم اشهد أننا قد بلَّغنا .